دراسات تعجز عن معرفة سبب تزايد سرطان الثدي بين اللبنانيات

الجامعة الأميركية تطلق دراسة حول «الخصائص الجينية»
الجامعة الأميركية تطلق دراسة حول «الخصائص الجينية»

في خطوة طبية لبنانية متقدمة أعلن في بيروت عن إطلاق دراسة ترتكز على الخصائص الجينية لسرطان الثدي الذي يحتل المرتبة الأولى بين أنواع السرطان التي تصيب النساء في لبنان والذي يصل إلى 35.48 في المائة من الحالات المسجلة سنويا لأسباب غير محددة أو مجهولة لغاية الآن، و42.3 في المائة من أمراض السرطان التي تصيب النساء اللبنانيات.


أما النسبة الأكبر من هؤلاء فهن من الفئة العمرية الأصغر سنا مقارنة مع المعايير العالمية، إذ تبلغ 49 في المائة لدى اللواتي لم يتخطين سن الخمسين فيما لا تتعدى الـ 25 في المائة في الدول الأوروبية والأميركية.

وكانت هذه النسبة قد تزايدت في السنوات الأربعين الأخيرة لتصل إلى ثلاثة أضعاف بحسب ما أعلنته وزارة الصحة اللبنانية في العام 2008 والتي أشارت إلى أن هناك ارتفاعا ملحوظا من 20 حالة بين كل 100 ألف امرأة لبنانية في العام 1966 إلى 69 حالة في العام 2003.

وبالتالي، فإن هذه الدراسة - التي أطلقها معهد نايف باسيل للسرطان في المركز الطبي التابع للجامعة الأميركية في بيروت التي تعتبر الأولى من نوعها في العالم العربي وتهدف إلى تحديد الأسباب التي تقف خلف هذه النسبة العالية من الإصابات في أوساط اللبنانيات وأهمية الكشف المبكر والسعي إلى تحسين سبل الوقاية والعلاج المعتمدة - هي نتيجة منحة بقيمة 250 ألف دولار حصل عليها الدكتور ناجي الصغير، البروفسور في الطب ومدير مركز الثدي في المعهد والدكتورة ناتالي زغيب، البروفسور المساعد في علم الصيدلة في المركز نفسه وعدد من الأطباء اللبنانيين، وذلك من خلال مبادرة الأبحاث الإثنية العالمية التي أطلقتها شركة «غلاسكو سميث كلاين» الأميركية لأدوية السرطان، في نهاية العام 2006 لنشر الوعي حول سرطان الثدي لدى الشعوب المتعددة العرقيات وتعويض النقص في بيانات سرطان الثدي لدى الشعوب خارج أوروبا وأميركا عبر تقديم المنح لدعم الأبحاث المستقلة غير السريرية.

وفي تعريفه عن الدراسة بحضور عدد من الأطباء المشاركين في البحث والدكتور علي زيوار، المدير الطبي لشركة «غلاكسو سميث كلاين» في منطقة الخليج العربي والشرق الأدنى ونقيب الأطباء في لبنان شرف أبو شرف والدكتور فادي جعارة من المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، قال الدكتور الصغير «تم اختيار مشروع البحث الذي يحمل عنوان «المتغيرات الجينية «BRCA1» و«BRCA2» لدى النساء اللبنانيات المصابات بسرطان الثدي من بين 113 رسالة و30 مشتركا من 29 بلدا وصلوا إلى المرحلة النهائية».

وسيشارك في المشروع، الذي سيستمر العمل عليه لغاية العام 2013، 250 امرأة لبنانية مصابة بسرطان الثدي ومعرضة لخطر الإصابة به، من مختلف المناطق اللبنانية، وسيتم الإعلان عن نتائجها خلال المؤتمر العلمي المخصص لسرطان الثدي الذي سيعقد في مدينة سانت أنطونيو في تكساس في الولايات المتحدة الأميركية.

وفي مداخلته، أشار الدكتور الصغير إلى أن الواقع اللبناني يسجل ارتفاعا ملحوظا في عدد الحالات التي تصل إلى 1700 حالة إصابة بسرطان الثدي جديدة سنويا، مع العلم أنها كانت تبلغ 4000 حالة في فترة التسعينات، وتضاعفت إلى 8000 إصابة في السنوات العشر الأخيرة، وحالات كثيرة منهن لا يزال تشخيصها يتم في مرحلة متقدمة من المرض، الأمر الذي يؤثر سلبا على الوصول إلى مرحلة الشفاء التام.

لافتا إلى أن «الجينات» «BRCA1» و«BRCA2» تعمل على إصلاح الخلل الجيني الذي يصيب الخلية فيمنعها من التحول إلى خلية خبيثة، وبالتالي فإن التغيرات التي تصيب تلك الجينات تزيد من احتمال حدوث سرطان الثدي أو المبيض بنسبة تتراوح بين عشرين إلى سبعين في المائة. وبالتالي فإن سرطان الثدي المرتبط بهذه التغيرات أكثر خطورة من الأنواع الأخرى، ولا يتجاوب مع العلاج الهرموني.

وقد عزا الصغير الأسباب التي تقف خلف عدم الاكتشاف المبكر لهذه الحالات إلى عوامل لبنانية عدة وأهمها، نقص الوعي الصحي الكافي والخوف من فكرة الموت المرتبطة بمرض السرطان، ومن العواقب الاجتماعية المتمثلة بشكل خاص في الانفصال عن الزوج والطلاق، إضافة إلى عدم وجود برنامج وطني شامل وعدم توفر العلاجات اللازمة وتأخر التشخيص من قبل الطبيب المعالج.

كذلك، أشار الصغير إلى أن الأسباب المعروفة المرتبطة بهذا النوع من الأمراض، تبقى مرتكزة بشكل أساسي على تلك المتعلقة بالعامل الوراثي في الإصابة بسرطان الثدي أو المبيض، لدى الأم أو الأخت أو العمة والخالة، إضافة إلى البلوغ المبكر وانقطاع متأخر للحيض وعدم الإنجاب أو الإنجاب في سن متأخر بعد الثلاثين، كما أن هناك بعض الدراسات التي أشارت إلى أسباب متعلقة بالسمنة والتدخين وشرب الكحول بشكل مفرط، مع العلم أن للرضاعة لفترة طويلة والإنجاب المبكر قبل سن العشرين آثارها الإيجابية في الحماية من الإصابة بسرطان الثدي.

وعن الإرشادات التي تساعد في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، فقد لفت الصغير إلى ضرورة إجراء البحث الذاتي مرة واحدة شهريا، بعد أسبوع من انتهاء الدورة الشهرية، وهو الذي قد يظهر ورما أو تغيرات ما في أحد الثديين، والخضوع لفحص طبي والفحص الشعاعي الماموغرافي لدى الطبيب المتخصص مرة في السنة بعد سن الأربعين.

مشيرا إلى أن هوية الأورام المكتشفة تكون في معظمها حميدة تتم معالجتها بسهولة، فيما يبقى علاج الخبيثة واحتمال الشفاء منها ممكنا بدرجة أكبر إذا اكتشف في مرحلة مبكرة.