ديزيري روجرز.. سكرتيرة أوباما للشؤون الاجتماعية تدخل دائرة الأضواء اللامعة
دارت الرؤوس داخل العاصمة من الإعجاب في يناير الماضي لدى وصول مسؤولة تنفيذية فاتنة بإحدى الشركات من شيكاغو تدعى ديزيري روجرز.
تتميز روجرز بقوامها الممشوق واهتمامها بالموضة، علاوة على قصة شعرها الجذابة وخزانة ملابسها التي تعج بأحدث الصيحات ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال التي نالتها من جامعة هارفارد.
وقد انتقلت روجرز إلى العاصمة نظرا لتوليها منصب سكرتيرة الشؤون الاجتماعية لدى البيت الأبيض، وسرعان ما حطمت الإطار الجامد لهذه الوظيفة.
سمحت روجرز بالتقاط مجلة «فوج» صورا لها، وظهرت في عرض «ثاكون» للأزياء في نيويورك، وسرعان ما اختارها قراء موقع «هفنغتون بوست» على الشبكة باعتبارها أكثر نساء المدينة أناقة.
وتعمل روجرز على استغلال خبرتها بمجال التسويق من أجل الترويج لأوباما وتوجهاته.
في إطار ذلك، نظمت مجموعة من المناسبات تضم مسابقة شعرية وحفلات لموسيقى الجاز والموسيقى الريفية، الأمر الذي ساعد في تحويل البيت الأبيض في ظل رئاسة أوباما إلى مركز حيوي للإبداع والثقافة.
الآن، تشارك روجرز داخل مركز حيوي آخر مختلف، حيث تشارك في الضجة التي تجتاح واشنطن حول اختراق زوجين من الراغبين في الشهرة وجذب الأضواء أفراد «الخدمة السرية» وحضور حفل عشاء رسمي في البيت الأبيض أقيم على شرف رئيس الوزراء الهندي.
من جانبهم، طالب أعضاء بمجلس النواب عن الحزب الجمهوري أن تدلي روجرز بشهادتها في هذا الخصوص أمام الكونغرس، الأمر الذي رفضه البيت الأبيض، معللا موقفه بمبدأ «فصل السلطات».
وفجأة، تحولت سكرتيرة الشؤون الاجتماعية لدى البيت الأبيض إلى أهم شيء لا يرغب أي مسؤول في البيت الأبيض إلى أن يصبح عليه، ألا وهو عنصر لتشتيت الانتباه.
إلا أن القضية حملت وراءها قصة ضمنية حول امرأة، مثلما كان الحال مع شخصية إيكاروس الأسطورية، طارت قريبا من الشمس.
الملاحظ أن النقاشات العامة سرعان ما تحولت إلى روجرز نفسها وما إذا كانت انتهكت قواعد غير مكتوبة تحدد ما ينبغي على سكرتير البيت الأبيض للشؤون الاجتماعية فعله وما ينبغي عليه تجنبه.
في هذا السياق، رأى البعض أنه كان ينبغي عليها ألا تشارك في مأدبة العشاء كضيفة. (نادرا ما كان يفعل من سبقوها في هذا المنصب ذلك). وكان عليها الامتناع عن استعراض أناقتها وفستانها من متجر «كوم دي غارسون».
ويرون كذلك أنه كان لزاما عليها أن تكون غير مرئية وبعيدة عن الأضواء، الأمر الذي لم تعتده روجرز من قبل.
في هذا الإطار، أعربت ليندا جونسون رايس، الصديق المقربة من روجرز والرئيسة التنفيذية للشركة التي تتولى نشر مجلتي «إيبوني» و«جيت»، عن اعتقادها بأن روجرز «أضفت بصمتها المميزة إلى العاصمة واشنطن، وهذه هي طبيعتها الحقيقية. لا أعتقد أن على المرء تبديل شخصيته لأن تلك هي ببساطة حقيقته».
باعتبارها سكرتيرة البيت الأبيض للشؤون الاجتماعية، تتولى روجرز مسؤولية الإشراف على جميع المناسبات التي تعقد داخل مقر البيت الأبيض، من حفلات الاحتفال برأس السنة وزيارات رؤساء الدول.
وتتحمل روجرز مسؤولية تنسيق العمل بين رؤساء الطهاة وموردي الزهور وفنيي الإضاءة والمساعدين العسكريين والموسيقيين.
وتتمثل مهمتها في تنفيذ رؤية الرئيس والسيدة الأولى، وتنظيم المناسبات الاجتماعية على نحو يعكس ذوقيهما وآرائهما.
