هل حان الوقت لوضع أخلاقيات جديدة لحقوق الطفل عند الطلاق في الهند؟
ارتفاع عدد حالات الطلاق والنزاعات أمام المحاكم في الهند وفقا للقانون الهندوسي الوالد هو راع طبيعي للطفل بعد سن الخامسة، ولكن بموجب التشريع الإسلامي، فإن الحق الأول لرعاية الأطفال هو للمرأة ولا يمكن حرمانها من هذا الحق ما دامت لم تتم إدانتها بارتكاب سلوك سيئ.
دفعت الأم الابنة أنانيا، ذات الأعوام الـ7، كما لو كانت عصا، إلى زوجها السابق داخل غرفة زيارة الأطفال في إحدى محاكم دلهي.
وكان الزوج راغوبير سينغ، وهو طبيب، قد رفع قضية أمام المحكمة ساعيا إلى الحصول على حق رعاية ابنته التي تعيش مع أمها منذ انفصالها عنه. وخارج الغرفة، يسيطر الغموض على حياة أنانيا.
لقد أصبح هذا المشهد متكررا هذه الأيام في الهند، حيث زاد خلال الأعوام القليلة الماضية عدد الأطفال الصغار الذين يخطون خطواتهم الأولى داخل محاكم الأسرة، ويسمعون داخل المكان الكئيب كلاما حول الطلاق وحق رعاية الأطفال.
وتزداد النزاعات القضائية المرتبطة بحق رعاية الأطفال، ويرجع ذلك إلى رغبة الآباء في لعب دور أكبر في حياة أطفالهم.
ويشير بعض الخبراء إلى سبب واحد واضح وراء النمو المفاجئ في هذه القضايا، وهو زيادة عدد الآباء الهنود.
وعلى الرغم من أنه قبل عقد كان معظم الرجال لا يفكرون كثيرا قبل التخلص من الأطفال مع إنهاء الزواج، فقد ظهر بعد جديد يتعلق بالطلاق، حيث يرغب الآباء في تواصل أكبر مع أولادهم.
ويسعى كين غوش، المخرج في بوليوود، إلى الحصول على حق رعاية طفليه. ويقول غوش، الذي شهد عمله في مجال الإخراج مؤخرا تراجعا: «أحب طفلي، ولا أتحمل البقاء بعيدا عنهما.
أن أكون رجلا لا يعني أنني والد غير مسؤول. أريد أن أكون جزءا من الحياة اليومية لأطفالي». ويضيف أن معركة من أجل الحصول على حق رعاية طفليه لن تفشل على عكس ما حدث مع أفلامه.
والأمر نفسه حدث مع موكول ماهاجان (33 عاما)، وهو مصرفي بارز لديه طفلة تبلغ من العمر 4 أعوام وانفصل عن زوجته قبل عامين، ومنحت المحكمة حق رعاية الطفلة إلى الأم.
ويقول موكول: «بعد أن وافقت زوجتي (السابقة) على حقي في زيارة أطفالي مرة كل أسبوعين أصبحت لا تلتزم بذلك وتريد أن تعطي لابنتي اسم عائلة زوجها الجديد.
ولن أسمح بذلك، فهي ابنتي. كنت سأربي ابنتي أفضل من زوجتي السابقة، ولكن منحتها المحكمة حق الرعاية، وسأقف ضد ذلك مهما كانت التكلفة».
تتكرر القصة نفسها في مختلف المدن الهندية، فالخلافات على حق رعاية الأطفال تشهد نموا مضطردا، حيث يزداد عدد الآباء الذين يسعون إلى الحصول على حق رعاية الأطفال ويهتمون بمقدار أكبر بالأنشطة اليومية لأطفالهم، بدءا من غسل أسنانهم إلى تجهيزهم للذهاب إلى المدرسة وحضور اجتماعات مجالس الآباء.
ويوافق المحامي سميتا دوت على ذلك، ويقول: «ترى ذلك يحدث في كل مكان، بل قام عدد من الآباء بترك وظائفهم في الخارج وعادوا إلى هنا ليكونوا إلى جوار أولادهم».
ويقاتل الرجال من أجل ذلك داخل المحاكم. «شيء محبط أن تقاتل من أجل الحصول على حق زيارة طفلك بصورة دورية»، هذا ما قاله أب بدأ حياته مجددا داخل دلهي بعد أن ترك وظيفة مربحة في شيكاغو عندما انتقلت زوجته إلى الهند مع ابنتهما. ويضيف: «ماذا أختار؟ أحب طفلتي وأريد العيش إلى جوارها».
وخلال النصف الأول من عام 2009، تم رفع نحو 200 قضية تتعلق بحق رعاية الأطفال داخل مدينة مومباي وحدها، معظمها من جانب آباء.
ومع تزايد عدد الرجال الذين يجدون أنفسهم عالقين في إجراءات بطيئة ونزاعات قضائية مريرة من أجل الحصول على حق القيام بزيارات دورية لأطفالهم، قام بعض الآباء بتأسيس مؤسسة «أطفال في الوسط»، التي جذبت الآباء والأمهات الهنود المنفصلين من مختلف الأنحاء (ولكن تبلغ نسبة الرجال 90 في المائة) للدعوة إلى قوانين أفضل تنظم الزيارات الدورية للأطفال.
