عبد محفوظ يتمسك بمجموعة "الحالمة" ويحذر أسبوع روما أو الأنتقال إلى باريس
منذ انطلاقته وضع عبد محفوظ نصب عينيه العالمية وكان له ما كان. ترك بصمة في عالم الموضة والأزياء. بصمة استمدها من مهنة أمه وأخواته وصقلها بإصراره على التقدم لأنه «لا يرضى إلا أن يبدع في هذا المجال».
من فساتين السهرة الى فساتين الزفاف التي حملت عنوان «الحالمة» أي الحلم الذي يجسد حلم العروس في ليلة عرسها وحلم محفوظ في الوصول إلى العالمية.
تميز في تصاميمه التي يقول عنها إنها موجهة إلى نساء وثقن بها وينتمين إلى فئة اجتماعية معينة قادرة على شرائها لأن تنفيذها يتطلب مبالغ مرتفعة. وقد أجرت جريدة الشرق الأوسط معه الحوار التالي، الذى ننقله لزوار مواقع الجمال.
كيف خاض عبد محفوظ غمار عالم الموضة، ولماذا اختار هذا المجال؟
العائلة هي صاحبة الانطلاقة الأولى. كانت أمي وأخواتي يعملن في الخياطة، ثم احترفت أختي المهنة بشكل أكبر وعملت مساعدا لها في التصميم ووضع الأفكار الأساسية.
لكن بعد ذلك عملت منفردا، وقررت الانطلاق إلى العالمية، إلى أن حققت ما كنت أطمح إليه. الإطلالة الأولى كانت من ميلانو في عام 2001، ثم من روما في عام 2001. قبل ذلك كنت قد قدمت عروضاً في لبنان.
ما هي الصعاب التي واجهتها في بداية رحلتك في عالم الموضة العالمية؟
في عروضي الأولى تعرضت إلى الاستغلال ودفع مبالغ مادية هائلة، حتى إنني فوجئت في أول عرض لي في روما أنه لم يحضره سوى 15 شخصا بعدما كان يفترض أن يحضر 700 شخص، واكتشفت بعد ذلك أن الدعوات لم توزع.
ماذا تغير في تصاميم عبد محفوظ منذ بداياته إلى اليوم؟
أصبح للفساتين فلسفة خاصة لم تكن تتمتع بها من قبل، كما أنه صار لأسلوبي ثقافة تجمع الفخامة والرقي. في البداية كان الفستان عبارة عن تصميم جميل ليس أكثر، أما اليوم فدخلت التفاصيل الدقيقة في كل مكوناته من القَصة الجديدة ونوع القماش ولونه لتأتي النتيجة مجتمعة تصميماً متكاملا من كل النواحي.
وصرت قادرا أكثر على معرفة ماذا أريد، يساعدني في ذلك تطور الموضة العالمية بحد ذاتها. كل شيء تغير منذ 15 سنة إلى اليوم وصار بإمكاني الاطلاع أكثر والبحث بشكل أدق للاختيار بشكل أفضل.
ما الذي يميز تصاميم عبد محفوظ عن غيرها؟
التفاصيل تلعب دورا أساسيا في تميز تصاميمي، من أنواع الأقمشة وطريقة الدمج في ما بينها ودمج الألوان إلى القصات والتطريز والتجدد الدائم الذي أحرص على أن يكون سمة تصاميمي، من دون إغفال دور فريق العمل الذي يعمل معي وهو مؤلف من خمسة مصممين ومصمم سادس يتولى مهمة إدارتهم، إضافة إلى مجموعة من الخياطين وموظفين في الإدارة والتسويق يعملون جميعهم للارتقاء بالعمل الذي نقدمه.
كذلك فإن تواصلنا المستمر مع الزبونة لإرضائها له دور مهم، والأمر نفسه، ينطبق على العروس التي أحرص على إظهارها بأبهى حلة واختيار الفستان الذي يليق بها ويناسب شخصيتها.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل أننا نقدم لها ما يسمى خدمات العروس، يتولاه فريق عمل يرافقها أينما وجدت وفي أي دولة عربية، بل إننا نؤمن لنا مندوبين مهمتهم الوقوف على طلباتها في ما يتعلق بالفستان منذ اللحظة الأولى إلى يوم الزفاف.
لماذا «الحالمة»؟ ولماذا قررت أن تصمم سلسلة منها؟
تجسد «الحالمة» حلم عبد محفوظ، وفي الوقت عينه هو تكريم للعروس لا سيما أنني تميزت منذ بداياتي في تصميم فستان الزفاف.