من الممكن أن تنطوي هذه الوظيفة على مشقة بالغة، مع العمل لساعات طويلة والتعرض لمتاعب في الأقدام، مع ضرورة الاهتمام بأدق التفاصيل.
عندما كان رونالد ريغان رئيسا للبلاد، استضاف حفل عشاء لديانا، أميرة ويلز، وساورت الحيرة البيت الأبيض حيال من ينبغي أن يطلب الأميرة للرقص.
وعليه، اتخذ سكرتير البيت الأبيض للشؤون الاجتماعية ترتيبات هادئة مع الفرقة الموسيقية العسكرية لعزف أغنية من فيلم «ساتردي نايت فيفر»، بحيث يتمكن نجم الفيلم، جون ترافولتا، الذي كان من بين المدعوين، من الرقص مع الأميرة.
من جهتها، جاءت روجرز إلى العاصمة محملة بأفكار واضحة عن دورها الجديد المرتبط بعمق بقناعة أوباما غير المعلنة بأن البيت الأبيض ينبغي أن يعمل بمثابة «بيت الشعب».
تعمل روجرز مع السيدة الأولى. وعملت على دعوة موسيقيين متخصصين في موسيقى الجاز إلى حفل لستيف ووندر، وأشرفت على إعداد قائمة المدعوين إلى حفل الاحتفال بعيد الفصح.
كما جرت دعوة أفراد من أصول غير أيرلندية إلى الاحتفال بعيد القديس باتريك. وسمح لطلاب متخصصين بمجال الطهي بالتجول داخل مطبخ البيت الأبيض ومقابلة الطهاة.
في مقابلة لها في وقت سابق من العام، قالت روجرز في وصفها لفلسفة أوباما «ما الصورة والطابع الذي نوده للتجربة؟
نريدها أن تحمل طابعا شاملا ومتنوعا ويمثل الأميركيين من شتى الأطياف، علاوة على كونه احتفاليا وصادقا. وعليه، تجلس وتشرع في التفكير حول الصورة التي ينبغي أن تخرج بها مناسبة معينة».
وتوقفت لحظة، ثم قالت «ينبغي إضفاء صبغة أوباما المميزة عليها».
إلا أن واشنطن مدينة تعشق تقاليدها، وقد أثارت روجرز دهشة البعض بمحاولاتها تطويع هذه التقاليد لرؤيتها.
عندما أقام سابقوها بمنصب سكرتير الشؤون الاجتماعية في البيت الأبيض حفل غداء للترحيب بروجرز في وقت سابق من العام، قال أحد المشاركين إنها أدهشتهم بتلميحها إلى أن أوباما وأسرته يخططان لإقامة احتفال برأس السنة يخلو من طابع ديني ـ وهي فكرة لا تثير الدهشة لاعتبارها صادرة عن إدارة تبذل جهودا خاصة للتواصل مع أبناء الديانات الأخرى.
وبطبيعة الحال، تحولت المحادثة خلال حفل الغداء إلى ما إذا كان البيت الأبيض سيستعرض مجموعة التماثيل التي بحوزته وتصور مولد السيد المسيح، والتي عادة ما تحتل مكانا بارزا في «الغرفة الشرقية» من البيت الأبيض.
وأشار أحد المشاركين إلى أن روجرز أجابت بأن أوباما وزوجته لا ينويان عرض التماثيل في مكان بارز، مما أثار دهشة بعض الحضور.
(وأكد مسؤول بالبيت الأبيض أنه جرت مناقشات داخلية بالفعل حول إضفاء طابع أكثر شمولية على احتفالات رأس السنة وما إذا كان ينبغي استعراض هذه المجموعة من التماثيل).
إلا أنه في نهاية الأمر، فازت التقاليد، حيث يجري حاليا تزيين البيت الأبيض استعدادا لعطلة رأس السنة، وتحتل مجموعة التماثيل المجسدة لمولد السيد المسيح مكانها المعتاد في «الغرفة الشرقية».
في شيكاغو، حيث عملت روجرز رئيسة لشركة «بيبلز جاز» و«نورث شور جاز»، وهما شركتان خدميتان على المستوى المحلي، وتولت لاحقا رئاسة شؤون الشبكات الاجتماعية لدى «ألستيت فايننشال»، بالحفلات البراقة التي تقيمها وريادتها بمجال أحدث الصيحات في الأزياء.
خلال «معرض إيبوني للموضة» العام الماضي، ظهرت روجرز بفستان مثير من «بوتشي» تحت معطف من «فالنتينو»»، حسبما ذكرت «شيكاغو تريبيون».
