الإجهاض .. الأسباب والأعراض وطرق العلاج
خاص الجمال - عمرو لبيب
الجمال - عمرو لبيب : يعتبر الإجهاض التلقائي (المعروف باسم الإسقاط) من الآثار الأكثر شيوعا للمضاعفات التي قد تحدث أثناء الحمل، مما يؤدى إلى فقدان الجنين، وتختلف كثيرا هذه المضاعفات من الناحية الفسيولوجية والنفسية تبعا لحدوثها في بداية أو نهاية الحمل، وبعد أن نتحدث عن حدث الإجهاض والنتائج المترتبة عليه، سوف نتعرض للأثر النفسي الذي يقع على المرأة .
وتبين بعض الدراسات أن ثلث حالات الحمل تنتهي بالإجهاض في كثير من الأحيان حتى قبل أن تعرف المرأة أنها حامل، ومعظم هذه المضاعفات تحدث خلال الأشهر الثلاثة الأولى، ويتضاعف خطر التعرض للإجهاض في حالة تعدي المرأة لسن 35 عاما، وطبقا للمصطلحات الطبية يأتي الحديث عن الإجهاض التلقائي حتى الشهر السادس من الحمل، بعد هذه الفترة يأتي الحديث عن الولادة المبكرة.
أولا: ما هو الإجهاض؟
الإجهاض هو طرد الرحم لجنين لا يزال غير قادر علي البقاء علي قيد الحياة وحده.
ثانيا : ما هي أسباب الإجهاض ؟
بالطبع تحت تأثير الصدمة سوف تتسائل المرأة عن الأسباب التي أدت لحدوث الإجهاض، و بالتأكيد ستتسائل أيضا عن طرق تجنب التعرض للإجهاض مرة أخري.
من المعروف أن نصف حالات الإجهاض التلقائي تحدث نتيجة لتشوه الكروموزومات، مما قد يؤدي إلي حدوث خلل في انتقال المعلومات الجينية الواردة في السائل المنوي والبويضة ( أي ما يسمي بحدوث اعتلال في تركيب الصبغات الوراثية )، وذلك في أثناء تلقيح النطفة للبويضة و انقسام الخلايا، من ثم فهي تشكل بويضة غير قابلة للحياة، غير قادرة على النمو، لكن في أغلب هذه الأحوال لا يخشي من حدوث إجهاض جديد ما لم يكن الخلل الكروموزومي وراثيا لدي أحد الشريكين.
وعادة ما تكون الأسباب الأخرى ناجمة عن إصابات موضعية لدي الأم الحاضنة (المهبل ، عنق الرحم ( أو عامة )، النكاف ، أنفلونزا), وهي حالات لا تتيح الفرصة لحدوث إجهاض جديد ..
هناك عوامل أخري ليست محددة من الممكن أن يكون لها دور في حدوث الإجهاض، مثل التعرض لمواد خطرة معينة، الإشعاع، بعض الأدوية، أيضا مشكلة سوء التغذية و عدم الكفاءة الهرمونية .
ومع ذلك هناك نسبة ضئيلة من السيدات يتعرضن للإجهاض المتتالي بسبب عوامل مزمنة، و نذكر من هذه العوامل :
• الأسباب الكامنة، مثل وجود تشوه خلقي، أو ضعف في نمو الرحم، أو حدوث جرح للسائل المخاطي مما يعيق تكوين النطفة، أو وجود فتحة غير طبيعية في الجزء الأعلي من عنق الرحم مما يؤدي إلي عدم إغلاق الرحم بشكل جيد مما يزيد من خطورة رفض البويضة.
الأمراض الخطيرة التي تعاني منها الأمهات مثل أمراض الكلى، وأمراض الأوعية، ومرض السكر، كلها أمراض يمكن أن تتسبب في الإجهاض .
ويشتبه الباحثون أيضا في وجود أسباب متعلقة بمشاكل المناعة، والتي قد تحول دون تكوين النطفة.
ثالثا : ما أسباب الإجهاض المتكرر:
* عيوب بالكرموزومات الوراثية.
* الأجسام المضادة للفوسفات الدهنية.
* عيوب الرحم التشريحية وتتضمن العيوب الخلقية (الحاجز الرحمي والرحم ذو القرنين) وأيضا العيوب المكتسبة (الأورام الليفية تحت بطانة الرحم وكذلك الالتصاقات داخل الرحم).
* عدم إحكام أو ضعف عنق الرحم.
* تكيسات المبيض.
* زيادة إفراز هرمون ليوتين.
* نقص إفراز هرمون البروجيسترون خلال النصف الثاني من الدورة الشهرية.
* الإصابة الميكروبية.
* الأجسام المضادة للغدة الدرقية.
* انعدام الأجسام المضادة لمورثات الزوج.
* زيادة المشاركة في المورثات البشرية الموجودة على الكريات الدموية البيضاء (HLA).
