أبرز ما نشر في المجلات العلمية للقلب خلال عام 2009
لعل الإنسان من أشد الناس حرصا على قلبه، إذ إنه يبذل الغالي والرخيص من أجله، أما العلماء والباحثون فيطالعوننا دوما بالأبحاث الحديثة وآخر المستجدات من أجل الصحة والرفاهية، وينيرون لنا الطريق إلى سلامة القلب بشكل خاص.
وفي ما يلي استعراض لأبرز ما توصل إليه الباحثون ونشر في المجلات العلمية للقلب خلال العام المنصرم 2009:
زيت السمك
إن كنت صحيح الجسم معافى في بدنك، تناول وجبتين من السمك الدهني يوميا، وإلا فعليك بتناول 500 ملغم من الحمضين الدهنيين EPA/DHA الموجودين في كبسولات زيت السمك.
هذا ما قرره الباحثون في دراسة نشرت في مجلة جمعية القلب الأميركية في شهر أغسطس (آب) 2009.
أما إذا كنت مصابا بمرض شرايين القلب أو عجز القلب، فعليك بتناول خمس وجبات من السمك في الأسبوع، أو تناول 800–1000 ملغم من الحمضين الدهنيين المذكورين والموجودين في زيت السمك.
وإذا كنت ممن يتناول أسماك السالمون أو التونة أو الماكريل أو السردين عدة مرات في الأسبوع، فلست بحاجة إلى تلك الكبسولات.
ويتساءل البعض:
كيف نصل إلى هذا المقدار من الحمضين؟
والجواب:
انظر إلى عبوات زيت السمك، واجمع ما فيها من مقدار هذين الحمضين EPA/DHA لتعرف المقدار المطلوب.
وقد شملت هذه الدراسة تحليلا لكل الدراسات العلمية التي نشرت خلال الثلاثين عاما الماضية في موضوع زيت السمك.
وأثبت الباحثون أن فوائد زيت السمك لا تقتصر على المرضى المصابين بأمراض القلب بل تشمل كل الأصحاء للوقاية من أمراض القلب والشرايين.
فقد شملت هذه الدراسات الأصحاء والمصابين بعجز القلب وجلطة في القلب، أو بتصلب في الشرايين، أو بالرجفان الأذيني.
ويقول الدكتور لافي من جامعة نيو أورليانز: «إن فوائد زيت السمك لا تقي من أمراض القلب فحسب بل تعالج عددا من هذه الأمراض أيضا».
وهو يعتقد أن «الأطباء لا يعرفون فوائد زيت السمك مثلما يعرفون فوائد مركبات الستاتين الخافضة بكولسترول الدم».
وقد أتت هذه الاستنتاجات من دراسات كبيرة شملت أكثر من 40 ألف شخص أعطوا كبسولات تحتوي على الحمضين الدهنيين الموجودين في السمك وهما DHA وEPA عند مرضى أصيبوا بجلطة في القلب أو بعجز في القلب، أو حتى عند الأصحاء.
وقد أكدت الدراسات أن تناول زيت السمك أو السمك بانتظام ينقص نسبة الوفيات أو معدل الموت المفاجئ بما يصل إلى 30 في المائة.
ويقول الدكتور «لافي» في خلاصة بحثه إن على الأطباء أن يفكروا جديا في وصف كبسولات زيت السمك لمرضاهم حيث إنها يمكن أن تقي من حدوث إصابة في شرايين القلب.
ولا ننسى دور زيت السمك المؤكد في علاج ارتفاع الدهون الثلاثية (التريغليسريد) في الدم.
هل يؤدي نقص الفيتامين «دي» في الدم إلى زيادة حدوث أمراض القلب أو الوفيات؟
سؤال أجابت عنه دراسة شملت 27 ألف شخص فوق الخمسين من العمر وقدمت في مؤتمر جمعية القلب الأميركية في نوفمبر 2009.
