خبيرة الأفراح السعودية هبة البكري: العروس الخليجية صاحبة ذوق رفيع ومتميز
نشأت في بيت سعودي جداوي أصيل أتقن أفراده كيف يجمعون بين حب الفن الراقي والحس التجاري في عالم المال والأعمال، تلك هي المصممة السعودية هبة البكري، مايسترو النخبة في عالم تنسيق حفلات الزفاف للطبقة الراقية في المجتمع الخليجي.
درست البكري الفنون في جامعة سميث كولدج الأميركية للسيدات بولاية ماساتشوستس قرب مدينة بوسطن، وهي جامعة لها صيتها وتعرف أنها منبع خرجت منه العديد من الشهيرات، كنانسي ريغن.
وفي ثالث سنة أقامت بباريس مع عائلة فرنسية وانتظمت هناك في دراسة مجموعة من الدروس باللغة الفرنسية، وعقب الدراسة تزوجت وانتقلت إلى الإمارات للإقامة مع زوجها.
وتحكي أن أولى تجاربها مع عالم تنسيق حفلات الزفاف كانت تنسيق عرس أختها، الذي -كما قالت-: «نال استحسان جميع الحضور، بعد ذلك جاءتني إحدى صديقاتها وألحّت عليّ بأن أنظم حفلة عرسها.
أما انطلاقتي الحقيقية فكانت من البحرين بتنسيق حفل عرس لعائلة القصيبي. الحفلة ضمت أكثر من سبعمائة مدعو، لتتوالى سلسلة من الأعراس، إلى أن جاءتني إحدى الفتيات لتطلب مني أن أنظم عرسها في دبي».
عملت البكري بداية من المنزل نزولا عند رغبة زوجها، الذي كان يخاف أن تنشغل بالعمل عن أمور العائلة لكن الأمر تغير بعد ذلك، «فبعد النجاح الذي حققته، غير زوجي رأيه وقدم لي كل الدعم والإمكانات الكفيلة بإنجاح تصاميمي الخاصة».
أما أسلوبها، فيتميز بمزجها بين فن الديكور المنزلي وأفكار مبتكرة وجديدة في التنسيق مع إضافة بصمتها الخاصة، فقبل أي خطوة تخطوها تحرص على وضع مخطط هندسي دقيق لكل تفصيل لتصميمها على أرض الواقع، وتشرح البكري فائدة ذلك بقولها: «هذا المخطط لا يلهمني الأفكار بقدر ما يساعدني على تنفيذها بشكل صحيح، وعموما يستغرق هذا المخطط خمسة أيام متواصلة لوضعه، وما أحدثك عنه ستلمسينه لو شاهدت قاعة قبل وبعد تصميمها، فسأراهنك بأنك ستفاجئين وتصابين بالذهول لحجم التغيير».
وتشمل تفاصيل تنسيق حفلة العرس التعاون مع مهندسي الصوت والإضاءة، إذ إن لكل منهم خصوصيته، إضافة إلى العمل على تغيير ألوان الجدران والأرضيات وما تحويه القاعة من مفروشات إضافة للسقف ومسرح العروس.
فالتصميم على سبيل المثال يجب أن يراعي سهولة حركة المدعوين والعروس والقائمين على الخدمة، بالدرجة الأولى، إلى جانب مراعاة تقنيات الإضاءة التي يمكن أن تساعد على إخفاء ملامح المدعوات فلا يلاحظهن أحد، وهو فن قائم بذاته.
وتشكل التوعية بقواعد السلامة والتعامل مع الخامات المختلفة، مسألة هامة للغاية كأن تكون الإضاءة على بعد لا يقل عن ستين سنتيمترا، من الخامات المعرضة للاشتعال بفعل الحرارة العالية، وفي حال زينت الطاولات بالشموع يجب أن توضع داخل كؤوس طويلة وقاية للمدعوين من إحراق أيديهم خلال تناول الطعام مثلا، وهكذا.
وتؤكد البكري أن هذه الأمور الصغيرة يجب أن يتعامل معها منسق الأفراح بكل أمانة وجدية حتى لو لم يوفرها الفندق أو المعرض الذي يتم استئجار القاعة منه. وأخيرا وليس آخرا، ولكي ينجح كل ذلك، لا بد من العمل بروح الفريق.
وبالحديث عن الفروقات بين حفلات الزفاف في منطقة الخليج، توضح هبة البكري أن أفراح الإمارات والبحرين وقطر في معظمها تركز على المسرح الخاص بالعروس.
