الإيدز .. كيف نعالجه ونتعايش معه مدى الحياة؟

 «كوكتيل الإنقاذ» نظام حديث مطور من مضادات الفيروس
«كوكتيل الإنقاذ» نظام حديث مطور من مضادات الفيروس

عالميا، يقدر عدد الإصابات الجديدة بعدوى فيروس نقص المناعة البشري لعام 2013، بنحو 2.1 مليون إصابة جديدة، كما يقدر العدد الكلي للمتعايشين معه بنهاية عام 2013 بـ35 مليون شخص على مستوى العالم، ويقدر عدد الوفيات نتيجة الإيدز بـ1.5 مليون وفاة، ويقدر العدد التراكمي للوفيات منذ الوفاة الأولى بـ39 مليون حالة وفاة.
 
انتقال فيروس الإيدز
أما طرق انتقال الإيدز بين السعوديين المكتشفين عام 2013، فهي: العلاقات الجنسية نحو 94 في المائة من طرق العدوى (510 حالات من أصل 542 حالة)، تليها نسبة تعاطي المخدرات بالحقن 3 في المائة، بما يعني 16 حالة، ويليها انتقال العدوى من الأم إلى الجنين 2 في المائة، بما يعني 11 حالة.
 
كم يستغرق فيروس نقص المناعة البشري ليتطور إلى الإيدز؟ 
يمكن للمصابين بالفيروس أن يعيشوا سنوات كثيرة خالية من الأعراض، ويمكن أن يستغرق تطور العدوى بهذا الفيروس إلى مرض الإيدز، ما بين 8 و10 أعوام، وقد تصل الفترة إلى 15 عاما أو أكثر. وتختلف هذه المدة اختلافا كبيرا من شخص لآخر، وفقا لعدة عوامل؛ منها الحالة الصحية للشخص، والسلوكيات التي يقوم بها. ويمكن للعلاجات الطبية الحديثة أن تبطئ من معدل تأثير فيروس نقص المناعة البشري في إضعاف الجهاز المناعي.
 
انتقال الفيروس 
- توجد لدى المصابين كميات متفاوتة (وفي أوقات مختلفة) من فيروس نقص المناعة البشري في الدم بالإضافة إلى سوائل وإفرازات أجسامهم. وينتقل فيروس الإيدز من الشخص المصاب إلى الآخرين من خلال دخول سوائل الجسم التي يوجد فيها الفيروس بشكل حي إلى الجسم السليم مثل السائل المنوي، والدم ومشتقاته، والإفرازات المهبلية، ولبن الأم. إن الاتصال الجنسي مع شخص مصاب بالعدوى (دون استخدام الواقي الذكري) هو النمط الأكثر شيوعا لانتقال فيروس نقص المناعة البشري حتى الآن.
 
- وجود ثقب في الجسم: إن خطر انتقال فيروس نقص المناعة البشري قائم في حالة استخدام أدوات غير معقمة وملوثة بالفيروس، فيجب تعقيم الأدوات التي تخترق الجلد، واستخدامها مرة واحدة، ثم التخلص منها أو تعقيمها مرة أخرى بشكل آمن.
 
طرق لا تنقل الفيروس
هناك طرق لا ينتقل الفيروس من خلالها، وهي:
- بصاق المصاب، على الرغم من اكتشاف الفيروس في لعاب بعض الأشخاص المصابين ولكن بكميات منخفضة للغاية وبطريقة ليست حية، ولم يثبت أن اللعاب وحده يؤدي إلى انتقال الفيروس، كما أنه لا توجد أي حالات موثقة لانتقال الفيروس من شخص مصاب عن طريق بصاقه.
 
- التعامل الاجتماعي العارض: مثل أماكن العمل، والمنازل، والمدارس، أو الأوساط الاجتماعية، كما لا ينتشر من خلال الاتصال الاجتماعي المعتاد مثل المصافحة، والمعانقة، والتقبيل، والعطاس، والسعال، والسباحة، واستخدام المرحاض نفسه، ومشاركة أواني الطعام والشراب، واستخدام السيارة أو الحافلة نفسها. كما أن فيروس نقص المناعة البشري لا ينتقل عن طريق الهواء أو الأغذية، ولا ينتقل عن طريق المياه.
 
