من هي هيكوليندا كيتاروفيتش رئيسة كرواتيا التي خطفت الأنظار في كأس العالم؟
خطفت رئيسة كرواتيا كوليندا كيتاروفيتش الأنظار في الأيام الأخيرة بعد حضورها مباريات الفريق الكرواتي في كأس العالم في روسيا وسط في المدرجات، مرتدية قميص المنتخب الكرواتي بدلًا من الملابس الرسمية المعتادة للرؤساء في هذه المناسبات، وبعد المباراة النهائية وعلى الرغم من خسارة فريقها، إلا أنها احتفلت معهم وعانقتهم جميعًا لتظهر بذلك عاطفتها الجيّاشة تجاه لاعبي منتخبها الذين قدموا أداءً رائعًا خلال البطولة.
الرئيسة البالغة من العمر 50 عامًا، لم تجذب فقط الأنظار في ملاعب الساحرة المستديرة، ولكنها استطاعت خطف أنظار الملايين حول العالم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي نشرت صورها القديمة والحديثة، لتحظى بتأييد وتعاطف الجميع، خاصة أنها أول مرة يُظهر فيها رئيس دولة مثل هذا الحماس أثناء تشجيعه لفريقه.
نشأتها ودراستها
الرئيسة الكرواتية من مواليد 29 أبريل 1968 في كرواتيا. قضت كيتاروفيتش طفولتها بالولايات المتحدة، وعادت مرة أخرى إلى كرواتيا لتلتحق بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة زغرب، وتخرجت عام 1992 ونالت شهادة البكالوريوس في الآداب باللغتين الإنجليزية والإسبانية.
في عام 2000 حصلت على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من كلية العلوم السياسية بجامعة زغرب، وفي الفترة 2002-2003 نالت منحة فولبرايت للدراسة في جامعة جورج واشنطن، كما حصلت على زمالة كلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد.
الحياة السياسية
عملت كوليندا في السياسة قبل أن تصبح رئيسة، حيث كانت وزيرة للشؤون الأوروبية بكرواتيا في الفترة من 2003 حتى 2005، ثم وزيرة للشؤون الخارجية والأوروبية في الفترة من فبراير 2005 حتى يناير 2008.
شغلت منصب سفير بلادها إلى واشنطن في الفترة من 2008 حتى 2011، ثم أصبحت أمينًا عامًا مساعدًا لشؤون الدبلوماسية العامة في حلف شمال الأطلسي منذ عام 2011، وكانت أول امرأة تشغل هذا المنصب.
تنتمي كيتاروفيتش لحزب الاتحاد الديمقراطي الكرواتي، وهو حزب سياسي محافظ والحزب الرئيسي ليمين الوسط السياسي في كرواتيا، هو واحد من أكبر حزبين سياسيين من الأحزاب السياسية المعاصرة الكبرى في كرواتيا جنبا إلى جنب مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يمثل يسار الوسط.
اُنتخبت كيتاروفيتش رئيسةً لبلادها مطلع عام 2015، بعد أن حصدت 50.4 في المئة من أصوات الناخبين، لتخلف إيفو يجوسيبوفيتش في منصبه، في 19 فبراير من ذلك العام.
جدل المونديال
أثارت الرئيسة الكرواتية الجدل خلال مونديال كأس العالم لكرة القدم، خاصة بعد انتشار عدد من صور القديمة لسيدة ترتدي ملابس البحر قيل إنها رئيسة كرواتيا. لكن ما لا يعلمه الكثيرون أن تلك الصور التي انتشرت لها ليست لها حقًا، فبحسب تقرير لموقع "ديلي ميل" يُخطأ الكثيرون في التعرف على الرئيسة الكرواتية ويربطونها بعارضة الأزياء والممثلة "كوكو أوستن" البالغة من العمر 39 عامًا.
الرئيسة الكرواتية متزوجة من جاكوب كيتاروفيتش منذ عام 1996، والذي كان جزءًا من فضيحة سياسية عندما كانت زوجته تعمل في واشنطن عام 2010، وشوهد يستخدم سيارة السفارة الكرواتية لأغراض شخصية، ودفعت كوليندا ثمن استخدام زوجها لسيارة السفارة بشكل شخصي.
على الرغم من شهرتها مؤخرًا، لا تمتلك سلطات واسعة كما يتخيل بعض الأشخاص، فنظام الحكم في كرواتيا برلماني، أي رئيس الوزراء هو من يحكم، وفي الوقت الحالي رئيس الوزراء هو أندريه بلينكوفيتش، الذي تم انتخابه من قبل البرلمان عام 2016.
