ابن ثري يمني شهير على قائمة المطلوبين لدى سكوتلانديارد بتهمة قتل صديقته
أدرجت شرطة سكوتلانديارد البريطانية الشاب اليمني، فاروق عبد الحق، المتهم بقتل طالبة نرويجية، ضمن قائمة أبرز المطلوبين.
وعبد الحق (21 عاما) مشتبه باغتصاب وقتل صديقته النرويجية مارتيني فيك ماغنيسن، قبل أن يواري جسدها وهو شبه عار، الثرى، في بدروم مجمع الشقق التي كان يسكنها في شارع بورتلاند بالعاصمة البريطانية لندن.
ووالد المتهم هو أحد أثرياء اليمن شاهر عبد الحق، وتضم امبراطورية أعماله النفط والمشروبات الغازية والسياحة والعقارات.
وتعتقد الشرطة البريطانية أن الشاب اليمني فر هاربا إلى وطنه عقب ساعات من ارتكابه الجريمة في وسط لندن ولا يزال مختبئا هناك.
ونشرت الشرطة البريطانية صورة الشاب اليمني وأوصافه على صفحة أهم المطلوبين بالموقع الإلكتروني لشرطة العاصمة.
ويعمل دبلوماسيون في بريطانيا والنرويج خلف الستار لجلب المتهم إلى لندن كي يواجه العدالة، ويذكر أن اليمن لم توقع معاهدة تسليم متهمين مع لندن.
وعهدت الشرطة البريطانية بالقضية إلى مكتب الادعاء الملكي، وربما تكون الخطوة القادمة هي إصدار أمر اعتقال دولي.
وشوهدت ماغنيسن (23 عاما)، للمرة الأخيرة وهي تغادر أحد النواد الليلية بصحبة عبد الحق في الـ14 من مارس/آذار الماضي، وكانا يدرسان معا في كلية "ريجنت" للأعمال.
وعثرت الشرطة على جثة الضحية عقب يومين، وكشف تشريح جثتها أنها قضت من جراء الضغط على عنقها.
وذكرت الشرطة البريطانية أن عبد الحق فر إلى القاهرة ومنها إلى اليمن يوم وفاة الضحية.
وتقول مصادر وزارة الخارجية البريطانية إنها على اتصال بوالده "شاهر عبد الحق" المقرّب من الرئيس اليمني علي عبد الله صالح لإقناع ابنه بالعودة إلى لندن.
يذكر أنَّ والدة فاروق هي من أصل سوريّ. وتشير البحوث التشريحيَّة إلى احتمال أن تكون الضحيَّة خُدعت بدس نوع من المخدرات التي يكثر الشباب الطائش من استخدامها في كأسها.
وعلى الرغم من رفض العائلة الربط بينها وبين جريمة القتل، ورفض الوالد التعليق على الموضوع، إلا أنَّ صحيفة "الدايلي ميل" قالت إن شاهر قد عين لابنه محاميًا للحؤول دون إرغامه على العودة الى لندن.
وكانت الصحيفة نفسها قد نقلت عنه أمس رفضه التعليق عن مكان تواجد فاروق،"لا أعرف شيئًا عن هذه الاتهامات، لكنني أعتقد أنه وفي هذه المرحلة الأفضل عدم التعليق على الموضوع".
وتقول الصحيفة إن الوالد قد عين ميشال أوكاين من شركة بيترز آند بيترز لاستلام القضية، وأوكاين هو أحد أبرع المحاميين وقد عمل على قضايا ذات حساسية عالية منها اختطاف طائرة في مطار ستانستد البريطاني عام 2000 من قبل 4 أفغان طالبين حق اللجوء، وقد تمكن أوكاين من الحصول على حكم لصالحهم عام 2004 يقضي بعدم السماح بإعادتهم إلى أفغانستان حيث تكون حياتهم معرضة للخطر.
من جهتها، نقلت صحيفة "يمن أوبزرفير" عن الناطق باسم عائلة عبد الحق أن العائلة أطلعت على التقارير الصحفية التي تناولت الموضوع وأنها قلقة على مصير ابنها، وما زالت تنتظر معلومات إضافية حول الموضوع. ونقل الناطق عن العائلة رغبتها في عدم ربطها بهكذا جريمة، واصفًا سلب حياة أي شخص بالأمر المأسوي كما عبر عن تعاطفه مع العائلة، مقدمًا التعازي لعائلة الضحية وأصدقائها "بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى مقتلها" .
