كيف نحافظ على القلب أثناء أجراء العمليات الجراحية عند طبيب الأسنان؟

العمليات الجراحية تؤدي إلى زيادة أخطار النوبة القلبية والسكتة الدماغية
العمليات الجراحية تؤدي إلى زيادة أخطار النوبة القلبية والسكتة الدماغية

إن كنت من الأشخاص الذين يواظبون على تناول الأسبرين أو دواء «بلافيكس»، أو أي دواء آخر مضاد لتكتل الصفائح الدموية وتخثر الدم، فلا تتوقف عنها عند ذهابك إلى طبيب الأسنان، إلا بعد أن تسأل مشورة طبيب القلب.


أخطار جراحة الأسنان
إن جوانب الإجهاد والتوتر الجسدي والعاطفي والنفسي المرتبطة بإجراء العمليات الجراحية تؤدي إلى خلق ظروف في باطن الشرايين تقود أحيانا إلى حدوث النوبة القلبية أو السكتة الدماغية.

وقد كان هذا معروفا ولزمن طويل بعد إجراء عمليات فتح مجاز موازٍ للشريان التاجي المسدود، وبعد جراحة لزرع عظم الحوض، وبعد العمليات الجراحية الكبرى الأخرى، إلا أنه يبدو الآن أن قلع السن وكذلك الجراحات الأخرى التي تجرى على مناطق في الحلق تؤدي، ولو بشكل مؤقت، وبشكل خفيف أيضا، إلى زيادة خطر النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

وقد أحدثت دراسة لباحثين بريطانيين بعض الضجة عندما ظهرت نتائج تشير إلى ازدياد خطر الإصابة بالنوبة القلبية والسكتة الدماغية بمرة ونصف المرة لدى الأشخاص الذين خضعوا لجراحة تدخلية في الأسنان في غضون الأسابيع الأربعة من أجرائها.

وتشمل تلك الجراحات عمليات قلع الأسنان، وتنظيف الأسنان واللثة. وتزداد المخاطر في فترة الأسابيع الأربعة بعد الجراحة مقارنة بأية فترة أخرى لاحقة خلال فترة الشهور الستة التي أعقبت تلك الجراحة. وقد أدت تلك النتائج إلى نشر وسائل الإعلام لعناوين مثيرة للفزع مثل: «جراحة الأسنان تقود إلى حدوث نوبات قلبية».

الجراحة أم الأدوية
ورغم أن الخطر الإحصائي للحوادث التي يتعرض لها الشخص في القلب والأوعية الدموية كان أكثر بكثير (بزيادة 50%) في الأسابيع الأربعة الأولى بعد إجراء عمليات الأسنان، فإن الخطر المطلق كان ضئيلا.

ففي هذه الدراسة التي دققت في حالات سابقة لـ1152 شخصا من الذين عانوا من نوبة قلبية أو سكتة دماغية بعد إجراء جراحة في الحلق لديهم، كان المعدل في حدود 3.5% في غضون الشهر الأول بعد الجراحة، ثم في حدود 2.2% إلى 2.6% في كل شهر من الأشهر الخمسة التالية (حوليات الطب الباطني، 19 أكتوبر «تشرين الأول» 2010).

وبما أنه لا توجد دراسة تصل إلى درجة الكمال، لذا فقد اتسمت هذه الدراسة ببعض النواقص. وكانت كبرى مشكلاتها تتمثل في أن الباحثين لم يتمكنوا من القول ما إذا كان المشاركون في الدراسة قد توقفوا عن تناول الأسبرين (aspirin)، أو كلوبيدوغريل (clopidogrel) (بلافيكس - Plavix)، أو أي من الأدوية المضادة لتكتل الصفائح الدموية، قبل خضوعهم لجراحة تدخلية في الأسنان.

وتمنع هذه الأدوية المذكورة خلايا الدم الصغيرة جدا المعروفة باسم الصفائح الدموية من التكتل معا وتشكيل خثرات الدم، ولذا فإن التوقف عن تناولها قبل علاج الأسنان - وليست جراحة الأسنان نفسها - ربما هي التي تساهم في حدوث النوبات القلبية والسكتات الدماغية في الدراسة المذكورة مباشرة بعد جراحة الأسنان.

