رفض اجتماعي متزايد لزواج الإماراتيات من الأجانب حلا للعنوسة

عاد الجدل مجددا حول الزواج المختلط في الإمارات ما بين مؤيد له ومعارض، في ظل ازدياد حساسية المجتمع نحو هذه الزيجات خصوصا زواج الإماراتية من أجنبي.


 فبينما تطالب بعض النساء والرجال بعدم الوقوف في وجه هذا الزواج، وتقليل ضوابطه الصارمة والتي تصل إلى حد سحب الجنسية من الإماراتية التي تتزوج أجنبيا دون تصريح رسمي، يرى كثيرون وقف هذا الزواج حتى ما يختص بزواج الإماراتيون من أجنبيات، واعتبروا أن سيئات هذا الزواج المختلط تفوق حسناته بمراحل.

 وكان قد صدر قبل عامين قرار رسمي يحظر زواج النساء الإماراتيات من أجانب بدون تصريح رسمي من السلطات المختصة، وهو تصريح يصعب الحصول عليه في أحيان كثيرة. وإذا تم الزواج، لا يتم منح الجنسية الإماراتية لأزواج الإماراتيات الأجانب وأولادهن.

 ولا يقف الموضوع عند هذا الحد، فالإماراتية المتزوجة من أجنبي تحرم من أي إعانة قد تصرف لها من وزارة الشؤون الاجتماعية في حالة الطلاق أو وفاة الزوج. ويعاني ثمرة تلك الزيجات من نظرة المجتمع الدونية، وحين يكبرون، لاتقبل غالبية الأسر الإماراتية الخالصة تزويجهم أبناءها وبناتها.

 والمجتمع الإماراتي منقسم بين مؤيد لفكرة زواج الإماراتية من أجنبي ومعارض له، فالبعض يرى أن في الزواج المختلط حلا لمشكلة العنوسة وتأخر سن الزواج لدى الكثير من الإماراتيات، في حين يرى فيه آخرون سلبيات ومشاكل كثيرة، وخروج عن عادات وتقاليد المجتمع.

 ولا يمكن الحكم على زواج الإماراتية من وافد بالفشل فقط لأنها تزوجت غير ابن بلدها، ففشل الزواج ليس له علاقة بجنسية أطراف الزواج بقدر ما له علاقة بالأزواج أنفسهم. كغيرها من الزيجات، يمكن أن يتكلل زواج الإماراتية من أجنبي بالنجاح أو الفشل.

 نسبة الطلاق أكثر بين زيجات المواطنين
وبينت دراسة صدرت حديثاً أن نسبة الطلاق بين المواطنين تبلغ 41%، في حين بلغت نسبة طلاق المواطنات الإماراتيات من أجانب 24% فقط. وهناك حالات كثيرة تزوجت فيها الإماراتية من غير الإماراتي، وتكللت بعض تلك الزيجات بالنجاح واستمرت لسنوات طويلة، في حين كتب على البعض الآخر منها بالفشل ولم تستمر لأكثر من شهر.

 عائشة سيدة أربعينية تزوجت بعربي بعد طلاقها من ابن عمها، تقول عائشة: "التقيت به بعد سنة من طلاقي وكنت حينها لا أزال تحت صدمة فشل زواجي الأول، ووجدت فيه النقيض تماماً لطليقي، فهو إنسان متدين وعلى خلق ومتسامح مع الجميع". تضيف: "في البداية قوبل طلبه برفض مبدئي من أهلي لأنه غير إماراتي، حيث كانت لديهم قناعة بأنه زواج مبن على المصلحة ومهدد بالطلاق، ولكن مع إصراري وإلحاحي تم الزواج". وقالت عائشة: "بعد أكثر من ثلاث عشرة سنة من العشرة وأربعة أبناء لا أمانع أن يحمل أبنائي جنسية غير جنسيتي، فالمهم سعادة الأسرة وراحة البال".

 وعلى النقيض، كانت لأسماء البالغة من العمر33 عاماً تجربة سيئة مع الزواج من وافد، حيث لم يستمر الزواج لأكثر من سنة، تقول أسماء: "التقيت به في مقر عملي وكان يصغرني بحوالي الست سنوات، وأوهمني حينها بحبه وعدم إكتراثه لفارق العمر، وضحيت بالكثير في سبيل إتمام زواجنا". تضيف:

" بعد أقل من شهر، أدركت أن الحب والإعجاب كان مجرد وهم، والهدف الرئيسي من الزواج كان حصوله على الجنسية الإماراتية ".

 تضيف:
" بعد أسبوع من الزواج طلب مني الإسراع في معاملات حصوله على الجنسية ، ومع مرور الشهور وتيقنه من إستحالة حصوله عليها رجع لبلده تاركاً وراءه ورقة طلاق وملايين الخيبات ". وفشلت أسماء في الاقتران برجل آخر بعد طلاقها، فالعديد يرفضون فكرة الزواج من سيدة كانت زوجة لوافد في ما مضى.

 لطيفة سيدة تبلغ من العمر خمسة وأربعين عاماً وأم لستة أبناء من زوج عربي. تقول لطيفة: "لم يكن المجتمع حينها متحفظاً على زواج الإماراتية من غير الإماراتي كما هو الآن، فزواجي تم بدون عقبات وبمباركة أهلي وأصدقائي، وحصل زوجي وأولادي لاحقاً على الجنسية الإماراتية والحمد لله".

