مصريات "يحلقن" للرجال .. وزبائنهن مشاهير وسفراء وأوروبيون
اعتبر د.عبد الفتاح البركاوي، الأستاذ بجامعة الأزهر أن عمل المرأة في صالون حلاقة رجالي أمر ضد الدين، معتبرا أن ذلك يدخل في إطار الأفكار المستوردة من الغرب، مشيرا إلى أن المرأة المسلمة لها طبيعة مختلفة، وأن الإسلام أباح التكامل المجتمعي بين المرأة والرجل في العمل بمعنى أن للمرأة أعمالا تكمل بها الرجل بما يوافق طبيعتها.
وجاء كلام البركاوي تعليقا على قيام عدد من السيدات والفتيات بالعمل داخل صالون حلاقة رجالي، بعد أن تعلمن كل فنون الحلاقة من شعر وذقن وغيره.
وقد انتشرت هذه المهنة في بعض مناطق القاهرة بصورة كبيرة، بحسب ما يقول مراسل صحيفة جريدة "السياسة" الكويتية في العاصمة المصرية.
وذكرت الصحيفة في عددها المنشور يوم الجمعة 28-3-2008 أن تجربة قيام السيدات بالعمل داخل صالون حلاقة لاقت رواجا بين الناس في القاهرة, خصوصا أن عددهن في زيادة باستمرار وأصبحت معتادة بالنسبة للناس وهذه المحلات منتشرة في منطقة وسط القاهرة والمهندسين ومدينة نصر.
ويتردد عليهن عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب ورجال الأعمال وبعض المشاهير، أمثال الكاتب أنيس منصور وسفراء الدول الأوروبية.
ويعتبر الحلاق سعيد هو صاحب الفكرة, حيث قام بتعليم مجموعة من الفتيات فنون الحلاقة الرجالي، وقد عملن بعد ذلك في كثير من الأماكن.
الصدفة لعبت دورها
وتقول سهير صاحبة أحد أشهر صالونات الحلاقة الرجالي في مصر، إنها تعلمت فنون الحلاقة الرجالي من زوجها سعيد صاحب صالون حلاقة رجالي في وسط القاهرة، والذي يعتبر أول من قام بنقل هذه التجربة من أوروبا؛ حيث تعلمت على يديه مع مجموعة من الفتيات أصول الحلاقة الرجالي، وتضيف: "الصدفة التي قادتني إلى هذا العمل؛ حيث كنت أتدرب في "كوافير" حريمي، وحدثت بيني وبين إحدى الزبائن مشاجرة وتم طردي من الصالون، وقد أخبرني زوج شقيقتي أن هناك سيدة أجنبية تساعد الحلاق الذي يذهب إليه في الحلاقة.
وعرضت على صاحب الصالون العمل معه، فوافق وتدربت معه فترة قصيرة والتحقت بعد ذلك بصالون حلاقة آخر في وسط البلد، وفيه تعلمت من صاحبه سعيد كل فنون الحلاقة الرجالي".
وتتابع قائلة: "تزوجت من سعيد بعد ذلك، وكان أول زبون أقوم بقص شعره شابًّا سعوديًّا، وقتها كنت خائفة، لكن الشاب أزاح عني هذا الخوف عندما طلبني بالاسم، ودخلت في تحدي مع زوجي الذي قال لن تستطيعي القيام بذلك، ولكن انتصرت عليه وأعجب الشاب بطريقة قص شعره وأصبح زبونا دائما عندنا في الصالون، وفي بداية عملي في هذه المهنة كان الناس ينظرون لي نظرة غريبة، ولكن بمرور الوقت تعودوا علي، وبعد عدة سنوات قمت بافتتاح صالون حلاقة رجالي تعمل فيه فتيات، والحمد لله وصلت إلى مرحلة جيدة وأصبح للصالون زبائن دائمة يأتون خصوصاً ليقصوا شعرهم لدي، كما أن العلاقة بيني وبين الزبائن تقوم على الاحترام المتبادل.