- البعوض: إن فيروس نقص المناعة البشري فيروس هش ولا يعيش طويلا خارج جسم الإنسان، ولا تنتقل العدوى بالفيروس عن طريق البعوض أو الحشرات القارصة الأخرى، حتى لو دخل الفيروس إلى البعوض أو الحشرات الماصة الأخرى.
 
- التقبيل: لا يوجد أي خطر من أن تنتقل العدوى عن طريق التقبيل، إلا التقبيل العميق مع وجود تقرحات أو نزف باللثة يتم من خلاله تبادل الدم أو البلازما. ولذلك يجب على المصابين بفيروس نقص المناعة البشري تجنب هذا السلوك مع الشريك غير المصاب.
 
- الخدوش أو الجروح السطحية: لا يوجد أي خطر من أن ينتقل الفيروس من خلال الخدش السطحي، لأنه لا يوجد نقل لسوائل الجسم بين الأفراد. ويجب على أي شخص مصاب بجروح مفتوحة أو عميقة أن يعالجها بأسرع وقت ممكن مع تغطيتها.
 
- أماكن لعب الرياضة: لا توجد حالات موثقة لانتقال فيروس نقص المناعة البشري خلال المشاركة في الألعاب الرياضية، ما لم يكن هناك نزف.
 
- سوائل الجسم التي قد تختلط مع الطعام: لم يتم تبليغ مراكز مكافحة الأمراض عن أي حادثة تلوث للمواد الغذائية بدم المصابين بالفيروس أو سائلهم المنوي. وعلاوة على ذلك، لم ترد أي تقارير عن عدوى بفيروس نقص المناعة البشري ناجمة عن تناول طعام.

التشخيص والعلاج
لا يمكن التكهن بإصابة أي إنسان بعدوى الإيدز من خلال منظره الخارجي؛ فقد يبدو الشخص المصاب بفيروس نقص المناعة البشري بصحة جيدة وأيضا يشعر بأنه بحالة صحية جيدة. ويكون التأكد من خلال فحص الدم لمعرفة ما إذا كان يحمل فيروس نقص المناعة البشري. وهذه هي الطريقة الوحيدة لمعرفة ما إذا كان الشخص مصابا.
 
ولا يوجد لقاح لفيروس نقص المناعة البشري، ولا تزال البحوث جارية عالميا. وفي الوقت الحالي لا يوجد علاج شاف لمرض الإيدز. ولكن هناك أدوية وعقاقير يمكنها أن تساعد المصابين بفيروس نقص المناعة البشري على محاربة تكاثر الفيروس والحد منه في الدم وسوائل الجسم وتقليص العدوى الانتهازية الأخرى التي تأتي معه.
 
- «كوكتيل الإنقاذ» هو نظام حديث مطور من مضادات الفيروس. يمكن لهذه الأدوية أن تساعد المصابين بالفيروس على أن يشعروا بوضع صحي أفضل بكثير عن السابق، وأن يعيشوا لفترة أطول دون مضاعفات صحية. تكافح الأدوية المضادة لـ «الفيروسات القهقرية» retroviral الفيروس على مختلف المستويات، وتؤخر نموه إلى حد ما. يستخدم المعالج مزيجا من الأدوية المضادة لـ «الفيروسات القهقرية» للحد من تكاثر الفيروس. وينعكس هذا سريريا في انخفاض معدل حدوث العدوى الانتهازية.
 
إن فيروس نقص المناعة البشري يتكيف بسرعة مع أي من الأدوية المضادة لـ «الفيروسات القهقرية» التي يتم تناولها، ويغير نفسه من خلال طفرات، ونتيجة لذلك، فإن العلاج المركب من الأدوية المضادة لـ«الفيروسات القهقرية» لا يبقى فعالا، ومن ثم يمكن للفيروس أن يبدأ في التكاثر بالقدر نفسه كما كان من قبل. يطلق عادة على المزيج الأول من العلاج المركب الذي يتناوله المريض «نظام الخط الأول».
 
وعندما يصبح «نظام الخط الأول» غير فعال ضد فيروس نقص المناعة البشري، تكون هناك حاجة لنظام آخر يتكون من أدوية جديدة، وهذا عادة لا تظهر الحاجة إليه لسنوات كثيرة، ويسمى «نظام الخط الثاني». وإذا فشل «نظام الخط الثاني» في نهاية المطاف، فإنه يوصى عادة «بنظام الخط الثالث» أو كوكتيل الإنقاذ من الأدوية. ويجب ألا تؤخذ الأدوية المضادة لـ«الفيروسات القهقرية» إلا تحت إشراف طبي.
 
