نظرة علي حصاد «أسبوع دبي للساعات»

«أسبوع دبي للساعات» يختتم اليوم فعالياته على دقات عصرية تجمع الابتكار بالاختراع من خلال أسماء عالمية ومبدعون مستقلون يرسمون وجه الفخامة الجديدة
«أسبوع دبي للساعات» يختتم اليوم فعالياته على دقات عصرية تجمع الابتكار بالاختراع من خلال أسماء عالمية ومبدعون مستقلون يرسمون وجه الفخامة الجديدة

ما لا يختلف عليه اثنان أن المنتجات المترفة تبحث عن المال، سواء تعلق الأمر بالطبقات الأرستقراطية والأثرياء، أو الطبقات المتوسطة المتنامية المتعطشة للحياة اللذيذة.
 
وبما أنه ليس هناك أكثر من الساعات المعقدة ترفا وجذبا للأثرياء وهواة الاقتناء، فقد أصبحت لها هي الأخرى أسابيع، على غرار أسابيع الموضة، كما لها عواصم مهمة تحط فيها الرحال لاستعراض آخر الطرازات والإصدارات، نذكر منها جنيف وبازل وهونغ كونغ، وطبعا دبي. 
 
فهذه الأخيرة أصبحت الأمل بالنسبة لكثير من صناع الساعات بعد تباطؤ الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة. ففي 2014، صدرت سويسرا ساعات بقيمة قياسية بلغت 24.3 مليار دولار، كان نصيب سوق الإمارات منها 4.6 في المائة، أي زيادة بنسبة 8.9 في المائة مقارنة بعام 2013.
 
دور كبير في هذا النجاح يعود إلى مؤسسة «أحمد صديقي وأولاده»، التي تتمتع بنحو 65 منفذ بيع بمختلف أرجاء الإمارات، وكانت لها رؤية سابقة لأوانها من حيث احتضان أسماء مبتكرين مستقلين إلى جانب الأسماء العالمية المعروفة، ما يجعلها أهم مؤسسة بيع تجزئة في الشرق الأوسط في هذا المجال.
 
أهمية هذه الأسابيع، أو المعارض، تكمن أولا في تحريك السوق، وثانيا في خلق بيئة مناسبة، تتيح لعشاق الساعات تجريب ومعاينة آخر الطرازات عن قرب، بالإضافة إلى طرح أسئلة مباشرة على خبرائها ومهندسيها.
 
وهذا تحديدا ما وفره «أسبوع دبي للساعات» الذي افتتح أبوابه في الـ 19 من الشهر الحالي، وانتهى اليوم مخلفا أصداء طيبة ومتفائلة بمستقبل هذا القطاع في المنطقة. 
 
فقد استضاف نحو 30 متحدثًا ألقوا كلمات بينهم أوريل باكس، رئيس شركة «باكس آند روس» الاستشارية بمجال الساعات، التي وقعت عقد شراكة مؤخرًا مع قسم الساعات الجديد لدى دار مزادات «فيليبس»، فضلا عن تنظيمه جلسة نقاشية حصرية مع كارل فريدريخ شوفيلي، بصفته مؤسس دار «Chopard Manufacture» في فلورييه بسويسرا. وقد تحدث خلال الجلسة الحوارية المفتوحة عن مسيرة تصميم وإنتاج نخبة من أرقى الساعات السويسرية.
 
هذا عدا عن مشاركة شركات مهمة بإصداراتها الأخيرة، مثل «إيه لانغيه آند صونه» و«أوديمار بيغيه» و«بريتلينج» و«بولغاري» و«شوبارد» و«بولغاري» و«دو غريسغونو» و«إف بي جورن» و«هوبلو» و«إتش واي تي» و«آي دبليو سي» و«لوي مونيه» و«مون بلان» و«بانيراي» و«لوي مونيه» و«ريتشارد ميل» و«تاغ هوير» و«تيفاني أند كو» و«فاشرون كونستانتين».

ويأتي هذا المعرض متممًا لمعرضين آخرين ينعقدان في إطار «أسبوع دبي للساعات» بمركز دبي المالي العالمي، أولهما المعرض المتنقل لجائزة جنيف الكبرى للساعات الفخمة (GPHG) الذي يتضمن الاختيارات الأولية الرسمية المتنافسة على جائزة «جنيف الكبرى» للساعات الفخمة 2015، وثانيهما معرض «ريبيلز أوف هورولوجي» الذي يسلط الضوء على الإبداعات الفذة لدُور الساعات المستقلة.
 
ما يُحسب للمعرض الذي تنظمه مؤسسة «أحمد صديقي وأولاده»، أنه رغم سنواته الغضة، خطى خطوات كبيرة إلى الأمام، ما يجعل الكل متحمسا لحضوره والمشاركة فيه هذا العام، بمن فيهم هواة الاقتناء، حسب قول مليكة يازدجري، رئيسة شؤون الاتصالات لدى «أحمد صديقي وأولاده» التي أكدت أن «عددًا من هواة جمع الساعات أيضا يحضرونه ومعهم ساعاتهم في جيوبهم» لتقييمها أو استعراضها بفخر.
 
