نادية لطفي.. العندليبة الشقراء

 نادية لطفي.. أحد ايقونات السينما العربية المميزة، ذات الجمال الأرستقراطي الملائكي المميز، والضحكة الفريدة من نوعها والتي يمكن تمييزها بسهولة، إضافه إلي عينيها الساحرتين التي امتعتنا بنظراتها العميقة، خاصه في فيلم صلاح الدين.


 
وتعتبر نادية لطفي من النجمات القلائل التي تعلم كيف تكون مثيرة، بريئه وغامضة في نفس الوقت، ويمكنها عندما تحزن ان تكسر قلبنا بكل جداره، لذا لقبها العندليب عبدالحليم حافظ بلقب "العندليبة الشقراء".
 
اسم نادية لطفي الحقيقي هو "بولا محمد لطفي شفيق"، وولدت في القاهره في حي عابدين عام 1938. كان لها هوايات كثيرة مثل الرسم وكتابة الروايات القصيرة. ولم يخطر ببالها ان تدخل
مجال التمثيل بسبب تجربتها السيئة علي مسرح المدرسة، والتي نسيت وقتها الكلام أمام الجمهور بالرغم من نجاحها وتألقها في البروفات.
 
ودخلت نادية لطفي التمثيل عن طريق الصدفة، وذلك خلال سهرة اجتماعية قابلت فيها المنتج رمسيس نجيب الذي رأي فيها بطلة فيلمه القادم "سلطان" أمام وحش الشاشة النجم فريد شوقي عام 1958.
 
ولكن الأمر تطلب منها تغيير أسمها بسبب غرابة مسمعه علي الجمهور، لذا اختارت أسم نادية لطفي الذي كان أسم بطلة رواية "لا أنام" للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس.
وقد نجح فيلم سلطان بشدة، واعلن عن ولادة نجمة جديدة في سماء السينما العربية، وقدمت بعدها فيلم " حب إلي الأبد" مع النجم احمد رمزي وإخراج يوسف شاهين.
 
وفي فترة الستينات والسبعينات قدمت كمية كبيرة من الافلام مثل : "حبي الوحيد"، "السبع بنات"، "الخطايا"، "النظاره السوداء"،" صراع الجبابرة"،" الرجل المناسب"، " اعترافات إمرأة"، "ابدا لن اعود"، و"وراء الشمس". وكان اخر افلامها "الأب الشرعي" مع محمود ياسين ومن اخراج ناجي أنجلو. وبذلك تكون قد قدمت حوالي 70 فيلم علي مدار 30 عاما.
 
وأخر اعمالها كان مسلسل "ناس ولاد ناس" لتتوقف بعده عن التمثيل وتكتفي بنشاطها الإنساني. وقد عرفت ناديه لطفي بنشاطها السياسي والإنساني لدرجة أن البعض اطلق عليها لقب "تشي غيفارا" السينما العربية، لأنهم رأوا أنها مثل الخلطة الأنسانية التي تجمع بين الفن والثقافة والسياسة.
 
كما كان لها دور كبير ومهم في رعاية الجرحي والمصابين والأسري في الحروب المصرية والعربية بداية من العدوان الثلاثي عام 1956 وكل الحروب التي تلتها.
 
وقد فضت نادية لطفي اسبوعين من صفوف المقاومة الفلسطينية أثناء الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وكان معرضة للموت في أي لحظة. ومازالت محتفظه في مكتبتها الخاصة بـ 25 شريط
فيديو لوقائع حقيقية عاشتها بنفسها وقت الحصار الإسرائيلي للمقاومة الفلسطينية ببيروت.
 
وتزوجت لأول مرة من ضابط بحري أسمه عادل البشاري وأنجبت منه ابنها الوحيد أحمد، لكن الزواج لم يدم لفترة طويلة. وبعد ذلك تزوجت مرتين، احدهما من المهندس ابراهيم صادق والاخري من  شيخ مصوري مؤسسة دار الهلال الصحفية " محمد صبري".
 
ولم تكن نادية لطفي تنظر للفن من منظور ضيق ولم تكن تهتم بالكمّ بل بالكيف، فدورها في فيلم الراحل شادي عبد السلام الشهير «المومياء» لم يتعد المشهدين وكانا صامتين بلا حوار،ورغم ذلك تصدرت صورتها أفيشات الدعاية للفيلم بنظرتها الشهيرة التي تشبه في غموضها نظرة الموناليزا.
 
كما كانت نادية لطفي أول سيدة تدخل قشلاقات الجيش المصري بمنطقة العباسية لتتعلم فنون الفروسية والحرب حتي تستطيع تأدية  دورها الرائع في فيلم "صلاح الدين الأيوبي".
 
ومن آرائها الشهيرة عن أزمة السينما (أنه لا توجد أزمة سينما لأنه ببساطة لم تعد هناك سينما)، ومن المفترض ألا نتعجب من ذلك، لأن أدوارها التي عاشت بداخلنا تؤكد تلك الاراء، فدور "مادي" في النظارة السوداء كان دوراً جريئاً مليئاً بالتناقضات التي استطاعت نادية لطفي أداءها ببراعة السهل الممتنع.
 
ولم يمنعها مظهرها الأرستقراطي وجمالها الغربي من أداء أدوار بنت البلد التي اختلفت في كل فيلم فـ "ريري" في السمان والخريف تختلف عن "زوبة" في قصر الشوق الذي خضعت من أجله لتدريبات مكثفة على يد العالمة "نازلي" أحد راقصات شارع محمد علي لتعلمها كيف تتحدث وترقص وتمشي بطريقتهم.
 
وكانت نادية لطفي تحب ارتداء الفساتين القصيرة المنفوشة، والسراويل والقمصان والبلوزات، وحافظت علي لون شعرها الاشقر الذي اضفي عليها جمال ملائكي.
 
وتميزت دائما بمكياج هاديء، فكانت تركز علي مكياج العين الذي يعتمد علي الأيلاينر الثقيل علي الجفن العلوي للعين. ومن شدة جمال عينيها ، اختيرت صورة لعينيها لتكون صورة البوستر الخاص بمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في 2014.