سعوديات خائفات من عدم تسجيل ابنائهن بعد ارتباطهن بـ"زواج مسيار"
رغم إجازة مجمع الفقه الاسلامى زواج المسيار ووضع الضوابط والشروط له التي تحفظ حقوق الزوجة والابناء حسبما ذكر العديد من العلماء الذين أجازوا هذ الزواج غير أن الكثير من الحالات في السعودية شهدت قصصا مؤلمة وصعبة ولاسيما للابناء إذ تنكر بعض الازواج لأطفالهم ولم يستخرجوا شهادات ميلاد لهم وهو مايهدد مستقبلهم، وتأتي هذه الحالات في السعودية لتتشابه مع حالات وقضايا في عدة دول عربية أخرى ينتشر فيها أنواع من الزواج غير مقيدة في السجلات الرسمية لتلك الدول.
وفى حين يطالب البعض بضرورة توثيق زواج المسيار فى المحاكم لضمان حقوق الابناء على وجه الخصوص يرى البعض الاخر انه لايختلف عن الزواج العادى على الاطلاق.
"مجهولو الهوية"
وتعد قصة سوسن الحازمي "مثالا مؤلما" لتنكر الآباء لابنائهم من زواج المسيار، وتروى سوسن حكايتها قائلة: " نتيجة ظروفي الخاصة اضطررت للزواج عن طريق المسيار، ورزقت من زوجي بثلاثة أبناء أكبرهم عمره ثلاث سنوات، والأصغر عمره 7 أشهر، لكن المشكلة تكمن في أن زوجي يرفض تسجيل الأبناء واستخراج شهادات لهم بحجة أنه يخشى من افتضاح أمرنا لدى أسرته وزوجته بينما أصر أنا على استخراج الوثائق اللازمة ولازالت المشكلة موجودة".
وتوضح الحازمي أنها لجأت إلى المحكمة الشرعية ولجنة حقوق الإنسان ومع ذلك ظل زوجها يرفض استخراج وثائق لأبنائنا والذين لازالوا مجهولي الهوية حتى الآن.
خوفا من طليقها
وفي التقرير الذي اعدته الزميلة فاطمة مشهور ونشرته جريدة "المدينة" السعودية، تقول إحدى السيدات (أروى. ز) أنها لجأت إلى زواج المسيارلخوفها من أن يأخذ طليقها السابق طفلها الوحيد الذي لم يتم سبع سنوات من عمره، "وبعد عام من الزواج قررنا الانفصال لوجود خلافات عميقة فما كان من زوجي إلا أن هددني بأنه سيفضح أمري للزوج السابق إن لم أدفع له مبلغاً من المال وهكذا وجدت نفسي مضطرة لدفع مبلغ كبير حتى لايفضح أمرنا".
أما (بثينة.ع.ع) التي لا يتجاوز عمرها الثالثة والعشرين وتحمل شهادة جامعية فتبرر لجوئها زواج المسيار بخوفها أيضا من أن يأخذ طليقها ابنته الوحيدة (4سنوات) لكن المشكلة تكمن "حين حدوث أقل مشكلة بيني وبين زوجي حيث يقول لي ( لولا أنك مطلقة لما تزوجتيني سراً أو أن أهلي قرروا التخلص مني بهذه الطريقة من الزواج)".
وتختلف قصة (فاتن.ح. غ) وعمرها 31 عاما، حيث كان زواجها كما، تقول، ثمرة حب، "ولكن زوجي أخبرني أنه لن يتمكن من فتح منزل لي ويفضل الزواج سراً حسب قوله لأن أسرته تود أن يتزوج بإحدى بناتها ونتيجة حبي له قبلت الزواج منه عن طريق المسيار".
وتردف بأسى: "بعد ستة أشهر علمت بأنه متزوج من اثنتين أخريين عن طريق المسيار وهما تقيمان مع أسرتيهما مثلي تماماً وقد سبق له أن تزوج بثلاث أخريات عن طريق المسيار".
علماء أجازوه ولم يرغبوا فيه
ولدى سؤال أفنان تلمساني أستاذة الشريعة بجامعة أم القرى، عن رأيها فيما يتعلق باعتراض البعض على اجازة زواج المسيار، تجيب: " لعل ما غفل عنه الكثير أنه عندما يقول العلماء عن شيء إنه جائز فلا يعني هذا الحث والترغيب فزواج المسيار جائز من حيث توفر الأركان والشروط وهذا ما قاله مجمع الفقه إلا أن مجمع الفقه لم يرغب فيه ولم يدع النساء والرجال أن يطبقوه بل وجدنا كثيرا من العلماء مع قولهم بجوازه كرهوا ونصحوا الناس أن لا يقدموا عليه لاثاره التي قد تضر بالزوجين أو أحدهما أو بالأبناء المولودين من مثل هذا الزواج ولكن لا يعني ذلك أن مثل هذا الزواج قد لايكون في صالح بعض النساء المحتاجات إليه لسبب أو لآخر".
