شركة «burberry » تتطلع إلى الإنترنت من أجل المزيد من العملاء
لا تزال أنجيلا أرنديتس تتذكر عندما اشترت أول معطف «بيربري»، كانت في الـ21 من عمرها حينذاك وقد فرغت للتو من دراستها في إنديانا، وكانت تتطلع نحو معطف أنيق لارتدائه لدى الذهاب إلى مقر عملها الجديد لدى شركة صغيرة تعمل بمجال الملابس الرجالي في نيويورك.
ولا تزال المعاطف المخصصة للحماية من المطر التي تنتجها «بيربري»، العلامة التجارية اللامعة بمحال الملابس ويرجع تاريخها إلى 95 عاما ماضية، المنتج الأفضل مبيعا للشركة.
وتأمل أرنديتس ـ التي تتولى حاليا إدارة الشركة ـ في الانتقال بهذه العلامة التجارية البريطانية إلى عصر شبكة الإنترنت سعيا وراء اجتذاب جيل جديد من المتسوقين.
الاثنين، أنجزت «بيربري» بناء موقع على الإنترنت لشبكة اجتماعية، artofthetrench.com، بهدف تشجيع الأفراد على التشارك في قصصهم المرتبطة بمعاطف الحماية من المطر الخاصة بهم.
ويعد هذا الموقع أحدث خطوة تقدم عليها أرنديتس والمدير المبدع العامل معها، كريستوفر بيلي، لاستغلال الإرث البريطاني للعلامة التجارية في التحرك في اتجاه أكثر حداثة.
وقالت أرنديتس: «إن هذا يشكل السمة المميزة لنا. ولا يختلف هذا الأمر كثيرا عما يفعله منافسونا. ربما تهتم جهة ما بالأحذية وأخرى بالأمتعة، أما نحن فنهتم بالمعاطف. وتتمثل مهمتنا في الإبقاء على هذه الفئة من المنتجات جذابة وأنيقة ومحل جذب لجميع الأعمار».
تعكس هذه الخطوة تحركا أوسع من جانب الشركات المعنية بالكماليات، والتي فشلت بوجه عام في التوصل إلى سبل لبيع منتجاتها عبر الشبكة العنكبوتية. في الواقع، نأى الكثير منها عن الإنترنت باعتبارها مكانا لا يجذب سوى الساعين لاقتناص صفقات تقوم على تخفيضات بالغة أو منتجات مقلدة.
الملاحظ أن المستهلكين في الدول المتقدمة، الذين يتسمون بالثراء وتقدم أعمارهم، شرعوا في تقليص مشترياتهم من الكماليات. وعليه، أصبحت الإنترنت سبيلا محتملا لنمو هذه الشركات.
من جهتها، كانت قد أعلنت شركة «سالفاتوري فيراجامو» عن خطط لإنشاء متجر على شبكة الإنترنت في أكتوبر من عام 2009، على خطى منافسيها الإيطاليين «برادا» و«بلجاري».
وشرعت شركة «فابريجيه»، التي ابتكرت الجواهر بيضاوية الشكل المعروفة باسم بيض «إمبريال إيستر»، في بيع مجموعتها الجديدة من الجواهر بصورة تكاد تكون حصرية عبر شبكة الإنترنت في سبتمبر.
من جهتها، سبق لأرنديتس، المتميزة بقوام ممشوق وشخصية كاريزمية وغالبا ما تحرص على ارتداء كامل ملابسها من «بيربري»، العمل لدى «دونا كاران»، والواضح أنها تحمل معها لمسة أميركية إلى الشركة التي تتخذ من لندن مقرا لها.
يذكر أن «بيربري» أخذ نجمها في الصعود على امتداد الجزء الأكبر من هذا العقد، لكن منذ توليها مسؤولية إدارتها منذ ثلاث سنوات، نجحت أرنديتس في تقليص التكاليف بقيمة 82 مليون دولار والتوسع داخل السوقين الأميركية والآسيوية، وفتحت متاجر منفصلة متخصصة في ملابس الأطفال.
