فيلم مصري عن حياة الشواذ يشارك بمهرجان " أحرار الجنس " العالمي
أعلنت "الجمعية المصرية للافلام المهمشة" عن مشاركة باكورة انتاجها فيلم "طول عمري"، في مهرجان سان فرانسيسكو السينمائي الدولي لأفلام الشواذ، الذي تمتد فعالياته بين 19 و29 يونيو الجاري، وهو المهرجان الأقدم والأضخم لما يُعرف بأفلام "أحرار الجنس" في العالم.
وحذرت فعاليات دينية واجتماعية مصرية من الفيلم الجديد، الذي دعا المفتي السابق الشيخ نصر فريد واصل إلى حرقه، بينما اعتبر برنامج "مكافحة الإيدز" أن الفيلم الجديد يمثل "ضربة موجعة" لجهوده.
تصويره في القاهرة
ويتناول "طول عمري"، الذي أخرجه رئيس الجمعية ماهر صبرى، حياة بعض المثليين، والمشاكل التي تواجههم، في ظل ما يصفه بـ"التمييز الاجتماعي والاضطهاد نحوهم"، خاصةً بعد الحملات "التعسفية" المتزايدة ضدهم منذ عام 2001، وأشهر تلك الحملات قضية "الكوين بوت"، والتي قبض فيها علي ٥٢ رجلاً من المثليين، وجرت محاكمتهم في محاكم أمن الدولة المصرية.
ووفق بيان جمعية "الأفلام المهمّشة"، تمّ تصوير الفيلم في مدينتي القاهرة وسان فرانسيسكـو "رغم كل الصعوبات", خاصة وأنه صوّر على مدى 3 سنوات، لكن من دون تخصيص ميزانية، معتمداً على عمل المتطوعين. وساهم المتطوعون، من ممثلين ومساعدين، بالتصوير في الشارع وداخل بيوتهم، مساهمين في تشغيل آلة الصوت وحمل الميكروفون وبناء الديكور، إلى جانب تقديم المرطبات.
فيلم على طريقة "الغوريلا"
ويشرح مخرج الفيلم ماهر صبري التصوير أنه جرى على طريقة "الغوريلا"، (أي صَوّر واهرب) بسبب القيود التي تفرضها الدولة على التصوير في الشارع.
وتدور القصة حول الشاب رامي، الذى يعاني نفسياً بعد أن يفارقه "حبيبه" وليد، ليتزوج من صديقته داليا. ويحتوى الفيلم لأول مرة مشاهد جنسية صريحة بين الشواذ.
ويراهن المخرج على قراصنة "الفيديو" لانتشار فيلمه لأنه متأكد أن الفيلم سيمنع عرضه في مصر، كما يقول، مشيرا إلى أن المهرجانات ستجد الفيلم منتشرا في الشوارع مع كل الأفلام الممنوعة.
واعتبر صبري، الذي كتب أيضاً سيناريو وحوار الفيلم، أن الفنان العربي "صار لا يستطيع أن يتناول الكثير من الموضوعات التي تناولتها السينما المصرية في الماضي". ويضيف "مثال علي ذلك، في العام الماضي عندما عُرض الفيلم المصري "عمارة يعقوبيان"، فوقع ربع أعضاء مجلس الشعب على بيان يطالبون فيه بحذف مشاهد الشخصية المثلية. وبالمقارنة بين الطريقة التي قُدمت بها الشخصية المثلية في هذا الفيلم وبين الطريقة التي قدمت بها الشخصية المثلية مثلا في فيلم "حمام الملاطيلي" (١٩٧٣) نجد ان مخرج "عمارة يعقوبيان" كان أكثر تحفظًا من نظيره في السبعينيات.
وصبري مخرج سيبمائي ومسرحي ورسام كاريكاتير. وكان أول مخرج يقدم الحب بين المثليين والمثليات على خشبة المسرح المصري. بدأ عمله كناشط من أجل حقوق المثليين في مصر، وأول من اكتشف قضية الشواذ الذين تم ضبطهم فى حادثة السفينة " الكوين بوت "في 2001 ومساعدة ضحاياها، وحصل على جائزة (فليپة دو سوزا)، في سنة 2002، من المنظمة الدولية لحقوق الانسان من المثليين.
استنكار ديني واجتماعي
من جهته، طالب مفتى مصر الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، بوقف عرض الفيلم و"حرقه فوراً". وقال إن "مثل هذه الأفلام تعد مفتاحاً للفجور، وارتكاب ما نهى الله عنه وتعتبر ترويجاً لسلوكيات اجتماعية منحرفة".
وأضاف واصل "حرم الله الشذوذ وشددت الشريعة الاسلامية على عقوبة الشاذ لأنه ليس مرضا نفسيا يصاب به الانسان كما يروج له في الغرب، بل هو سلوك شيطاني بغيض يجعل الانسان بعيدا عن خلقته الطبيعية أو فطرته التى فطره الله عليها".
وأكد على ضرورة "مقاومة هذه السلوكيات بمزيد من الوعي الديني والثقافي والاجتماعي، حتى نحمي ابناءنا من هذا المنكر، والشر الذى ابتلينا به".
بدوره، وصف مدير برنامج مكافحة الايدز في مصر الدكتور زين العابدين الفيلم بأنه "ضربة موجعة لكل الجهود التى نبذلها لمكافحة فيروس الايدز". وقال " ان الممارسات الجنسية غير الطبيعية تأتي في المرتبة الثانية لاحتمالات الاصابة بهذا المرض بعد نقل الدم".
وتابع "نحذر من هذه الممارسات، فحينما يأتي مثل هذا الفيلم، حتى لو أنه لن يعرض على شاشات السينما المصرية، فانه بالتأكيد هناك جهات أجنية ستعمل على عرضه على شبكة الانترنت، ولأن متصفحي الانترنت من فئة الشباب سنصبح أمام كارثة حقيقية لا يحمد عقباها".
رؤية نقدية
وتعليقا منها على الفيلم، أشارت الكاتبة والناقدة السينمائية ماجدة خيرالله، إلى أنه لا يوجد ما يمنع أن تطرح السينما أي مشكلة أو ظاهرة اجتماعية، "ولكن القضية هي كيفية طرح مثل هذه المشاكل ومعالجتها فنيا بما يتلاءم مع المجتمع المصري الذى أعتقد أن نسبة الشواذ فيه ضئيلة جدا بالمقارنة بمجتمعات اخرى".
وأكدت خير الله انها لم تطلع على سيناريو هذا الفيلم، للحكم عليه فنياً، لكنها أكدت أن احتوائه مشاهد جنسية صريحة "أمر مرفوض وخطر. وطالما أن مخرج الفيلم مقتنع بأن عمله لن يعرض فى مصر، وانه انتجه من أجل اشباع ذاته، فهذا أمر يخصه، ولا يمكننا التعليق عليه، لأنه بذلك يصبح كأي فيلم "ديجيتال" يتم تنزيله على الانترنت".
وترفض الناقدة المصرية تعميم استغلال ظاهرة الأفلام المهمشة لانحراف المجتمع، مؤكدة أن هذه الأفلام ليست بهذا السوء، "فهناك أفلام منها مهمة جدا مثل فيلم "عين شمس "الذى انتج بدون أي أبطال أو نجوم".