الدليل الكامل لتشخيص وعلاج مرض التيتانوس (الكزاز)
خاص الجمال - عمرو لبيب
تعريف التيتانوس (الكزاز):
التيتانوس هو عدوى بكتيرية خطيرة، ويطلق عليه أيضاًً مرض "الفك المغلق Lock Jaw" أو "الكزاز" والذى يؤدي إلي تيبس في عضلات الفك والعضلات الأخرى، ومن الممكن أن يسبب تقلصات وتشنجات للعضلات، ويسفر عنه في نهاية الأمر إلي صعوبة التنفس ومن ثم وضع نهاية لحياة الشخص والموت.
جميـع أنـواع الجـروح حتى لـو بسيطـة تـؤدي إلـي الإصـابـة بعـدوى التيتانوس (جـرح عـادي - قطـع - جـرح عميـق) وتعـرف البكتـريـا التـي تنقل العدوى به باسم "كوليستريدم تيتاني -ClotriDium Tetani" وتوجد دائماًً في التربة، بالإضافة إلي مصادر أخرى عديدة، وإذا تمكنت هذه البكتريا من الجرح وفي غياب الأكسجين تنتج السموم التي تتخلل الأعصاب، والتي بعدها تسيطر وتتحكم في العضلات.
والعلاج الخاص بالتيتانوس متوفر ومتاح، لكنه يتم علي المدى الطويل وغير مضمون النجاح ويؤدي إلي الموت في غالبية الحالات علي الرغم من تلقي العلاج، والكزاز من الأمراض المعدية والخطيرة والتي قد تؤدي في كثير من الأحيان إلى الوفاة.
عن التدابير التشريعية المتبعة:
هو مرض ينبغي الإبلاغ عنه، والتطعيم ضده فعال جدا وهو إلزامي بداية من سن شهر.
النساء وتعرضهن للإصابة بهذا المرض:
يصيب مرض الكزاز الكبار وخاصة النساء علي الأخص في الصيف، وهؤلاء المرضى لم يحصلوا علي التلقيح، أو أن آخر تطعيم حصلوا عليه ضد الكزاز (التيتانوس) كان منذ أكثر من 10 سنوات، ومع هذا فإن مرض التيتانوس يكون نادرا في بعض البلدان المتقدمة مثل فرنسا بفضل التطعيمات المنتظمة والمتكررة.
كيف ينتقل الكزاز؟
إن عصية الكزاز تنبت في التربة وفي روث الحيوانات في شكل جراثيم مقاومة للغاية، يمكن أن تصيب جرح الجلد الناجم عن أدوات البستنة (وخاصة المعادن الصدئة أو حقن النباتات، وحتى اللدغات).
ويمكن أن يكون المزارعون ومربوا الماشية، في الحديقة، والمهنيين، وجميع الأشخاص الذين هم على اتصال مع الحيوانات، والفرسان وغيرهم عرضة لهذا المرض في البلدان النامية، وهذا المرض منتشر علي نطاق واسع، والمسافرين عرضة للمرض على نفس القدر، كما أن كل الجروح الجلدية قد تكون مصابة بعصية الكزاز.
تكزز العضلات (الانقباض المستمر):
فترة حضانة المرض (أي الفترة ما بين وقت وقوع الضرر وظهور المرض) تستغرق في المتوسط 15 يوما، والمكان المثالي للجرثومة للتطوير والإفراج عن السموم يكون في مجرى الدم.
السم الكزازي هو سم قوي يؤثرعلى التركيبة العصبية العضلية (العضلات والأنسجة العصبية)، ويؤدي إلى تكزز العضلة أي حدوث انقباضات لا إرادية، وتقلصات وتشنجات، عندما تتأثر عضلات التنفس يحدث اختناق ومن ثم يمكن أن تحدث وفاة.
في أغلب الأحيان يصيب الكزاز جميع أنحاء الجسم، ويمكن في بعض الأحيان أن تحدث التقلصات في منطقة الجرح فقط، وهناك علامة تدل على الكزاز هي (الكزاز الفكي) وهوعدم قدرة المريض على فتح فمه.