والعوامل المسببة للإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الوسطى للحمل قد تختلف عن تلك المسئولة عن الإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الأولى، فبعض الحالات مثل عيوب الرحم التشريحية، وعدم إحكام عنق الرحم، والإصابة الميكروبية، هي أسباب معروفة للإجهاض خلال الأشهر الثلاثة الوسطى للحمل، ونادرا ما تسببه خلال الأشهر الثلاثة الأولى.
رابعا : ما سبب نزول الماء بعد الشهر الثالث من الحمل ؟
قد يكون سبب ضعف عضلة عنق الرحم، فإذا أثبت التشخيص ذلك يجب إجراء ربط عنق الرحم، كما يستحسن أخذ مثبتات حمل.
خامساً: ما هي الأعراض أو العلامات المصاحبة للإجهاض ؟
أعراض الإجهاض في البداية هي نزيف قليل جدا ثم يزداد بشكل ملحوظ ويرافقه ألم في البطن.
ولكن حذار !! ليست كل خسارة للدم تعتبر مؤشرا للإجهاض، والواقع أنه من الممكن للمرأة أن تفقد قليلا من الدم في مواعيد تتوافق مع فترات دورتها الشهرية، وهذا الأمر يحدث غالبا خلال أول شهرين أو ثلاثة من الحمل، أي قد تكون دورة شهرية أثناء الحمل وتسمى هذه بحالة (حمل غزلاني) .. والحمل الغزلاني هو نزول قطرات من الدم في ميعاد الدورة الشهرية، ولا علاقة لذلك بالإجهاض، وسمى بهذا الاسم لأن الغزالة في حملها ينزل منها بعض الدم في ميعاد الدورة، ولا تحتاج هذه الحالة لأي علاج.
ومع ذلك يجب إبلاغ الطبيب عن أي خسارة للدم أثناء الحمل، فالطبيب هو وحده القادر علي أن يحدد أسباب هذا النزيف عن طريق فحص أو تحليل الدم بواسطة الموجات فوق الصوتية، هنا تعيش المرأة فترة من القلق والترقب قد تمتد عدة أيام بشأن نتائج الفحص أو التحليل، وإذا ما استلزم الأمر إجراء موجات فوق صوتية مرة أخري من الممكن ورود احتمالين :
* إذا كان التشخيص يستبعد خطر الإجهاض التلقائي .. يمكن للمرأة مواصلة أنشطتها العادية، لكن الطبيب وحده هو الذي يمكنه أن يحدد للمرأة فترة الراحة التي ينبغي عليها أن تراعيها.
* إذا كان التشخيص يؤكد توقف الحمل، قد تشعر المرأة ببعض الآلام خلال طرد البويضة، لكن ليس بالضرورة أن تخضع للتدخل الطبي، أما إذا حدث نزيف حاد فسوف تحتاج المرأة أن تدخل المستشفى على وجه السرعة .
في حالة انتهاء الإجهاض يجب التأكد عبرالموجات فوق صوتية أن الرحم يخلو من أي جزء من البويضة أو الجنين، أما إذا كان الأمر كذلك يجب إجراء عملية شفط (قشط) تحت التخدير، ويجب أن تتم هذه العملية في المستشفي و تستغرق يوما واحدا .
لكن هناك أمورا متشابكة يجب علي المرأة الإلمام بها :
1- هل يمكن أن يحدث إجهاض دون ألم؟
نعم، وهذه الحالة تسمى الإجهاض التلقائي، فينزل قطعة صغيرة فاتحة اللون بها بعض الخطوط التي تشبه الألياف، مع نزيف مهبلي بسيط دون الشعور بأي ألم أسفل البطن أو الظهر.
2- ما سبب الآلام أسفل البطن والإفرازات المهبلية الداكنة اللون في بداية الحمل؟
هناك عدة أسباب لـنزول الدم مع الحمل في الأشهرالأولى، فقد يكون إجهاضا .. حيث يبدأ الألم بأسفل البطن وأسفل الظهر، ويصاحبه إفرازات مهبلية داكنة اللون إذا كان
الإجهاض في بدايته، كما يمكن أن تبدأ أو تتحول هذه الإفرازات إلى اللون الأحمر الداكن أو إلى قطرات دم فاتحة اللون قد يصاحبها قطع دم صغيرة متخثرة، وقد تكون ناتجة عن عملية انغراس الجنين داخل بطانة الرحم، وقد تكون بسبب انفصال بسيط في أطراف المشيمة، مما يسبب نزول بعض الدم، وتتفاوت كمية هذا الدم من
امرأة لأخرى، وهذا النزيف إما أن يقل ويتوقف ليستمر الحمل، أو لا يتوقف ويزيد فيحدث الإجهاض .. الجدير بالذكر أنه عند حدوث النزيف فإن الفحص بالأشعة الصوتية يظهر تجمعا دمويا بين جدار الرحم والمشيمة، فإذا توقف النزيف فإن هذا التجمع يتحلل ويختفي مع الوقت دون مشاكل، وقد تنزل بعض الإفرازات البنية.