ويقول ميهول ميهيتا، وهو أب يعيش في مدينة مومباي وأسهم في إنشاء «أطفال في الوسط»: «يجب أن تنمو مبادئ المساواة داخل الهند أيضا، كما حدث في الولايات المتحدة منذ الثمانينات».
ومن غير المفاجئ أن يطرح الآباء الهنود الجدد الذين يناضلوا في نزاعات تتعلق بحق رعاية الأطفال الكثير من التساؤلات: ألا يجب أن يكون حق زيارة الأطفال حق أصيل؟ وأين يجب أن يحدث ذلك؟ وما الذي يحدد المصلحة الأفضل للطفل؟ وهل حان وقت وضع أخلاقيات جديدة داخل الهند تعترف بحاجة الطفل بعيدا عن حقوق آبائه؟
ويقول مهيتا: «علينا أن نقدم طلبات في كل مرة نحتاج فيها القيام بزيارة سواء كان ذلك من أجل عيد الميلاد أو اجتماعات مجالس الآباء أو للأقارب والأجداد كي يروا الطفل. شيء سيئ أن تتوسل كي ترى طفلك».
وغالبا من يتم الاستهزاء بقرارات السماح برؤية الأطفال من جانب الطرف الذي يرعى الطفل، وعادة ما تكون الأم داخل الهند.
ولا يمكن لمحاكم الأسرة المعاقبة على الاستهزاء، ومن ثم تمضي أشهر وأعوام قبل أن يتمكن بعض الآباء من رؤية أطفالهم مرة أخرى.
وبالنسبة لرعاية الأطفال، فإنه، وفقا للقانون الهندوسي، يوجد قانون الأقليات والرعاية الهندوسي لعام 1956 الذي يقول إن الوالد راع طبيعي، ولكنه نص على أن رعاية الطفل حتى سن الخامسة مع الأم.
ولكن، بموجب التشريع الإسلامي، فإن الحق الأول لرعاية الأطفال من نصيب المرأة ولا يمكن حرمانها من هذا الحق ما دام أنها لم تدان بارتكاب سلوك سيئ.
ويعرف حق الأم في الرعاية باسم «الحضانة»، وينظر إليه على أنه في صالح الطفل. ويلجأ المسيحيون إلى قانون الطلاق الهندي، الذي يطبق على مختلف الأديان، ويحتوي على نصوص تتعلق برعاية الأطفال.
وتقول أستاذة في إحدى الكليات البارزة في دلهي، لم ترد ذكر اسمها، إن استعداد الآباء والأمهات للقتال من أجل أطفالهم هو السبب في استمرار ذلك.
وتتذكر: «عرض علي تسوية الأمر، مع ضمان أني لن أتعرض لمضايقات إذا توقفت عن طلب رعاية ابني.
ولكني لم أكن أريد العيش في حالة من الخوف. وعلى أي حال، كان لي عملي الخاص وكنت مستقلة، وابني معي حاليا».
وتقول سوبا ساوني، وهي أم حرمت من طفلتها: «سمحت لزوجي أن يتولى رعاية ابنتي حيث لم يكن لدي دخل مستقل عندما طلب مني ترك المنزل بعد خلاف نشب بيننا.
ولكني أعمل حاليا (مدرسة) وأريد أن أرى طفلتي. وأشعر أني أقاتل وهناك شيء أتقوى به، ولم يحدث تقدم، ولكني مصرة على ذلك».
وتتشبث النساء العاملات داخل الهند برعاية أطفالهن، ولا يودون تقديم أي تنازلات فيما يتعلق برعاية الأطفال.
وفي حالة أخيرة، قالت امرأة تبلغ من العمر 28 عاما في معركة قانونية إنها تريد أن تكون ابنتها في رعايتها وحدها. وأضافت: «لا أريد أي شيء منه، أي شيء على الإطلاق».
وتقول أبارنا بات، الخبيرة في قضايا الأسرة: «بالتأكيد هنا مجموعة من الآباء الشباب يريدون قضاء المزيد من الوقت مع أطفالهم. ولكن تذهب الأمهات العاملات الشابات إلى المحامين وتقول إنهن لا تردن نفقة أو دعما للطفل، ولكن تردن الطفل وحسب».
وإذا لم يتفق الزوجان على تقاسم رعاية الأطفال بالتساوي أو بصورة مشتركة، تقوم المحاكم بمنح حق الرعاية إلى أحد الآباء.
ووسط الخلافات من أجل الحصول على حق الرعاية ينشأ الأطفال وسط مشكلات، ويؤدي ذلك إلى شعورهم بالعزلة وتعرضهم للعنف. وخلال الأعوام الأخيرة، اقتربت معدلات الطلاق داخل الهند من 6 في المائة.
وعند المقارنة مع إحصاءات دول أخرى مثل الولايات المتحدة والسويد والمملكة المتحدة، نجد أن هذا الرقم يدق ناقوس الخطر، ويشير ذلك إلى التغير المتسارع الذي طرأ على المجتمع.