لكن وراء هذا المظهر، هناك امرأة ذات فكر ثري، حسبما يؤكد أصدقاؤها. على سبيل المثال، ذكر توم باتريك، الرئيس السابق للشركتين الخدميتين سالفتي الذكر، والذي عملت روجرز تحت رئاسته، أنها كانت «ترتدي قبعة معدنية» وتنزل إلى الميدان مع العمال.
وأضاف أنها «تجمع بين القدرة على المشاركة في العمل اليدوي الشاق بجد والقدرة على الاختلاط بالأشخاص المناسبين».
في واشنطن، انهمكت روجرز في العمل، ففي غضون أقل من عام لها في وظيفتها الجديدة، نظمت روجرز بالفعل 170 مناسبة.
إلا أنه لم يكن أي منها رفيع المستوى وتاريخيا بنفس مستوى مأدبة العشاء التي أقيمت لرئيس وزراء الهند، وهي أول مأدبة عشاء رسمية يقيمها أول رئيس أميركي من أصول أفريقية، ونظمتها أول سكرتيرة للشؤون الاجتماعية في البيت الأبيض سمراء اللون.
دائما ما تكون مآدب العشاء الرسمية مناسبة لاستعراض زينات وأسلوب البيت الأبيض، لكنها تعد في الوقت ذاته مناسبات تحميها بروتوكولات صارمة. ومع ذلك، تمكن أوباما وزوجته وروجرز من تعديل هذه البروتوكولات.
الملاحظ أن المأدبة لم تقم في قاعة الطعام الرسمية، التي يبلغ عدد مقاعدها 140 فحسب، وإنما نظمت في ظل خيمة كبيرة في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، نظرا لتجاوز أعداد الضيوف 300 فرد.
وضمت قائمة الطعام مزيجا من الأكلات الهندية والأميركية المفضلة، مما يشكل خرقا آخر للتقاليد المتبعة، حيث حرصت معظم إدارات البيت الأبيض على الامتناع عن تقديم مأكولات هندية لأي وفد هندي، خوفا من التقصير.
مساء السبت قبل المأدبة الضخمة، تناولت روجرز العشاء مع صديقة مقربة لها في نيويورك، تدعى ميلودي هوبسون، وقالت إنها مضطرة إلى العودة سريعا إلى واشنطن صباح اليوم التالي لإجراء اختبار تذوق آخر للطعام.
وأضافت هوبسون «قلت لها «ديزيري، أتذكر أنك أخبرتني أنك قمت بتذوق الطعام بالفعل».
فأجابتني: «لا، لا، ميشيل ـ السيدة الأولى ـ طلبت مأكولات مختلفة، وأود تذوقها للتأكد من أنها ممتازة».
في الواقع، بدا كل شيء ممتازا طوال الأمسية. أثناء سيرها على البساط الأحمر أمام المصورين، قالت روجرز: «كل شيء يبدو في أحسن حال».
وسرعان ما أدرك روبين غيفان، المتخصص في شؤون الموضة لدى «واشنطن بوست»، المتميز بعين ثاقبة وقلم حاد، العلامة التجارية التي ينتمي إليها فستانها.
وسألها قائلا: «هل ترتدين من «كوم دي جارسونز؟» وأجابت روجرز: «بالطبع».
وأشار الحضور إلى أن روجرز جلست بالكاد خلال المأدبة. ومن بين الضيوف على مائدتها الممثلة ألفر وودوارد. إلا أن اختراق الزوجين ميشيل وطارق صلاحي الحفل شوها السمعة التي لطالما تمتعت بها بإتقانها عملها، وأجبر البيت الأبيض على مواجهة أسئلة حول أدائها وأسلوب إدارتها للعمل. وحتى الآن، تلقت روجرز دعما قويا.
في هذا الصدد، أعلن روبرت غيبس، السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، أن: «الأسرة الأولى راضية تماما عن أدائها».
أما روجرز نفسها فتقهقرت فجأة إلى الخلفية، حيث لم تعقد أي مقابلات، وأشارت الإدارة إلى أنها ستمضي في رفض الدعوات لإدلاء روجرز بشهادتها، حتى مع تهديد الجمهوريين باستصدار مذكرة إحضار بشأنها.
ويؤكد أصدقاؤها أنها منهمكة في عملها، خاصة أن البيت الأبيض يتوقع استقبال 50.000 زائر خلال موسم العطلة القادم، وأمام سكرتيرة الشؤون الاجتماعية الكثير من الحفلات لتنظيمها.