فورا قاوم الإغراءات بهذه الأسلحة

تصبح أي نية أو فكرة شيء واقع يتوقف على مقدار ما نعطيها من انتباه
تصبح أي نية أو فكرة شيء واقع يتوقف على مقدار ما نعطيها من انتباه

يوضح المذهب العقلي أن خبرتنا عن العالم أجمع ما هي إلا أفكارنا نحوه، فليس هناك شيء يمكن إدراجه تحت مفهوم الخبرة الإنسانية بدون أن يبدأ كفكرة.
والحقيقة التي تعبر عن هذه التعريفات بسيطة كما يبدو من فحواها، عرفت لآلاف السنين من جانب الفلاسفة الشرقيين والآسيويين والحكماء، وتم أيضا معرفتها وقبولها بواسطة القادة الرائدين لكل العصور حتى يومنا الحالي، وخلال تحليلها الأخير الذي ربما يتم التعبير عنه ببساطة كالآتي:

كل إحساس، شعور، رغبة وعاطفة، كل شيء نمر به يسجل بشكل فوري في عقولنا كفكرة، الطريقة الوحيد التي نكون خلالها واعين لأي شعور أو فكرة يكون هذا من خلال أفكار، وإذا لم نكتشفها كفكرة، نكون غير واعين بوجودها، إنما في اللحظة التي نعيها ونكتشفها كفكرة تصبح شيئا حقيقيا بالنسبة لنا.


ولمقاومة أي إغراءات تسلح معنا بما يلي:
1- قلل الانتباه للإغراء يقل مفهومك عن كونه شيئا حقيقيا:

أنا أفكر إذا أنا موجود، أطلقها ديكارت كملخص توصل إليه بعد دراسة ذاتية طويلة، وهو حكيم أسيوي صرح ذات مرة أن "العالم هو مجرد فكرة أحد"، لا شيء يوجد إلا التفكير الذي يوصل ما بداخلك إلى شيء حقيقي أو هو ببساطة يفسر أنه لا شيء يمكن له أن يزعجك إذا لم تسمح أنت له بذلك.

وتصبح بذلك أي نية أو فكرة شيء واقع يتوقف على مقدار ما نعطيها من انتباه، فكلما كثر إمعان النظر على فكرة ما، كلما قوت وأصبحت أكثر واقعية فتركيز الانتباه بعمق على فكرة مستهدفة ربما يجعلها واضحة بطريقة إيجابية حتى تصبح نوعا من الهلوسة، ظاهرة عامة كالتنويم المغناطيسي أو التأمل العميق.

نقولها مرة أخرى، كلما قل انتباهك للفكرة كلما قل وجودها بداخلك كشيء واقعي أو حقيقي، فالعالم، جميع العواطف، المعاناة والمشكلات تتوقف عن الوجود لفاقد الوعي، أو من هو في غيبوبة، أو من هو في حالة من النوم العميق الغير حالم.

2- تجنب الأفكار المؤلمة:
نشعر بالمعاناة على قدر درجة الانتباه التي نضيفها على فكرة غير مرغوبة، تقدم هذه الفكرة في البداية شعورا غير مرغوب فيه، تتبع سريعا بعاطفة، يطلق على هذا الدمج في المشاعر بالتماثل معها، فالتماثل مع أفكار غير صحية هو سبب كل المعاناة، لذا يجب أن نتعلم ما يفيد الجسم، العواطف والعقل وبعدها التماثل مع تلك الأفكار، إذن دعونا نتعلم عدم التماثل مع تلك الأفكار الضارة لنا.

3- مفتاح السعادة:
فهم هذا المبدأ العميق واستخدام نظامه الناجح هو مفتاح السعادة، الذي معها يمكنك تشكيل حياتك بأي طريقة ترغب بها، وهو الذي يملك القدرة على اختيار أفكاره التي سيكون لديها القدرة على التحكم في مصيره، الذي يقبل فقط الأفكار الصحيحة، الذي يختار بشكل مميز الأفكار التي تتصل مع أعلى عاطفة جسدية له والصالح العقلي سيكون الأفعال الصحيحة في كل الأوقات.

