قميص ياباني يحتوي فيتامين سي أكثر مما يحتويه الليمون
بعد الملابس النانوية التي لا تبتل بالماء، والأخرى المطاطية لكل المقاسات، والأنسجة المزودة بأجهزة مراقبة القلب وسكر الدم والضغط، جاء اليوم دور الملابس التي تداوي الجروح والأخرى التي تزود الجسم بالفيتامينات.
وإذ تحدثت شركة «ستاتيكس» الألمانية للأنسجة عن خيوط أقمشة معاملة بالفضة وقادرة على قتل البكتيريا، كتب العلماء اليابانيون في مجلة «كيمياء العناصر» أنهم توصلوا إلى أنسجة تزود جسم الإنسان بفيتامين «سي».
هكذا إذن، بعد أن كانت صناعة الأنسجة، ومعها دور الموضة، تهتم بالجمال والتصاميم وسهولة الغسل والكي، أصبحت هذه الشركات تهتم حاليا بالجانب الطبيعي (البيئي) والجانب الطبي العلاجي من الموضوع.
الميل الثاني في عالم صناعة الأنسجة، على المستوى العالمي، هو الوزن، وصرنا اليوم بانتظار نزول الملابس التي لا يشعر الإنسان بها لخفة وزنها.
وتتحدث شركة «ستاتيكس» الألمانية، ومقرها بريمن (شمال)، عن الكثير من عجائب الأنسجة التي ستخرجها مستقبلا من قبعة ساحرها التقني.
وتعتبر هذه الشركة رائدة عالميا في مجال إنتاج الأنسجة الدقيقة (الميكروفايبر) التي تجري معاملتها بالفضة.
فالتجارب الجارية تثبت أن الأنسجة المحتوية على أيونات الفضة تقتل البكتيريا، وتعادل الروائح المنطلقة من الجسم، وتخفف من التهابات الجلد وأعراضها مثل الحكة وارتفاع الحرارة. والمهم في هذه الأنسجة الجديدة أنها عبارة عن أنسجة طبيعية، مثل القطن والحرير والكتان، يجري أنتاجها كألياف فضية.
وتؤكد الشركة هنا أنها تخلت عن تقنية الفضة النانوية، تطمينا لمخاوف الناس من هذه التقنية، واستخدمت تقنية جديدة لصناعة خيوط الأنسجة الفضية. وتعتبر الشركة نفسها، على هذا الأساس غير بعيدة عن منحى البشرية اليوم في البحث عن كل ما هو طبيعي.
وألياف الأنسجة المذكورة غاية في الخفة وتؤهل الصناعة لإنتاج ملابس خفيفة أيضا. ويبلغ وزن الكيلومتر الواحد من الألياف الفضية نحو غرام واحد فقط.
وهي أنسجة ينفذ فيها الهواء وبخار الماء، لا تتهرأ بسهولة، لا تحتاج إلى مسحوق غسيل لغسلها، لأن الأوساخ تنزاح عنها بغسل بسيط في الماء الفاتر الحرارة، كما أنها تنشف بسرعة.
وذكرت متحدثة باسم الشركة أن «ستاتيكس» تزود بعض جيوش العالم حاليا بجوارب مصنوعة من الأنسجة الفضية الدقيقة التي تقتل البكتيريا والفطريات وتحافظ على أقدام الجنود سليمة تحت الجزمة العسكرية.
كما أنها بصدد إنتاج نسيج لأسرة المستشفيات يكافح البكتيريا والفطريات، مضاد لحساسية الجلد ومهدئ للأكزيما.
ثم إنه يجري تجريب ملابس نوم (بيجاما) للأطفال من الألياف الفضية مزودة ببطارية منمنمة تحافظ على حرارة الجسم تحت البطانية بين 37 - 40 مئوية، مهدئة للحساسيات، وتسمح بنفوذ بخار الماء والهواء.
ويحضر العلماء في مختبرات الشركة «طبخة» جديدة يستخدم فيها سكر «سايكلودكسترين»، ويسمى أيضا نشاء الذرة، لإنتاج نسيج يمتص الروائح الكريهة ويعادلها، وخصوصا رائحة النيكوتين التي تلتصق بالملابس في المقاهي والمناطق المغلقة.
