دار «بيربيري» تختتم أسبوع لندن لربيع وصيف 2011 بالجلد المرصع

تصميمات توحي بالقوة والشباب وإكسسوارات مغرية.. باستثناء الأحذية
تصميمات توحي بالقوة والشباب وإكسسوارات مغرية.. باستثناء الأحذية

يفترض ألا يقبل أي مصمم العرض في اليوم الأخير من أسبوع لندن بعد الساعة الرابعة ظهرا، أو بعبارة أوضح بعد دار «بيربيري»، فالكل تقريبا يتحدث يوم الثلاثاء، وبكل ثقة، عن أن عرض الدار البريطانية العريقة سيكون مسك الختام لأسبوع حافل بالعطاءات والإبداعات، متناسين أن عروض المصمم أشيش والثنائي «كليمنس ريبيرو» و«إيسا» كانت مقررة في مساء نفس اليوم. بل كان الكثير منهم قد حجز طائرته مباشرة بعد العرض، خوفا من أن يفوته افتتاح أسبوع ميلانو.


وبلا شك، فإن عرض «بيربيري» يعتبر أهم عرض على الإطلاق في اليوم الأخير من الأسبوع، والدار، منذ عودتها المجيدة إلى أحضان العاصمة البريطانية بعد ثماني سنوات من العرض في ميلانو، ضيفة معززة ومكرمة من قبل الكل، لما تضفيه على الأسبوع من بريق، وما تستقطبه له من مشترين ووسائل إعلام من الوزن الثقيل، فضلا عن النجوم والنجمات اللواتي يعرقل حضورهن حركة السير في منطقة ويستمنستر، حيث يقع «تشيلسي كوليدج للفنون والتصميم»، مكان العرض.

والحقيقة أن مصمم الدار الفني، كريستوفر بايلي، منذ التحاقه بالدار، يبدع لها. ونجح في الارتقاء بها إلى مصاف الكبار، بابتكاره خطها «بيربيري برورسم». هذه المرة أيضا حقق لأسبوع لندن نهاية تتمناها أي عاصمة موضة، من خلال تشكيلة لا شك ستكون بعض قطعها، وليست كلها، مؤثرة على أسلوبنا في الموسمين المقبلين؛ تشكيلة تعبق بأناقة عصرية ترقص على إيقاعات الروك آند رول، كما أنها مزيج بين القوة والأنوثة. المأخذ الوحيد عليها أنها تخاطب شريحة الرشيقات والشابات أكثر مما تخاطب المرأة الناضجة.

القطعة الغالبة كانت هي الجاكيت المستوحى من ذلك الذي يستعمله سائقو الدراجات النارية، وجاءت بعدة أطوال وتفاصيل. أقل ما يقال عنها إنها ارتقت بها إلى مستوى جديد يجعلها تليق بالسهرات ببريقها ولمعانها المنبعث من ترصيعات تستحضر موضة البانكس التي عرفت أوجها في السبعينات، علما بأن تأثيرات هذه الحقبة ظهرت في الكثير من عروض لندن، وشملت حتى فساتين «بيربيري» بسحاباتها من الخلف أو الأمام وأكمام المعاطف الممطرة. الجلد كان قويا خصوصا جلد الأفاعي، الذي ظهر في الجاكيتات والبنطلونات الضيقة، وأيضا في حقائب اليد والأحزمة، بينما زين بعض البنطلونات الأخرى عند الركبة. الفساتين أيضا لم تسلم من الجلد الذي زين حواشي بعضها، خصوصا تلك المطبوعة بنقوشات الحيوانات البرية.

وعلى الرغم من أنه ليس الخامة التي تتبادر إلى الذهن عندما نفكر في موضة موجهة للربيع والصيف، فإن «بيربيري»، ومنذ سنوات، لا تهتم بالمألوف والمضمون، وتحاول دائما تحريك مياه لندن، والتأثير على الذوق العام، أو على الأقل كسب وده.

والدليل أن الجاكيت الجلدي المبطن بالصوف الذي طرحته للخريف والشتاء الحاليين، موضة ساخنة هذا الموسم، وتم تقليده في كل شوارع الموضة تقريبا. ولا شك أن هذه الجاكيتات المرصعة ستدخل هي الأخرى خزاناتنا في الموسم المقبل.

المعطف الممطر، الذي اشتهرت به الدار، وبنت عليها اسمها منذ بداية القرن الماضي، لم يغب أيضا، فصورة الدار لا تكتمل من دونه، وبالتالي تجدد هو الآخر واكتسب شبابية، وإن كانت شبابية تجارية أكثر منها فنية.

