الاستخدام الروتيني للحامل للحقنة الشرجية.. لا يُقلل من الالتهابات المهبلية
صدرت في السابع عشر من شهر أكتوبر الحالي مراجعة علمية جديدة لجدوى ذلك الإجراء الروتيني قبل الولادة بإعطاء الحوامل حقنة شرجية enema لإفراغ محتويات الأمعاء من الفضلات.
وخلص الباحثون إلى أن ذلك لا يُقلل من معدلات حصول التهابات في الجروح المهبلية ولا من معدلها لدى الأطفال المولودين. كما أنه لا يُؤدي إلى تسهيل الولادة على الأم الحامل نفسها.
وخلال مراحل عملية خروج الجنين عبر قناة الولادة birth canal تكون المنطقة الأشد عرضة للتهتك أو الجروح لدى الحامل، هي المساحة التي تفصل فيما بين فتحة المهبل وفتحة الشرج، أو ما يُعرف بمنطقة العجان perineum، وذلك إما نتيجة للتهتك والتشقق الطبيعي الذي يطال فتحة المهبل الخارجية جراء خروج رأس وكتفي الجنين، أو نتيجة لعملية الشق الجراحي المهبلي episiotomy التي يُجريها الطبيب لتوسيع مجرى خروج الجنين وبالتالي تفادي حصول تهتك وجروح مبعثرة في تلك المنطقة.
هذا وتُستخدم الملينات الشرجية Rectal laxatives، إما على هيئة حقنة أو تحميلة suppositories، لحث الحركة في القولون كي يتم إفراغ محتواه من الفضلات. وثمة عدة حالات طبية عدة تتطلب اللجوء إلى ذلك، منها ما قبل الولادة للحوامل.
حقنة ما قبل الولادة
وأشار الباحثون في العدد الأخير من مجلة كوشران البحثية العالمية الى أنه بالرغم من أنها ممارسة طبيعية شائعة، إلا أن الفوائد الحقيقية لإعطاء الحامل حقنة شرجية، لا تزال غير واضحة.
وبالتالي قد تكون الممارسة تلك غير مقنعة وغير مدعومة الدواعي بأدلة علمية، إذا ما أردنا أن نقوم بإجراءات ثابتة الفائدة من النواحي الطبية للحوامل وأجنتهن وعملية الولادة التي يمررن بها.
كما أنها قد تكون إجراءات مكلفة مادياً ومزعجة للأمهات في تلك الأوقات الحساسة من النواحي النفسية والبدنية.
وقام الباحثون من مؤسسة البحوث التابعة لجامعة سانيتاس في بوغوتا بكولومبيا بمراجعة جميع الدراسات التي بحثت في استخدام الحقنة الشرجية في المرحلة الأولى من الولادة، أي قبل بدء خروج رأس الجنين من الرحم نفسه.
ووجد الباحثون خلال نتائج دراستهم التحليلية أن ثلاث دراسات تمت بطريقة مقارنة وعشوائية، أي بطريقة جيدة المستوى من الناحية البحثية.
وشملت الدراسات التي قارنت بين النسوة اللائي ولدن دون استخدام الحقنة الشرجية قبل البدء في خروج الجنين، وبين من استخدمنها وهن حوالي 1800 امرأة.
وما حاول الباحثون معرفته من مجمل نتائج هذه الدراسات، هو هل ان إجراء إفراغ أسفل الأمعاء من الفضلات باستخدام تلك الحقنات يعمل على تقليل احتمالات حصول التهابات ميكروبية في جروح وتهتك فتحة المهبل، أم أن ذلك الإجراء لا علاقة له بها؟ وكذلك نظروا فيما إذا كان إجراء الأمر يُقلل من احتمالات إصابة المولود بالالتهابات الميكروبية، أم لا؟
والذي توصل الباحثون إليه أن استخدام الحقنة الشرجية لا يُقلل من معدلات التهابات الجروح المهبلية، كما أنه لا يُقلل من الالتهابات لدى الأطفال المولودين، خاصة التهابات الجهاز التنفسي.
وأشارت دراسة واحدة إلى أن استخدام هذه الحقنة الشرجية يُقصر من طول المدة الزمنية للولادة، في حين أن دراسة أخرى ناقضتها الرأي.
ولذا قال الدكتور ليدوفيك رافيز، الباحث الرئيس في الدراسة: إن الأدلة العلمية لا تدعم الاستخدام الروتيني للحقنة الشرجية عند الولادة، وعليه فإن الممارسة الروتينية لها يجب أن تتوقف.
الملينات الشرجية
ثمة العديد من أنواع الملينات الشرجية، التي تعمل من خلال آليات عدة في حث زيادة حركة عضلات القولون، وبالتالي إثارة عملية إخراج فضلات البراز.
