التفاؤل .. هل يقلل خطر حدوث أمراض القلب؟

النساء المتفائلات يعشن أكثر من نظيراتهن العدوانيات الساخرات
النساء المتفائلات يعشن أكثر من نظيراتهن العدوانيات الساخرات

تفترض الدلائل منذ زمن طويل أن العوامل النفسية في مقدورها التأثير على أخطار التعرض لمختلف الأمراض، والوفاة.


في دراسة حديثة تعتبر الكبرى من نوعها حتى الآن، أجريت للتدقيق في التأثيرات المحتملة لمشاعر التفاؤل، وكذلك للمشاعر العدوانية الساخرة أو المتهكمة cynical hostility، لدى النساء بعد عبورهن سن اليأس من المحيض، وجد الباحثون أن النساء المتفائلات تقل لديهن على الأكثر الإصابة بأمراض القلب، أو الوفاة لأي سبب من الأسباب؛ مقارنة بالنساء المتشائمات.

ووجدوا أيضا أن مستويات عالية من العدوانية الساخرة (أي حمل مشاعر عدوانية أو مشاعر عدم الثقة بالآخرين) تزيد من مخاطر وفاة النساء لأي سبب كان. ونشرت الدراسة في مجلة «سيركوليشن»، الصادرة عن جمعية القلب الأميركية (25 أغسطس 2009).

تفاؤل وتشاؤم
شملت الدراسة 97 ألفا و253 امرأة - 89 ألفا و259 منهن كن من البيضاوات، و7 آلاف و994 من السوداوات - كلهن بين أعمار 50 و79 سنة، شاركن في دراسة «مبادرة المرأة الصحية» Women>s Health Initiative، وهي دراسة طويلة المدى حول صحة نساء ما بعد سن اليأس من المحيض. في بداية الدراسة لم ترصد بين النساء محل الدراسة أي حالات لأمراض القلب أو السرطان.

وتم قياس التفاؤل بالاعتماد على استبيان استخدمت فيه عبارات مثل: «في الأوقات غير الواضحة، أنا أتوقع الأفضل».

أما العدوانية الساخرة فقد قيمت بواسطة استبيان آخر ضم تعبيرات مثل: «الأمان (السلامة) هو في ألا تأتمن أي أحد». كما جمع الباحثون أيضا معلومات عن الحالة الاجتماعية والاقتصادية للمشاركات، وتاريخهن الطبي، وعاداتهن الشخصية، ودرجة تعليمهن. وتمت متابعتهن على مدى ثمانية أعوام.

عموما، فقد ظهر أن النساء المتفائلات، مقارنة باللواتي كن من أقل المتفائلات، قل لديهن خطر حدوث النوبة القلبية بنسبة 16 في المائة، كما قل خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 9 في المائة، وقل خطر الوفاة بسبب أمراض القلب بنسبة 30 في المائة، وبنسبة 14 في المائة من الوفاة بسبب أي أمراض أخرى.

إضافة إلى ذلك، فإن أكثر النساء العدوانيات والساخرات، مقارنة بأقلهن عدوانية وسخرية، كن يعانين، على الأكثر، من ظهور السرطان بنسبة 23 في المائة أكثر، وكذلك بنسبة 16 في المائة أكثر للوفاة خلال فترة ثمانية أعوام من دراسة للمتابعة.

فروق عرقية
في بعض القياسات، ظهرت تلك الصلات بشكل أقوى لدى النساء السوداوات. فمثلا، لدى أكثر النساء المتفائلات كان خطر الوفاة لأي سبب أقل عند النساء السوداوات بنسبة 33 في المائة، مقارنة بنسبة 13 في المائة عند النساء البيضاوات، كما كان خطر الوفاة بسبب السرطان أقل بنسبة 44 في المائة عندهن (بينما لم يظهر أي تأثير للتفاؤل على خطر الوفاة بسبب السرطان لدى النساء البيضاوات).

أما النساء اللواتي كن من أكثرهن سخرية وعدوانية، فقد كان لدى النساء السوداوات ارتفاع بنسبة 62 في المائة في خطر الوفاة لأي سبب كان، مقارنة بنسبة 13 في المائة لدى البيضاوات، وزيادة بنسبة 102 في المائة في خطر الوفاة بأمراض القلب، مقارنة بنسبة 18 في المائة لدى البيضاوات.

وكذلك زيادة بنسبة 142 في المائة في خطر الوفاة بالسرطان، مقارنة بنسبة 18 في المائة لدى البيضاوات.

البحث عن برهان
النساء المتفائلات هن على الأكثر من اللواتي يتمتعن بدخل مادي أكبر، وأمضين أعواما أكثر في التعليم، ويمارسن عادات أفضل في نمط حياتهن، ومصابات بشكل أقل بأمراض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، ولديهن أعراض أقل للكآبة، مقارنة بالنساء المتشائمات. أما العدوانية الساخرة فقد ارتبطت بجوانب شخصية أسوأ.

 ومع ذلك، فإن الدراسة أظهرت وجود الصلات المذكورة آنفا، حتى بعد أخذ كل هذه العوامل المعقدة بعين الاعتبار.

وتعتبر هذه الدراسة مهمة في كونها قدمت ترابطا قويا، ولأنها أيضا اعتمدت على دراسة كبيرة طويلة المدى.

إلا أن هذا الترابط لا يعتبر برهانا على وجود سبب ونتيجة. ولذا يجب النظر إلى هذه النتائج على أنها نتائج أولية، وأن الأمر يتطلب إجراء بحوث أخرى لفهم ارتباط التفاؤل والعدوانية الساخرة بأمراض القلب والوفاة، وكذلك لفهم دور العرق البشري في التأثير على هذه الروابط.