الأدوية الباسطة للعضلات .. هل تقلل مضاعفات السكري؟
03:03 م - الأحد 4 يناير 2015
يمكن التنبؤ بوظيفة الكثير من عائلات الأدوية من مجرد معرفة اسم تلك العائلة. وأشهر هذه الأمثلة والتي لا تحتاج إلى مجهود إلى شرحها هي الأدوية التي تؤدي مهمة انبساط للعضلات المنقبضة، وهي الأدوية المسماة Muscle relaxant.
أدوية العضلات
وبطبيعة الحال يتم استخدام هذه الأدوية في الحالات التي يكون فيها تقلص أكثر من الطبيعي في العضلة spasm، وذلك للكثير من الأسباب: أما الإجهاد الزائد مثلما يحدث في المراكز الرياضية أو أداء تمرينات أكثر من المعتاد أو يمكن حدوث هذه التقلصات نتيجة لأسباب مرضية لعل أشهرها نقص الكالسيوم في الجسم والكثير من الأسباب الأخرى مثل آلام الظهر وآلام الرقبة وبعض أنواع معينة من الصداع. وبطبيعة الحال فإن لها، مثل أي عقار آخر، بعض الأعراض الجانبية لعل أشهرها الإحساس بالنعاس والدوار.
بجانب استخدام هذه الأدوية في علاج تقلص العضلات يمكن أن يكون لها أغراض علاجية أخرى تختلف تماما عن وظيفتها الأساسية، وهو ما كشفت عنه دراسة طبية حديثة تناولت عمل هذه الأدوية إمكانية استخدامها في علاج بعض الأنواع النادرة من مرض السكري (هناك أنواع من مرض السكري تختلف عن النوع الأول والثاني نادرة الحدوث جدا ولكنها تحمل مضاعفات خطيرة).
وكانت الدراسة التي قام بها علماء من كلية الطب بجامعة واشنطن Washington University School of Medicine بالولايات المتحدة أشارت إلى أن عقار يستخدم باستمرار في علاج تقلصات العضلات (الدإنترولين dantrolene) يمكن أن يكون علاجا فعالا في شفاء نوعية معينة من مرض السكري، حيث إن العقار يمنع تكسير الخلايا المسؤولة عن إنتاج الإنسولين في الجسم.
ونشرت هذه النتائج في الإصدار الإلكتروني لدورية الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences في النصف الثاني من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي.
«متلازمة ولفرم»
قبل أن نستعرض كيفية عمل العقار الجديد نلقي بعض الضوء على هذا المرض النادر «متلازمة ولفرم» Wolfram syndrome وهو مرض يستهدف الخلايا العصبية للمصاب ويدمرها تدريجيا.
وفى الأغلب يكون السبب فيه جينيا ويتم توارثه وهو شديد الندرة يصيب شخصا من بين كل نصف مليون شخص وتحدث فيه إصابة المريض بداء البول السكري من النوع الأول (المعتمد في علاجه على الإنسولين) في سن مبكرة جدا من الطفولة.
وبجانب السكري يكون المرض مصحوبا بفقدان البصر نتيجة لتدمير العصب البصري وأيضا يحدث فيه فقدان للسمع وأيضا تصاحبه تغيرات في السلوك، والشخصية. وفى ربع المرضى يمكن أن تحدث محاولات انتحار ولا يوجد علاج للمرض حتى الآن ويتركز العلاج على معالجة الآثار الناتجة عن المرض مثل علاج مستوى السكر بالدم. ويحتاج هؤلاء المرضى إلى الحقن بالإنسولين عدة مرات يوميا ومعظم المرضى يتوفون قبل بلوغهم عامهم الـ 40.
ويقوم العقار الباسط للعضلات بعمله من خلال تثبيط إنزيم معين هو calpain 2 تكون معدلاته شديدة الارتفاع في حالة متلازمة ولفرم والتي تؤدي إلى موت خلايا المخ وكذلك الخلايا المنتجة للإنسولين.
وتم هذا العمل بنجاح في النماذج التي تم تجربتها على حيوانات التجارب وكذلك تم اعتماد العقار في علاج هذا النوع من السكري من خلال إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) وهو الأمر الذي يعطي دفعة قوية لإجراء التجارب على البشر في خلال فترة قصيرة وسوف يتم عمل التجارب على البالغين في البداية ثم يتبعها بعد ذلك إجراء التجارب على الأطفال.
علاج السكري
ومن المعروف أن العقار يستخدم في علاج الشلل الدماغي أو في علاج العضلات المنقبضة وفى حالة نجاحه في علاج هذا النوع النادر من مرض السكري يمكن أن يكون في المستقبل علاج للأنواع الأكثر حدوثا من المرض (السكري) مثل النوع الأول والثاني من خلال تثبيطه للأنزيم الذي يلعب دورا بسيطا في النوع الأول من مرض السكري.
وقد قام الفريق البحثي بدراسة تأثير العقار على الخلايا الجذعية لمرضى ولفرم وآبائهم وأقاربهم لإمكانية علاج المرضى (خلافا للخلايا الجذعية العادية للبالغين التي توجد وتنمو في دماء الحبل السري للجنين، تم إنماء هذه الخلايا من خلايا الجلد) وكانت الخلايا المأخوذة من المرضى تقوم بإفراز معدلات كبيرة من الإنزيم الذي يسهم في تدمير الخلايا العصبية ولكن إضافة العقار أدت إلى هبوط مستويات الإنزيم.
وأيضا أدت معالجة هذه الخلايا بهرمون النمو إلى انقسامها إلى خلايا عصبية وخلايا منتجة للإنسولين وبذلك يمكن معالجة آثار المرض بالكامل في المستقبل القريب.
والجدير بالذكر أن العلاج لم يكن ضارا لبقية الخلايا السليمة التي تم أخذها من أقارب المرضى وذويهم. ويأمل الباحثون أن يقوم العقار بعلاج بقية الأعراض الأخرى المتعلقة بالمرض مثل فقدان البصر والسمع وغيرها من الأعراض المتعلقة بالخلايا العصبية. وفي حالة نجاح تلك الأبحاث على الإنسان سوف تقدم خدمة عظيمة لهؤلاء المرضى الذين يعانون من المضاعفات الخطيرة للمرض.