بكين تعشق متجر «إيكيا» .. ولكن ليس من أجل الشراء !!
في متجر إيكيا في بكين، يدخل آلاف من الناس بدون غرض الشراء وتذهب بعض الأسر بعد الظهيرة إلى المتجر لا لشيء إلا بالطعام والنوم ومكيف الهواء البارد
في أحد أيام السبت، وبدون تخطيط مسبق، طلب زانغ شين من زوجته وابنه ووالدته أن يرتدوا ملابس أنيقة ويركبوا في سيارة الأسرة، كان من الممكن أن يأخذهم إلى المدينة المحرمة أو السور العظيم، ولكنه قرر الذهاب إلى مكان آخر شهير وهو معرض إيكيا للأثاث.
ودخلت الأسرة، بعد أن صعدت على سلم متحرك مرورا برجل مستلق على سرير للعرض ويمسك بكتاب مفتوح، ومجموعة من الزوار المزدحمين في الطريق إلى المعرض، وهم يدفعون عربات التسوق الصفراء.
وقال زانغ الذي يعمل مديرا في أحد المكاتب ويبلغ من العمر 34 عاما، إن الأسرة كانت تحتاج إلى الحصول على بعض الراحة وتناول وجبة الغداء: «لقد جئنا هنا للاستمتاع فقط، وأعتقد أنه كان من الممكن أن نذهب إلى أي مكان آخر، ولكنه لن يكون تجربة كاملة».
مرحبا بإيكيا في بكين، حيث يسود شعور بأنه متنزه أكثر من كونه متجرا.
وعندما افتتحت شركة الأثاث السويدية العملاقة أول متجر لها هنا في عام 1999، كانت تأمل في أن السكان المحليين سيتبنون أسلوبها الأوروبي، وبعد عشرة أعوام، كان ذلك ما فعله سكان بكين، ولكن ربما كانت هناك مبالغة.
وفي نهاية كل أسبوع، يدخل آلاف من المتفرجين بدون غرض الشراء إلى المعرض الكبير لاستخدام المعروضات.
ويستلقي بعضهم على الأسرة ويدخلون تحت الغطاء ليستغرقوا في النوم قليلا؛ ويحضر آخرون كاميرات ويلتقطون صورا لهم مع الديكورات، وتذهب بعض الأسر بعد الظهيرة إلى المتجر لا لشيء إلا الاستمتاع بمكيف الهواء.
ويبدو أن الزوار لا يستطيعون مقاومة التجديد الذي يعتبره الأميركيون أمرا مسلما به، مثل إعادة ملء أكواب الصودا مجانا وسعة أماكن الجلوس، ويحبون أيضا العاملين في المتجر الذين لا يمانعون أن يقفز طفل على أريكة.
ويبدو شراء أي شيء في «يي جيا»، كما يطلق على المتجر هنا، أمرا ثانويا.
ويقول ينغ بو (30 عاما)، والذي كان يبحث عن خلفيات مناسبة لالتقاط صورة لصديقته: «إنه المتجر الكبير الوحيد في بكين الذي لا يمنعك فيه حارس الأمن من التقاط الصور».
ويرجع نجاح المتجر إلى حد ما إلى توافقه مع روح العصر في العاصمة. ففي الفترة التي أصبح فيها امتلاك المنازل في المتناول وارتفعت فيها الدخول، يقدم متجر إيكيا أثاثا حديثا معقول الثمن لطبقة وسطى ناشئة تهدف لأن تكون من أصحاب الياقات البيضاء.
ولا يضر أيضا أن تلك التصميمات تبتعد عن التصميمات الفخمة الفرنسية التي يفضلها الأثرياء الأكبر سنا والفنادق الفخمة.
وتقول ليزي هو (25 عاما)، وهي خريجة جامعة انتقلت إلى بكين في مايو (أيار) من إقليم هيبي المجاور من أجل العمل في التدريس: «إن قيمنا تتغير. نريد أن نتميز بالحداثة. وأعتقد أن إيكيا تمثل أسلوب الحياة ذاك. وليس بالضرورة أن يحتاج الناس لشراء أثاثها، بل يريدون على الأقل أن يجربوه».
وكان تخيل الاحتمالات هنا هو أحد الأسباب التي دفعت باي يالين إلى قيادة سيارتها لمدة ساعة ونصف من شقتها لقضاء يوم في المتجر مع ابنها البالغ من العمر 7 سنوات وابنتي أختها المراهقتين. وتقول إنه كانت هناك بعض المساحات الأخرى في الداخل، حيث تستطيع أن تستمتع مع الأطفال مجانا بعد ظهيرة يوم صيفي مرهق.
وخططت باي للخروج لمدة خمس ساعات. أولا، تناولوا النقانق والمثلجات في الظهيرة. ثم استمتعوا بفترة راحة طويلة على الأسرة. وخلعت باي صندلها واستلقت على سرير ترومسو المكون من طوابق. واسترخت باي البالغة من العمر 36 عاما، بل وأخذت تجيب عن أسئلة المتسوقين المارة عن جودة المرتبة.
وقالت لشابة مشيرة إلى ورقة السعر: «إنها لينة ورائعة بهذا السعر».
وبعد ذلك، التقطت باي وأسرتها صورا جماعية. وفي الساعة الخامسة، حان وقت تناول وجبة أخرى، لذا توجهوا إلى الكافيتريا وتناولوا المشروم المشوي مع الأرز.
