بعد حدوث التحرش الجنسي.. كيف تتفادى الأزمة نفسيًا؟

التحرش الجنسي
التحرش الجنسي

انتشرت في الأونه الأخيرة، تعرض الكثير من الفتيات والسيدات للتحرش الجنسي باختلاف أسلوب التحرش، إلا أن الألم النفسي الناتج عنه يعتبر واحدًا، ولا يزول بمجرد انتهاء الاعتداء، ولكنه قد يمتد لسنوات عديدة، ويتم استدعائه بمجرد التعرض لموقف مشابه، وتعرف تلك الحالة بـ "التروما" النفسية، وفقًا لموقع "Psychology today".


ما المقصود بـ"التروما"؟

في علم النفس، تعني التروما الصدمة النفسية الشديدة التي تحدث بسبب التعرض لحادث مفاجئ وأليم يسيطر على الشخص، ويعجز عن كبحه، مما يولد الخوف والرعب الذي يسيطر على تفكيره وردة فعله.

وقد يتسبب ذلك في ظهور الكثير من الأعراض العاطفية الحادة، مثل القلق والتوتر والخوف، فضلًا عن بعض الأعراض الأخرى التي تصاحبها، وتستمر لفترات طويلة قد تمتد لسنوات.

التأثير النفسي للتحرش

لا ينتهي تأثير الصدمة بعد انقضاء حادثة التحرش، ولكن قد تعيش الفتاة في حالة من الصدمة المتجددة، عندما ييتم استرجاع الذكريات المتعلقة بتلك الحادثة، أو عند توافر المثيرات النفسية التي تجعلها تمر بنفس المشاعر التي عاشتها في تلك التجربة، حيث يعد التحرش الجنسي من أبرز الصدمات النفسية العنيفة التي تعاني منها الكثير من السيدات حول العالم.

وأبلغت امرأة من بين كل 10 نساء في الاتحاد الأوروبي عن تعرضهن للتحرش عبر الإنترنت منذ سن 15 عام، كما أشارت في دراسة ضمت بلدان متعددة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى أن ما بين 40 و 60 بالمائة من النساء تعرضن للتحرش الجنسي في الشوارع، وفقًا للتحديث الأخير لمنظمة الأمم المتحدة للمرأة في يونيو 2019.

مراحل التأثير النفسي للتحرش

توضح رجب أن تجربة التحرش الجنسي التي قد تتعرض لها السيدات والفتيات في الشوارع، ووسائل المواصلات، وأماكن العمل، أو الجامعات وغيرها، تظل من أسوأ الصدمات النفسية التي تمر عليهن خلال حياتهن، إذ تتعرضن لعدد من المراحل في التعامل مع الواقعة، وتختلف ردة فعل كل منهن إزاء ذلك العنف، وتتمثل تلك المراحل فيما يلي:

مرحلة الصدمة

حدوث فعل التحرش سواء كان لفظيًا أو جسديًا أو بأي أسلوب آخر، يصيب الفتاة بالصدمة، نتيجة عدم توقعها لذلك الفعل، وتختبر عدد من المشاعر بشكل سريع ومفاجئ ومتعاقب، حيث يغلب عليها الشعور بالخوف والرعب والتوتر والعجز، فضلًاعن الشعور بالظلم.

وبعض الفتيات اللائي يستطعن مواجهة فعل التحرش، أو التعامل مع المعتدي، قد لا تمر بالمراحل التالية، حيث أثبتت الدراسات أن السيدات والفتيات اللاتي يستطعن الدفاع عن أنفسهن ضد المتحرش، وأخذ أي إجراء ضد المعتدي، يشعرن بوطأة أقل من غيرهن ممن لا تقدرن على المواجهة.

وأشارت منظمة الأمم المتحدة للمرأة أن حوالي 80% ممن تتعرض للتحرش الجنسي، لا يفصحن عن الأمر، ولا يستطعن أخذ أي إجراء ضد المعتدي.

مرحلة اضطراب ما بعد الصدمة

بعدما تختبر المرأة المشاعر المختلطة والمتعاقبة بعد وقوع صدمة التحرش، تدخل في مرحلة أخرى جديدة تعرف بـ"اضطراب ما بعد الصدمة"، وعندها تشعر الفتاة بالظلم والقهر ولوم الذات، بسبب عدم القدرة على الدفاع عن النفس، أو أخذ أي إجراء ضد المعتدي، وقد تشعر بعدم الثقة في النفس، وتصاب ببعض الأعراض النفسية والبدنية، والتي تتمثل فيما يلي:

التوتر.

اضطرابات النوم.

اضطرابات الشهية.

الحزن.

العزلة الاجتماعية.

الاكتئاب.

رد الفعل العنيف.

وتختلف فترة مرحلة ما بعد الصدمة بين فتاة وأخرى، فقد تستطيع إحداهن تجاوزها بعد أيام أو أسابيع، بينما تغرق أخرى فيها لشهور طويلة، مع الشعور بالألم النفسي، ويرجع ذلك لطبيعة الشخصية والتركيب النفسي لها، ومدى قدرتها على تجاوز الأمر، إضافة إلى طبيعة الموقف نفسه، ومدى بعد أو قرب المتحرش من دائرة معارفها، فضلًا عن وجود دعم نفسي من المحيطين من عدمه.

مرحلة الذكريات

تشير استشاري الصحة النفسية والأسرية إلى أنه عندما يتم تجاوز مرحلة ما بعد الصدمة بكل قسوتها، تنتقل الحادثة إلى حقيبة الذكريات الأليمة، وتذهب للذاكرة بعيدة المدى، وبالرغم من ذلك، إلا أنها تسترجع ثانية بمجرد استدعاء الموقف، أو المرور بتجربة مشابهة، أو الحديث عن الموقف، أوعندما تتعرض فتاة أخرى لموقف مشابه، أو عند فضح أحد الجناة، أو استعراض موقف متشابهة عبر الشاشات.

وفي تلك المرحلة، عندما تبدأ الفتاة في استرجاع التجربة، قد تمر بنفس المشاعر التي مرت بها وقت وقوع الحادثة، وتشعر بنفس الخوف والقلق والذعر، ويختلف تقديرها لذاتها، وينتابها شعور بالكره والغضب واللوم، وقد ترسم بعضهن سيناريو آخر لتلك الواقعة في مخيلتها تستطيع فيه انتزاع حقها من الجاني.

ولا تمر جميع الفتيات أو السيدات اللاتي تعرضن للتحرش بتلك المرحلة، أو بنفس القدر، ولكن تخبر الكثير من الفتيات أنها من أسوأ المراحل التي تمربها، بسبب استعادة نفس الشعور مرة أخرى، بل مرات كثيرة تتكبد فيها مرارة الاعتداء.