فقد تبين للباحثين أن أولئك الذين كان لديهم مستوى منخفض جدا من الفيتامين «دي» في الدم (أقل من 15 نانوغراما/ ملليلتر) كانوا أكثر عرضة للوفاة بمعدل 77 في المائة، وللإصابة بمرض شرايين القلب بمعدل 45 في المائة، وأكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية بمعدل 78 في المائة بالمقارنة مع أولئك الذين يتمتعون بمستوى طبيعي من الفيتامين دي (أكثر من 30 نانوغراما/ مليلتر).
وحتى في حالات النقص المتوسط الشدة في الفيتامين «دي» فإنه ترافق بزيادة الإصابة بمرض شرايين القلب، وعجز القلب، والسكتة الدماغية أو حتى الوفاة.
ولا يعرف بالضبط في الوقت الحاضر فيما إذا كان نقص الفيتامين «دي» هو السبب في ذلك. ولهذا فإن الحاجة ماسة لمزيد من الدراسات في هذا المجال.
وتجرى حاليا دراسات كبيرة لمعرفة تأثير الفيتامين (د) على القلب.
ومن المؤمل أن تعطي تلك الدراسات إجابة وافية خلال 5-7 سنوات من الآن.
وتشير إلى أنه ربما يكون من المفيد تناول 1000-2000 وحدة دولية من الفيتامين «دي» يوميا.
ولكن كيف يتم الحصول على تلك الكمية؟
هناك مصدران للفيتامين:
التعرض لأشعة الشمس وما تحتويه من أشعة فوق بنفسجية، والمصدر الآخر هو الطعام والكبسولات الحاوية على الفيتامين.
وأكثر الناس عرضة لنقص الفيتامين «دي» هم أصحاب الجلد الغامق، والذين لا يتعرضون لكمية مناسبة من الشمس بسبب اللباس الذي يرتدون، والبدينون، والحوامل والمرضعات.
ويعرّف المصاب بنقص الفيتامين «دي» بأنه من كان لديه مستوى الفيتامين في الدم أقل من 20 نانوغراما/ ملليلتر.
ويعتبر طبيعيا من كان مستوى الفيتامين عنده ما بين 30-60 نانوغراما/ ملليلتر.
ويعتبر المرء مصابا بزيادة الفيتامين (د) في الجسم إذا ما تجاوز مستوى الفيتامين 150 نانوغراما / ملليلتر.
ومن المؤسف أن يعتمد الناس على كبسولات الفيتامين، فالتعرض لمدة 5-10 دقائق للشمس في الصباح الباكر أو قبل الغروب يمكن أن يؤمّن كمية كافية من الفيتامين «دي» للجسم.
وينبغي التذكير بأن السمك يعتبر أحد أفضل مصادر الفيتامين، وربما كان التعرض لكمية قليلة من ضوء الشمس إضافة إلى تناول السمك عدة مرات في الأسبوع أفضل وسيلة لتأمين كميات كافية من هذا الفيتامين.
أما المصابون بنقص الفيتامين «دي» فيمكن إعطاؤهم هذا الفيتامين مرة في الأسبوع أو حتى مرة في الشهر.
وتظل النصيحة المثلى للوقاية من مرض شرايين القلب هي بالتوقف عن التدخين، وتناول طعام صحي، وتجنب فرط الوزن، والقيام بتمارين رياضية منتظمة.
الإفراط في الملح
ويأتي المزيد من الدراسات ليؤكد أن الإفراط في تناول الملح يزيد من خطورة حدوث السكتة الدماغية وأمراض القلب.
ونشير هنا إلى الدراسة التي نشرت في المجلة الطبية البريطانية في 24 نوفمبر 2009 مؤكدة أن زيادة تناول الملح بمقدار خمسة غرامات في اليوم عن المعدل المعتاد يزيد خطورة حدوث السكتة الدماغية بمقدار 23 في المائة، كما يزيد من خطورة حدوث مرض شرايين القلب بمقدار 17 في المائة.
ومن المعروف أن الإنسان في الغرب يتناول عشرة غرامات من الملح يوميا، وهو ضعف ما توصي به منظمة الصحة العالمية.