العلامات والأعراض:
1- تيبس في الفك والرقبة والعضلات الأخرى.
2- تقلصات مؤلمة للعضلات.
3- الإثارة والاهتياج.
4- تشنج عضلات الفك والرقبة.
وقد يعاني بعض الأشخاص من ألم وتنميل مكان الجرح، وبعضاًً من الشد العضلي في المناطق المحيطة بالجرح، لكن إذا انتشر السم ووصل إلي الأعصاب التي تتحكم في العضلات يحدث تيبس في الفك والرقبة وصعوبة في البلع، ونجد أن عضلات الفك والوجه هي من أكثر العضلات التي تتأثر بهذه التشنجات لذلك يشار بالتيتانوس علي أنه "مرض الفك المغلق".
ثم تنقل هذه التقلصات من عضلات الوجه أو الفك إلي باقي عضلات الجسم: الرقبة - البطن - وآخر مرحلة في هذا المرض هي تأثر عضلات الجهاز التنفسي محدثاً الصعوبة في التنفس، ولا يستطيع الإنسان النوم.
وتظهر أعراض المرض في خلال أيام تمتد إلي أسابيع عديدة من التعرض للجرح، وفترة حضانته من 8-12 يوماً.
دخول المستشفى إلزامي:
وينبغي دخول المريض المستشفى في وحدة العناية المركزة، وتوفير الدعم التنفسي لعدة أسابيع ضروري لأن خطر عضلات الجهاز التنفسي مع بداية الاختناق ممكن.
التطعيم وأهميته:
التطعيم هو الطريق الوحيد للحماية ضد هذا المرض القاتل، فالتطعيم ضد الكزاز يتمثل في مادة تشبه سم الكزاز، إلا أنها أقل سمية وهي "توكسويد الكزاز".
ويتصل "توكسويد الكزاز" مع الجسم الذي يدافع بالتالي عن نفسه من خلال إنتاج ترياق، يعتبر بمثابة الأجسام المضادة، وعند الإصابة بعصية الكزاز، سوف يذكر الجسم الملقح أنه كان على اتصال مع السم، ومن ثم ينتتج على الفور كميات كبيرة من الترياق من شأنها أن تحول دون عمل السم.
في فرنسا يتم تطعيم الأطفال في سن شهرين، وقبل هذه الفترة تتم حمايتهم عن طريق الأجسام المضادة من لقاح توكسويد الذي حصلت عليه أمهاتهم.
يتكون التلقيح من 3 حقن تفصلهما فترة شهر إلى جانب حقنة أخري، بعد سنة ثم كل 5 سنوات حتى سن 18 عاما، وإعطاء حقنة 10 سنوات هو أمر ضروري لحماية البالغين.
إذا كان أحد الكبار لم يتم تطعيمه نهائيا، ينبغي إعطاؤه حقنتين تفصلهما فترة شهر، ثم إعادة الحقن مرة واحدة بعد سنةوبعد ذلك كل 10 سنوات، مع العلم بأن التطعيم ليس له آثار جانبية.
حديثي الولادة والكزاز:
في البلدان النامية، يصاب الأطفال الرضع في بعض الأحيان بالكزاز بسبب سوء الأوضاع الصحية المحيطة بعملية الولادة، وذلك مثل: قطع الحبل السري بأدوات غير معقمة، أو متسخة بعصية الكزاز، والميكروبات الأخرى.
بالإضافة إلي عدم حصول الأمهات علي التطعيم، وبالتالي فليس لديهن أجساما مضادة للكزاز وأطفالهن سواء، لذلك فلا يكون لدي الطفل دفاعا ضد الإصابة بعصية الكزاز، وبالتالي يصاب بالتيتانوس ويتوفي علي أثر ذلك في معظم الأحيان.