 تضيف:
"لم يخل زواجي كحال معظم الزيجات من بعض المشاكل البسيطة، ولم أشعر في يوم من الأيام أن سبب مشكلة من تلك المشاكل يعود لاختلاف جنسية زوجي". ونور كبرى بنات لطيفة متزوجة من ابن عمها الذي يحمل جنسية عربية وهي أم لطفلين.

ويرى حميد جاسم أن زواج الإماراتية من غير الإماراتي خطأ يجب تجنبه ومشكلة يجب حلها، يقول حميد: " من الغريب أن تتزوج الإماراتية برجل غريب لايعي شيئا من عاداتها وتقاليدها، وتُلقي بنفسها في مشاكل لا تحمد عواقبها". ودعا حميد الإماراتيات للتفكير بالمستقبل وعدم التفريط في نعمة الأمن والخير الذي توفره دولة الإمارات لأبنائها.

 معارضة نسائية لمنع الزواج من أجانب
وتستغرب نوال علي من قرار منع زواج الإماراتية بأجنبي وخسارتها لجنسيتها الإماراتية في حال إتمام الزواج، تقول نوال: "الزواج قسمة ونصيب، ولايستطيع أحد أن يقف في طريقه، وشرع الله الزواج دون أن يحدده بإطار أو جنسية، فلا يجوز تحريم أو منع ما حلله الله". وأضافت متسائلة: "هل يمكن أن نصل إلى هذه المرحلة من التقدم والتطور على جميع الأصعدة ولاتنال المرأة في وطنها أبسط حقوقها في اختيارها لشريك حياتها؟!".

 أما عمار الحمادي فيرى أن كل إنسان مسؤول عن اختياراته وتوابع تلك الاختيارات، يقول عمار: "كيف نسمح للرجل المواطن أن يتزوج أجنبية ولانسمح في الوقت نفسه للفتاة المواطنة أن تتزوج رجلاً مسلماَ؟ الإنسان ليس بهويته ولكن بدينه وأخلاقه".

 يضيف عمار:
"الرجل الإماراتي تزوج جميع الجنسيات، فلم كل هذا الحديث حول زواج الفتاة الإماراتية، فهي امرأة مثل أي أمرأة أخرى بالعالم". أما ناصر محمد فيرفض فكرة زواج الإماراتية من غير الإماراتي رفضاً باتاً، يقول ناصر: "أشك في وطنية الإماراتي الذي يتزوج أجنبية، والإماراتية التي تتزوج أجنبياً". يضيف ناصر: "الزواج المختلط مشكلة يجب حلها قبل البت والمناداة بحل مشكلة التركيبة السكانية، فهؤلاء يجرون وراء أهوائهم الخاصة فقط".

 تنظيم وليس حجبا للزواج المختلط
وشدد الشيخ محمد عبدالله الخطيب على أهمية اختيار الزوج وضوابط هذا الاختيار لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"، فالحديث الشريف شدد على الدين والخلق عند الاختيار ولم يأت على ذكر جنسية الزوج أو أصله.

 وقال إن الآية رقم 13 من سورة الحجرات تبين مقياس التفاضل بين الناس والحكمة من الاختلاف بين البشر لقوله تعالى: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ".

 وأكد الشيخ الخطيب أن الدين الإسلامي يعطي المرأة حقوقها في اختيار شريك حياتها، ولاتحجب الدولة هذا الحق أو تمنع زواج الإماراتية من أجنبي، ولكنها تنظم ذلك ضماناً لحقوقها، وحرصاً على تأمين حياة مستقرة لها. ودعا أولياء الأمور والفتيات الراغبات في الزواج بحسن الإختيار، لأن الزواج خطوة مهمة تترتب عليها قضايا ونزاعات كثيرة.

 محامية: تسهيل هذا الزواج يحل العنوسة
وقالت المحامية إيمان أسد إن المرأة الإماراتية وصلت لمرحلة من الوعي تسمح لها باختيار شريك حياتها، ولا يجب أن ينازعها أحد في حقها بالاختيار، والمادة 26 من الدستور الإماراتي تنص على أن الحرية الشخصية مكفولة لجميع المواطنين، كما أن المادة 25 من الدستور تنص على أن جميع الأفراد لدى القانون سواء، ولا تمييز بين مواطني الدولة بسبب الأصل أو الموطن أو العقيدة الدينية أو المركز الاجتماعي. 

 وأضافت أن هناك بعض التقاليد والموروثات التي تصور لبعض الخليجيين أنهم أفضل من جميع الشعوب الأخرى، وقد أسهم الغنى والثراء التي تعيشه هذه الشعوب في تأصيل هذه الأفضلية.

 واستطردت: " الرجل يبقى رجلا، سواءً كان إماراتياً أو خليجياً أو عربياً، فهناك الصالح والطالح، فلا يجب الحكم أو التعميم على زواج الإماراتية من أجنبي بالفشل". وأوضحت إيمان أن الحل لمحاربة العنوسة والحرام هو تسهيل الحلال وليس تضييقه.