ولو ترجمنا هذه النسب بلغة الأرقام - كما يقول الباحث الدكتور «سترازلو» - فإن ذلك يمكن أن يعني حماية مليون وربع مليون شخص من الوفاة بالسكتة الدماغية، وثلاثة ملايين وفاة بمرض شرايين القلب.
وكان هؤلاء الباحثون قد أجروا تحليلا لكل الدراسات المنشورة ما بين عام 1966 و2008 في هذا المجال وشملت أكثر من 177 ألف شخص شارك في تلك الدراسات.
وكانت دراسات سابقة قد أكدت أن خفض تناول الملح بمقدار 6 غرامات في اليوم يؤدي إلى خفض ضغط الدم بمقدار 7/4 ملم زئبق، عند المصابين بارتفاع ضغط الدم.
النساء والكولسترول هل يزداد الكولسترول عند النساء في سن اليأس؟
أكدت دراسة نشرت في 15 ديسمبر 2009 في مجلة جمعية القلب الأميركية أن النساء في أواخر سن اليأس من المحيض، يرتفع لديهن مستوى الكولسترول الضار LDL.
وقد يكون هذا الأمر أحد أسباب زيادة حدوث مرض شرايين القلب عند النساء بعد بلوغ سن اليأس.
ولهذا ينبغي على النساء في تلك المرحلة أن يتجنبن زيادة الوزن، ويسعين إلى المزيد من الرياضة البدنية وأن يراقبن ما يأكلن.
محيط الخصر ومعدل كتلة الجسم.. ومستقبل القلب
في دراسة حديثة أجريت على 20 ألفا من الهولنديين ونشرت في المجلة الأوروبية لوقاية القلب في 7 ديسمبر 2009 أكد الباحثون أن محيط الخصر و«معدل كتلة الجسم» ينبئان عما يمكن أن يصيب القلب من مخاطر على مدى عشر سنوات.
ويمكن قياس «معدل كتلة الجسم» بتقسيم وزن الجسم بالكيلوجرام على مربع الطول بالمتر.
والمعدل الطبيعي هو ما بين 18.5 و24.9.
فقد ازدادت خطورة الوفاة من أمراض القلب أربعة أضعاف عند البدينين (معدل كتلة الجسم فوق 30 كلغم/ م2) بالمقارنة مع الطبيعيين.
وكان الأمر ذاته عندما تجاوز محيط الخصر عند النساء 88 سم بالمقارنة مع نسوة كان محيط الخصر عندهن أقل من 80 سم، أو عند من كان محيط خصره من الرجال 102 سم بالمقارنة مع ما دون 94 سم.
وهذا يعني أن ثلث حالات الوفيات من أمراض القلب كان سببها البدانة وفرط الوزن.
هل ينبغي على مرضى السكري تناول حبوب الأسبرين للوقاية من مرض شرايين القلب؟
أظهرت دراسة حديثة نشرت في أكتوبر (تشرين الأول) 2009 أن تناول حبوب الأسبرين لا يفيد في الوقاية من جلطة القلب عند مرضى السكري غير المصابين بمرض شرايين القلب.
هذه الدراسة قد أثارت جدلا بين الأطباء، حيث إن الجمعية الأميركية لمرضى السكري توصي بإعطاء الأسبرين لمن هم فوق الأربعين من العمر من مرضى السكري.
وكانت سبع دراسات علمية سابقة قد أظهرت عدم فائدة الأسبرين في الوقاية من مرض شرايين القلب عند مرضى السكري.
ونحن بانتظار نتائج دراستين كبيرتين في هذا المجال وهما دراسة ASCEND وACCEPT - D حيث ستنشر نتائجهما في عام 2014.
ولا بد من التنويه إلى أن الأسبرين فعال بلا شك في وقاية المصابين بمرض شرايين القلب من حدوث أزمات قلبية أخرى.
والأسبرين ليس دواء خاليا من المخاطر، إذ يعتبر أحد أهم عشرة أدوية مسببة للتأثيرات الجانبية، فقد يسبب النزف الهضمي عند نسبة ضئيلة من المرضى.
ولذا يجب استشارة الطبيب قبل البدء بتناول أي علاج مهما كان.