في البلدان الأشد تضررا من هذه الآفة، من أهم أهداف مختلف المنظمات الدولية هو تحصين المرأة أثناء الحمل والولادة، وتدريب اللاتي يقمن بالتوليد والأمهات على توفير البيئة النظيفة للولادة النظيفة.
متي نلجأ إلي المشورة الطبية؟
1- نلجأ إلي الطبيب من أجل الحصول علي جرعات منشطة من تطعيم التيتانوس إذا كان الجرح عميقاً، أو إذا لم نأخذ جرعات منشطة منذ خمس سنوات.
2- أو لأخذ جرعة منشطة لأي جرح حتى ولو كان بسيطاًً إذا لم تأخذ جرعة منشطة منذ عشر سنوات، وأخذ هذه الجرعات المنشطة تساعد علي معادلة السم الذي يفرزه هذا المرض كما أنه يجنب الإنسان مشقة العلاج الطويل والتي لا تفيد في معظم الأحوال.
التشخيص الطبي:
يشخص الطبيب هذا المرض من خلال الفحص الجسدي، ومن خلال أعراض تقلص العضلات وتيبسها والشعور بالألم، أما الاختبارات المعملية فلا تستخدم في عملية التشخيص.
التحصين والعلاج:
تأتي صورة الإصابة بهذا المرض في بعض الأحيان بصورة معتدلة كما تقتصر الإصابة علي جزء واحد في جسم الإنسان، إذا قام الإنسان بتحصين نفسه بالتطعيم الجزئي ويمكن الشفاء منه في هذه الحالة بدون أي نوع من أنواع العلاج، لكن هذا النوع المعتدل غير شائع وإنما الصور الحادة منه هي المنتشرة والتي لا تخضع للعلاج وتنتشر سريعاًً في جميع عضلات الجسم وتؤدي في النهاية إلي الموت.
يتم العلاج بالطرق الآتية:
1- استخدام أجسام مضادة (Antibody).
2- استخدام مضادات السموم (Antitoxin) بالنسبة لمضادات السموم بوسعها فقط أن تعادل السم الذي لم يختلط أو يتخلل أنسجة الأعصاب.
3- أخذ تطعيم (Human Tetanus Immunoglobin).
4- مضادات حيوية عن طريق الفم أو الحقن.
ويحتاج هذا المرض فترة علاج طويلة في حجرة العناية المركزة، والغرض الأساسي من العقاقير المستخدمة تهدئة المريض وإصابة العضلات بالشلل، لذلك لابد من الاستعانة بجهاز تنفس صناعي، ومدة الاحتياج لجهاز التنفس تتراوح من 2-3 أسابيع لبعض الحالات، وقد ينجم عن هذا المرض الوفاة نتيجة لتقلص ممرات الهواء، أو الإصابة بالالتهاب الرئوي، أو خلل في الجهاز العصبي اللاإرادى.
والجهاز العصبي اللاإرادي هو جزء من الجهاز العصبي والذي يتحكم في عضلات القلب، والعضلات الأخرى التي لا يتحكم الإنسان في حركتها إلي جانب الغدد، وإذا تم الشفاء يترك المرض آثاراًً للشخص تلازمه مدي الحياة مثل: تشوهات في الجهاز العصبي، وظهور بعض المشاكل النفسية التي تحتاج أيضاًً إلي العلاج.
طرق الوقاية:
- يمكنك بسهولة شديدة تجنب هذا المرض بأخذ تطعيم وقائي، لأن المرض يصيب الأشخاص الذين لم يأخذوا تطعيمات وقائية أو جرعات منشطة علي مدي عشر سنوات.
- يعطي فاكسين التيتانوس للأطفال ضمن تطعيم الدفتريا والسعال الديكي (D T P) "دي.تي.بي".
- أما الكبار فعليهم بأخذ جرعة منشطة من التيتانوس كل عشر سنوات، وعند السفر أيضاًً لابد من أخذ جرعات منشطة.