جاء بطول قصير نوعا، وأضاف إليه كريستوفر بايلي أحزمة بألوان النيون من الجلد اللامع لتحديده، وحقنه بجرعة لون من شأنها أن تدخل البهجة والمرح على مظهرنا في الربيع والصيف المقبل.

ويبقى أبرز ما طرحته الدار إلى جانب الجاكيتات الجلدية القصيرة المزينة بالترصيعات والبريق، التي على الرغم من أناقتها يجب التعامل معها بحرص شديد حتى لا تتحول إلى خطأ فادح، الإكسسوارات، التي شملت حقائب يد وأحزمة بألوان مشعة يمكن أن تضيء أي زي وتجدده في رمشة عين.

وهذا يعني في لغة الأرقام، التي تفهمها الدار جيدا، أنها ستحقق من ورائها الكثير من الأرباح في الموسمين المقبلين. أما إذا كان هناك شيء يثير الشك في الإكسسوارات، فهي الأحذية ذات الكعوب الرفيعة والعالية جدا، التي شكلت تناقضا بينها وبين مفهوم القوة الذي حاول المصمم أن يخلقه من خلال الجلد والجاكيتات المفصلة. ثلاث عارضات لم يتمكنّ من التحكم في مشيتهن فيها على منصة عرض ملساء، فما البال إذا كانت المرأة ستضطر المشي بها في شوارع عادية غير معبدة ولساعات.

ومع ذلك فإن نجاح «بيربيري» لا يعود فقط إلى إعادتها صياغة نفسها وتحقيقها شبه معجزة عندما لمعت صورتها التي كادت أن تعرضها للإفلاس منذ قرابة عقد تقريبا، بسبب إقبال مشاغبي ملاعب كرة القدم وحديثي النعمة على نقوشاتها المربعة، بل أيضا إلى مواكبتها روح العصر وإيقاعه المتسارع.

فلا نقاش اليوم أن تصميماتها عصرية، وأسلوبها يخاطب زبائن من طبقات من كل نوع وصنف، إلا أن القاسم المشترك بينها كلها هو الذوق. بل إنها كسبت ود العائلة البريطانية المالكة من جديد، بدليل زيارة الأمير تشارلز لمقرها الرئيسي في لندن منذ عام تقريبا، لكن مواكبتها إيقاع العصر يتمثل أيضا في محاولتها فهم أسلوب حياة زبائنها وتسهيل عملية التسويق عليهم، وجعلها متعة من كل الجوانب.

من هذا المنطلق لا تقتصر اهتماماتها على الجانب الإبداعي، بل أيضا على الجانب العملي، لا سيما أن المعروف عن مصممها كريستوفر بايلي أنه من جيل الإنترنت ويعشق الأجهزة الإلكترونية والموسيقى، مما يفسر ريادته في استعمال مواقع الإنترنت للتواصل مع زبائنه، وكله أمل في أن يخلق مجتمعا «بيربيريا» عالميا.

الرئيس التنفيذي للدار، أنجيلا أهرندتس، تقف إلى جانبه وتدعم رؤيته، وصرحت لـ«وول ستريت جورنال» مؤخرا أنها لم تعد تنظر إلى بيوت أزياء مثل «غوتشي» أو «شانيل» للمقارنة، بل إلى شركة «أبل»، لأنها بالنسبة لها شركة تصميم رائعة تعمل على خلق أسلوب حياة. وهذا ما تحاول «بيربيري» البريطانية العريقة التي يعود تاريخها إلى 154 عاما أن تقوم به، بل نجحت فيه إلى حد كبير، بتحقيقها المعادلة الصعبة بين الأنيق والتجاري، على غرار دار «رالف لوران» مثلا، التي تقدم خدمة متكاملة للزبون، أيا كانت شريحته وإمكانياته وأسلوبه.

يذكر أن الدار كعادتها منذ موسمين تطرح معاطفها الممطرة ومجموعة من حقائب يدها لربيع وصيف 2011 على الإنترنت، حتى تتمكن الأنيقات اللاتي لا صبر لهن على الانتظار خمسة أشهر، للحصول عليها مباشرة من موقع الدار.

وهي خدمة تتاح لمدة أسبوع واحد فقط، على أن تصل الطلبات بعد سبعة أسابيع تقريبا، وستكون من نصيب محظوظات لا يشكل لهن سعر قد يتعدى الـ1195 جنيه إسترليني لصديري جلدي من دون أكمام، أو معطف بأكثر من 4000 جنيه إسترليني، أي مشكلة، وهن كثيرات حسب ما سجلته التجربة في الموسم الماضي، فضلا عن تقرير الدار السنوي، الذي أشار إلى زيادة أرباحها، وإلى أن مبيعاتها تقدر حاليا بـ2.2 مليار دولار أميركي.