هل تحدث «آبل» ثورة في مجال الطب من خلال جهاز «آي باد»؟
حصل ستيف جوبس على كبد جديدة، وحصل كل منا على وسيلة أسهل لمشاهدة «هولو» ونحن نسترخي على السرير، وقد يحصل قطاع الرعاية الصحية على الإنجاز الأكبر الذي يحتاج إليه للدخول إلى القرن الواحد والعشرين.
بعد العملية الجراحية التي أُجريت له في سرّية خلال فصل الربيع الماضي، أصبح من السهل تخيل هذا الشخص البارز من كوبيرتينو في كاليفورنيا، وهو يحدق إلى الأشياء التي تكسو السقف في غرفته بالمستشفى، ويتمنى أن يستخدم الإنترنت من دون اللجوء إلى الكومبيوتر المحمول.
وليس من الصعب تخيله وهو جالس يشاهد الأطباء والممرضات والعاملين في المستشفى يمضون في طريقهم وسط مجموعة من الأجهزة قبيحة المنظر رديئة التصميم، يفكر في وسيلة أفضل.
ولذا يمكن القول إن الاهتمام الكبير الذي حظي به جهاز «آي باد» من مختلف الأوساط بسيط إذا ما قورن بالاستقبال الحافل الذي حظي به الجهاز وسط المعنيين بمجال الرعاية الصحية.
وتتناول الدوريات المتخصصة في التقنية الطبية الجهاز بحماس كبير، وتقوم «كايسر برمانينت» باختبار استخدامات له، ويقوم مدير بأحد المستشفيات التعليمية الرئيسة التابعة لهارفارد بدراسة برنامج تدريبي لجهاز «آي باد» في المستشفى الذي يعمل به، وتفيد تقارير بأن المسؤولين التنفيذيين في «سيدارز سيناي» حصلوا على نماذج أولية من الجهاز العام الماضي.
وهذه ليست مجرد حالة من الهوس تستشري داخل القطاع الطبي بسبب ظهور جهاز جديد، إذ إنه إذا ما أصبح جهاز «آي باد» عنصرا أساسيا داخل المنشآت الطبية، كما هو الحال بالنسبة إلى جهاز «آي بود» في الأماكن الأخرى، فإنه يمكن أن يفضي إلى مدخرات تصل إلى مليارات الدولارات، وذلك حسب ما يقوله بلاكفورد ميدلتون رئيس مركز قيادة التقنية المعلوماتية ومدير التطوير والبحث المعلوماتي الطبي في «بارتنرز هيلثكير سيتمز».
لقد أضفى قانون حماية المريض والرعاية الممكن تحمّلها أهمية على تقديم رعاية صحية ذات تكلفة يمكن تحملها، مع إشارة البيت الأبيض إلى توقعات مكتب الميزانية بالكونغرس بأن 25 في المائة من إجمالي الناتج المحلي سوف يذهب إلى الرعاية الصحية في عام 2025 إذا ما استمر الوضع الراهن على ما هو عليه.
وينظر إلى التحول الرقمي والتواصل الداخلي بين المؤسسات الطبية على نطاق واسع على أنه وسيلة هامة داخل القطاع.
ويشير تقرير نُشر أخيرا من مؤسسة تدقيق الحسابات العالمية «برايس ووترهاوس كوبرز» إلى أن الرعاية الصحية «تحقق تقدما» عندما يكون هناك إبداع، لا سيما الإبداع التقني.
ويقول إن استخدام أجهزة لا سلكية متحركة مثل التليفونات الذكية يخلق فرصة وحاجة إلى أن يقوم العاملون في القطاع الطبي بتغير الطريقة التي يقدمون من خلالها الرعاية الطبية.
ومن الملاحظ أن جهاز «آي باد» به ميزات رائعة، فهو خفيف الوزن المقارنة بمعظم أجهزة «نتبوك»، كما أنه سريع، ويمكن لبطاريته البقاء 10 ساعات. ومن السهل القراءة عليه، كما أنه يناسب احتياجات الشخص.