جذور المشكلة
عندما يفقد البالغون إحدى أسنانهم فإن التهاب النسيج المحيط بالأسنان (التهاب اللثة - periodontitis) يكون المسؤول عنه. وتبدأ أمراض اللثة عندما تأخذ الترسبات - وهي طبقة رقيقة مشبعة بالبكترية فوق الأسنان - في التمدد نحو الأخاديد الواقعة بين الأسنان واللثة.

وما إن يحدث ذلك حتى تقوم البكتريا بإفراز سمومها التي تهيج الأنسجة المجاورة. ولأجل تعجيل الشفاء يحفز جهاز المناعة في الجسم استجابات أو ردود فعل مناعية، إلا أن ردود الفعل هذه قد تزيد الأمور سوءا، الأمر الذي يقود إلى التهاب اللثة، وهو حالة التهابية تدمر اللثة وتضعف الأسنان.

وأول دفاع ضد التهاب اللثة هو إزالة البكتريا بتنظيف الأسنان المنتظم بالفرشاة، واستخدام خيط الأسنان للتنظيف. إلا أن أغلب الناس يحتاجون أيضا إلى تنظيف أسنانهم من قبل طبيب الأسنان لإزالة الترسبات المتصلبة.

وحين يظهر التهاب اللثة فإن التدخل الجراحي الأعمق مثل التنظيف العميق وجراحة النسيج المحيط بالأسنان، أو قلع الأسنان، ربما تصبح ضرورية لإعادة صحة اللثة.

وتعتبر هذه العمليات قليلة الخطورة، إلا أنه ولتجنب حدوث نزيف غزير في الدم فإن أطباء الأسنان ينصحون زائريهم بالكف عن تناول الأسبرين أو بلافيكس أو أي دواء مضاد لتخثر الدم لعدة أيام قبل إجراء عملية جراحية على الأسنان.

إلا أن هذه النصيحة تتغير الآن، خصوصا للأشخاص الذين يتناولون أدوية مضادة للتخثر بعد خضوعهم لعملية وضعت فيها دعامات معدنية لفتح شرايينهم.

حافظ على تدفق الدم
وقد قدم الأطباء الذين حاورناهم نصائح حول كيفية حماية القلب قبل الخضوع لعملية جراحية تدخلية في الأسنان والحلق. وناشدت الدكتورة ستيفاني مور طبيبة القلب في مستشفى ماساتشوستس العام المريض بأن «لا تتوقف عن الذهاب إلى عيادة طبيب الأسنان بسبب نتائج الدراسة المذكورة، بل عليك التفكير بذكاء.. فإن طلب منك طبيب الأسنان التوقف عن تناول الأسبرين أو أي من الأدوية المضادة لتخثر الدم، توجه لطلب المشورة من الطبيب الذي يعالجك أو من طبيب متخصص في القلب».

أما الدكتور بيتر لوكهارت رئيس قسم طب الحلق والفم في مركز كاروليناس الطبي، الذي يشارك في وضع الكثير من الإرشادات الطبية في جمعية القلب الأميركية، فيوافق على هذا الرأي ويقول: «إن أكثر المصابين بأمراض القلب بإمكانهم الاستمرار في تناول الأدوية المضادة للتخثر بأمان من دون المخاطرة بالتعرض لنزيف قوي في الدم خلال العمليات على الأسنان».

ويعتبر التوقف عن تناول الأدوية المضادة للتخثر قبل الخضوع لعمليات الأسنان خطيرا بشكل خاص للأشخاص الذين خضعوا حديثا لعمليات إزالة تضيق الشرايين ووضعت لهم دعامات معدنية لفتح شرايينهم. إذ إن التشويش على العلاج بالأسبرين أو بلافيكس يزيد بشكل ملموس من إمكانية ظهور خثرات الدم التي تتسبب في حدوث نوبة قلبية.

ورغم عدم وضوح العلاقة بين الأسنان واللثة والقلب فإن الاهتمام والعناية بالأسنان وتجنب حدوث التهاب النسيج المحيط بها يبدو أمرا معقولا لحمايتها وحماية القلب.