لا للدعارة في يورو 2008 .. شعاربدون تنفيذ !!
أصبحت البطولات الرياضية العالمية في موقف لا تحسد عليه في ظل اتهامات ارتفعت وتيرتها في السنوات الأخيرة، حول انتشار وانتعاش سوق الدعارة على هامش تلك البطولات وفي الدول التي تستضيف هذه الفعاليات الرياضية العالمية والقارية، بل أن تلك الظاهرة أصبحت نتاج تخطيط مسبق وتدابير وإجراءات يتخذها أعضاء هذه الشبكات قبل انطلاق البطولات لضمان تحقيق مكاسب مالية طائلة.
وهو الأمر الذي قد يجعل من بطولات كأس العالم والدورات الأولمبية وكأس أمم أوروبا وغيرها من البطولات العالمية الكبرى في دائرة الشبهات والسمعة السيئة الأمر الذي يتناقض مع الجوهر الأخلاقي للمنافسات الرياضة، كما أنه لا علاقة له بالمتعة الكروية .اللافت في تلك الظاهرة أن نساء أوروبا الشرقية وبعض الدول الآسيوية هن وقود من هذا النوع التجارة، حيث يحصلن على تأشيرات دخول للبلدان المستضيفة للبطولات دون عوائق تحت ستار متابعة المباريات، وهو الأمر الذي يصعب على سلطات البلد المنظم السيطرة علية أو الحد منه، وخلال بطولة الأمم الأوروبية الحالية والمقامة في سويسرا والنمسا تخشى منظمات حقوق الإنسان من زيادة حجم الاتجار بالنساء على هامش البطولة .
السويسريون يرفعون شعار (لا للدعارة)
اغتنمت المنظمة السويسرية لمنع الاتجار بالنساء فرصة بطولة كأس الأمم الأوروبية المقامة في كل من سويسرا والنمسا وأطلقت حملة في ملاعب الكرة وعلى شاشات العرض العامة للحد من ظاهرة إجبار النساء على ممارسة البغاء.
وذلك من خلال عرض فيلم تسجيلي تدور أحداثه عن فتاتين تجلس أحداهن وقد بدا الخجل والخوف عليها في قاعة بها عدد كبير من الرجال الذين يتسابقون في مزاد علني لنيل هذه المرأة الشابة، التي ينتهي بها المطاف كعاهرة على قارعة الطريق.
وهدف هذا الفيلم القصير تسليط الضوء على انتشار ظاهرة إجبار النساء على ممارسة البغاء، وهي الظاهرة التي ترتفع حدتها بالتزامن مع البطولات الرياضية الكبرى التي تستقطب أعداد وجنسيات كبيرة من المشجعين.
ووفقًا لمصادر صحافية سويسرية وعلى رأسها "سويس انفو" فقد تم عرض الفيلم القصير في التلفزيون السويسري والملاعب التي تقام عليها مباريات البطولة إضافة إلى شاشات العرض العامة المخصصة لمتابعة مجريات البطولة. ويرى أصحاب تلك المبادرة الإنسانية المتحضرة أن البطولة الأوربية تعد فرصة فريدة من نوعها للوصول إلى اكبر عدد من الأشخاص وإطلاعهم على قضية الاتجار بالنساء، كما قالت النائبة البرلمانية الاشتراكية السابقة ورئيسة الاتحاد غابي فيرموت.
وحصلت المنظمة السويسرية لمنع الاتجار بالنساء على دعم أعضاء لجنة شؤون المرأة في البرلمان الأوروبي في إنجاح هذه المبادرة الاجتماعية ضد إجبار النساء على ممارسة البغاء.
ومن جانبها قالت رئيسة اللجنة أنا زابورسكا أن ألمانيا قد شهدت مبادرة مشابهة خلال بطولة كأس العالم، 2006 حيث تم إشهار البطاقة الحمراء ضد إجبار النساء على ممارسة البغاء. وتضيف المسؤولة الأوروبية قائلة: "سنلجأ من جديد إلى فكرة البطاقة الحمراء".وترى النائبة البرلمانية الألمانية عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي ليسي غرونر أن حملة 2006 في ألمانيا حققت نجاحاً كبيراً وساهمت في الحد من هذه الظاهرة.