وتجعل الجودة المرئية الرائعة التي يتميز جهاز «آي باد» من السهل النظر إلى الصور التشخيصية مثل الصور الملتقطة باستخدام أشعة «إكس» والتصوير باستخدام الرنين المغناطيسي، وذلك حسب ما يقوله جيرارد نوسامبوم، مدير خدمات التقنية في شركة الاستشارات «كورت سالمون أسوشيتس».
وتمثل الشاشة الكبيرة الزاهية التي تعمل باللمس شيئا متطورا بصورة كبيرة مقارنة بالخرائط الورقية التي لا يمكن قراءتها أو أجهزة الكومبيوتر المكتبية من ناحية تسجيل أو مراجعة بيانات المرضى.
ولا يعني ذلك أن هذه أول محاولة يسعى من خلالها شخص استخدام التواصل عبر الإنترنت في مجال الطب، ولكن لم يحقق شخص نجاحا على نطاق واسع مثل هذا.
لقد تمكن المطورون من ابتكار تطبيقات طبية على جهاز «آي فون» بالنسبة إلى الأطباء والمستهلكين، ولكن الشاشة صغيرة الحجم في الجهاز تجعل هذه التطبيقات صعبة الاستخدام.
وإذا أراد أحد الأطباء النظر إلى قلب كهربي، على سبيل المثال، سيكون عليه استخدام التكبير وأشياء أخرى.
لقد خصصت الحكومة الفيدرالية قرابة 19 مليار دولار في صورة أموال تحفيز لتحويل السجلات الطبية إلى سجلات رقمية، ولكن كانت بداية هذه المبادرة بطيئة. ويوجد بالفعل الكثير من الفعالين في مجال التقنية الطبية، ومجموعة من الأجهزة المتحركة التي يمكن حملها في السوق، ولكن لم يحقق أي منها هذا النجاح الكبير.
وبصورة عامة توجد صعوبات في استخدام هذه الأجهزة، وتبلغ تكلفتها ضعفين أو ثلاثة أضعاف جهاز «آي باد».
ويقول خبراء في مجال الرعاية الصحية، مثل جون هالامكا مسؤول التقنية في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن الجمع بين التكلفة الأقل للحصول على الجهاز وعدم الحاجة إلى تعلم مهارات جديدة (حيث إن الكثيرين من الناس لديهم فعلا تليفونات ذكية) يمكن أن يعزز من استخدام جهاز «آي باد» داخل المنشآت الطبية ويمهد الطريق كي تصبح السجلات الصحية الإلكترونية الشيء الشائع.
وهناك المدخرات المحتملة كبيرة، حيث إن التنفيذ سوف يساعد على التخلص من الكثير من الأخطاء والاختبارات الزائدة المنتشرة حاليا في عالم الطب. ويقدر مركز قيادة التقنية المعلوماتية أن ذلك سيوفر 44 مليار دولار سنويا.
ولا يعني ذلك أن جهاز «آي باد» خال من العيوب، حيث سيجده المبتدئون جهازا ضعيفا. وداخل غرفة الطوارئ، يمكن أن يسقط أو يساء استخدامه بصورة عامة.
ولكن، بعد عمل منتجات ما بعد البيع مثل الجلد المطاطي وحزام اليد، فإن ذلك قد يحميه، وفق ما يقوله هالامكا.
وتشير المراجعات المبدئية إلى أن من يكتبون من دون النظر إلى لوحة المفاتيح ربما يشعرون بالضيق من لوحة المفاتيح الصغيرة في جهاز «آي باد»، ولكن سيساعد برنامج التعرف الصوتي الأطباء على إملاء ملاحظاتهم.
وثمة قضية أخرى، إذ تكون هناك حاجة إلى إجراءات أمنية إضافية من أجل الخصوصية وقواعد وصف مواد تخضع للرقابة.
واقترح البعض إضافة جهاز تحقق من الهوية مثل ماسح بصمة الأصبع في الإصدارات اللاحقة.
وتعد هذه أشياء بسيطة على ضوء ما استطاعت «آبل» تقديمه فعلا: جهاز سهل الاستخدام خفيف الوزن يربط بين الطبيب وباقي القطاع الطبي، وعليه قد يكون جهاز «آي باد» الشيء الجديد التي يحتاج إليه القطاع الطبي فعلا.