واضافت تلمساني: " إن الحملة الشعواء التي قامت بها بعض الأخوات ضد هذا الزواج حتى سماه البعض بأنه نوع من الدعارة لا تنبغي موضحة ان هذه قسوة منهن على النساء وتجاوز الحد على العلماء الذين ينبغي إجلالهم وتقديرهم وما أجمل كلام مفتي عام المملكة سماحة الشيخ عبد العزيز ال الشيخ الذي علق على هذا الزواج وبين سبب القول بالجواز مع أنه نصح النساء أن لا يقدمن عليه إلا في حالة الحاجة الماسة إليه".
واوضحت تلمساني ان العلاقات الأسرية أصبحت ضعيفة، "وقد تحتاج المرأة إلى رجل يساعدها في شؤون حياتها أو شؤون أولادها والجري وراء مصالحهم فتفضل أن تتزوج مسيارا لكي لا تذل نفسها لأحد وقد تكون محتاجة إلى العفاف وتحصين نفسها من الفتن.وقد نجد بعض النساء لا يرغبن في إقامة دائمة مع الأزواج نظرا لانشغالهن بأبناء من زوج آخر أو والدين مريضين يقمن على شؤونهم أو أعمال أخرى".
ليس كالمتعة
وعن الفرق بين "زواج المسيار" وزواج المتعة، يقول د. محمد النجيمي أستاذ الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء ورئيس الدراسات المدنية بكلية الملك فهد الأمنية: "الفرق شاسع فزواج المتعة مؤقت لفترة معينة كأسبوعين وشهر وسنة وأما المسيار فليس مدة محددة لهذا كان المتعة حراما والفرق الثاني أن زواج المسيار لا يجوز فيه أن يتزوج الرجل أكثر من أربع لأنه زواج شرعي أما المتعة فإمكانه أن يتزوج أكثر من أربع لأنه زواج غير مكتمل الأركان والشروط .
ويضيف النجميي: "ومن ضمن الفروق أن زواج المسيار إذا أراد الزوج أن يفارق زوجته يطلقها أو أنها هي تطلب الفسخ أو الخلع أما في المتعة فليس فيه طلاق إن انتهت المدة فكلا يذهب لحاله، والفرق الرابع أن زوجة المسيار إذا توفي زوجها أو توفيت هي فإن كلا منهما يرث الآخر أما المتعة فليس فيها توارث".
إهانة للمرأة
غير أن د.سهيلة زين العابدين، عضو جمعية حقوق الانسان، تصف زواج المسيار بأنه إهانة للمرأة، "من هي المرأة التي تقبل بأن يكون زواجها سراً وأن يأتيها الرجل متسللاً في جنح الظلام وكأنه اللص لاقدر الله وقالت إن أغلب القضايا التي تعرض على لجان حقوق الإنسان في المملكة ناتجة عن زواج المسيار وضحاياه سواء من الزوجات أم الأبناء.واستطردت قائلة: ما المانع أن تتزوج المرأة بشكل عادي مادام الشرع أحل للزوج الزواج من أربع".
من جهته، يقول المأذون الشرعي عبدا لله إبراهيم الجحدلي:"المأذون الشرعى يسجل كافة الشروط المتعلقة بالزواج من سكن وصداق وخلافه، وهو لايعلم هل هذا هو زواج مسيار أم ماذا. لأن الواضح أمامه أن الزواج صحيح مائة بالمائة وقد تم أمام شهود".
"لا غبار عليه"
ويؤكد الجحدلي أن زواج المسيارهو زواج شرعي لا غبار عليه ولكن البعض أساء التقدير مما أدى إلى العديد من المشاكل، "معظم القضايا المنظورة في المحاكم والجهات الأخرى هي ناتجة عن زواج المسيارلأن البعض يعتقد أنه زواج عابر لا ضمانات له أو أنه لمجرد تمضية الوقت. والبعض الآخر استغل هذا النوع من الزواج للزواج بأكبر عدد من الزوجات ومن ثم طلاقهن مستغلاً حاجة المرأة لمثل هذا النوع من الزواج وبخاصة إذا كانت تخشى أخذ أطفالها من زوجها السابق أو لظروف أخرى".
وطالب الجحدلي الجميع بمخافة الله عز وجل وأن يتقوا الله وأن لايستغل الزواج الشرعي في أمور هي أبغض الحلال ويكون ضحاياها أطفالاً ونساء أبرياء، ويضيف: إن المرأة تتحمل مسؤولية كاملة في تشجيع هذا النوع من الزواج فلولا قبولها بمثل هذا النوع من الزواج لما انتشر بين أفراد المجتمع.