وقالت غرونر في هذا السياق: "حققنا نجاحاً كبيراً في ألمانيا من خلال النقاش الموسع بدعم من جماهير الكرة وساهمنا في منع حدوث مثل هذه الحالات".
نساء أوروبا الشرقية سبب تفاقم الظاهرة
بالتزامن مع انطلاق بطولة أمم أوروبا "يورو 2008"، وربما قبلها بأسابيع استقبلت الأراضي السويسرية والنمساوية آلاف الجماهير من كافة أرجاء القارة الأوروبية، حيث شكلت جماهير أوروبا الشرقية نسبة كبيرة من تلك الجماهير وخاصة من روسيا وبولندا ورومانيا والتشيك، كما أن تلك البلدان لديها أعداد كبيرة من رعاياها يقيمون بشكل غير شرعي في سويسرا والنمسا، فضلاً عن أن بيانات لجنة شؤون المرأة في البرلمان الأوروبي تشير إلى أن عدد النساء المختطفات من بلدان أوروبا الشرقية يتجاوز نصف مليون امرأة سنوياً.
وتلك المختطفات يعشن بصورة غير شرعية في البلدان التي يتواجدن بها، ثم يتم إجبارهن على ممارسة البغاء.
النمسا تنفي العلاقة بين كرة القدم والدعارة
من جانبها ترى النائبة البرلمانية النمساوية كريستا بريتس أن إثارة هذه القضية على هامش البطولة الأوروبية "يورو 2008" لا يعني توجيه إصبع الاتهام للفعاليات الكروية، لكن المسؤولة النمساوية تضيف قائلة: "لا تزداد حالات البغاء بشكل كبير على هامش الفعاليات الكروية فقط، بل تزداد كذلك خلال الفعاليات الكبيرة بصرف النظر عن هويتها سواء كانت رياضية أم لا".
ولا تقدم اللجنة الأوروبية أرقاما دقيقة على حجم إجبار النساء على ممارسة البغاء في إطار هذه الفعاليات والأنشطة الكبيرة، الأمر الذي يمثل مشكلة، كما ترى بريتس. وتطالب المسؤولة النمساوية بجهود أكبر في مجال جمع البيانات وتقديم الإحصائيات المستندة على دلائل قوية تربط بين ارتفاع وتيرة هذه الظاهرة المخجلة وبين البطولات الرياضية، كما يجب اتخذا تدابير تتصف بالحكمة والذكاء لمواجهة هذه الظاهرة وفي الوقت ذاته عدم التضييق على التدفق الجماهيري المساند لمنتخبات بلاده، حيث أن تلك الجماهير التي تزحف خلف منتخبات بلادها تعد أحد أهم مصادر الدخل للدول المنظمة للبطولات.
تفاقم الظاهرة بدأ مع كأس العالم في ألمانيا 2006
كانت بطولة كأس العالم التي أقيمت في ألمانيا صيف عام 2006 بداية الشعور بتفاقم الظاهرة ولكن هذا لا يمنع من وجودها قبل ذلك بسنوات بعيدة، ولكن التركيز الإعلامي المكثف على رصد كافة الظواهر التي صاحبت المونديال الألماني كان سببًا في شعور العالم برواج وانتشار ظاهرة "البغاء" على هامش البطولات الرياضية الكبيرة التي تشهد تجمع أعداد هائلة من مختلف الجنسيات في مكان واحد من أجل متابعة مباريات تلك البطولات.
فقد أثار إعلان بيت دعارة في مدينة كولونيا الألمانية غضب الكثيرين وخاصة الدول العربية والإسلامية المشاركة في المونديال وخاصة إيران والسعودية وتونس بعد أن وضع لافتة كبيرة على احد المباني الضخمة، صورت عليها امرأة نصف عارية واعلام الدول المشاركة في بطولة كأس العالم، وكتب على اللافتة المثيرة للجدل "العالم ضيف الصديقات" في تحوير للشعار المعتمد لمناسبة مباريات كأس العالم في ألمانيا والذي جاء على النحو التالي: "العالم ضيف الأصدقاء".