4- طبيعة الفكرة:
تسبق جميع الأفعال بأفكار وتتبع بأفكار، ولا يكون لدينا وعي طبيعي بها، حيث يتوقف هذا على طبيعة الفكرة، ففي ثانية واحدة تدخل حوالي خمسون أو أكثر من الانطباعات الفكرية بسرعة لا تصدق عبر العقل الذي نكون بالنسبة للجزء الأكثر منه غير واعين لما يحدث، حيث إن الشخص الذي يتعهد بممارسة التأمل يتواجه مع المهمة المبدئية لملاحظة سلوك الفكر خلال حالة هادئة.

والسلسلة اللانهائية من الأفكار التي تتبع بعضها البعض في سلسلة سريعة بطريقة مذهلة تصبح في الحال دليل يسير الشخص المتأمل على خطاه، والمرحلة التالية للتحكم في أو إبطاء هذه الأفكار أو حتى التركيز عليها على موضوع فردي يشير إلى أي مدى تصعب هذه المهمة، نعي بعد ذلك أننا كنا سجناء لعملية الفكر طوال الوقت بدون معرفة ذلك.

- التطبيق العملي:
ربما نسأل الآن، "كيف نعرف أن هذا يساعدنا؟" كيف يمكن استخدام هذه المعرفة بطريقة عملية لتحسين حياتنا – لنحيا الحياة الحميدة؟"

الإجابة ربما موجودة، فعندما تعتقد أن شيء ما خرج إلى النهاية المطلقة ووصل إلى قرار بأنه شيء ليس مفيد لك وأنت بالتأكيد تريد أن تقلع عنه، ثم ترفض بشكل تام أن تعترف به حتى لثانية من تلك اللحظة وإلى الأبد إذا كان هناك حاجة إليه.

عندما تحدد تلك الأفكار عليك سؤال نفسك سؤالين وهما:

1- ما الذي يجب أن تتجنبه؟

2- ما الذي يجب أن تفعله لتحسين صحتك؟

يجب أن يتبع هذا بانتباه يقظ للأفكار التي تمر عبر عقلك، فقط عندما تصبح واعيا بأنك ترغب في طعام قد عزمت بتجنبه – في هذه اللحظة الحاسمة – بدون تأخير ولو لثانية، ارفض أن تفكر به.

يجب أن تكون منتبها جدا هنا، ثوان قليلة فقط من التورط أو التماثل مع الرغبة ربما تؤدي إلى الإيفاء بالغرض وهو تحريضك عاطفيا، وإذا كنت ضعيفا (غير منتبه) ستجد أنك تصبح مشوشا ومستحوذا عليك من جانب العاطفة المائلة نحو تلك الرغبة، إذا تلاعبت مع الرغبة ستفقد توازنك بسرعة رهيبة، ستصبح العاطفة بالداخل وأنت بالخارج أي تفقدك عقلك ونفسك.

- لا تتباطأ:
عندما تزحف العاطفة داخلك، يبدأ الكفاح لكسب السيطرة، إنه هذا الكفاح مع العواطف الذي يقدم المعاناة والمأساة المتواجدة، فاللحظة الحاسمة التي تدرك خلالها أن هناك زحفا غير مرغوب فيه قد تسلل ودخل إلى وعيك، لذا لا تضغط على أسنانك  أو تحاول استخدام قوة الإرادة لجبرها على الخروج منه.

لا تقاوم معها، فأي مقاومة مع الفكرة سوف يركز عليها ويبرزها ويجعلها أكثر قوة مما يجعلك تنتهي إلى إصابتك بالإحباط والانزعاج، فلا تخاطر بخسران المعركة مع غرائزك، فقط عليك بإسقاط تلك الرغبة أو الفكرة من مجال تركيزك وانتباهك وارفض تماما الاعتراف بوجودها.

وبدلا من ذلك، في هذه اللحظة الهامة قم على الفور بتغيير تفكيرك وحول انتباهك على موضوع آخر، غير متعلق بتلك الفكرة الملحة مما يساعدك على التماسك والاستحواذ على انتباهك بالكامل، اجعل تركيزك غارقا كليا حتى تهدأ بشكل تام، بعدها ربما تذهب في شؤونك كالمعتاد وبدون مشكلات.

العواطف أقوى لدى معظم الناس من العقل، فهي ستملي دائما ما يفعله كل من العقل أو الذكاء والفطنة، تذكر كما قلنا من قبل، أن الأفكار تتحرك بسرعة البرق، لكن يمكن دائما التعرف عليها بواسطة انتباه يقظ.