كما عُرضت 72 قطعة تتنافس على الجوائز الـ 16 السنوية لـ «غراند بري»، والتي من المقرر توزيعها في جنيف في 29 أكتوبر (تشرين الأول) . غير أن اللافت في المعرض قسم خصص لصناع مستقلين، لكنهم مبدعون بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بعنوان «ذا ريبيلز أوف هورولوجي» The Rebels of Horology يتم الاحتفاء فيه بأحدث الإبداعات من كل من «بوفيه»، و«كابيستان»، و«دي بيثون»، و«غروبل فورسيه»، و«هاوتلينس»، و«لوران فيرييه»، و«إم بي آند إف»، و«موريتز غروسمان»، و«إتش موزير آند سي»، و«ريتشارد ميل»، و«أورويرك إس إيه».
 
وشرحت هند صديقي، المدير التنفيذي للتسويق لدى مجموعة «أحمد صديقي وأولاده» المنظمة لـ «أسبوع دبي للساعات» قائلة إن «التركيز هنا يكون على سمات الحرفية الفنية والإبداع الذي يتسم به قطاع صناعة الساعات حين (تمزج بين الفن والتكنولوجيا لإبداع إصدارات محدودة من الساعات المصنوعة يدويًا تستهوي عشاق اقتناء الساعات الفريدة والفاخرة)». 
 
لكن حتى يفهم الزوار هذه التقنيات العالية التي ترقى أحيانا إلى مستوى الاختراعات، فإن معرض «ريبيلز أوف هورولوجي» منبر للتعريف بكيفية صناعة كل إصدار محدود من البداية حتى النهاية.
 
أي من وضع التصور الأولي مرورًا باستخدام الأدوات البسيطة كالمبرد والمفكات لابتكار وتصميم شكل هذه الآلات الزمنية المعقدة، وصولاً إلى اللمسات والإضافات اليدوية الأخيرة.
 
من أهم المشاركين هنا ستيفن فورسي، أحد مؤسسي «غروبل فورسي»، وفيليكس بومغارتنر، أحد مؤسسي «أورويك»، اللذان يعتبران من بين أسماء قليلة تحاول أن تسلك خطا مختلفا ومتمردا إلى حد ما على صناعة تهيمن عليها مجموعات ضخمة.
 
فأي شخص يمكن أن يمتلك ساعة «روليكس»، لكن أن يمتلك ذوقًا رفيعًا ورؤية تجعله يقدر الأسماء المستقلة ويفهمها فهذا ما لا يمتلكه سوى قلة من العارفين الواثقين من أنفسهم، لما تنطوي عليه العملية من مخاطر، بالنظر إلى أن أغلب الزبائن يميلون نحو الأسماء التجارية المعروفة.
 
وربما هذا ما يجعل الخطوة التي أخذتها مؤسسة «صديقي» بضم هؤلاء المصنعين المستقلين، شجاعة وفي غاية الأهمية.
 
في هذا الصدد، اعترفت يازدجري أن سوق الشراء تغيرت نوعا ما في الشرق الأوسط، حيث قالت «قبل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم في 2008، كانت طريقة الشراء في المنطقة مختلفة عما هي عليه الآن، كنا نستقبل عملاء يطلبون رؤية أغلى ساعة أو ساعة مثقلة بالألماس، لكن على مدار الأعوام السبعة أو الثمانية الماضية، لاحظنا تغيرا ملموسا ما يثلج الصدر لأن جهودنا في تثقيف الزبائن أعطى ثماره».
 
لهذا السبب تنظم المؤسسة كثيرا من الأنشطة على مدار السنة هدفها «تسليط الضوء على الحرفية لأن الناس تحتاج إلى فهم هذا الجانب حتى تقدر صناعة الساعات بشكل حقيقي».
 
ويوافق رأي ماكسيميليان بوسير، مؤسس ومدير «إم بي آند إف»، وهي علامة تجارية مستقلة بمجال الساعات، مع كلام يازدجي حيث يقول : «الأربع سنوات أو الخمس الأخيرة شهدت تغييرًا هائلاً، لقد التقيت كثيرا من جامعي الساعات المعروفين في دبي، ولمست كيف يميلون إلى اقتناء مجموعات مثيرة للاهتمام».
 
وتجدر الإشارة هنا إلى أن التغير في الذائقة العربية ترافق مع تغير في خريطة السوق العالمية. فعلى امتداد الأعوام الـ 10 الماضية، ظل الاهتمام منصبا على السوق الصينية، وكانت كل الآمال معقودة عليها، إلا أنها شهدت تباطؤا في السنوات الأخيرة بسبب قانون منع تقديم الهدايا وغيرها، الأمر الذي جعل صناع الساعات الفاخرة يوجهون أنظارهم نحو منطقة الشرق الأوسط. 
 
في البداية اعتقدوا أن القطع شديدة الزخرفة هي طريقهم إلى هذه السوق، لكن سرعان ما انتبهوا إلى أنهم يحتاجون إلى أكثر من ذلك لكسب قلوبهم والوصول إلى جيوبهم.