أحذية «دوك مارتينز» تحتفل بعامها الخمسين .. الفكرة ألمانية والتنفيذ بريطاني

أكثر من 100 مليون زوج منها بيعت حول العالم منذ بداية تصنيعها، 250 موديلا صممت منذ البدء في تصنيع «دوك مارتينز» مزينة بزخارف مختلفة وملونة بألوان من الذهبي إلى الفوشيه.
أكثر من 100 مليون زوج منها بيعت حول العالم منذ بداية تصنيعها، 250 موديلا صممت منذ البدء في تصنيع «دوك مارتينز» مزينة بزخارف مختلفة وملونة بألوان من الذهبي إلى الفوشيه.

ما هي العوامل المشتركة بين فرقتي «مادنيس» و«كيور» البريطانيتين اللتين ذاع صيتهما في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، والنجم المحبوب روبرت باتنسون، والبابا جون بول الثاني، والدالاي لاما؟ صدق أو لا تصدق! جميعهم يرتدون أحذية الدكتور مارتينز.


أحذية دوك مارتينز الثقيلة، التي قد تبدو غير مناسبة لأي نوع من الملابس الرسمية أو حتى الرزينة، تستخدم معظم الألوان الزاهية في تصميمها، وارتبط اسمها بالعناصر المتمردة اجتماعيا في أوروبا خصوصا، وكذلك بفرق موسيقى الروك وحركة البانك في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.

على الرغم من ذلك فإن بعض تصميماته يرتديها الناس الذين لا ينتمون لهذه الفئات الاجتماعية بسبب متانتها.

وفي الوقت الذي وصلت فيه شركة الأحذية إلى عامها الخمسين، تستعيد ذكريات تحولها المذهل من شركة ألمانية صغيرة تصنع الأحذية الطبية إلى أحد رموز الموضة في بريطانيا، يرتدي أحذيتها المشاهير من الفنانين وزعماء العالم على حد سواء.

وجاءت نقطة التحول في عام 1959 عندما كان اثنان من الأطباء الألمان يسعيان لتسويق حذاء طبي مزود بدعامة في النعل، قام بتطويره أحدهما، كلاوس مارتينز، لمساعدته على التعافي بعد تعرضه لحادث أثناء التزلج.

فمن جهته، يقول مارتن روش الذي دون تاريخ الشركة: «كانت اللحظة الحاسمة في التحول هي اللحظة التي التقى فيها الطبيبان مارتينز، وفانك، بأسرة «غريغس» المتخصصة في تصنيع الأحذية - من خلال إعلان كانت مجلة بريطانية متخصصة قد نشرته».

 فيقول روش مؤلف كتاب «الدكتور مارتينز، قصة رمز»: «في ذلك الوقت كان الأمر يتعلق بحذاء طبي يباع في 80 في المائة من الأحوال إلى النساء الألمانيات اللاتي تجاوزن الأربعين.

وكان الطبيبان، وفقا لما ذكره الإعلان، يشعران بأنهما بحاجة إلى شريك، لأن أمامهما سوق كبيرة ومفتوحة».

وفي الأول من أبريل 1960 أنتج مصنع «غريغس»، الذي يقع في قرية وولاستون في وسط إنجلترا، أول زوج من أحذية الدكتور مارتينز.

ثم أطلق على موديل الحذاء، الذي صنع باللون الأحمر الداكن المزين بغرز صفراء، والذي يحتوي على ثمانية ثقوب صغيرة، اسم «1460»، وهو تاريخ ابتكاره.

وبدلا من أن يصبح المستهلك المستهدف هو النساء الألمانيات متوسطات العمر، أصبح الحذاء الجديد يستهدف الطبقة العاملة من البريطانيين، التي كانت تبحث عن بديل مريح ورخيص بدلا من الأحذية الجلدية القاسية التي تقدمها شركات الأحذية الموجودة في الأسواق.

 فيقول نيك رومونا، صاحب شركة الأحذية البريطانية، في منطقة كامدن بشمال لندن: «لقد كان أبي أول من باع أحذية الدكتور مارتينز في العالم. فنحن نبيع تلك الأحذية منذ مدة طويلة».

وأضاف: «لقد كان رائعا وقويا ومريحا، كما كان سعره متاحا لرجال الطبقة العاملة في بريطانيا.. كما أنه كان حذاء قويا وأنيقا بالنسبة للفئات الأخرى التي قررت ارتداءه مثل حركة (البانك)، وحركة (حليقي الرؤوس)».

وخلال سنوات قليلة أصبح حذاء «1460» من الإكسسوارات الضرورية للموسيقيين الذين يرغبون في مداعبة عواطف الطبقة العاملة بما في ذلك المغني بيت تاونسند من فرقة «ذي هو» والذي سار على خطاه عشرات النجوم.

فيقول روش: «عادة عندما تظهر ثقافة جديدة، فإنها تتخلص من رموز الثقافة السابقة. ولكن ذلك لا ينطبق على أحذية الدكتور مارتينز، حيث إنها مع حليقي الرؤوس والبانك والحداثيين، وغيرهم احتفظوا بها.

 وقد استمرت كرمز للموضة حتى وقتنا الراهن؛ وذلك لأن طراز أحذية الدكتور مارتينز يواكب موضة الشباب، ولذا فلن يختفي»، وأضاف رومونا: «تلقى تلك الأحذية إعجاب الجميع سواء كان ساعي البريد، أو طالبا بالمدرسة، أو ممرضة أو قاضيا».

ومن جهة أخرى اشترى مايكل الذي يعمل كطبيب حذاءه الأول، فيقول: «بحكم عملي أسير لفترات طويلة، ودائما ما كان حذائي يتهرأ ربما كل عام.

وكنت أريد الحصول على حذاء قوي، يمكنه التحمل لفترة طويلة، وتعد تلك الصفات من أهم مميزات حذاء الدكتور مارتينز».

وتضيف الألمانية سابينا مولر، في الأربعينات من عمرها، «لقد حصلت على أول حذاء من ماركة الدكتور مارتينز عندما كنت في السادسة عشرة من عمري وما زال سليما حتى الآن، كما أنني أحبه للغاية».

وقد تم بيع أكثر من 100 مليون زوج من أحذية الدكتور مارتينز منذ الإعلان عن أول حذاء قبل خمسين عاما وذلك على الرغم من ظهور نحو 250 موديلا آخر، مزينة بزخارف مختلفة وملونة بألوان من الذهبي إلى الفوشيه.

ولكن وفقا لمقتضيات العصر الراهن، أصبحت معظم هذه الأحذية تصنع في آسيا منذ عام 2002؛ حيث لا ينتج المصنع بوولاستون سوى خمسين زوجا فقط في اليوم، بما في ذلك موديل 1460 الكلاسيكي الذي يعكف على تصنيعه عشرة من العمال باستخدام الماكينات القديمة.

ومن جهة أخرى، أصبح المتجر في «كامدن» رمزا لشعبية الدكتور مارتينز العالمية. فيقول رومونا: «يتمتع المكان هنا بشهرة عالمية؛ فيأتينا عملاء من جميع أنحاء العالم؛ يريدون المجيء إلى هنا كي يرون أين بدأ كل ذلك.

حيث يأتينا الآباء والأبناء، خاصة من أوروبا، كان بعضهم قد اشترى أحذية الدكتور مارتينز من ذلك المتجر في السبعينات أو الثمانينات. ويضيف: «وأنا نفسي أفتخر بكوني الحفيد الأول للرجل الذي باع تلك الأحذية».