أجور نجوم هوليوود في أنخفاض بسبب ارتفاع التكلفة وقلة الأرباح

في أوقات الكساد، شركات الإنتاج هي التي بيدها الأمر، وعلى الرغم من أن مديري أعمال بعض النجوم يشعرون بالتذمر
في أوقات الكساد، شركات الإنتاج هي التي بيدها الأمر، وعلى الرغم من أن مديري أعمال بعض النجوم يشعرون بالتذمر

لم يحدث ذلك منذ وقت طويل، فقد انضم دينزيل واشنطن مؤخرا، إلى نادي النجوم الذين يتقاضون 20 مليون دولار أميركي، بعدما قضى سنوات طويلة في بناء مستقبله المهني، ولكنه اضطر إلى قبول تخفيض كبير في أجره، لكي يتمكن من الانضمام إلى أسرة الفيلم الجديد، الذي تنتجه شركة «فوكس» «لا يمكن إيقافه» بعدما هددت الشركة بتخفيض نفقات الفيلم لكي تتمكن من خفض التكلفة.


وكان دايفيد فينشر، يتقاضي أجرا يتراوح بين 8 ملايين دولار، وعشرة ملايين دولار عن الفيلم، بالإضافة إلى حصة معقولة من الأرباح الأولية، باعتباره واحدا من مخرجي الدرجة الأولى، ولكنه وافق على تقاضى أجر أقل، وعلى عدم الحصول على حصة من الأرباح، لكي يتمكن من المشاركة في فيلم سوني بيكتشرز الجديد «الشبكة الاجتماعية».

وينطبق الحال على فيلم «عشاء شماكس» بطولة ستيف كاريل، ومن إخراج جاي روش. وعلى الرغم من أن ذلك الثنائي يعد من أفضل المواهب الكوميدية، فإنهما لن يتقاضيا نفس الأجر المعتاد عن فيلم «باراماونت» الجديد. وعندما أخبرت جوليا روبرتس شركة «ديزني» بأنها لن تخفض أجرها لكي تقوم ببطولة الفيلم الكوميدي القادم «العرض» تخلت الشركة عنها وتعاقدت مع ساندرا بولوك، بأجر أقل مما كان معروضا على جوليا، ثم أصبح الفيلم من أكثر الأفلام الكوميدية نجاحا في الصيف.

ما الذي يحدث هنا؟ في هوليوود، عندما يجلس المدير التنفيذي لشركة الإنتاج للتفاوض مع مدير أعمال أحد الممثلين، أو المؤلف أو المخرج، فإن من أوائل الأسئلة التي يتم طرحها على طاولة التفاوض تكون: ما هو حجم نجاح عميلك؟

فإذا كان العميل قد ألف أو أخرج أو قام ببطولة أحد الأفلام الناجحة، أو حتى حقق نجاحا متوسطا لمرتين متتاليتين، فإن أجره يصبح أكبر. وما لم يكن الفيلم الذي شاركت فيه هو من الأفلام غريبة الأطوار قليلة التكلفة التي ينتحر فيها معظم الأبطال في نهاية الفيلم، فإن مستوى الأجر الذي تتلقاه يكون مضمونا.

فالأجر الذي كنت تتقاضاه يلتصق بك مثل الصمغ، وحتى إذا مني النجم بعدة خسائر، فإنه إذا كان نجما كبيرا سوف يستمر في تقاضي أجرا يتراوح بين 15 إلى 20 مليون دولار.

ولكن ليس بعد الآن، فقد تبخرت الأجور الكبيرة التي يتقاضاها الجميع، عدا ويل سميث، تبخرت تماما في الهواء، مثلها مثل صفقات المشاركة في الأرباح الأولي التي كان الممثلون الكبار والمخرجون المرموقون يتقاضونها.

ويوضح ذلك أحد المنتجين قائلا: «إن الأجور الثابتة والحصة في الأرباح الأولى قد تبخرت تماما، فشركات الإنتاج لم تعد تعقد مثل تلك الصفقات». وأضاف موضحا: «أصبح الأمر يتعلق بما يمثله الدور بالنسبة للفيلم.

وتقوم شركة الإنتاج بدفع الأجور الكبيرة إلى البطل أو البطلة، ولكن بخلاف ذلك فإن المواهب يتم شحذها، فالآخرون محظوظون لأنهم قد حصلوا على عمل».

وأصبح الشعار الساري في هوليوود هو: «النقد يساوي زيرو». فبدلا من صفقات الحصول على حصة من الأرباح الأولية، التي كان النجوم يتقاضونها بعدما يتصدر الفيلم شباك الإيرادات ويجمعون من خلالها أموالا طائلة، تعقد شركات الإنتاج حاليا صفقات لا يحصل فيها النجوم على حصة من الأرباح إلا بعدما تعوض شركات الإنتاج تكلفة الإنتاج وتكلفة التسويق.

وعلى الرغم من ذلك ما زال النجوم يحصلون على مكاسب غير متوقعة ـ جزئيا، لأن شركات الإنتاج تمنح حاليا النجوم جزءا أكبر بكثير من قيمة تسويق الفيلم على الشبكات التلفزيونية مما كانوا يحصلون عليه من قبل. ولكن النجوم لا يحصلون على تلك المكاسب إلا إذا كانت لديهم القدرة على المغامرة والرهان على نجاحهم وتحقيق النجاح بالفعل.