ويعتبر رئيس الوزراء الحاكم الفعلي في البلاد وتتركز في قبضته السلطات الخاصة بتسيير أعمال الحكومة، والأمور الاقتصادية والداخلية للبلاد، في حين يقتصر دور الرئيسية كوليندا على تولي القيادة العامة للقوات المسلحة الكرواتية، ويمكن لها المشاركة في القرارات السياسية الخاصة بالسياسة الخارجية للبلاد، لكن الأمر النافذ في النهاية لرئيس الوزراء في هذا الشأن.
علاقتها مع المافيا:
وبحسب موقع مجلة "لوبس" الفرنسية، فإن الرئيسة الكرواتية تسعى من وراء هذا الظهور الاستثنائي الذي أبدته في كأس العالم المنظم في روسيا، والزخم الإعلامي الذي نجحت في الحصول عليه لنفسها ودولتها، إلى إخفاء تهم الفساد والتسيير السيء التي تلاحق الفيدرالية الكرواتية لكرة القدم، والتي توصف بأنها ذات طابع "مافيوي" وبأنها على صلة بأعضاء من حزب الرئيسة كيتاروفيتش.
حتى إن لوكا مودريتش قائد الفريق الكرواتي نفسه، مهدد بالسجن لاتهامه بالفساد، والتهرب الضريبي، والإدلاء بشهادة كاذبة، وأغلب القضايا المرفوعة ضد الفدرالية الكرواتية للكرة هي أوروبية وصادرة بشكل أساسي من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا".
وبرغم تهم الفساد تلك، تحتفظ الرئيسة كيتاروفيتش بعلاقاتها المتينة مع شخصيات مثيرة للجدل في عالم الكرة الكرواتية، حيث ظهرت في المدرجات خلال مباراة الربع النهائي ضد روسيا، إلى جانب المدير العالم للاتحاد الكرواتي للكرة دانير فرابنوفيتش (58 عاما)، والذي أصدرت محكمة أوسييك (غرب) بحقه حكمًا بالسجن 6 سنوات ونصف مطلع يونيو لاتهامه في قضية احتيال.
الإصلاحات الاقتصادية المزعومة
لم تكن كرواتيا على حافة الإفلاس لا حين استلمتها كوليندا ولا قبلها، بل كانت الدولة ولا زالت تمر بظروف اقتصادية صعبة تحاول التغلب عليها بالإصلاحات التي بدأت منذ عام 1999 وآتت أولى ثمارها في 2009، إذ انضمت كرواتيا لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ثم بعد الخضوع للعديد من الإصلاحات والاشتراطات التي أملاها الاتحاد الأوروبي على كرواتيا صارت عضوةً فيه عام 2013.
بدأت كرواتيا في تلقي المساعدات من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ما ساهم في بدء دوران عجلة النمو الكرواتي، لكن ليس بالشكل السحري الذي تم تصويره في وسائل التواصل العربية. ففي 2015 كان الإنتاج المحلي 1.6%، واليوم في 2018 أصبح 2.5% وفقًا لصندوق النقد الدولي.
ويرى البنك الدولي، أنه لا زال أمام الكروات شوط طويل من مواطن الضعف التي يجب معالجتها مثل الديون الهائلة الواقعة على عاتق القطاع العام والخاص على السواء، كما أن كرواتيا ليست دولةً جاذبةً للاستثمار ولا زالت ذات معدل توظيف منخفض. بل أن معدل البطالة زاد من 20% عام توليها للحكم إلى 33%، كما زادت نسبة الفقر المطلق من4.7% عام 2009 إلى 5.1% في 2017.
بيع الطائرات لغرض التقشف "كذبة":
تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي بعض المعلومات عن الرئيسة الكرواتية، منها أنها باعت الطائرات والسيارات الرئاسية تفضيلًا منها للتقشف على الاقتراض من البنك الدولي، لكن الواقع أن منصب الرئيس الكرواتي لا يمتلك صلاحية القيام بفعل كهذا من الأساس، لذا فأن ما تناولته وسائل التواصل الاجتماعي لا يعد سوى "كذبة" لمحاولة إضفاء صورة وهمية على كوليندا.
قامت كوليندا، على الرغم من النمو البطيء وتردي الأوضاع المعيشية لشريحة كبيرة من الكروات، في مارس 2018، وبصفتها القائد العام للقوات المسلحة بشراء سرب مكون من 12 مقاتلة "إف-16" من إسرائيل بمبلغ 500 مليون يورو، رغم أن وزارة المالية الكرواتية قد اقترضت ما يقارب 1.25 مليار يورو في 2017 من أجل سد عجز الموازنة في 2017