كما أن القاعة التي يتم فيها العرس تكون عادة هي قاعة الأكل، وهي كذلك نفس القاعة التي يسهر فيها المدعوون بصحبة أهل العروسين، «طبيعة المدعوين هنا لا تفضل التحرك من المكان الذي يأكلون ويسهرون فيه في ذات الوقت».
أما في السعودية، فلا بد أن تقام حفلة العرس في قاعتين، الأولى تضم مسرح العروس والكنبات أو الكراسي الخاصة بالمدعوين، على أن ينتقلوا في وقت العشاء إلى قاعة أخرى.
لهذا فميزانية الأفراح في السعودية أكبر، وتبعا لذلك يتضاعف حجم المجهود المبذول في تنسيق الحفلة، كما أنه يأخذ وقتا أطول، إلا أن مساحة الإبداع في الأفكار أرحب وأوسع أيضا. فهبة تحرص أن تكون كلتا القاعتين منسجمتين، وفي أحيان أخرى مختلفتين اختلافا كليا لكن في تناغم، خصوصا أنها، خلال عملية وضع التصميم، تأخذ في الاعتبار الذوق الخاص بالعروس وما ترغب أن تكون عليه القاعة.
لكن هذا لا يعني أنها تنصاع للفكرة دائما، فقد لا ينسجم التصميم المقترح مع طبيعة القاعة، مفسرة: «قد تأتيني العروس بصورة تصميم معين، وكوني درست مسبقا التفاصيل كافة الخاصة بقاعة الفرح فإنني أعمل على تطوير هذا التصميم وعمل الإضافات اللازمة عليه بما يتلاءم مع المكان. فمن واجبي كمنسقة فرح أن أشرح للعروس الطرق المثلى لتنفيذ ما تحبه على أرض الواقع، لذلك مسألة الثقة بكفاءة منسقة الأفراح مهمة للغاية من قبل أصحاب الفرح».
وتعتبر البكري نفسها حتى الآن محظوظة للغاية لأن معظم عميلاتها يأتين لها وهن واثقات تماما بالمستوى الراقي الذي ستوفره لهن. والأهم من ذلك، أن الشعار الذي ترفعه دائما في عملها هو عدم التكرار بتاتا في نمط تصميم حفلة الزفاف، فكل عروس تحلم بأن يكون احتفالها بليلة العمر خاصا، تتميز به عن الأخريات، وبالتالي فقد تصاب بخيبة أمل لو علمت أن تصميم حفلة زفافها نسخة طبق الأصل من حفل آخر.
وحتى تحافظ على مكانتها وتميزها، فإن عدد الأفراح التي تتولى هبة تنسيقها لا تتعدى الأربعة أفراح في السنة، لأنها -كما تقول- تعتبر كل حفلة تنظمها رحلة طويلة ومهمة، تبدأ أولى خطواتها قبل حفلة الزفاف بفترة لا تقل عن أربعة أشهر وبالطبع فإن هناك «مقادير» في كل فرح تتكرر بطبيعة الأمور كتغطية الجدران والشؤون التقنية المتعلقة بالصوت والإضاءة. وما يربط بين كل هذه الأمور هو اللمسة الفنية الخاصة بالمنسقة.
وتتابع أن أي حفلة زفاف بالنسبة إليها بمثابة لوحة فنية تعيشها بكل كيانها من الألف إلى الياء، ترسم خطوطها بكل ما يختلج في نفس الفنان التشكيلي من مشاعر متباينة مصدرها الرغبة الخالصة في أن تظهر قاعة الزفاف في النهاية كما هي تماما في أحلام بطلتها في ليلة العمر.
بالنسبة إلى التكلفة المادية للأفراح التي تنسقها البكري، فتبدأ من مليون ونصف مليون ريال سعودي، وتشمل كل ما يتعلق بتفاصيل الحفلة من تنظيم تقنيات الإضاءة والصوت وباقات الورد والمسرح، لكنها لا تنفي أن الأزمة المالية العالمية ألقت بظلالها نوعا ما على مجال عملها بنسبة أربعين في المائة، وإن كانت هناك عائلات لا تزال تسعى لتنظيم حفلات مميزة بنكهة غريبة ومختلفة.
وإذا كانت الأزمة قد أجبرت الناس على أن تزيد وعيها، بمعنى أن كل زبونة باتت تريد أن تعرف كل التفاصيل التي ستصرف عليها المبلغ المطلوب وتطالب بوضعه في المكان الصحيح، فإنها أيضا ساعدت على غربلة السوق من الدخلاء في هذا المجال. فدائما لا يصح إلا الصحيح وتبقى الاستمرارية للعمل الجيد.