وقد اشترت باي وزوجها، الموظف في شركة تدفئة، أطباق وأكواب من إيكيا، ولكن ما يفضلانه بالفعل هو أن يتخلصا يوما ما من أثاثهما الصيني القديم وإحضار ألواح خشب حبيبي يصنعانها بأنفسهما.
وتقول باي: «لم نخطط اليوم لشراء أي شيء، فقط تناول الطعام والاسترخاء».
ووصل كثير آخرون بالنية ذاتها، وأحيانا كانوا يحضرون معهم كتبا للقراءة على مقعد بوانغ أو يحملون معهم لعب أطفال محشوة لكي يلعب بها أطفالهم على المراتب. ولا تعد وفرة أماكن الجلوس أمرا هينا بالنسبة لزوار منتصف النهار في دولة تعدادها 1.3 مليون نسمة، حيث يعد الحصول على مقعد في قطار الأنفاق أو الحافلة رياضة دموية.
وتكمن قوة المتجر في الكافيتريا. وتشهد ساعة الغداء منافسات على القدرة على التحمل. ويقطع العملاء الجائعون غرفة تناول الطعام حاملين صواني مليئة بالطعام ذهابا وإيابا، مستعدين للقفز على أول مائدة تصبح خالية.
ويتناول سكان بكين قدرا معقولا من كرات اللحم السويدية، ولكن يبدو أن أغلبهم يفضل تناول الطعام الصيني مثل اللحم مع التوفو.
وكانت فكرة تناول وجبة ممتعة وغير مكلفة هي ما جاءت بلو جينغ ووالدتها وشقيقتها وصديقها إلى إيكيا لأول مرة في أحد أيام السبت. وكانت المجموعة مسترخية في قسم الأريكة، يحمل كل منهم كوبا ورقيا أعادوا ملأه بالصودا مرة بعد أخرى.
وتقول لو (23 عاما): «لقد سمعنا كثيرا عن إيكيا، ولكننا لم نأت إلى هنا مطلقا. لقد أحببت البساطة هنا، وأحبت والدتي الطعام».
وعلى الرغم من إصابتهم بالإحباط، إلا أن مديري إيكيا يأملون في أن الزوار مثل لو سيتحولون في النهاية إلى مشترين. ولذلك لا يمنعون أي شخص من النوم. إنه وعد الطبقة المتوسطة في الصين الذي أحاط باستثمارهم هنا. وتملك الشركة الخاصة سبعة متاجر في الصين، على الرغم من أن هناك إشارات على عدم وجود أرباح بعد.
وتقول ليندا تشو، المتحدثة باسم الشركة: «إن المعرفة بالاسم التجاري رائع، ولكن المسألة هي كيف نجعل الناس تفتح محافظها وتنفق المال؟» عندما دخلت سلسلة محلات وول مارت وسلسلة محلات كارفور الفرنسية إلى الصين في التسعينات، اندفع الكثيرون إلى المتاجر الجديدة فقط للمشاهدة واللمس. وحاليا يتسوق ملايين من الصينيين هناك يوميا.
لقد أضافت إيكيا تحدي المقلدين. ويعرف أن بعض الزبائن الوقحين يأتون إلى المتجر ومعهم نجارون يحملون شرائط قياس لصناعة نسخ مقلدة من الأثاث المعروض. ويقول زانغ، مدير المكتب الذي جاء لزيارة المكان مع أسرته، إنه اشترى منضدة للتلفزيون وأريكة من مكان آخر تبدوان تماما مثل أثاث إيكيا.
وقال: «لماذا تنفق الكثير من المال بينما بإمكانك شراء الشيء ذاته بسعر أقل؟» ويلتقط آخرون صورا للمعروضات لتعلم كيفية تزيين منازلهم.
وتقول فان هاينيغ (29 عاما) وهي تتأمل كيفية تخزين كتبها وصورها: «لم أكن أعرف من قبل أنه في الإمكان تثبيت رف في الحائط، فدائما ما يتطلب الأثاث الصيني التقليدي خزانة ذات باب»، ويوجد أيضا مصورون هواة يستمتعون بجو المتجر، وبالنسبة لهم لا تبدو النزعة الاستهلاكية جيدة عبر عدسات الكاميرات.
وفي أحد الأيام جاءت مجموعة من خريجي الجامعة يرتدون زي التخرج لالتقاط صور لهم أمام ممرات الخروج، وكأنهم يسجلون اللحظة التي يدخلون فيها إلى عالم الطبقة المتوسطة.
وفي يوم آخر، جاء هي بينغ ومعه كاميرا سوني رقمية، يستخدمها في التقاط صور لمعالم الحداثة في بكين، وقد صور الاستاد الأوليمبي الذي يشبه عش العصفور، ومتجر أجهزة أبل في المركز التجاري، ثم صوب نظره نحو إيكيا.
وقال هي (23 عاما): «يوجد الكثير من الأشياء الرائعة هنا. لم أكن أعرف من أين أبدأ».
وقد التقط صورا لأصدقائه وهم يضربون بعضهم بعضا باللعب المحشوة. ثم تفقد المتجر بطريقة منظمة، وصور الأسرة والمطابخ، وكذلك النقانق الطويلة الموجودة في بار الوجبات الخفيفة.
وأرسل الصور على مدونته photo.blog.sina.com.cn/biohazardhp. وكتب تعليقا تحت إحدى الصور التي تظهر منتجات إيكيا: «لا أحتاج إلى شرائها لأن لدي الصور».