إن المصاب يظل قادرا على نقل العدوى للآخرين حتى لو أظهرت نتائج الفحص أن مستويات فيروس نقص المناعة البشري في الدم منخفضة جدا، فالفيروس لن يكون قد تم القضاء عليه تماما.
 
وبالتالي، ففي الوقت الذي قد يوجد فيه عدد قليل من الفيروسات النشطة في اختبارات الدم، فإن هذا يعني أنه قد لا يزال هناك كثير من فيروس نقص المناعة البشري في السائل المنوي أو السوائل المهبلية. لذلك يجب أن تؤخذ دائما الاحتياطات المناسبة.
 
انحسار قوة الفيروس
أشارت دراسة لجامعة أوكسفورد بحثت معدلات عدوى الايدز في أفريقيا، ونشرت نتائجها في قبل أيام في مجلة «بروسيدنغز أوف ناشيونال أكاديمي أوف ساينسيس» Proceedings of the National Academy of Sciences إلى أن الفيروس أصبح أقل عدوى، إذ إن قوته تضعف عندما يأخذ بالتكيف مع جهاز مناعة الشخص المصاب، وبذلك يقل تكاثره، وهو ما يعني أن يكون أمام المصاب بفيروس «إتش.آي.في».
 
وقت أطول قبل تطور حالته إلى مرض الإيدز. وذكرت الدراسة التي شملت ألفي امرأة أفريقية، من كل من بوتسوانا وجنوب أفريقيا، أن انخفاض قدرة الفيروس «يقلل من قدرته على التسبب بمرض الإيدز»، وأن الوباء قد يصبح شيئا من الماضي.
 
وقال البروفسور فيليب غولدر الذي أشرف على الدراسة: «إجمالا انخفضت قدرة الفيروس على التسبب بالإيدز بسرعة كبيرة، لكن سيكون من المبالغة القول إن الفيروس فقد كل قوته».
 
الحماية من الفيروس
بما أنه لا يوجد لقاح فعال أو علاج لفيروس نقص المناعة البشري، فإن الطريقة الوحيدة لحماية النفس هي من خلال اتخاذ التدابير الوقائية، ومنها:
- يجب الامتناع عن ممارسة الجنس الخطر واستخدام الواقي الذكري المصنوع من «اللاتكس» في حال الاشتباه. ويمكن للذين لديهم حساسية لمادة «اللاتكس» استخدام الواقي الذكري المصنوع من «البولي يوريثين»، مع عدم استخدام أي مواد مزلقة، ومتى كان ضروريا، فإنه ينبغي استخدام مواد التزليق القائمة على المياه فقط.
 
- يحصل انخفاض كبير في مخاطر انتقال فيروس نقص المناعة البشري من الأم الحامل إلى طفلها، إذا كانت تأخذ العلاج المضاد لـ«الفيروسات القهقرية» أثناء الحمل، والولادة، والرضاعة، مع ضرورة أن يأخذ طفلها العلاج في الأسابيع الستة الأولى من حياته.
 
- وجود العدوى المنقولة جنسيا يزيد من فرصة الإصابة بفيروس نقص المناعة البشري عن طريق الاتصال الجنسي أساسا مع احتمال انتقال العدوى إلى الآخرين. لذلك، فإنه من الضروري علاج العدوى المنقولة جنسيا في أقرب وقت.
 
أما مدى فاعلية العازل في الوقاية، فإن العوازل الذكرية والأنثوية التي تحتوي على «اللاتكس» فعالة للغاية في الحماية ضد انتقال العدوى المنقولة جنسيا بما في ذلك فيروس نقص المناعة البشري. ويجب استخدام هذه العوازل في كل مرة تحدث فيها ممارسة جنسية من أجل تحقيق أكبر قدر من الوقاية، كما يجب استخدام العوازل بشكل صحيح، فالاستخدام غير الصحيح يمكن أن يؤدي إلى حدوث تسريب من العازل أو قطعه مما يقلل من تأثيره الوقائي.