أسبوع لندن لموضة ربيع وصيف 2011 .. دعوة مفتوحة للسفر

أسبوع لندن .. الصغار نضجوا.. الكبار أبدعوا.. والإيقاع يتسارع
أسبوع لندن .. الصغار نضجوا.. الكبار أبدعوا.. والإيقاع يتسارع

قد تكون زيارة البابا بنديكتوس السادس عشر قد أثرت على حركة السير والمواصلات في لندن أول من أمس، وتسببت في الكثير من التأخير، لكنها حتما لم تؤثر على حركة أسبوع الموضة، سوى في أنها أججت الرغبة في السفر إلى عوالم بعيدة وشواطئ لازوردية بعيدا عن ضغوطات الحياة اليومية، وأحوال الطقس التي بدأت تتغير وتبرد إيذانا بحلول الشتاء. لكن برودة الطقس لم تنعكس على سخونة الأسبوع التي بدأت ترتفع منذ اليوم الثاني، ويتوقع أن تصل درجات قصوى اليوم الاثنين وغدا الثلاثاء مع مصممين من أمثال «إيرديم»، والثنائي «بيتر بيلوتو»، ودار «بيربيري» وغيرهم. لكن هذه السخونة بدأ الحضور يلمسها في عرض النجمة سيينا ميللر وأختها سفانا، مؤسستي ماركة «تونتي 8 تونتي» التي أصبحت اسما مألوفا في الأسبوع.


لم تكن الضجة المثارة حول مبنى مهجور كان في يوم من الأيام مركزا رئيسيا لفرز البريد وسط لندن، بسبب الرغبة في مشاهدة الأزياء فحسب، فهذه لم تكن يوما مؤثرة على الساحة، لكنها كانت بسبب حضور باقة من المشاهير من أصدقاء النجمة، يتصدرهم خطيبها النجم غود لو والمصمم ماثيو ويليامسون.

لكن رغم أن العرض لم يقدم أزياء ثورية أو جديدة، فإنه لم يخيب الآمال، لأنه كان دعوة مفتوحة للقيام برحلة إلى مكان لا يعاني من تعطل حركة السير ولا من ضغوطات الحياة اليومية.

الدعوة نفسها قدمها المصمم الشاب هنري هولاند، مؤسس دار «هاوس أوف هولاند»، للحضور وإلى باقة من النجمات اللواتي جلسن في المقاعد الأمامية، مثل المغنية ليلي آلن، والعارضة البريطانية أجينيس دين، وغيرهما، ليعبرن له عن تضامنهن معه. عرضه كان متعة للعين، خصوصا لمن تابعوا تطوره من 2008 إلى اليوم، أي من مصمم اضطرته ظروف البداية، وقصر اليد، أن يركز على «التي - شيرتات» والجوارب المنقوشة التي أعطاها شخصية شبابية تضج بالمرح والشقاوة ذاع صيتها في العالم، إلى مصمم وصل إلى مرحلة النضج. وهو ما شهدت له به هذه التشكيلة التي كان واضحا أنه يخاطب فيها فتاة تتمتع بإمكانيات عالية وتعرف ما تأخذ من الموضة، لكن الأهم من كل هذا لا تريد أن تفوت على نفسها أي فرصة للاستمتاع بالحياة.

تشكيلته لربيع وصيف 2011 كانت لفتة حنين إلى السبعينات من القرن الماضي، وتحديدا عالم الديسكوهات، بصخبها وسهرها وموسيقاها، لكنها كانت لفتة خفيفة استمدت قوتها الفعلية وصخبها من الألوان والنقوشات المستوحاة من رحلة خيالية إلى عوالم استوائية، فحتى بطاقة الدعوة كانت على شكل ورقة شجرة خضراء وارفة. بيد أن المصمم خفف من وحشيتها باستعمال أقمشة أنثوية مثل الجيرسيه المطاطي والجاكار وتقنيات ناعمة مثل البليسيهات.

