اللقاح السنوي .. أفضل وسيلة للوقاية من الإنفلونزا الموسمية
مع قرب حلول موسم الإنفلونزا الموسمية، أعلنت السلطات الصحية بالولايات المتحدة اخيرا موافقتها على دخول إحدى الشركات الأسترالية نادي المنتجين للقاح السنوي للإنفلونزا.
وتُعتبر هذه الخطوة إضافة جيدة في سبيل توفير كميات أكبر من هذه اللقاحات للناس في شتى أنحاء العالم.
وحتى عام 2000 لم تكن هناك سوى ثلاث شركات تملك امتياز إنتاج وتسويق لقاح الإنفلونزا في الولايات المتحدة.
وحصلت المشكلة في عام 2004، حينما تعذر، على إحدى الشركات الثلاث تلك، توفير ما وعدت به من اللقاحات.
وذلك نتيجة لخلل يتعلق بالنظافة والتعقيم الإنتاجي من مصادرها الإنتاجية في بريطانيا. وهو ما أدى حينذاك إلى نقص حاد في عدد اللقاحات للناس.
وتُضيف الموافقة الجديدة ضمان توفير ما يربو على 132 مليون لقاح، أي بزيادة تبلغ حوالي 10 ملايين عبوة لقاح.
وكانت مجلة "نيوأنغلاند" الطبية قد نشرت في عدد 4 أكتوبر الحالي نتائج دراسة الباحثين من مينيابولس بالولايات المتحدة، والتي قالت بأن تلقي لقاح الإنفلونزا الموسمية من قبل الذين تجاوزا سن 65 سنة، يُقلل من مخاطر إصابتهم بالإنفلونزا ويُقلل بالتالي من احتمالات دخولهم إلى المستشفيات لتلقي العلاج بنسبة تُقارب 30%.
كما ويُقلل من نسبة الوفيات بينهم جراء مضاعفات وتداعيات الإنفلونزا بنسبة تُقارب 50%. وهي نتائج مذهلة، وتُؤكد ضرورة وجدوى تلقي كبار السن للقاح الإنفلونزا السنوي.
والدراسة تُعتبر من الدراسات الواسعة، حيث شملت أكثر من 700 ألف شخص، وتابعتهم لمدة تزيد على عشر سنوات.
وشملت بالمقارنة مجموعتين ممن تجاوزوا سن 65 سنة. الأولى شملت من لم يتلقوا اللقاح وبلغ عددهم أكثر من 300 ألف شخص. والثانية شملت من تلقوا اللقاح، وبلغ عددهم أكثر من 415 ألف شخص.
عدوى الإنفلونزا
الإنفلونزا Influenza أو فلو Flu أحد أمراض الجهاز التنفسي، الناجمة عن الإصابة بواحد من ثلاثة أنواع من الفيروسات، وهي إنفلونزا إيه A وبي B وسي C.
ويُعتبر نوعا إيه وبي أشد خطورة. والإشكالية أنهما يتحوران ويتغيران في التركيب كل عام، وأن سلالات متنوعة منهما تنشر في كافة أنحاء العالم.
ومصدر القلق هو أن جهاز مناعة الجسم لا يستطيع أن يتطور مع هذه التغيرات في الفيروسات المتسببة بالإنفلونزا، وهو ما يجعل من السهل تكرار إصابة المرء كل عام بأنواع جديدة منه. ومما يجدر ذكره أن فيروسات إنفلونزا الطيور هي إحدى أنواع سلالات إنفلونزا إيه.
وفي مجتمعات مختلفة، يُصاب سنوياً حوالي 20% من الناس بالإنفلونزا. وفي الولايات المتحدة تشير الإحصاءات الحديثة الى أن حوالي 200 ألف شخص يحتاجون للدخول إلى المستشفيات لتلقي المعالجة.
وهذا العدد هو من بين 20% من السكان الذين يُصابون بالإنفلونزا. وفي الولايات المتحدة وحدها يموت سنوياً بسبب الإنفلونزا وتداعيات الإصابات بها، حوالي 36 ألف شخص، وكبار السن والأطفال هم أكثر عُرضة لمضاعفات وتداعيات الإصابات بالإنفلونزا.
وتتجاوز الكلفة السنوية لمعالجات حالات الإنفلونزا في الولايات المتحدة وحدها مبلغ 10 مليارات دولار.
وتقول رابطة الرئة الأميركية بأن أعراض الإصابة بالإنفلونزا الموسمية لدى البالغين قد تبدأ بشكل مفاجئ وتتطور بسرعة. وتشمل ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى ما فوق 38.3 درجة مئوية، أو 101 فهرنهايت. والسعال، وألم العضلات، والصداع، وألم الحلق، والإرهاق الشديد.
وهي أعراض عادة ما تزول خلال أسبوع أو أسبوعين. وقد تكون الحالة أشد، وتطول مدة المعاناة منها لدى كبار السن. ونفس الشيء قد يحصل لدى الأطفال، مع ارتفاع أعلى في درجة حرارة الجسم.
وبشكل عام تختلف الإصابات بالإنفلونزا عن الإصابات بنزلات البرد من جوانب شتى. والتفريق بينهما مهم في المعالجة.
موسم الإنفلونزا
لا يُعلم حتى اليوم على وجه الدقة لماذا هناك موسم للإصابات بفيروسات الإنفلونزا، بمعنى لماذا لا تنتشر الإصابات بها على كل أشهر السنة بالتساوي بدلاً من مواسم محددة في الشتاء من كل عام.