كما أضافت إلى منتجات الشركة مزيدا من الحقائب والأحذية، بينها شنطة طراز «بينيتون» التي يصل سعرها إلى 6.200 دولار التي ارتدتها فيكتوريا بيكام، وعمدت إلى السيطرة بدرجة أكبر على التسعير من خلال فتح مزيد من المتاجر لحساب «بيربري».
وعليه، نجحت «بيربري» في تقديم مستوى أداء يفوق معظم منافسيها فيما يخص الخروج بسلامة من فترة «الركود الكبير».
وارتفعت مبيعات الشركة بنسبة 4.6% لتصل إلى 343 مليون جنيه إسترليني، بما يعادل 568 مليون دولار، خلال الشهور الثلاثة المنتهية بنهاية سبتمبر، الأمر الذي فاق توقعات المحللين. كما تضاعف سعر أسهم الشركة خلال العام الماضي.
على امتداد سنوات، جرى النظر إلى «بيربري» باعتبارها علامة تجارية محدودة ربما تشكل هدفا للشراء من قبل شركات أخرى مثل «كوتش» و«ريتشمونت» و«لوي فيتون».
إلا أن الزيادة التي شهدتها أسعار أسهم الشركة العام الماضي عملت كحائط صد جيد.
اليوم، تواجه «بيربري» تحديين: الحفاظ على الزخم في خضم الفترة حتى يستعيد فيها النشاط الاقتصادي عافيته بصعوبة، والعمل على ضمان عدم تأثير التحركات نحو التوسع بالسلب على العلامة التجارية.
وقالت أندريتس خلال مقابلة أجريت معها داخل مقر الشركة الشهر الماضي: «أهم شيء يحرمني النوم ليلا التفكير في كيف يمكننا الاستمرار في تطوير هذه المؤسسة من أجل البقاء في مكانة متقدمة.
كانت مهمتي دوما النظر إلى عامين أو ثلاثة في المستقبل والتدقيق في المستجدات والتنبؤ بما سيحدث».
الملاحظ أن الركود قسم منتجي السلع المرفهة أو الكماليات على ثلاثة أقسام: فريق يعتمد على نحو أكبر على مبيعات الحلي والساعات، مثل «بلغاري»، والذين تضرروا بدرجة أكبر عمن يبيعون الملابس والسلع الأقل ثمنا أو رفاهية. في الوقت ذاته، عانت الشركات المعتمدة على المتاجر التنويعية الكبرى من الضرر الأكبر، بسبب سيطرتها بدرجة أقل على الأسعار والمخزونات.
بعد انحسار بلغت نسبته 8% تقريبا هذا العام، من المتوقع نمو السوق العالمية للسلع الفاخرة البالغ قيمتها 226 مليار دولار مجددا العام المقبل حيث يحل المستهلكون الأصغر سنا والنساء العاملات محل المستهلكون من كبار السن باعتبارهم المجموعة الاستهلاكية الأضخم، طبقا لما أعلنته شركة «باين آند كمباني».
ويعد هذا أحد الأسباب الرئيسية وراء تركيز «بيربري» الآن على شبكة الإنترنت.
واعترفت أرنديتس أنها تستقي جزءا كبيرا من إلهامها من أطفالها الثلاثة، الذين يمضون كثيرا من الوقت في تصفح الشبكة العنكبوتية وشراء معظم ملابسهم من خلالها.
وأعربت عن فخرها بأن «بيربري» لديها أكثر من 699.000 معجب على موقع «فيس بوك».
وتجتذب الشركة عملاء أيضا عبر موقعي «تويتر» و«يوتيوب».
يذكر أن الشركة تأسست عام 1856 على يد التاجر البريطاني توماس بيربري.
وتحصل شركة «بيربري» على ثلثي عائداتها من الملابس، وذلك حيث قللت أريندتس إلى حد كبير اعتماد «بيربري» على منافذ التوزيع العامة، بعد أن طغى البيع المباشر بالتجزئة خلال العام الحالي على البيع بالجملة الذي كان أكبر قنوات المبيعات في الشركة.
ومن جهة أخرى، استفادت الشركة التي تنتج كذلك معاطف المطر في بريطانيا من ضعف الجنيه الإسترليني؛ حيث جذب ضعفه السائحين الذين يتعاملون باليورو من باقي أنحاء أوروبا.
