أدمان التسوق .. أسبابه فراغ عاطفي وعدم تقدير الذات
أُرجعت أسبابه إلى الفراغ، بما في ذلك الفراغ العاطفي، كما أُرجعت إلى رغبة دفينة في إشباع الذات أو الانتقام منها وما إلى ذلك من التفسيرات، لكن الإدمان على التسوق أو الشراء المرضي، حسب البعض الآخر، سببه الاكتئاب وشعور بالنقص وبعدم الثقة بالنفس.
وسواء كان هذا أو ذاك، فإن المهم انه أصبح له اسم متعارف عليه هو «أونيو مانيا»، والأهم من هذا يحتاج إلى علاج، مثله مثل أي مرض آخر.
إذا كنت تعاني من هذه المشكلة، فلا تقلق، فأنت لست وحيدا، حيث كشف باحثون ألمان أن نحو 10 في المائة من مجموع المستهلكين في كل دول الغرب الصناعي، هم أيضا مدمنو شراء بدرجة أو أخرى.
والمبشر في الأمر أنهم طوروا علاجاً لمكافحة إدمان الشراء أعطى مفعوله ونجح بالفعل.
وكان مصطلح «أونيو مانيا»، وهو المصطلح العلمي لـ«للإدمان الباثولوجي للتسوق»، قد أقر لأول مرة قبل قرن من الزمان على يد عالم النفس في ليبزج اميل كريبلين، الذي كتب رسالة علمية عن الناس في المدن الكبرى الذين لا يستطيعون مقاومة رغباتهم الملحة في شراء أشياء جميلة تجعلهم يشعرون بالسعادة، حتى لو لم يكونوا بحاجة إليها، وحتى لو تركوا ما اشتروه في المنزل من دون أن يفتحوه ولم يستخدموه على الإطلاق.
لكن الكساد العظيم والحرب العالمية الثانية وما تلاها من حرب باردة، أدت إلى أن يقتصر إدمان التسوق بفعل الواقع على بريطانيا وأميركا، حيث كان يوصم بالابتذال أو بأنه «مشكلة نسائية».
لكن سقوط الشيوعية وظهور الرخاء في شرق أوروبا والصين وغيرها من الدول، حول إدمان التسوق إلى اضطراب باثولوجي (مرضي) ذي أبعاد كونية، بحسب الدكتورة مارتينا دي زوان، التي ترأس قسم العلاج النفسي بمستشفى ايرلانجين الجامعي في ألمانيا.
وتقول الدكتورة زوان التي ترأس فريقا من الباحثين الذين خرجوا بنهج ثوري جديد للعلاج: «على ضوء التكرار المتزايد ليس فقط في ألمانيا، لكن في أرجاء المعمورة، فإن إدمان التسوق يتعين أن يؤخذ بجدية من قبل خبراء الصحة والتأمين الصحي».
وكان أطباء نفسيون في ايرلانجين، قد أجروا، بالاشتراك مع باحثين من جامعة نورث داكوتا في الولايات لمتحدة، دراسة على مدى أربع سنوات شملت 51 امرأة و9 رجال، تتراوح أعمارهم بين 20 و61 عاما، ممن تم التأكد من أنهم من مدمني التسوق الذين يحتاجون إلى مساعدة، وتدخل عاجل.
وفي جميع الحالات تبين أن الضحية كان يحس بقوة جامحة تحثه على الخروج وشراء الأشياء بغض النظر عن احتياجه لها أو عن مدى رغبته في اقتنائها.
وتبين أن هاجس التسوق كان يضع ضغوطا هائلة على شركاء المريض وذويه من الناحيتين المالية والنفسية أيضا.
ووجد الباحثون في ايرلانجين، أيضا، أن إدمان التسوق شيء يتجاوز كافة المستويات الاجتماعية ومستويات الدخل، وبأن مدمني التسوق يعانون، بشكل عام، من ضعف تقدير الذات، إلى جانب مشكلات إدمان أخرى، خاصة بإدمان الخمر والخلل الغذائي.
وعلى شاكلة الإفراط في تناول الطعام أو شرب الخمر، فإن التسوق يجعل هؤلاء المدمنين يشعرون بتحسن على المدى القصير قبل أن يشعروا بتداعيات هذه العادة في وقت لاحق.
ولوحظ أن إدمان التسوق أكثر انتشارا بين النساء، لكنه يصيب أيضا عددا لا يستهان به من الرجال. والعلاج الوحيد للمرض حتى الآن يتمثل في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب.
وحتى عندها، فإن أكثر من 60 في المائة من مدمني الشراء يعودون إلى عاداتهم القديمة بمجرد توقفهم عن تناوله.
ويقول الباحثون في ايرلانجين، إن علاجهم الجديد يعتمد على دعم تقدير المريض لذاته من الناحية النفسية.
فقد تبين أن من بين العوامل الرئيسة في الإصابة بهذا المرض ارتياح المريض في التعامل مع الباعة في المتاجر، حيث يشعرونه بقيمته وأهميته.
وعلى الرغم من إدراكه أنهم إنما يفعلون ذلك رغبة في زيادة المبيعات، إلا أن عقله الباطن يستريح لتلك المعاملة كما لو أنها حقيقية.
وأولى خطوات العلاج بالطبع أن يقر مدمن الشراء بأن لديه مشكلة وأنه قد حان الوقت ليفعل شيئا حيالها.
عليه أن يقر بهذا لأصدقائه وأسرته وكل من يشعر انه يحبه ويبغي مساعدته للتغلب على هذا الإدمان.