فيما يتعلق بالنقوشات والرسومات التي كان لها حضور قوي، فقد ركز فيها على ألوان الحلوى والورود مثل البنفسجي والوردي والسكري. إلى جانب الطول القصير الذي طبع تشكيلته، ولفت استعماله الذكي للجلد في بعضها الأنظار، خصوصا أنها جاءت ببليسيهات تفوح بألوان الأرجوان والبنفسج. يخرج الواحد من هذا العرض وهو يشعر بأن كل قطعة في هذه التشكيلة واقعية ومن السهل تسويقها، باستثناء الإكسسوارات الغريبة التي زينت الأذنين وغطتها في بعض الحالات، وكان من الأفضل الاستغناء ليستطيع الحضور التركيز على الأزياء، البطل الأول والأخير هنا، والتي أكدت أن هنري هولاند وصل مرحلة النضج تماما مثل الفتاة التي يتوجه إليها وكانت في عام 2008 تعشق «تي - شيرتاته» الممزقة.

بدورهما اختار الثنائي «باسو آند بروك» الارتحال إلى أجواء البحار والمحيطات من خلال تشكيلة تناسب أجواء النهار بكل ما يتطلبه من أناقة ورقي. شرح الثنائي بعد العرض أنهما استلهما الكثير من رسوماتهما هذه المرة، من كتابات باليد للأديب الفرنسي بلزاك، فضلا عن الحياة البرية والطبيعة التي يستلهمان منها رسوماتهما في العادة.

أما النتيجة فكانت ناجحة سواء في القطع التي خففا فيها من النقوشات المتضاربة، والتي جاءت أكثر من رائعة، لأنها كانت مريحة للعين، أو في تلك التي ضجت فيها، وكل ما في الأمر أنها في هذه الأخيرة ستمنح صاحبتها إطلالة قوية وجريئة. تجدر الإشارة إلى أن الفساتين كانت البطلة في هذه التشكيلة، فيما ظهرت بنطلونات معدودة بخصر عال مستوحاة من سراويل الحريم.

لكن إذا كان هناك مصمم أغرى بالفعل بالسفر والمشي لساعات على شواطئ دوفيل أو أمالفي أو كابري، أو بوزيتانو، حيث تترامى على طول العين رمال ذهبية ومياه لازوردية وشعاب مرجانية، لا لسبب سوى ارتداء أزياء أنيقة وتغييرها حسب المناسبة وما تتطلبه من ألوان وإكسسوارات، فهو المصمم جاسبر كونران، بلا منازع.

عرضه كان تحريضا أكثر منه دعوة للسفر، حيث عاد فيه إلى الخمسينات من القرن الماضي، زمن «لادولتشي فيتا» من خلال الفساتين الضيقة عند الصدر والمحددة عند الخصر والتنورات الواسعة، بعضها بكمية أقمشة سخية تجعلها تتطاير أو تتمايل مع كل حركة، وبعضها الآخر ببليسيهات رقيقة وناعمة تبدو وكأنها خطوط عمودية. لمزيد من اللون والإبهار، أضاف إلى بعضها أحزمة مبتكرة وناعمة جاءت دائما بلون مختلف تماما عن لون الفستان.

أما حقبة الستينات فتجلت في الفساتين الناعمة التي تنساب بعملية مريحة رغم أنها مفصلة على الجسم وليست واسعة، لكنها تستمد راحتها من اختفاء منطقة الخصر غير المحددة هنا. إلى جانب الأشكال الأنثوية والألوان المستلهمة من ألوان الجزر وشعابها، من مرجاني وأزرق وأخضر وأخضر فستقي، ساعدت الإكسسوارات على ترسيخ الرغبة في الانطلاق، حيث نسق من بداية العرض إلى نهايته فساتين وتنورات وبنطلونات مفصلة في غاية الأناقة مع أحذية «سبور» عادية جدا باللون الأبيض.

ومن الإكسسوارات التي كان لها حضور لا يستهان به في العرض نظارات الشمسية غامقة وقبعات تليق بمناسبات مهمة وفخمة مثل حفلات الزواج، ويمكن أن يستخسرها البعض على نزهة شاطئية. من جانب آخر، يبدو أن جاسبر كونران ينوي التوسع في جانب حقائب اليد، إذ إرسل بعض العارضات وهن يحملن عددا منها بحجم كبير ولافت. كانت تشكيلته من أولها إلى آخرها لذيذة سواء من حيث ألوانها أو أقمشتها التي تباينت بين التافتا والشيفون وحرير الكريب، وحرير الأورغنزا والدانتيل والقطن والكشمير الذي ظهر في مجموعة من الكنزات، أو من حيث طولها الذي يلامس الركبة ويسهل على أي امرأة أن تتألق فيه، بغض النظر عن أسلوبها أو عمرها أو مقاييسها.