تركيا .. بلاد القهوة تشرب الشاي بكل أشكاله وألوانه
توجد في تركيا 400 شركة لإنتاج الشاي بين كبيرة وصغيرة، و45 شركة تديرها الدولة التي تحدد في كل عام من خلال مجلس الوزراء أسعار العام، وكان السعر هذا العام 460 ألف ليرة تركية للكيلوغرام، إلى جانب تمويلات بلغت 65 ألف ليرة.
وقد نشأت أول شركة لصناعة الشاي في تركيا سنة 1747، وللحصول على كيلوغرام من الشاي الأسود هناك حاجة لخمسة كيلوغرامات من الأوراق التي تخمر بعد أن تلف حول نفسها، ثم تجفف بعد ادخالها للفرن ليتم الفصل بينها. وتمتلك شركة ليبتن 3 شركات في تركيا تزيد قدراتها عشر مرات على تلك التركية الخالصة.
وتعاني الشركات التركية الكبيرة من هيكلية كبيرة بسبب الطبيعة الموسمية للإنتاج، حيث يتم العمل صيفا فقط وتغلق جميع الشركات أبوابها شتاء، بينما تعمل بعض الشركات الصغيرة طوال العام بكميات لا تزيد على 5 أطنان لصغر آلاتها. وتشير الإحصاءات التركية إلى أن تركيا تزيد صادراتها من الشاي للخارج على 80 ألف طن سنويا. وتستهلك كل عائلة تركية ما لا يقل عن 8 كيلوغرامات من الشاي سنويا، حيث يعد الشاي المشروب الأساسي في تركيا، ولا يخلو منه بيت، إذ ينطوي على فلسفة مفادها أن الذي يشرب معك الشاي لا يضمر لك الشر.
كما أن شرب الشاي من التقاليد العريقة، حيث يتحلق أفراد العائلة والجيران والعمال في أماكن العمل حول الشاي في أوقات محددة، ومناسبات معروفة. وتختلف طرق إعداد الشاي من منطقة إلى أخرى وأحيانا من عائلة إلى أخرى، فهناك من يريده خفيفا، بينما يسعى بعض القرويين إلى جعله داكنا وقويا. وهناك من يكتفي بكمية قليلة ولمرة واحدة، وهناك من يضع كمية كبيرة من الشاي، وكلما نفدت كمية الماء بعد صبها في الفناجين يتم إضافة كميات أخرى من الماء على نفس الكمية من الشاي السابقة لمرتين وثلاث، ثم يترك الباقي للأطفال بعد أن يفقد قوته ويصبح مجرد ماء محلى بالسكر بنكهة الشاي ولونه البرتقالي.
يقول حقي رسول، وهو صاحب شركة تصدير لـ «لشرق الأوسط»: «الشاي في العائلة تعبير عن الانسجام، وفي العمل عن الوئام، وفي المقهى عن التسلية، كما هو تعبير عن الكرم عندما يقدم للضيف». وعما إذا كانت تجارة الشاي مربحة قال: «الأمر يتعلق بالمناطق التي يصدر إليها الشاي، فهناك من لا يشرب الشاي إلا إذا كان مريضا». وذكر طرفة حصلت له مع بعض الأوروبيين، حيث كان ضيفا عند إحدى العائلات، فسألت الزوجة زوجها في الصباح عما إذا كان يريد شايا مع الفطور، فرد عليها من الحمام «لست مريضا».
وأشار إلى وجود تحولات ايجابية في أوروبا نحو استهلاك كميات أكبر من الشاي، لا سيما في فصل الشتاء، وظهور دراسات كثيرة تتحدث عن فوائده الصحية. أما المشكلة الأكبر في أوروبا الشرقية، فهو اعتبار معظم شعوبها، خاصة غير المسلمة، أن «الشاي الأحمر أو الأسود على اختلاف التسميات، مشروب تركي»، لذلك يهجر بعض المتعصبين شربه من هذا المنطلق، رغم أن زراعة الشاي منتشرة في آسيا وأفريقيا والأميركيتين.
كما يعتقد البعض بأن التركي لا يشرب سوى الشاي، الأمر الذي أصاب بعض الأتراك بعقدة من هذا المشروب، فيطلبون قهوة عندما يسألهم صاحب البيت غير التركي أو النادل في مقاهي البلدان الأخرى. وتنتشر الحقول المزروعة بالشاي في تركيا على الساحل الجنوبي للبحر الأسود، وتقترب من شواطئه على امتداد 300 كيلومتر. وتخصص تركيا معظم إنتاجها من الشاي للاستهلاك المحلي، فيما تصدر 35% فقط من الإنتاج للخارج. ويعتبر إنتاج الشاي في تركيا نشاطا زراعيا تكميليا لدعم الدخل العام للعائلة.
قال إسهام ارديز، وهو فلاح تركي «زراعة الشاي توفر للعائلة عائدات إضافية، كما تساهم في دعم الاقتصاد الوطني»، وأضاف: «معظم العائلات في قريتنا تهتم بزراعة الشاي».
ويبلغ سعر الكيلو الواحد من الشاي 27 سنتيما، ويحتاج المرء للحصول على هذه الكمية من الشاي إلى 5 كيلوغرامات من الأوراق. ويزيد عدد المؤسسات العاملة في إنتاج الشاي في تركيا على الأربعمائة شركة، ومعظمها شركات صغيرة. لأن المؤسسات الكبيرة تجد صعوبات جمة في تنظيم العمل على الصعيد الموسمي. لكن اهتمام المزارعين بدأ يتوجه في المدة الأخيرة نحو زراعة الكيوي، وقد تصبح جورجيا وإيران مصدرا أساسيا لمشروب الصداقة الذي يقدمه الأتراك لضيوفهم في المنازل والمقاهي كما يقول المراقبون.