انطلاق أسبوع نيويورك للخريف والشتاء المقبلين
إذا كنت في زيارة إلى التفاحة الكبيرة، نيويورك هذه الايام، ولاحظت ازدحاما غير معهود في الطرقات، أو لم تتمكن من الحصول على تاكسي بسهولة، أو حجز طاولة في مطعمك المفضل، فالسبب هو اسبوع الموضة النيويوركي الذي بدأ أمس، وسيمتد على مدى ثمانية ايام. لكن إذا كان الإنسان العادي، وبالذات غير المهتم بالموضة، سيصب جام غضبه على هذا الجنون الذي تعيشه المدينة في هذه الفترة، والازدحام الذي سيعقد حياته، إلا ان متابعي الموضة لا يشعرون بهذه المعاناة، بل العكس يعتبرونها مناسبة للاستمتاع بالجديد من جهة، وبالحفلات التي تنظمها الشركات والمصممون على الهامش من جهة ثانية، مثل الحفل الذي تم تنظيمه أول من أمس، بغرض المتعة أولا وإظهار الوجه الحسن للموضة ثانيا، بعيدا عن جدل الانوراكسيا وغيرها من السلبيات التي يحاول البعض إلباسها لها في كل موسم.
وكالعادة سيشارك قرابة 80 مصمما في هذا الاسبوع، معظمهم سيعرض في الخيام البيضاء المنصوبة في «براينت بارك» باستثناء قلة تنظم عروضها في أماكن أخرى. وسيسجل الاسبوع ايضا حضور ما لا يقل عن 100.000 شخص متخصص في هذا المجال فضلا عن الشخصيات المعروفة والنجوم.
وبلغة الأرقام، فإن المدينة ستجني حوالي 235 مليون دولار، الأمر الذي يؤكد انها صناعة مربحة ومجدية تستحق حضور عمدة المدينة وسيدة البيت الأبيض الاولى. عروض اليوم الاول تكون في الغالب عادية وتزيد سخونتها بالتدريج. وهذه المرة كانت البداية من خلال عرض رمزي لـ«فيوتشر فاشن» أو موضة المستقبل، الذي شاركت فيه بيوت أزياء عالمية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، بيربيري، فرساتشي، كالفن كلاين، بوديكا، وغيرها. الهدف منها كان تأكيد وعيها وتبينها للجانبين الاخلاقي والإنساني لهذه الصناعة، باستعمال مواد عضوية في كل قطعة.
لكن هذا لا يعني انها كانت بسيطة أو كئيبة، وهي الإيحاءات التي كانت تتبادر إلى الذهن في السنوات الماضية كلما ذكرت ملابس من مواد عضوية، بل العكس تماما، فهي في غاية الجاذبية والأناقة، خصوصا أن جميلات مثل جيسكا ستام، وأنوك ليبير، وكوكا روشا، من بين العارضات اللواتي ساهمن في إبراز جمالياتها.
في الجانب الآخر، وفي الخيمة التي نصبت كالعادة في «براينت بارك» قدمت رايتشل روي تشكيلة جمعت أسلوب الهنود الحمر مع اسلوب رعاة البقر (الكاوبويز) من خلال فساتين بيضاء وإبداعات من الصوف على شكل «بونشو»، في حين لم ينجح سكوت ستورنبرغ في أول تشكيلة نسائية له لماركة «باند أوف آوتسايدرز» أن يتخلص من تاريخه في مجال التصميم الرجالي، فجاءت تشكيلته بلمسات رجالية قوية.
لكن لا يكون أسبوع نيويورك في كامل لياقته وبريقه من دون ان يعج بالنجوم والنجمات، مع قليل من الجدل. هذه المرة ايضا لم يسلم، لكن من لسان العارضة السمراء ناعومي كامبل، التي كانت في السنوات الماضية وجها لامعا هنا، والسبب انه لم تتم دعوتها للمشاركة في أي من العروض، وفي المقابل رفضت أن تشرف أيا منها بجلوسها في مقاعد الصفوف الأمامية، متهمة المصممين بأنهم لا يعتبرون السمراوات مهمات، مشيرة إلى ان الموضة يجب ان تعود إلى ما كانت عليه في عهد مصممين رائعين أمثال إيف سان لوران، وجياني فرساتشي، وعز الدين علايا وغيرهم.
تجدر الإشارة إلى ان أسبوع نيويورك بدأ في عام 1943 كأسبوع خاص بالصحافة والمشترين الذين لم يسعفهم الحظ بحضور عروض باريس، وكانت صاحبة الفكرة والتنظيم متخصصة في إعلانات الموضة، اسمها إليانور لامبورت، وعرف نموا مطردا مع السنوات. خلال السبعينات والثمانينات كان المصممون يعرضون تشكيلاتهم في البيوت والمطاعم والنوادي المترامية في كل انحاء نيويورك.
وبقي الوضع على هذا الحال إلى ان قررت فيرن ماليس، نائبة رئيس «آي.إم.جي» الشركة التي تشرف على اسبوع ميرسيدس بانز للموضة، البحث عن مكان واحد يضم كل العروض. وفي عام 1994، اجتمع شمل كل المصممين في اسبوع الموضة النيويوركي كما نعرفه اليوم، في خيمة «براينت بارك».