وثمة عدة فرضيات لتعليل ذلك لكنها لا تزال غير مُقنعة وغير دقيقة، ومنها أن الناس في فصل الشتاء يبقون داخل المنازل لوقت أطول ويقتربون من بعضهم بعضا أكثر، بخلاف بقية فصول السنة.
ومنها أن جفاف الهواء يزيد في أوقات الشتاء، وبالتالي فإن ترطيب الهواء ومجاري التنفس يقل، ما يحرم الجسم من قدرات التخلص بكفاءة من الفيروسات التي تعلق بأنسجة الجهاز التنفسي. وأيضاً يُسهل جفاف الهواء قدرات الفيروس على الالتصاق بمقابض الأبواب أو الهواتف أو غيرها من الأسطح الحاضنة لتلك الفيروسات والمُسهلة لانتقال العدوى من إنسان لاخر.
ولذا يختلف موسم الإنفلونزا في النصف الشمالي للكرة الأرضية عن النصف الجنوبي لها، نظراً لاختلاف فصول السنة بينهما.
وكذلك يختلف موسم الإنفلونزا، والذي يعني عادة ما يجري في النصف الشمالي للكرة الأرضية، فيما بين مناطق ذلك النصف. وتبعاً لذلك، ووفق توجيهات منظمة الصحة العالمية، يُنتج في كل عام نوعان من اللقاح للإنفلونزا، واحد لشمال الكرة الأرضية وواحد لجنوبها.
وبشكل عام فإن الموسم في المناطق المعتدلة من نصف العالم الشمالي يبدأ من نهايات الخريف وحتى منتصف أو أواخر الشتاء. أي بين أكتوبر ومايو. مع العلم بأن قمة الموسم هي ما بين أواخر ديسمبر إلى مارس.
أما في المناطق الاستوائية وما حولها فإن موسم الإنفلونزا ليس بوضوح ما يحصل في المناطق الأعلى شمالاً، وربما يستمر طوال العام في بعض المناطق.
لقاح الإنفلونزا
وفي كل عام يتم إنتاج لقاح جديد للإنفلونزا بحسب الأنواع التي انتشرت في الموسم السابق وبحسب نتائج رصد متغيرات عدة. ولذا فإن اللقاح السنوي يحتوي على أجزاء من سلالات فيروسات الإنفلونزا من نوعي بي وإيه.
وبالرغم من أن مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية في الولايات المتحدة تنصح السكان هناك بتلقي اللقاح بدءا من شهر سبتمبر، إلا أنها لا تزال ترى جدوى حقيقية حتى لو تأخر تلقي ذلك اللقاح إلى يناير.
وبشكل عام فإن الأولوية والضرورة تستدعي تلقي اللقاح من قبل الأطفال الصغار، أي ممن هم ما بين سن 6 أشهر إلى خمس سنوات، وكذلك النساء اللواتي قد يحملن في موسم الإنفلونزا.
ومن تجاوزوا الخمسين وما فوق من العمر، والمُصابين بأمراض مزمنة في أي عمر كانوا، مثل المُصابين بالربو أو أمراض الرئة الأخرى، أو مرضى القلب أو مرضى فشل الكبد والكلى ومرضى السكري وغيره. إضافة إلى من يُقدمون الرعاية لمن هم عُرضة بشكل عال للإصابة بالإنفلونزا كالعاملين في الوسط الطبي أو دور العجزة أو غيرهما. أو أي إنسان في أي عمر كان ممن يود أخذ اللقاح لوقاية نفسه من عدوى الإنفلونزا.
وسائل متنوعة للوقاية من الإنفلونزا
الخطوة الأهم في الوقاية من إصابات الإنفلونزا هي تلقي لقاحها السنوي. ويليه في الأهمية العناية بغسل اليدين جيداً. وذلك بفركهما بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 15 ثانية، وتجفيفهما جيداً بالمناديل الورقية. أو استخدام المحاليل أو الجل، المحتوية على الكحول بنسبة لا تقل عن 60%.
والاهتمام بتناول الأطعمة الصحية المحتوية على العناصر الغذائية الضرورية، إضافة إلى انتظام النوم وأخذ قسط كاف للجسم منه، لمدة لا تقل عن سبع ساعات يومياً، هما أساس الحفاظ على نشاط الجسم وكفاءة عمل جهاز مناعته.
والتغذية الجيدة يجب أن تشمل تناول الفواكه والخضار الطازجة وتناول الحبوب الكاملة غير المقشرة. هذا بالإضافة إلى ممارسة التمارين الرياضية المعتدلة، وبانتظام يومياً.
ومن الأفضل كما تشير المصادر الطبية تحديداً، تقليل السفر بالطائرة. ويقول الباحثون من مايو كلينك ان تقليل الناس من السفر بالطائرة أثبت جدواه في تقليل إصابتهم بالإنفلونزا.
وثمة عدة عوامل في أجواء الطائرة تُسهل على الفيروسات الانتقال بين الركاب خلال الرحلات الجوية، كما أن جفاف الهواء فيها واختلاف مقدار الضغط الجوي يعملان على تقليل كفاءة عمل أنظمة المناعة في الجسم وفي الجهاز التنفسي على مقاومة العدوى الفيروسية حتى بعد الفراغ من الرحلة والاستقرار في نقاط الوصول.
وثمة ضرورة لتقليل وجود في الأماكن المزدحمة خلال موسم الإنفلونزا، لأن ذلك يُقلل من فرص التقاط ميكروباتها.