وقد وصلت إلى «الحالمة 7» ولا أزال مستمرا في هذا المشروع الذي أقدمه من خلال جلسة تصوير تظهر فرادة كل فستان على حدة بين شهري أكتوبر (تشرين الأول) وسبتمبر (أيلول) من كل عام.
ألا تخاف من الوقوع في التكرار، لا سيما أن مصممي الأزياء يكتفون بتقديم عدد قليل من تصاميم فساتين الزفاف في كل موسم؟
خبرتي الطويلة جعلتني أعرف كيف أقدم كل فستان ليكون مميزا عن غيره بعيدا عن التكرار.
ما هي مصادر إلهام تصاميم عبد محفوظ؟ وعلى ماذا تعتمد في تصميم مجموعاتك؟
المخزون الذي أملكه من خبرتي في هذا المجال والقماش الذي يلعب دورا مهما وعشقي للفستان بحد ذاته، كلها أمور تجتمع لتصل بالتصميم إلى نتيجة متجددة ومتطورة في كل مرة.
أيضا أزور المعارض العالمية وأنتقي منها القماش المميز والجديد، الذي يكون كفيلا بتكوين صورة في عقلي عن الفستان الذي سأصممه.
وأحرص على أن يكون لكل موسم لونه الخاص وإذا تكرر هذا اللون فلا بد أن يطرأ عليه تغيير في تدرجاته.
أما فيما يتعلق بالقصة، فأحرص على أن أقدم في كل موسم أربع أو خمس قصات جديدة مستبدلا إياها بقصات أستغني عنها نهائيا في تصاميمي اللاحقة.
لماذا البقاء في روما لعرض مجموعاتك منذ عام 2001 وعدم الانتقال إلى باريس التي أصبحت عاصمة الموضة؟
عندي ولاء لروما وأنا مميز هناك وعضو في نقابة مصممي الأزياء الإيطاليين حيث أصبحت الرقم «الأول»، لذا لا أشعر في الوقت الحالي على الأقل، بضرورة في الانتقال إلى باريس لأكون مجرد رقم بين أرقام عديدة؟
ألا تظن أن من يملك الإمكانات والقدرات بإمكانه النجاح وإثبات نفسه أينما ذهب؟
هذا صحيح، ولا أستبعد فكرة الانتقال إلى باريس بتاتا، وصرت أفكر جديا في الموضوع، لذا سيكون عرضي لموسم خريف وشتاء 2010 في روما بمثابة ناقوس الخطر الذي سأدقه للإيطاليين، فإما أن يفتحوا لنا الأبواب للتوسع أكثر أو أتخذ قرار الانتقال نهائيا إلى باريس التي سأدخلها بقوة ومن الباب العريض وسأثبت نفسي فيها.
لماذا لم نر لغاية اليوم تصاميم للملابس الجاهزة من توقيع عبد محفوظ؟
أنا في صدد التحضير لهذا المشروع وسأطلقه قريبا، والاسم الذي عملت له طوال هذه السنوات هو لصالحي، إذ عندما أنطلق بهذا الخط لن أجد صعوبة في التسويق أو الانتشار لأن المرأة ألفت خط عبد محفوظ وتوجهاته.
أنتظر فقط الوقت والفرصة للانطلاق بقوة لا سيما أن المشروع مكلف ويحتاج إلى خطة جيدة وميزانية كبيرة على الصعيد العالمي.
هل تقبل بإجراء تعديلات على تصاميمك إرضاء لذوق الزبونة؟
لا يمكن للمرأة أن تتدخل في هذا الأمر، لأنني أنا الذي يعرف ماذا يليق بها وهي قصدت عبد محفوظ لترتدي من تصاميمه وبالتالي يجب أن تكون راضية عن عملي بمجرد أن تأخذ هذا القرار، ودوري هو الاستعانة بذوقها لأقدم لها التصميم الذي يليق بها ويناسب جسمها وشخصيتها.
ما رأيك في التقليد الذي يغزو الأسواق، خصوصا أن النساء يقصدن الخياطين لخياطة تصاميم المصممين الكبار؟ ألا يقلقك الموضوع؟
في البداية أخافني الموضوع لكني اكتشفت فيما بعد أن الأمر لا يستحق الخوف. ولم أعد أهتم به لأن العائلات الكبيرة وفية لعبد محفوظ ولأعماله، كما أن من يسرق فكرة غيره هو بالتأكيد يعاني مرضاً نفسياً، مع العلم أن هذا التقليد لا ينتج إلا نوعية سيئة دون المستوى المطلوب وغير قابلة للمنافسة.