ومنها نوع "مُنتجات ثاني أوكسيد الكربون"، مثل بيكربونات الصوديوم sodium bicarbonate، التي تعمل حال إدخالها، كتحميلة أو مُذابة في ماء الحقنة الشرجية، على إنتاج غاز ثاني أوكسيد الكربون في القولون والمستقيم. وهو غاز يدفع جدران الأمعاء ويتسبب فيها بانقباضات تُؤدي إلى تحريك كتلة البراز إلى الخارج.
ومنها ما يعمل على زيادة الضغط الأسموزي Hyperosmotic داخل القولون، مثل الغليسرين glycerin وفوسفات الصوديوم sodium phosphates .
وتعمل هذه المواد، من خلال قوتها الاسموزية، على سحب الماء من جدران الأمعاء، وترشيحه بالتالي إلى كتلة البراز، ليمتزج بها ويُسهل خروج الفضلات. وهو ما يعني أنها وسيلة لإخراج براز لين البنية وسهل الإخراج.
وتعمل الزيوت المعدنية حال وصولها إلى القولون على تغليف البراز وامتزاجه بتلك الزيوت المعدنية، كي تجعل منها كتلة لينة سهلة الخروج.
وهناك الملينات المُهيجة، مثل السنامكي و عقار بيساكوديل. وسُميت مهيجة لأنه بمجرد ملامستها لأسطح الأمعاء الداخلية، تُثير وتيرة وقوة حركة العضلات فيها، ما يدفع بالبراز خارج الجسم حال القيام بعملية التبرز.
كما تعمل ملينات البراز على جعل البراز بهيئة أكثر سهولة للإخراج دون أن يكون لها تأثيرات على الأمعاء وحركتها وجدرانها.
وثمة العديد من الحالات التي تُستخدم فيها تلك الملينات الشرجية، مثل ما قبل الولادة، ولبضعة أيام بعد الولادة، وكذلك كتحضير للمريض وأمعائه قبل العمليات الجراحية أو فحوصات الجهاز الهضمي.
كما أن بعض العمليات الجراحية في البطن أو غيره، قد تُعيق قدرة المريض عن إتمام التبرز، ما يجعل من الضروري تسهيل الأمر عليه. وتُستخدم كعلاج لحالات الإمساك التي لم تُفلح في معالجتها الوسائل الطبيعية.
احتياطات الاستخدام
استخدام الحقنات الشرجية له ضوابط، أهمها ألا يكون السبب في الإمساك متعلقا بأمراض مرتبطة بالعمليات الجراحية وتحت الإشراف الطبي حينها، ولا يلجأ إليها إلا بعد فشل الملينات وتستخدم لفترات قصيرة، وبالأنواع الطبية المعدة لهذا الغرض أي ليس الحقنات المعدة منزلياً كالصابون وغيره.
ومن الضروري أن يتم استخدام الحقن أو التحميلات الشرجية وفق إرشادات الأطباء، لأن لها آثاراً جانبية مرتبطة بمكوناتها وبتفاعلات الجسم معها وبوجود حالات في الأمعاء تتنافى مع أمان استخدامها.
وللمراجعة، فإن الطبيب سيتعرف على ما منها قد يتسبب بحساسية لدى من قد تتطلب حالته استخدامها. ويجب أن لا تُعطى، لا هي ولا الملينات عموماً، للأطفال ما دون سن السادسة إلا بإشراف طبي مباشر.
وكذلك الحال مع كبار السن، لأنهم أكثر حساسية لآثارها الجانبية من عموم البالغين. وكذلك يجب الحذر منها لدى منْ يُعانون من ألم في البطن أو علامات على التهابات في أجزائه.
ويجب ترطيب الفتحة الشرجية، باستخدام بتروليوم جيلي أو فازلين مثلاً، قبل إدخال الحقنة. وهو ما يجب أن الإدخال فيها برفق شديد.
وبعض الحقن قد يأتي بمفعول خلال دقائق، في حين أن الأمر قد يتطلب ساعة في أنواع أخرى.
والمهم هو التنبه إلى ما هو الإمساك. وتشير نشرات جامعة هارفارد إلى أن الإمساك يتسبب في حوالي 2.5 مليون مراجعة طبيب في الولايات المتحدة سنوياً، فهو أكبر سبب للشكوى من بين جميع أعراض أمراض الجهاز الهضمي، ومع ذلك فهو من أكثر الحالات التي لا يعرفون عنها كثيرا.
ويعتقد الكثير منهم مثلاً أن عدم التبرز و لو مرة يومياً يعني أن المرء يعاني من إمساك برغم أن عدد مرات التبرز تختلف بشكل كبير بين الناس، فتجد بعضا ممن جهازه الهضمي يعمل بكفاءة عالية يتبرز عدة مرات في اليوم والبعض الآخر عدة مرات في الأسبوع فقط.
إن التعريف الصحيح للإمساك ليس مرتبطاً بعدد مرات التبرز اليومية، بل بخروج البراز على هيئة صلبة وجافة ومصحوب بألم، وبذل قدر ملاحظ من الجهد في إتمام إخراجه.