أما الشرطة البريطانية فلا تزال تعتبر فاروق عبد الحق "مشتبهًا فيه" قد يحمل إجابات على عدد كبير من الأسئلة التي لا تزال تحيط بهذه الجريمة الغامضة.
وناشدت المحققة جاسكيا وادسورث فاروق للاتصال بهم لأنه "يملك معلومات مهمة كونه أمضى الساعات الأخيرة مع الضحية، وبالتالي "سيكون خير معين لنا لكشف لغز هذه الجريمة".
ولا تزال المعلومات حول فاروق عبد الحق غير مؤكدة، إذ ذكرت بعض الصحف البريطانية أنه ولد في مصر وعاش في اليمن قبل انتقاله إلى لندن، بينما تؤكد صحف أخرى أنه عاش في لندن منذ نعومة أظافره.
جريمة القتل ..
وفي تفاصيل القضية التي لا تزال الشرطة تتبع خيوطها، إن طالبة الاقتصاد النرويجية فيك ماغينسين (23 عامًا) والمعروفة بحيويتها وحبها للسهر غادرت نادي مادوكس كلوب (Mayfair’s Maddox Club)، الذي يعتبر المكان المفضل لمشاهير الصف الأول كمادونا وبي دي دي وغيرهم، مع "صديق مقرب" يعتقد بأنه فاروق عبد الحق عند الساعة الثالثة فجرًا من يوم الجمعة الفائت متوجهة الى "حفلة خاصة ".
لكن ماغينسن لم تعد إلى منزلها في ويستمنستر في اليوم التالي، ما دفع أصدقاءها إلى الاتصال بالشرطة والإبلاغ عن اختفائها والشروع بحملة بحث عنها عبر الانترنيت.
لم يجب فاروق على الاتصالات التي انهالت عليه من كل حدب وصوب، فما كان من صديقتها سوى اللجوء إلى موقع فايس بوك حيث أنشأت الفتاتين اشتراكًا خاصًا بهما لتنظيم الحفلات وترك رسالة مستفسرة إن كان على علم بمكان فيك. لكن فاروق لم يجب على الرسالة ليقوم بعدها بإلغاء اشتراكه على الموقع.
وبعد يومين من اختفاء فيك قامت الشرطة بتفتيش شقة عبد الحق ليتم العثور على جثة الطالبة النروجية مدفونة بشكل جزئي في قبو الشقة، وتعتقد الشرطة أن فيك قد خنقت حتى الموت، وذلك بسبب الجروح "غير الطبيعية" التي وجدت على رقبتها، كما ترجح الشرطة تورط طرف ثالث في عملية القتل.
قد تبدو الجريمة للوهلة الأولى أنها "طيش" ابن بليونير لفتاة باحثة عن المال والشهرة، لكن فيك لم تكن ابنة رجل عادي، إذ إن والدها هو أود بيتر ماغنيسين الذي يعمل كمستشار تكنولوجي في أوسلو ويملك من الثروات ما يمكنه من إرسال ابنته إلى لندن للدراسة في جامعة يبلغ قسطها السنوي ما يقارب الـ10 آلاف جنيه استرليني سنويًا، وتأمين حياة مترفة لها خلال إقامتها في لندن. كما أن صديقتها التي تقيم معها في شقة ويستمنستر هي ابنة جون فريدكنسن أحد أثرى أثرياء النروج والذي يملك شركة للشحن.
من جهته، لم يكن فاروق يختبر حياة أقل ترفًا، فشقته التي عُثر على فيك فيها تكلفه 600 جنيه أسبوعيًا. ونقلت وكالة الانباء النروجية عن مصدر مجهول أن الضحية وصديقاتها كن يواعدن وبشكل دوري الأثرياء العرب في لندن.
وحشية الجريمة وغموضها دفعا بتاربيرون هولت راعي الكنيسة النروجية "سان أولاف" جنوبي لندن إلى مساعدة الشرطة بالاتصال بأصدقاء فيك الذين غادروا لندن إلى النروج بعد مقتلها.
كما قام بالتنسيق مع هيئة الطلاب بتخصيص خط للطوارئ لاستقبال مكالمات الطلاب النروجين المقيمين في لندن (حوالى 500 طالب) والذين باتوا يتخوفون من الوضع بعد مقتل فيك.
