التدخين .. المسبب الرئيسي للانسداد الرئوي المزمن وأنتشاره يدعو للقلق
إن الجهود العالمية للوقاية من العديد من الأمراض والتحكم بها، أدت إلى نتائج مثمرة من أهمها، تراجع نسبة الإصابة والوفيات للعديد من الأمراض مثل أمراض القلب، والأوعية الدموية، وجلطات المخ، وسرطان الثدي.
لكن تلك الجهود لم تؤد حتى الآن إلى النتائج المتوقعة لمرض الانسداد الرئوي المزمن (COPD) الذي لا تزال نسبة الإصابة به والمشاكل الصحية الناتجة عنه في ازدياد.
ومما يؤسف له أن الوعي العام عن هذا المرض لا يتناسب مع ما يسببه من مشاكل صحية عديدة وعلى نوعية حياة المريض وتزايد نسبة الوفيات، وما يتبع ذلك من تأثير سلبي بزيادة التكلفة على النظام الصحي لأي بلد، وينتج عن ذلك ضبابية الرؤية أمام المشرعين الصحيين لوضع خطط مناسبة للتعامل مع المرض وتبعاته.
دراسة حديثة
وقد بينت دراسة حديثة نشرت في مجلة "لانست" الطبية، أن مدى انتشار مرض الانسداد الرئوي المزمن في 12 مركزا طبيا في بلدان متعددة، كان أكثر من المتوقع عندما تم استخدام معايير قياسية متقدمة لتشخيص المرض.
وبينت هذه الدراسة أن نسبة انتشار مرض الانسداد الرئوي المزمن في المرحلة الثانية أعلى لمن تتجاوز أعمارهم 40 عاما تبلغ (10.1%) بحيث تبلغ (11.8%) عند الرجال و (8.5%) عند النساء.
وتنبع أهمية نتائج الدراسة من أنها ازاحت الضبابية عن مدى انتشار المرض الذي تجاوز ضعفين إلى ثلاثة أضعاف الأرقام المتاحة والمستخدمة حاليا، كذلك اشارت إلى أن نسبة الانتشار لدى النساء وصلت إلى نسبة تقارب الرجال.
ويجدر بالذكر أن المبادرة العالمية الخاصة بمرض الانسداد الرئوي المزمن تقسم المرض إلى أربع مراحل كما هو موضح في الجدول المرفق.
لذا فمن المؤكد أنه لو تم تطبيق طرق تشخيص أكثر شمولية لتشخيص هذا المرض في المرحلة الأولى، فإن مدى الانتشار سيبلغ أرقاما كبيرة ومقلقة.
وقد استنتج الفريق الباحث في تلك الدراسة بقيادة أ.د. سونيا بوست أن استخدام طرق متقدمة، أدى إلى معرفة أن انتشار مرض الانسداد الرئوي المزمن أكثر من المتوقع وينتج عن العديد من العوامل، من أهمها التدخين وتقدم العمر.
كذلك استنتج الباحثون أن المشرعين الصحيين يقع عليهم عبء وضع سبل الوقاية الأولية والثانوية من المرض عند توافر مثل تلك النتائج.
أعراض المرض
وينبغي التنويه بأن مرض الانسداد الرئوي المزمن، يؤدي إلى تلف أنسجة الرئة وانتفاخها مع انسداد القصبات الهوائية، بسبب تلف الأنسجة الداعمة لها. وهذا يؤدي إلى صعوبة دخول وخروج الهواء وضيق في التنفس.
وعند عدم التعامل بشكل مبكر مع المرض وتطبيق طرق الوقاية منه التي من أهمها التوقف عن التدخين، فإنه يؤدي إلى فشل في الجهاز التنفسي. وقدرت بعض الإحصاءات أن نسبة الوفيات من المرض تقارب خمسين بالمائة خلال خمس سنوات من التشخيص، إضافة إلى تأثيره في نوعية حياة المريض وزيادة العبء على النظام الصحي.
دور التدخين
ولكون تدخين التبغ المسبب الرئيس للإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن، فقد بينت دراسة أخرى في الصين نشرت في نفس العدد من مجلة "لانست" أن التدخين المباشر ليس السبب الوحيد للإصابة بهذا المرض، بل يعد التدخين السلبي أو القهري سببا مهما آخر.
ويعرف التدخين السلبي بأنه استنشاق غير المدخن لدخان التبغ من المدخنين، خاصة في الأماكن المغلقة، وقدر أن التعرض لدخان أربع سجائر يعادل تدخين سيجارة.
وقد أجريت هذه الدراسة التي قاد الفريق البحثي الباحث ين من الصين على عينة تجاوزت خمسة عشر ألف متطوع بين عامي 2003 و2006 وتعرضوا للتدخين السلبي في المنزل أو العمل.
وتوصلت تلك الدراسة إلى نتيجة مفادها أن انتشار مرض الانسداد الرئوي المزمن يزداد عند الأشخاص الذين يتعرضون للتدخين السلبي أو القهري، وقدرت أن نسبة الوفيات تزداد لدى هؤلاء من حالة إلى حالتين لدى كل ألف وفاة تقريبا.
إن تلك النتائج تدعو إلى القلق، خاصة مع تزايد نسبة تدخين التبغ بكافة أنواعه لدى الدول النامية، فمع شعور الدول المتقدمة بمشاكل التدخين، قامت شركات التبغ بتوجيه كافة إمكاناتها للقيام بالدعاية لنشرعادة تدخين التبغ لدى الدول النامية.
وتبين الإحصاءات أن إنتاج التبغ في ازدياد ويتوقع وصوله مرة أخرى إلى قرابة ثمانية ملايين طن سنويا خلال خمس سنوات بعد تراجع كبير في انتاجه في أواخر التسعينات من القرن الماضي.
وقد وجد أن وقد قدرت إحصاءات منظمة الصحة العالمية أن التدخين أدى إلى قرابة ستمائة وفاة لكل مائة ألف وفاة، وأدى أيضا إلى العديد من الأمراض، من أهمها أمراض القلب والشرايين والأورام والجهاز التنفسي.