وقال صاحب الإعلان المثير للجدل أن اللافتة الإعلانية صممت بهدف تجاري ولم يكن لها أي خلفية مسيئة لأحد، ولم يخطر ذلك بذهن أي من الذين كانوا قيمين على العمل .
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) قد أعرب عن قلقه من التأثير السلبي للدعارة المقننة في ألمانيا على كأس العالم وذلك قبل انطلاق البطولة، مؤكداً في الوقت ذاته بأنه لا يملك الوسائل الكافية لوقف تلك الظاهرة، لكن رئيس الفيفا جوزيف بلاتر وجه نقدا واضحا للألمان قائلاً بأن الجزء الاكبر من المشكلة ( الدعارة) لا يقع علي عاتق الاتحاد الدولي لكرة القدم.
وتم تنظيم حملة لمجابهة تلك الظاهرة وكان من أبرز أهدافها جذب تعاطف الزائرين للحدث العالمي الكبير في ألمانيا، وذلك من خلال تعريفهم بالظروف الاقتصادية، والاجتماعية الصعبة التي تعانيها تلك النسوة اللواتي يجبرن على ممارسة البغاء .
كما تفاعلت هايدي سيمونز رئيسة منظمة الأمم المتحدة للطفولة " اليونسييف" ، وراعية هذه الحملة في هذا الوقت، مع الحدث وقالت ... أن هذه الحملة هامة جداً، مشيرة إلى أنها تعي أن الكثيرين يظنون أن الدول الأوروبية الغنية مثل ألمانيا لا يمكن أن تشهد مثل هذه الظاهرة( الدعارة) ، وأنه بالتالي لا يجب عمل الكثير. وتابعت :" نريد أن نوضح أن على الباحث عن هؤلاء الفتيات التفكير فيما يطلب.. على الأقل يجب أن يشعر بالعطف عليهن... فمع كل السعادة والحماس للعب، يجب أن يضعوا في اعتبارهم ألا تكون النساء والفتيات مجبرات على فعل ما يقلل من قيمتهن وآدميتهن".
مخاوف من تفاقم ظاهرة البغاء في أولمبياد فانكوفر 2010
وفي سياق متصل تخشى سلطات مدينة "فانكوفر" الكندية من تفاقم ظاهرة البغاء بالتزامن إنطلاق أولمبياد 2010 الشتوي، خاصة وأن عاملات في مجال البغاء وشبكات عاملة في هذا المجال قد أكدت أن هناك استعدادات خاصة لهذا الحدث العالمي الكبير مع وجود توقعات بانتعاش اقتصادي لأصحاب تلك الشبكات والمنظمات المشبوهة، واللافت أن هناك من أكد على شرعية التحركات التي تتخذها هذه الشبكات بحجة أن تنظيم الأولمبياد من أهدافه تحقيق نمو وانتعاش اقتصادي.
كما أشارت متحدثة إلى أن الأحداث الرياضية العالمية كالألعاب الأولمبية تجذب بشكل مألوف تدفقاً هائلاً من العاملات في مجال الجنس. فعلى سبيل المثال، مع بدء مباريات كأس العالم في كرة القدم في ألمانيا توقّع السياسيون ومجموعات حقوق المرأة هناك تهريب حوالى 40,000 امرأة إلى البلاد للعمل في تجارة الجنس.
وقالت إنه بغض النظر عن النقاش حول الجانب الأخلاقي للظاهرة، فإن المنظمين لأولمبياد فانكوفر الشتوي بحاجة إلى مقاربة بالنسبة إلى سلامة وأمن العاملات في مجال الجنس، ولا يمكن أن يستمر النقاش حول الجوانب الأخلاقية فقط رغم أن الظاهرة موجودة ويجب العمل على معالجتها بشكل عملي"