وأضافت أنها تقدم للزبون الخدمة التي يحتاجها وتنفي وجود أي مضايقات من جانب الزبائن، فليس هناك ما يستدعي ذلك. مشيرة إلى أنها تقوم حاليا بتعليم البنات الحلاقة الرجالي من حلق الذقن وعمل السيشوار، حتى أصبح لديها مجموعة من الفتيات تجيد كل فنون الحلاقة الرجالي, خصوصا أن عمل الكوافير الحريمي يختلف عن الرجالي؛ نظرا لاختلاف طرق الحلاقة.
وأشارت سهير إلى أن دورها مع الزبائن يقتصر على تقديم النصيحة لهم حتى يختاروا قصة الشعر التي تتناسب معهم، فإذا اختار أحدهم شيئا لا يناسبه تحاول إقناعه بأنها غير مناسبة له حتى يختار قصة أخرى تناسب طبيعة شعره ومظهره الخارجي، مؤكدة أنها تعشق عملها ولا تستطيع أن تتركه، فهي تجد نفسها في ممارسة هذه المهنة، خصوصا أن حب العمل الذي يؤديه أي شخص من أهم الأشياء التي تجعله ينجح فيه، لذلك فعشقها لمهنة الحلاقة الرجالي جعلها متميزة ومتفوقة على أقرانها من الرجال وتنافسهم بقوة في هذه المهنة.
ابنها يرفض أن تحلق له
أما سماح فتقول: إن عدم وجود فرص عمل بعد التخرج والظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التي مررت بها بعد وفاة زوجي دفعتني للبحث عن أي عمل شريف لتربية ابني الوحيد. وتعرفت على الحلاق سعيد وتعلمت منه كل فنون الحلاقة، وأصبحت الآن لدي قناعة تامة بهذا العمل، خصوصا بعد أن شاهدت البنات اللاتي تعملن في هذا المجال حققن نجاحا كبيرا مما دفعني حب الاستطلاع للعمل في هذه المهنة، خصوصا مع عدم وجود فرص عمل أخرى, ولكن المشكلة التي قابلتني في البداية كانت المعاكسات والمضايقات من الجنس الآخر، لكنني تغلبت عليها وبدأ الشباب يتعودون ويتعاملون معي بشكل طبيعي ومألوف عليهم.
وأضافت أن زبائنها معظمهم من كبار السن وبعض الشباب، بالإضافة إلى بعض المستويات الراقية وبعض رجال الأعمال ومشاهير المجتمع وبعض السفراء الأجانب، ومن المواقف الطريفة التي تعرضت لها رفض ابني قيامي بقص شعره. وعندما يأتي إلى الصالون الذي أعمل يطلب من الحلاق سعيد قص شعره ويقول "مش في كل حاجة تقلدوا الرجالة".
بين معارض ومؤيد
وعن رأي الشباب في عمل هؤلاء السيدات في مهنة الحلاقة الرجالي يعترض طارق فتحي "مهندس" على عملهن في مهنة الحلاقة الرجالي، خصوصا أنه من الناحية الدينية غير جائز.
لأن في هذا العمل اختلاط بين الرجل والمرأة، وهو ما نهى عنه الإسلام. وهناك مشكلة أخرى تتمثل في أن الحلاقة والزبون الذي تقص شعره لن يأخذا راحتهما في الحركة أثناء الحلاقة. لذلك ليس هناك أي مبرر لقيام هؤلاء السيدات بالعمل في مهنة الحلاقة الرجالي.
وإذا كانت الظروف الصعبة هي التي أدت بهن إلى العمل في صالون حلاقة رجالي، فلماذا لا يعملن في "كوافير حريمي؟" أنا لست ضد عمل المرأة طالما أنه عمل يناسبها وفي إطار القواعد والآداب التي حددها الدين.
ويقول أحمد عبد الصمد "محاسب": عمل المرأة في هذا المكان ليس فيه حرج، المهم أن الخدمة تؤدي بالشكل المطلوب، وأنا عن نفسي أتردد على صالون حلاقة رجالي تعمل فيه سيدات، وأصبحت أرفض أي حلاق رجالي يقص شعري، ومن خلال تجربتي ثبت أن درجة إتقان السيدات لحلاقة الشعر الرجالي أفضل من الرجال، وطالما أن عمل هؤلاء السيدات شريف، فما المانع من ذلك؟ وأيًّا كان الحلاق ولد أو بنت، فالبقاء هنا للأفضل.