ومن جهة أخرى، أعرب بعض المحللين عن قلقهم من اعتماد بيربري بشكل رئيسي على السائحين، بالإضافة إلى الأرباح التي حصلت عليها أخيرا من سعر الصرف الإيجابي.
ولتعزيز تلك الماركة، قسمت أريندتس الملابس التي تنتجها الشركة بطريقة أكثر وضوحا.
فهناك «برورسوم» التي تشتمل على الملابس النسائية الراقية، وملابس السهرة التي ترتديها بعض المشاهير مثل غينيث بالترو وليف تايلر.
بالإضافة إلى خط إنتاج بيربري التقليدي بلندن والمخصص للملابس الرسمية والملابس التي يمكن ارتداؤها كل يوم، كما أنها تقدم ملابس مريحة يمكن ارتداؤها في الإجازات الأسبوعية.
وكان خط إنتاج الأطفال ناجحا للغاية: حيث كان حجم الطلب الذي تلقته شركة بيربري خلال العام الحالي كبيرا للغاية حتى أنها واجهت صعوبات تتعلق بالوفاء بالإنتاج المطلوب منها، ومواعيد الشحن كذلك.
وبالفعل، فإن أصعب جزء في موازنة الميزانية هو أن تتمكن من التعامل مع النمو المتزايد للشركة.
فتقول كاثرين واين المحللة بمؤسسة إنفيستيك بلندن: «لديهم موازنة مالية تسمح بالتوسع، بينما تفتقر العديد من الشركات في ذلك المجال إلى ذلك، مما يعني أنهم يستطيعون حقا تحقيق استفادة عند تعافي السوق.
ولكن يجب أن تحافظ في الوقت نفسه على ذلك الإرث من التصميمات وعلى تفردك».
وقد استمر معطف المطر ـ الذي صمم لصالح الجيش الأميركي في عام 1914 ثم ارتبط بعد ذلك بشخصية أودري هيبورن في فيلم «موعد عند تيفاني» ثم بشخصية همفري بوغارت بفيلم «كازابلانكا» ـ منذ ذلك الوقت.
ويرجع الفضل في استمرار معاطف السهرة والفساتين القصيرة للمصمم البريطاني كريستوفر بيلي، 38 عاما، الذي كان يعمل كذلك مع أرينتدس بـ «دونا كاران».
وما زال تراث الشركة من التصميمات طاغيا على مقر القيادة الجديد لها، الذي يحمل الطراز الحديث الملون بالأبيض والبني.
فقد استطاعت أريندتس أخيرا إحياء الشركة التي تم تأسيسها منذ حوالي 108 أعوام، وشعارها الذي يتكون من فارس يحمل علما مدونا عليه كلمة «برورسوم»؛ وهي كلمة لاتينية تعني للأمام.
وهي الصورة التي تظهر على الجدران الزجاجية لصالة المدخل.
وفي الداخل، توجد صورة لإيما واطسون، الممثلة البريطانية الشابة التي شاركت في بطولة سلسلة أفلام «هاري بوتر» على جدار كامل وهي ترتدي معطف مطر يباع بسعر 1300 دولار أميركي. وإلى جواره، يوجد مكعب زجاجي يحمل صورا لمجموعة من أفضل تصميمات معاطف المطر التي تم بيعها على مدار السنوات.
وسعيا للفصل الواضح بين تصميمات الشركة المختلفة، تستعد الشركة لافتتاح أولى سلاسل منافذ التوزيع باسم (بيربري لندن) و(بيربري بريت) خلال الشهر الجاري والتي يتجاور مدخلها مع المبني الإداري الجديد للشركة بجادة ماديسون بمانهاتن.
كما أنها تجري محادثات مع شريكها لإضافة مكانا لمستحضرات التجميل خلال العام المقبل كما أنها تخطط لتقديم إكسسوارات للرجال مثل الحقائب والأوشحة.
يذكر أن أرينتدس قد جددت عقدها أخيرا وقالت إنها تخطط للبقاء في منصبها لبعض الوقت، مثلما ستستمر في ارتداء معاطف المطر كذلك.