الفاجعة التي ألمّت بوالدي هذه الطالبة المطلقين لم تدفع أي منهما إلى إطلاق أي اتهامات باتجاه عبد الحق، بل فضلا التريث حتى تكشف الحقائق.
وقال الوالد بعد التعرف إلى جثة ابنته أنها كانت "كشعاع الشمس، لقد كانت تتمتع بكاريزما مذهلة تجعلها محببة لكل من يلتقي بها، فهي شخص عطوف ومتسامح ومليء بالحب. لقد كانت تعني لنا الكثير وخسارتها أمر مفجع وسيترك فراغًا كبيرًا لن يفارقنا أبدًا".
وقد قامت إحدى "زميلات " الضحية وهي عربية علي مايبدو وأسمها "نورا " بإرسال تعليق تعبّر فيها عن حزنها على خسارة فيك، مؤكدة انها كانت على قدر من اللطافة وانها لا تستحق ابدًا ما حصل لها.
شاهر عبد الحق ..الرجل المثير للجدل
لا يعتبر فاروق عبد الحق ابن رجل أعمال عادي، فشاهر عبد الحق يعد من أشهر رجال الأعمال في اليمن.
وقد لاحقته في فترات متلاحقة الكثير من الاتهامات التي تربطه بعدد من قضايا الفساد، اضافة الى ورود اسمه ضمن لائحة المتورطين بفضحية النفط مقابل الغذاء وكوبونات صدام حسين حيث ذكر انه استفاد من اكثر من 7 ملايين برميل نفط .
وقد اسس شركة شاهر للتجارة عام 1963 في اليمن ليتوسع بعدها الى الكثير من كل شيء، فهو وكيل الكوكا كولا في مصر وليبيا واليمن ولديه عدد من الفنادق ومؤسسات نفطية وشركات اتصالات كما انه وكيل "مرسيدس" في اليمن وله نشاطات اقتصادية في ليبيا والسودان وقطر وعلاقات وثيقة مع مسؤولين رفيعي المستوى داخل اليمن وخارجها .
ويتهم موقع سودانيز اون لاين شركات شاهر بالتورط في الفساد. ويقول الموقع في قسمه المعنون "مكتبة الفساد" انه تم حظر ومنع اي تسهيلات او ضمانات بنكية لشركات شاهر من خلال منشور من البنك اليمني المركزي بتاريخ 16/1/2003.
ويضيف الموقع ان شاهر يحتل الرقم 46 في القائمة المحظورة، كما ان شركة سبأ التابعة له تحتل الرقم 63 وشركة شاهر للتجارة رقم 64 وشركة شقيقه بشر عبد الحق الرقم 24.
كما ورد اسمه خلال محاكمة وزير رئاسة الجمهورية السوادني في عهد نميري عام 1985 بتهمة تقاضي ملايين الدولارات لاستيراد ناقلة نفط لم تصل ابدًا الى السودان.
ويتهم الموقع جهات يمنية رفيعة المستوى بدعم عبد الحق في اليمن وذلك من خلال شركة بشائر للاستثمار، وهي الشركة التي فازت برخصة المشغل الثاني للهاتف السيار.
وفي التفاصيل، إنه وبعد الاعلان عام 2000 عن اللائحة الاولى للشركات (لم تكن من ضمنها شركة البشائر) التي تأهلت لنيل رخصة المشغل، أضيفت 4 شركات اخرى بعد اسبوع من بينها شركة عبد الحق. وبعد اكثر من تعديل استبعدت الشركات الاخرى وفازت البشائر بالمشروع.
كما تدعم شركات شاهر نادي وحدة صنعاء الرياضي، وخلال العام 2006 تراجعت شركة انكلو اميركان عن شراكتها الاستثمارية في قطاع المعادن في حدن، منسحبة من مشروع الجبلي بحجة أن كميات الزنك الكامنة في الارض أقل من المتوقع... ومجددًا ظهر اسم شاهر عبد الحق في هذه القضية كونه احد الشريكين في هذا المشروع. وفي لائحة اصدرتها مجلة الرجل الاقتصادية لاغنى العائلات اليمنية لعام 2008 حلت عائلة عبد الحق في المرتبة الثالثة بثروة تقدر بـ 2 مليار دولار.