وهذه الظاهرة لا يمكن القضاء عليها لأن ليس هناك من حماية فكرية تحمي أعمالنا وأنا لا أستطيع أن أحاسب لا من يخيط ولا من ترتدي.
هل تأثرت الموضة بالأزمة المالية العالمية؟ وهل لمست هذا الأمر من خلال تراجع نسبة المبيع لديك؟
لغاية اليوم لم ألمس هذا الأمر أبدا، بل على العكس، لاحظت أن نسبة المبيع ارتفعت، مع العلم أن المرأة صارت تتسلح بهذه الحجة في محاولة منها لتخفيض السعر.
لكنني في المقابل أرفض فكرة خفض الأسعار لأن من تدفع ملايين الدولارات لتنظيم حفلة عرس يجب ألا تبخل على فستان الزفاف، وأعتبر أن عملي من الأساسيات وليس الكماليات التي تأثرت بالأزمة المالية.
ما الفرق بين المرأة العربية والمرأة الغربية في اختيارها للتصاميم؟
أستغرب أحيانا كيف أن المرأة العربية تختار التصميم الغربي، بينما تختار المرأة الغربية التصميم الشرقي.
ما هي المشكلات التي تعانيها مع المرأة عندما تقرر الاختيار من تصاميمك؟
أبرز المشكلات هي تلك المتعلقة بالسعر، وهذا ما أواجهه بشكل عام مع المقربين من العروسين وليس مع أصحاب العرس أنفسهم.
أما فيما يتعلق باختيار التصاميم، فالمرأة أينما كانت صارت مطلعة على عالم الموضة وتعرف ماذا تختار وتثق بالمصمم الذي تقصده.
ما الذي يميز المرأة اللبنانية عن غيرها؟
بصراحة أقول إنني لم أعد أتعامل مع المرأة اللبنانية منذ سنوات عدة لأنها صارت إما تأخذ أفكار المصمم وتقلدها، أو تلجأ إلى استئجار الفستان بدل شرائه. والأمر نفسه ينطبق على فساتين السهرة والزفاف.
ألا تعتقد أن ارتفاع أسعار تصاميمك هو الذي يحول دون شرائها؟
هناك واقع يجب أن نتقبله وهو أنه من الطبيعي أن تكون تصاميمي موجهة إلى فئة اجتماعية معينة قادرة على شرائها لأن تنفيذها يتطلب مبالغ مرتفعة، في حين أن الفئة الاجتماعية الأخرى ستجد مبتغاها في محلات الألبسة الجاهزة.
ماذا تنصح المرأة في موسم ربيع وصيف 2009؟
أن تختار كل ما هو جديد ومميز من الألوان والأقمشة، وأن تقبل نصيحتي كمصمم أزياء عندما تقصدني، في اختيار ما يليق بشخصيتها ولون بشرتها وطولها وجسمها.
لماذا لا يزال لبنان بعيدا عن تنظيم أسبوع الموضة على غرار باريس وروما وهو البلد الذي يخرج منه أهم مصممي الأزياء؟
حاولنا مرات عدة وفشلنا، لأن المشكلة في لبنان هي عدم تضافر جهود المصممين، لأن الغيرة هي التي تتحكم في علاقاتهم إلى جانب المشكلات المادية.
فهم لا يواظبون على دفع الاشتراك السنوي الذي لا يزيد على 200 دولار فيما يدفعون أكثر من 7000 دولار للمشاركة في أسبوع موضة في دول أخرى.
ما مشاريع عبد محفوظ؟
بعدما قدمت «الحالمة 7» ومجموعة ربيع وصيف 2009 في روما، سأشارك في «the Arabian fashion world» الذي سينظم في لندن في 6 أبريل المقبل لعرض مجموعة ربيع وصيف 2009، ويجمع هذا الحدث مصممين عرباً من كل الدول العربية وسأكون المصمم اللبناني الوحيد المشارك فيه.
كيف تمضي أوقات فراغك؟
أصبحت مكبلا بحياتي العملية وهموم مهنتي لأنني أحرص على الاستمرار والنجاح. لكن رغم ذلك أعطي حياتي الشخصية جزءا من وقتي أمارس خلاله الرياضة وأهتم بابني وابنتي.
ألم يرث ابنك أو ابنتك مهنة تصميم الأزياء منك؟
لغاية الآن لا، مع العلم أن ابنتي بدأت بدراستها ثم عدلت عن الموضوع، أما ابني حسان فسيتولى مهمة إدارة قسم الملابس الجاهزة عند انطلاقته، لكن ينتابني شعور عميق أنهما سيعودان إلى هذه المهنة ولو بعد حين.