وهو نسيج مضاد للماء، لأن هذا النشاء غير ذائب، لا يسبب الحساسية ورخيص الإنتاج. وثبت أن هذا النسيج قادر على تحويل الرائحة الكريهة التي تنطلق عن الأبطين، وبين الفخذين، إلى رائحة عطرية نفاذة.
يذكر أن العلماء الأميركيين تحدثوا قبل فترة عن نسيج ليفي جديد استخدموا في صناعته عنصر «زيوليت» (السيليكات المائية) ويفترض أن يدخل عالم الطب قريبا.
وكتب العلماء في مجلة «كيمياء العناصر» أن النسيج يطلق جزيئات غاز أول أكسيد النتروجين ويساعد بالتالي على معالجة الجروح والقروح الجلدية.
ويمكن لضمادات أو جوارب مصنوعة من هذه الألياف أن تعزز انتشار الدم في المناطق المصابة، ترفع سرعة انتقال الإيعازات العصبية، وتقلل بالتالي زمن اندمال الجروح.
كما أنها مقاومة للبكتيريا والفطريات وتمرر ما يكفي من الأكسجين إلى الأنسجة الحية المصابة.
وجاء في أخبار عدد مارس (آذار) الماضي أن العلماء اليابانيين أنتجوا نسيجا يحتوي على فيتامين سي ويضمن تسرب جزيئات الفيتامين عبر الجلد إلى الدم.
وكتب العلماء أنهم يضمنون أن التي شيرت (الفانيللة) المصنوعة من هذه الألياف الدقيقة تحتوي على فيتامين سي أكثر مما تحتويه ليمونتان.
وأشاروا إلى أن الغسل المتعدد لن يقلل محتويات القميص من الفيتامين كثيرا، كما أن تسرب الفيتامين إلى الجسم يتم حال تماس النسيج مع الجسم في درجة حرارة طبيعية.
السويديون، الذين يعيشون في البرد القارس قريبا من القطب، وجدوا حلولا غير نسيجية لمشكلات طقسهم المتقلب بين برد قارس في الشتاء وطقس مشمس في الصيف. العلماء صنعوا بطانة للمعاطف والجاكيتات من كريات دقيقة من البارفين الذكي (الشمع) الممتص للماء.
وهذا الكريات توجد في حالة شبه سائلة، وعندما «تشعر» بأن جسم الإنسان تحتها بارد فإنها تمتص هذه البرودة، تتجمد، وتطلق حرارة تدفئ جسم الإنسان، ثم تعود إلى حالتها السائلة وتطلق البرودة في الصيف حينما يشعر الإنسان بالحر. فهي تضمن تحويل المعطف إلى دفاية متنقلة في الشتاء، وإلى ثلاجة موبايل في الصيف.
يبقى أن نقول أن بعض هذه الاختراعات، رغم أفكارها الجميلة وطبيعتها الطبية والخدمة، فإنها لا تحظى بتأييد العلماء.
فالأطباء ينصحون بتناول الليمون بدلا من لبس القميص الذي يطلق فيتامين سي، وينصحون بمزيلات الروائح بدلا من القمصان التي تعادل رائحة الإبطين.
ومعروف أن العلماء يحذرون من أن مجال الصناعة النانوية لم يسبر غوره بما يكفي، وهناك مؤشرات على أن الأنسجة التي تتعامل مع المواد الأخرى وتنتج بشكل ما كرات نانوية متسلسلة (خيوط نسيج) يمكن أن تتطاير من النسيج وتتسلل إلى الدم عبر الجلد.
إلا أن شركات صناعة الأنسجة تواصل أبحاثها لتحسين سمعة التقنية النانوية وتخليصها من العيوب التي قد تلتصق بها كما تلتصق البقع بالأنسجة.
وتقول غلوريا كانت، من شركة «ستاتيكس»، إن الشركة تبحث حاليا في حلول نسيجية أخرى للمشكلات الصحية والجمالية، إلا أن هذه المشاريع ما زالت أفكارا قد تتحول في المستقبل إلى حقيقة واقعة.
بين هذه المشاريع مشروع نسيج لصناعة جوارب نسائية طويلة تمنع نمو الشعر تحتها، وتخلص النساء من مشكلة جمالية عويصة.
كما يجري بحث إمكانية صناعة نسيج لسراويل الرجال الداخلية يحتوى على مادة شبيهة بالفياغرا لمساعدة الرجال الذين يعانون من مشكلات في حياتهم الجنسية.