من هي كاتبة المرأة الجريئة نوال السعداوي التي فقدها الوسط الأدبي والثقافي اليوم؟
شهد الوسط الأدبي والثقافي المصري الكاتبة الدكتورة نوال السعداوي التي رحلت منذ قليل بعد صراع مع المرض عن عمر يناهز الـ90 عاما.
وعانت السعداوى (طبيبة وكاتبة وروائية مصرية مدافعة عن حقوق الإنسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص)، مؤخرا من أزمة صحية نقلت على إثرها إلى أحد المستشفيات، وكانت تعاني من صعوبة في بلع الطعام وهو ما اضطر الأطباء إلى تركيب أنبوب في المعدة لتسهيل البلع، نُقلت بسببها إلى أحد المستشفيات الخاصة.
لا تقف مكانة السعداوى كونها واحدة من ألمع وأشهر الكاتبات في تاريخ مصر الحديث، بل تعد إحدى أهم المناضلات في العقود الماضية، دفعت من حياتها ثمناً باهظا في سبيل استرداد مكانة المرأة والدفاع عن حقوقها.
حققت السعداوي شهرة عالمية، بعدما ذاع صيتها في كثير من المجلات العالمية، وتردد اسمها بين المرشحين لنيل جائزة نوبل في الآداب.
ولدت السعداوي في 27 أكتوبر عام 1931، لعائله تقليدية في محافظة بقرية كفر طحلة إحدى قرى مركز بنها التابع لمحافظة القليوبية، وكانت الطفلة الثانية من بين تسعة أطفال، تأثرت كثيرا من عملية ختانها في السادسة من عمرها.
تخرجت نوال من كلية الطب جامعة القاهرة في ديسمبر عام 1955، وحصلت على بكالوريوس الطب والجراحة وتخصصت في مجال الأمراض الصدرية وعملت كطبيبة امتياز بالقصر العيني، تزوجت في نفس العام من أحمد حلمي زميل دراستها في الكلية.
بدأت نوال الكتابة مبكرا، فكانت أول أعمالها عبارة عن قصص قصيرة بعنوان "تعلمت الحب" في عام 1957 وأول رواياتها "مذكرات طبيبة"عام 1958.
ويعتبر كتاب "مذكرات في سجن النساء" (1986) من أشهر أعمالها.
صدر لها أربعون كتابا أعيد نشرها وترجمت كتاباتها لأكثر من 20 لغة وتدور الفكرة الأساسية لكتاباتها حول الربط بين تحرير المرأة والإنسان من ناحية وتحرير الوطن من ناحية أخرى في نواحٍ ثقافية واجتماعية وسياسية.
في عام 1972 نشرت أولى أعمالها غير القصصية بعنوان "المرأة والجنس"، وكان من أسباب فصلها من وزارة الصحة.
ومن أعمالها أيضا، الوجة العاري للمرأة العربية وهو تحليل كلاسيكي عن اضطهاد المرأة في العالم العربي، تطرقت السعداوي خلاله لوصف ختانها وهي في سن السادسة، العملية التي تمت على أرض حمام العائلة بينما تنظر أمها وتبتسم وتضحك.
ومن أهم أعمالها "مذكرات طبيبة 1960"، "أوراق حياتي"، "مذكرات في سجن النساء"، "سقوط الإمام"، "قضايا المرأة المصرية السياسية والجنسية"، "تعلمت الحب"، "توأم السلطة والجنس"، "رحلاتي في العالم"، وغيرها.
اشتهرت السعداوي بآرائها الجريئة والمثيرة للجدل، حيث ترى أن النقاب من صور العبودية وضد الأخلاق والأمن، وأن الحجاب لا يعبر عن الأخلاق، متسائلة: لماذا تتحجب المرأة ولا يتحجب الرجل؟ بالرغم من وجود شهوة لكل منهما؟
وفي إحدى حواراتها أعلنت أنها ترفض فكرة تعدد الزوجات قائلة "إن تعدد الزوجات يخلق الكره بين الأطفال والزوجات كما يزيد من الحوادث، وأن تعدد الزوجات كذب، مؤكدة أن بلادا عربية مثل تونس منعته".
حصدت السعداوي العديد من التكريمات والأوسمة، منها جائزة الشمال والجنوب من المجلس الأوروبي عام 2004، وفي عام 2005 فازت بجائزة إينانا الدولية من بلجيكا في عام 2005، كما حصلت على جائزة ستيغ داغيرمان من السويد عام 2011.
لم تقف يوما مكتوفة الأيدي أمام الدفاع عن حرية المرأة، وكان آخر ما كتبته عبر صفحتها الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: "جريمتي الكبرى.. أنني امرأة حرّة في زمن لا يريدون فيه إلا الجواري والعبيد، ولدت بعقل يفكر في زمن يحاولون فيه إلغاء العقل، لا يستطيع رجُل شرقي أن يواجه امرأة أذكى منه. فما بالكم بالزواج منها! إن المجتمع لا يستطيع أن يعترف أن المرأة يمكن أن تتفوق وتنبغ دون أن تتحول إلى رجل، فالتفوق والنبوغ في نظر المجتمع صفة للرجل فحسب، فإذا ما أثبتت امرأه ما نبوغها بما لا يدع مجالا للشك اعترف المجتمع بنبوغها وسحب منها شخصيتها كامرأة وضمها إلى جنس الرجال، هل من الممكن أن يكون الشرف صفة تشريحية يولد بها الإنسان أو لا يولد؟".