حظر أغانى سعد لمجرد بالمغرب
"تاريخه بيتمسح قدام عينيه"، ربما تكون الوصف المختصر لحالة الهوجة الجماهيرية والنسوية التى يتعرض لها الفنان المغربي سعد لمجرد إبان إعادة القبض عليه وإيداعه السجن على ذمة استئناف اتهامه باغتصاب فتاة فرنسية فى مدينة سان تروبيه جنوبي فرنسا نهاية أغسطس الماضي، خاصة بعد إطلاق حملة جماهيرية على منصات السوشيال ميديا مطالبة بحظر أغانيه من منصات الراديو والتلفزة المغربية.
بداية القصة من نهايتها، فى تمام الرابعة مساء أمس بتوقيت المغرب، تم إلقاء القبض من جديد على المعلم بالقرب من سان تروبيه الفرنسية التى حدثت فيها واقعة الاغتصاب منذ ثلاثة اسابيع، على خلفية قرار محكمة الاستئناف فى مدينة فى إيكس أون بروفانس جنوبي شرق البلاد، وطعن ممثلى الإدعاء على قرار المحكمة الفرنسية السابق بإطلاق سراح سعد لمجرد شرطيًا بكفالة 150 ألف يورو الذى تم إصداره 29 أغسطس الماضى، وتم إطلاق سراحه مؤقتًا حينها، مما دفع القضاء الفرنسي إصدار مذكرة جديدة فى حق المعلم للقبض عليه مرة أخرى وإيداعه السجن، مع إعادة فتح التحقيقات فى نفس القضية.
إفراج وليس براءة، تم تحت شروط رئيسية أهمها سحب جواز سفره وحرمانه من مغادرة الأراضي الفرنسية وإلباسه حزام ممغنط لتتبعه مع إجباره على تسليم نفسه يوميًا في الدرك الفرنسي، والاهم من ذلك إعلانه كـ "إطلاق سراح مشروط" أي مازال على ذمة التحقيق، وخروجه لم يكن سوى بدفع كفالة تجاوزت الثلاثة ملايين جنيهًا بالعملة المصرية، حتى تمت إعادته مرة أخرى للسجن بمجرد استئناف قرار الإفراج، بقرار رسمي من المحكمة، والتى وجهت له تهمة اغتصاب فتاة فى التاسعة والعشرين من عمرها، بعد استدراجها فى أحد النوادي الليلية فى سان تروبيه، تهمة "لم ينكرها لمجرد" بل وقال في شهادته "كان برغبتها" أي علاقة جنسية بالتراضى وذلك ما نفته المدعية مؤكدة "اعتدائه عليها جسديًا دون رغبتها".
وعلى خلفية إعادة فتح التحقيق من جديد، تحولت حالات النشوة بين جمهوره بالإفراج عنه نهاية أغسطس الماضى والمباركات المتعددة من قبل فنانين على اعتقاد أخذه للبراءة، ظهرت للنور بدايات "زوبعة" ربما تكون تمهيدًا لعاصفة تمحي تاريخه السمعي والبصري في المغرب، بإطلاق حملة "ماساكتاش" Masaktach، عبر منصات السوشيال ميديا انطلاقًا من تويتر، على غرار هاشتاج "me too" الشهير عالميًا المناهض للتحرش والاغتصاب، وهدف الحملة الجديدة بسيطة جدًا، "حظر إذاعة أغاني سعد لمجرد على الإذاعات المغربية".
دعوة جماهيرية تبنتها فتاة فرنسية تدعى "لورا بريول"، تلك الضحية ذات العشرين عامًا صاحبة أشهر قضية اغتصاب فى تاريخ المعلم، والتى حديثت من سنتين بالتمام فى العاصمة الفرنسية باريس، وتم على إثرها سجنه عدة أشهر بعد إثبات التهمة عليه وإثبات التحاليل تعاطيه للكوكايين، إلا أنه تمكن من الخروج "منها زي الشعرة من العجين" بعد دعم مباشر من القصر الملكى المغربي، بتوكيله المحامى الفرنسى إيريك دوبون موريتي، الشهير بلقب الغول، والذي تولى مهمة رئاسة هيئة الدفاع عنه، وتم استصدار حكم مبدأي بالإفراج عنه على ذمة التحقيقات منذ قرابة العام ونصف، وتم تناسى قضيتها تدريجيًا، حتى طفت على السطح مرة أخرى عقب القضية الجديدة فى سان تروبيه، حيث وجهت استعجال استصدار قرار بسجنه مرة أخرى واستئناف قضيتها، مما مثل ضغطًا جديدة على كاهل المعلم "ليس فى صالحه" هذه المرة، خاصة بعد قرار إيريك انسحابه رسميًا من الدفاع عنه، مما مثل "طعنة فى الظهر" إن جاز وصفها بذلك، تبشر بعمق "المصيبة" هذه المرة.
حملة انطلقت كالنار فى الهشيم فى السوشيال ميديا، أصبح لها رد فعل مباشر وفوري من قبل بعض الإذاعات المغربية الرائدة، على رأسها، هيت راديو، الإذاعة الموسيقية الأولى والأشهر فى المغرب، حيث أعلنت قرارها بمنع إذاعة أغاني سعد لمجرد عبر منصاتها الإذاعية، بقرار من يونس بومهدي الرئيس التنفيذي لشركة هيت راديو، استجابة لدعوات المقاطعة على خلفية إثبات تهمة الاغتصاب، ولم تمر ساعات حتى استجابت من بعدها إذاعة "دوزيم" "2m" المغربية الشهيرة باتخاذها نفس القرار، وتعد هذه سابقة في تاريخ البلاد ربما، وفي تاريخ الميديا المغربية بشكل عام، خاصة لاعتبار الدوزيم والهيت من أقدم وأعرق المنصات الإعلامية فى المغرب، مما يمهد لاتساع المقاطعة لتشمل تدريجيًا باقى القنوات ومحطات التلفزة والإذاعة المغربية تدريجيًا، بحظر أغاني المعلم، مما يمثل بداية النهاية لمسح تاريخه المسموع بشكل تدريجي، وضربة فى مقتل ربما تشكل الشكو التى تقسم ظهر "قاعدته الجماهيرية" عربيًا وعالميًا.