- أما إذا تمت الإصابة بجرح وكانت آخر جرعة مر عليها خمس سنوات لابد من أخذ جرعة منشطة مع اتباع التعليمات الخاصة بطرق التطعيم الصحيحة لأن الحقن بالعدوى لا يمد الجسم بالمناعة فقط.
وعند الإصابة بالجروح يمكنك اتباع الخطوات التالية لحين أخذ الجرعة المنشطة:
1- وقف النزيف:
إن الجرح أوالقطع السطحي يتوقف نزيفهما تلقائياً، لكن إذا كان هناك نزيفاً حاداًً عليك بالضغط علي الجرح بضمادة أو قطعة قماش نظيفة، لكن إذا استمر الدم في التدفق بعد الضغط علي الجرح عليك باللجوء إلي المشورة الطبية علي الفور.
2- تنظيف الجرح:
ينظف الجرح بالماء المتدفق، ولا يحبذ استخدام الصابون لأنه من المحتمل أن يهيج الجرح، وإذا كانت هناك بعض الأتربة والحبيبات التى ما زالت موجودة في الجرح ولم تستجيب للمياه يمكنك استخدام ملقاط مطهر بالكحول للتخلص منها، أما الأتربة العميقة داخل الجرح فلا تحاول إزالتها بنفسك ولكن استشر الطبيب.
وتنظيف الجرح والأماكن المحيطة به يقلل فرص الإصابة بالتيتانوس، ويستخدم الصابون لتنظيف الأماكن المحيطة بالجرح، كما يمكنك الاستعانة بماء أكسجين أو يود، ومن الممكن أن تسبب هذه المواد تهيج للخلايا الحية لذلك من المحبذ عدم استخدامها علي الجرح مباشرة.
3- استخدام مضاد حيوي:
بعد تنظيف الجرح جيدا ً توضع طبقة خفيفة من كريم أو مرهم مضاد حيوي مثل: نيو سبورين (Neosporin) أو بوليسبورين (Polysporin) وهذه المضادات الحيوية تساعد علي بقاء الجلد رطباً، لكنها لا تعمل علي التئامه سريعاً، كما أنها تساعد علي محاربة العدوى، وتسمح لعوامل الالتئام بالجسم أن تعمل بكفاءة أكثر من أجل التئامه.
وتوجد مركبات معينة في المراهم تسبب طفحاًً جلدياًً عند بعض الأشخاص وبمجرد ظهوره يجب الامتناع علي الفور عن استخدامها.
4- تغطية الجرح:
تعرض الجرح للهواء يزيد من سرعة التئامه، لكن تغطيته تساعد علي بقائه نظيفا ً ولا يتعرض للبكتيريا الضارة، عليك بتغطيته بلاصق طبي (بلاستر) أو ضمادة حتى تمام تكون القشرة الخارجية.
5- تغيير الضمادات:
تغيير الضمادات يومياًً أو عندما تتسخ أو تصبح مبللة أمر ضروري ويصاب كثير من الأشخاص بالحساسية من بعض أنواع الضمادات والتي يوجد بها لاصق، ويمكنك الاستعانة بأنواع أخري غير لاصقة للتعويض عنها.
6- ملاحظة علامات العدوى:
استشر طبيبك علي الفور، إذا لم يستجب الجرح للعلاج أو إذا لاحظت إحمرارا، تورما، أو سخونة، أو رشح من الجرح.
تذكر جيدا:
الكزاز هو مرض خطير لأنه يصيب كبار السن في المقام الأول والمواليد الجدد في البلدان النامية والمريض الذي يعاني من مرض الكزاز قد أصيب من أداة البستنة، حيث كان ضحية لجرح الجلد المتسخ بطين الأرض قبل نحو 15 يوما، كقاعدة فإن هذا المريض لم يتلق التلقيحات المضادة في سن معين، بل ولم يحصل علي لقاح حتي الوقت الحاضر.
بفضل التلقيح الروتيني لجميع الأفراد كل 10 سنوات، أصبح مرض الكزاز مرضا نادرا.