3- لكن بعد ظهور الأعراض ...هل يمكن أن نمنع الإجهاض ؟
يمكن .. إذا كان في بدايته وكان عنق الرحم مغلقآ، وهنا ننصح بـ :
أ) التزام الراحة التامة في الفراش وعدم الإجهاد بأي أعباء منزلية حتى تتوقف علامات الإجهاض.
ب) عدم رفع أو حمل الأشياء الثقيلة .
ت) الابتعاد عن الحركة الكثيرة أو السريعة والمفاجئة.
ث) تجنب الاتصال الجنسي خلال فترة الخطر وتأجيلها لمدة أسبوع بعد زوال أعراض الإجهاض.
4- ما هي الفحوصات اللازمة لمنع حدوث إجهاض مرة أخرى ؟
إجراء بعض التحليلات مثل تحليل الدم ونسبة السكر في الدم، وتحليل لهرمونات الغدة الدرقية T3 وT4، وهناك أيضاً تحليلات هامة لاكتشاف إن كان هناك ميكروبات تسببت في الإجهاض مثل : toxoplasma antibody titre igm. & rubella atibody titre igm.
ويفضل عمل أشعة تليفزيونية لمعرفة مدى إحكام عضلة عنق الرحم، وإن كان الرحم به أورام ليفية قد تتسبب في الإجهاض من عدمه، وهذه أورام حميدة أم خبيثة، هذا بالإضافة إلى الكشف الإكلينيكي لمعرفة إن كان الرحم به ميل للخلف من عدمه.
أخيرآ نقول أن هناك حالات إجهاض تحدث مرة واحدة، وبدون أسباب واضحة، ولا تتكرر مرة أخرى، لكن ينبغي محاولة فهم السبب وعلاجه إن أمكن ذلك .
5- ما علاج الإجهاض المتكرر؟
الرعاية النفسية والتي يجب أن تتضمن الآتي :
* الرعاية التي تقدم في عيادة متخصصة.
* المساندة النفسية.
* الوصول بسهولة للاتصال شخصيا مع الطبيب المعالج.
* الفرصة الكافية لمناقشة الأمور المقلقة.
* المتابعة عن قرب بما يتضمن إجراء الأشعة بالموجات فوق الصوتية خلال الأشهر الثلاثة الأولى للحمل.
* طمأنة المرضى بصورة سليمة.
طاقم العمل يجب أن يكون مهتما بالرعاية والمساعدة وألا يكون منعزلا.
بالإضافة إلى علاج الأسباب إن وجدت .
حالة ولادة الجنين الميت:
يعتبر الجنين المولود ميتا جنينا مكتمل النمو.. وقد حدثت وفاته قبل بضعة أسابيع أو بضع ساعات قبل عملية الوضع أو ربما أثناءها، في معظم الأحيان تظل عملية الوفاة غير معروفة الأسباب، فقد تحدث الوفاة بسبب خلل في الكروموزومات أو حدوث اختناق بسبب سوء وضع الحبل السري .
هناك عوامل أخري قد يكون لها دور في التسبب في الإجهاض، كالتدخين، تعاطي المخدرات، سوء التغذية أو ارتفاع ضغط الدم.
ماذا بعد الإجهاض ؟
بعد خوضها لتجربة الإجهاض الأليمة، كثيرا ما تدخل المرأة في حالة من الاكتئاب تختلف مدتها وفقا لطبيعة كل امرأة .. ويمكن أن تفسر حالات الاكتئاب جزئيا بسبب الاضطرابات الهرمونية التي يسببها الإجهاض.
ويختلف الأثر النفسي وفقا لمدي حساسية كل امرأة، و معتقداتها الدينية، ثقافتها، ومدي تقدم الحمل لدي توقفه، إنه أمل تحطم، خيبة رجاء، أمومة وأنوثة في المحك، قلق علي المستقبل .. كل هذه المشاعر تضرب المرأة بقوة .
كيف نساعد المرأة التى تعرضت للإجهاض علي تجاوز هذه التجربة المؤلمة ؟
بالتأكيد، بعد خوض غمارهذه التجربة، كثيرا ما تشعرالمرأة بألم عميق و حاجتها إلي أن تتحدث عن تلك التجربة المريرة، وفي أحيان كثيرة تشعر المرأة أنها مذنبة، هذه المشاعر إن لم يتم التعبير عنها ربما يكون لها أثر سيئ علي العلاقة الزوجية، لذا فإن تواجد الزوج أو الشريك يعتبر مهما للغاية .
تقترح بعض خدمات المستشفيات تقديم الاستشارات مع طبيب نفساني لمساعدة النساء على التغلب على الحدث قبل أن تمضي قدما لتجربة حمل جديدة مستقبلا ، إن تجاوز الحدث و التغلب علي مشاعر الحداد علي الطفل المفقود يحتاج إلي بعض الوقت، و إلي اهتمام ومساعدة من المحيطين .
الإجهاض .. مهما تكن صعوبته، لكنه في معظم الوقت لا يعدو كونه حدثا عارضا، فبوسع المرأة التي خاضت غمار تلك التجربة أن تحمل طفلا من جديد بعد مضي ستة أشهر تبعا لنصائح الطبيب .