واسأل ميشيل باي، الذي قال إنه قد حصل على 80 مليون دولار من حصته في شباك الإيرادات (والتسويق) من فيلم «المتحولون». كما حصل المخرج تود فيليبس على مكاسب كبيرة من شركة «وارنرز» عن فيلم «ذكريات بغيضة» حيث كان قد تخلى عن جزء كبير من الأجر الذي يتقاضاه قبل العمل، في مقابل حصوله على حصة أكبر من الأرباح.

ولكن لا تنجح كل الأفلام نجاحا مدويا، حيث إنه وفقا للنظرية الجديدة (النقد يساوي صفر) التي تبنتها شركة «يونيفرس»، فإذا أخفق الفيلم أو كان أقل من المستوى المطلوب، فإن النجم لن يحصل على حصته الأولى من الأرباح.

فإذا لم تحصل شركة الإنتاج على الأرباح التي تغطي تكلفة الفيلم على الأقل، فإن النجم (عدا الأجر الذي تم تخفيضه بالفعل) يذهب خاوي اليدين.

ما السر وراء تغير العلاقة بين شركات الإنتاج والنجوم؟ وهل لهذا التغير تأثير طيب على صناعة السينما؟ هل له تأثير سلبي على النجوم؟ أو أنه مجرد علامة متأخرة على العقلانية المالية؟ استمر في القراءة:

في هوليوود، يدور كل شيء حول القوة، فعندما كانت صناعة السينما متوهجة، كان النجوم في القمة، فإذا لم توافق أحد شركات الإنتاج على الصفقة، فسوف يجد النجم شركة أخرى توافق على شروطه.

ولكن في أوقات الكساد، فإن شركات الإنتاج هي التي بيدها الأمر، وعلى الرغم من أن مديري أعمال بعض النجوم يشعرون بالتآمر، فإن النجم قد تأذى على الأرجح نظرا للطريقة التي يتم بها وضع الميزانية بشكل عام، فبشكل أساسي للفيلم تكلفة أولية وتكلفة متغيرة.

فالتكلفة الأولية هي تكلفة الإنتاج الحقيقية من استخدام المؤثرات الصوتية، إلى إيجار استوديوهات الصوت، إلى أجور طاقم العمل، حيث تعد هذه النفقات تكلفة ثابتة؛ سواء كانت أجور طاقم العمل، أو تكلفة التصوير اليومي، أو إيجار موقع التصوير، أو الأستوديو، أو أستوديو الصوت، أو شركات المؤثرات الخاصة، ولأنه لا يوجد من يرغب في حرمان الفيلم من قيمته الإنتاجية ـ التي تجذب الجمهور في الأساس ـ فلا أحد يستطيع أن يقول: «يجب إتمام تصوير الفيلم في 60 يوما بدلا من 80»، وبالتالي فإن شركة الإنتاج عندما تخبر المنتج بتخفيض 10 في المائة من ميزانية الفيلم، عليك أن تخمن من أين سوف يستقطعها؟ الجزء القابل للتفاوض: أجور النجوم.

ومن ثم فإن النجوم الذين كانوا يتقاضون 15 مليون دولار، أصبحوا يتقاضون عشرة ملايين فقط، كما أن المخرجين الذين كانوا يتقاضون عشرة ملايين دولار أصبحوا يتقاضون ستة ملايين دولار فقط.

كما أن المؤلفين الذين كانوا يعقدون صفقات من ثلاثة بنود تضمن حصولهم على مكاسب على أي تعديل يجرونه على النص، فإنهم أصبحوا يعقدون صفقة من بند واحد.

ويوضح أحد مديري الأعمال البارزين ذلك قائلا: «بالنسبة لمسألة الأسعار والحصص، فإن الجميع قد تأثر، فقد أصبح الأمر شديد القسوة، حيث تغير ميزان القوى تماما، وانتقل من جانبنا إلى جانبهم».

ويقول مديرو الأستوديو، إنه في الأيام الخوالي ـ أي قبل نحو خمس سنوات ـ كان الجميع يتمتعون بحالة الرخاء.

ولكن عاما بعد آخر، استمرت عائدات الـ«دي في دي» في الارتفاع؛ ففي سوق يتجه نحو الصعود، من السهل أن تكون كريما في منح حصص من الأرباح، حيث إنه كان هناك قدر كبير من الأرباح يمكن التعامل معه.

ولم يكن يضير شركة الإنتاج أن تثري النجوم، طالما أن الأمر ليس على حسابها. ولكن الزمن قد تغير.

يقول واحد من كبار المديرين التنفيذيين بشركات الإنتاج: «بعد عامين من إنتاج أحد الأفلام، كنت تنظر إلى بيان الأرباح والخسائر وكانت تبدو الأرقام دائما إيجابية أكثر مما كنت تتوقع. حتى الأفلام التي لم تكن تتوقع لها نجاحا مدويا، كانت تجلب قدرا معقولا من الأرباح. ولكن الأمر أصبح على النقيض من ذلك تماما، فعائدات الـ«دي في دي» أصبحت في انخفاض مستمر.

فعندما تنظر إلى أحد الأفلام بعد عامين من إنتاجه، تجد أن الأرقام لم تقارب حتى الأرقام التي كنت قد توقعتها وأنت تخطط للفيلم. فعندما تحقق شركة «ديزني» خسائر ربع سنوية متعاقبة، فإن ذلك دليلا حيا على أن صناعة السينما بأسرهـــا في خطر».