- شرك الثقة المتكبرة:
كلمة من الحذر يجب أن تدخل وتؤكد هنا، لأن من يبدأ هذه الممارسة قد يقع في الخطأ بسبب ما لديه من ثقة زائدة تجعله يعتقد أنه قادر على التخلص من تلك الرغبة أو الأفكار في أي وقت يحدده، فهو حينها يسمح لنفسه بحرية الاعتماد على أحاسيس من التخيل، الأكل والاستمتاع بالطعام الذي يرغب في تجنبه، ويستمر في هذا التصرف لدقائق قليلة فقط وقبل معرفته بتفجر هذا الفخ.

الشيء التالي الذي يكون على وعي به هو قوله لنفسه: "حسنا أنا أعرف أنني قادر على الإقلاع عن تلك الرغبة"، أما إذا قال الشخص لنفسه: "اليوم ليس الوقت المناسب لذلك وأنا متوتر قليلا الآن، وسوف أقلع عنه غدا بدون فشل"، حينها يعرف أنه بالفعل قد خسر المعركة.

إذا كان يملك الشخص قوة إرادة غير عادية، سوف يقطع جميع مسالك التماثل مع الرغبة هنا، وتقوية نفسه بأهمية الهدف المطلوب، وبعد مكافحة ضد عواطفه، ربما ينجح.

- العاطفة أقوى من العقل:
ماذا حدث هنا؟ التوضيح هو أنه – عندما ترتفع الأحاسيس أو العواطف، يصبح العقل أو قوة المنطق ضبابية، فالعواطف أقوى من العقل وتميل إلى الاستحواز على الكلمة الأخيرة أو القرار الأخير.

ويبدأ الحس المنطقي عبدا لها لكي يبرر السلوك العاطفي بمنطق مزيف أو خاطيء، فهو يجد كل أنواع العقلانية لتبرير تحقيق الرغبة في تلك اللحظة، وهذا هو العامل الرئيسي للمماطلة (بدء التحكم الذاتي غدا أو فيما بعد).

لقد برزت المشاعر، منذ ساعات، بعد أن قد أرضيت رغباتك، فأنت تنعكس على ما حدث، وعندما تهدأ عواطفك تدرك بشكل واضح جدا أنك كنت قد تعرضت للخداع، وهذا يمكن أن يحدث مرارا وتكرارا يوميا وقد يصل لعام.

وهناك أشخاص وقعوا فريسة للإغراءات والرغبات لسنوات وصلت إلى عشر سنوات ومنهم من وقع فريسة له لخمسة عشر عاما لأنهم كانوا يقولون سنبدأ غدا، مهما كانت ظروفك لا تبدأ هذه اللعبة، راقب أفكارك طوال الوقت أينما كنت عند وجود الإغراءات ولا تترك نفسك ضحية لها.

وبعد مرور بضعة أسابيع أو أقل تبدأ تلك الإغراءات تهدأ، وعليك وقتها أن تكون قادرا على الاسترخاء واليقظة في نفس الوقت، فمن الحكمة أن تكون في حالة تأهب لحيل العقل حتى تجد المرسى المناسب والمقاومة الكافية لأي عادة أو رغبة جديدة.

- كن شديد اليقظة للأفكار السلبية:
مع قليل من الممارسة ستنمو لديك مهارة متطورة ضد الأفكار غير المرغوبة، فقط حاول تبديدها فورا بسرعة فور ظهورها بدون بذل جهد، إنها فقط مسألة تعلمك كيف وأين توجه تركيزك وانتباهك.

فمن خلال الممارسة المستمرة ستصبح حذرا ويقظا لكل الأفكار السلبية وسيكون لديك القدرة عامة، وأن تكون قادرا على استخدام هذا النظام في جميع مجالات الحياة لتحقيق السيطرة على النفس بالتوقف عن تلك الرغبة، لأن بساطة هذا الأسلوب مذهلة، وستكون لديك القدرة المستمرة على النجاح في التغلب على عواطفك التي جعلتك ضحية لها طوال سنوات.

- طريقة التعود على التفكير الصحيح:
وهناك العديد من الناس الذين كافحوا محاولين التسلح بقوة إرادة كافية للتغلب على العادات السيئة، وكان لدى بعضهم عزائما قوية ونجحوا لفترة من الزمن، بينما إذا لم يعيروها اهتماما وركزوا على انحرافاتهم وعاداتهم السيئة تتغلب عليهم مشاعرهم ويسحبون للخلف لعمل الخطأ.

لا تلهوا مع الأفكار غير المرغوب بها، فقط عندما تصبح متوجها نحو أسلوب العادات الصحيحة فهل يكون هذا كافيا للمراوغة مع إدمان العادات والرغبات؟ 

للوصول إلى قمة الهضبة بأمان ستستغرق وقتا قد يكون أسابيعا أو شهورا بالنسبة لمعظم الناس، وحتى ذلك الحين تجد بعض الأفكار الهدامة تندفع إلى عقلك وتقول لك توقف ليس هناك جدوى من ذلك، ركز عقلك نحو العادات التي ترغب في حصادها وحافظ دائما عليها متى فكرت في الموضوع.

قم بالأعمال الصحيحة فقط واستمر في ذلك حتى تصبح تلك العادات شيئا لا يمكنك الاستغناء عنه وبعدها ستجني ثمارها الجيدة والتي ستنطبع على تمتعك بصحة جيدة، عقل سعيد وآمن في كل الأوقات.

- من السهل السيطرة على الإغراء:
عندما تبدأ في استخدام هذه الطريقة، سوف تندهش عندما تجد كم هو سهل أن تصبح قائدا ومسيطرا حتى على أصعب الإغراءات، فكل ما نحتاجه هو الانتباه اليقظ، لأنك إذا حولت انتباهك على الفور عندما تدرك الأفكار العدائية سوف تكون دائما الرابح بدون خسارة.

- مع الآخرين من الناس:
كلمات قليلة عن كيفية التعايش مع الإغراءات عندما تكون بالخارج مع الأصدقاء ربما تكون مساعدة، فمثلا إذا كنت مع أناس آخرين ويبدأ بعضهم في التحدث أو عمل شيء تريد تجنبه كل ما عليك هو أن تبعد نفسك عن هذا الحوار والتفكير في شيء آخر حتى تقي نفسك الوقوع في شرك الإغراء.

أما إذا حاول هؤلاء الأصدقاء إدماجك في الحوار فحاول أن تفتح معهم موضوعا جديدا كتعليقك على ملابس أي منهم وكم هي أنيقة وتسأل من أين حصل عليها أو تسألهم عن رأيهم في الموضوع الذي قمت بطرحه مما يلفت انتباههم إليك ويشتت الفكرة المغرية الأولى.

إذا واجهك الآخرون بشكل مباشر وسألوك عن سبب عدم اشتراكك معهم في الحوار أو ما الذي تتجنبه؟، ببساطة قل أنك لا تهتم بهذا الموضوع، أو إذا كان طعاما قل لهم أنك لست بجائع ثم غير الموضوع حيث يمكن القيام بهذا بطريقة ماهرة وسهلة.

الفكرة هي أن تبقى بعيدا عن أي شيء غير مرغوب أو محظور حتى تتجنب أي تورط عاطفي به، وربما يجدر بك الابتعاد عن الجماعات أو الأصدقاء لأسابيع قليلة حتى تتأقلم مع روتينك الجديد في تجنب تلك المغريات وبعد ذلك يمكنك الرجوع إلى اللقاءات الاجتماعية مرة أخرى مع علم من حولك باتجاهاتك حتى لا يقوموا بالضغط عليك مرة أخرى.

- كم هو عظيم أن نتحلى بضبط النفس والتحرر من الرغبات:
عند مراقبتك لنفسك ستكتشف العديد من الأفكار الغير مرغوبة التي تنشأ بداخلك وستريد أن تغيرها حيث يمكن لك ذلك عندما تكون على وعي بها، لذا حاول مراقبة ما يجول بخاطرك من أفكار وسوف تتمكن من تغييرها بطريقة أوتوماتيكية.

وكن واعيا أكثر من خلال مراقبة أفكارك وستبدأ لتحسين كل جانب من جوانب وجودك الفعلي، هذا لن يجعل  لديك وعيا ذاتيا بمعناه السلبي أو العصبي، وفي المقابل يقودك إلى وعي أكبر وضبط للنفس والحرية من طغيان فكرة عشوائية غير مرغوبة.