أنجاز علمي .. زرع قطب كهربائي في دماغ مصاب بغيبوبة يعيده إلى الحياة
استعاد رجل مصاب بما يشبه الغيبوبة لمدة 6 سنوات، القدرة على شرب المياه من كوب، وتصفيف شعره والتحدث بجمل صغيرة بمساعدة من قطب كهربائي متناه في الصغر زرع في دماغه.
وفي خلال ساعات من زرع، ما وصفه الباحثون بجهاز منظم للدماغ، فتح الرجل عينيه وتابع حركة الناس في غرفته بالمستشفى.
وبعد اكثر من سنة، استمر تقدم حالة الرجل، وقد تمكن اخيرا من ترديد اول 16 كلمة من «تعهد التحالف» من الذاكرة.
وتحدى التقرير، الذي نشرته مطبوعة «جورنال ناتشر» الاعتقاد السائد بان المرضى الذين يعانون من حالات فقدان الوعي لفترات طويلة لا يمكن معالجتهم، طبقا لما ذكره الباحثون.
وقال الدكتور ادريان اوين عالم الاعصاب في وحدة علوم الدماغ والسلوكيات في جامعة كامبريدج الانجليزية، الذي لم يشارك في البحث: «هذا حدث بارز، وهو يشير الى امكانية علاج بعض المرضى».
واضاف الباحثون انه من الواضح ان التقنية لن تفيد كل شخص في حالة الوعي المحدود. فأسباب وحدة اصابات الدماغ تختلف اختلافا كبيرا، ويجب استمرار بعض الاتصالات الدماغية المحددة في حالة جيدة لنجاح العلاج.
وقال الدكتور بول ماثيوز استاذ علوم الاعصاب في امبريال كوليدج لندن، الذي لم يشارك هو الاخر في الدراسة، انه «على الرغم من ذلك يقدم التقرير املا. فهو يؤكد امكانية تحقيق التحسن حتى بعد فترة طويلة من الاصابة».
تجدر الاشارة الى انه في حالة الوعي المحدود، يظهر المريض ادلة متقطعة على الوعي ولكن لا يمكنه التواصل مع العالم الخارجي. وهو اقل حد من حالة الغيبوبة الكاملة، حيث يكون الشخص مستيقظا، ولكنه يفتقر للوعي بذاته وما حوله.
وكانت تيري شيافو في حالة غيبوبة كاملة لمدة 15 سنة، عندما حصل زوجها على حكم قضائي لإزالة انبوب التغذية.
ويوجد في الولايات المتحدة ما يتراوح بين مائة الى ثلاثمائة الف شخص مصاب بحالة الوعي المحدود، طبقا لتقديرات الباحثين، ومعظمهم يعيشون في دور العجزة.
ويعاني الشخص موضوع الدراسة من اصابة حادة في الدماغ، بعد تعرضه للسرقة والضرب، وتركه بعد الاعتقاد بموته. وذكر الباحثون انه في الثامنة والثلاثين من عمره ويعيش في الساحل الشرقي ولكنهم لم يذكروا اسمه.
وقبل العلاج، كان الرجل يومئ برأسه في بعض الاحيان. ويقول نعم او لا، ولكنه نادرا ما كان يفتح عينيه. ولأنه لم يتمكن من ابتلاع الطعام، كان يتلقى المواد الغذائية عبر الانابيب.
وقد زرع الباحثون اقطابا الكترونية دقيقة الحجم، عن طريق استخدام خرائط كومبيوترية وجهاز توجيه ملاحي، في ما يعرف باسم المهاد البصري في الدماغ، وهي منطقة في الدماغ تركز على الانتباه والحركة وغيرها من وسائل التحكم. وقد تم ربط الاقطاب بأسلاك الى منظم مزروع في صدر الرجل.
والجهاز الذي هو محفز دماغي عميق، يرسل نبضات كهربائية الى الدماغ ومخصص لعلاج الاضطرابات العصبية، مثل مرض باركنسون. ولا يعرف احد على وجه التحديد لماذا اشتغل الجهاز.
ويشير الدكتور جوزيف جياسينو من معهد جي. اف. كي جونسون لإعادة التأهيل في اديسون بولاية نيوجيرسي، ومؤلف الدراسة، ان الباحثين يعتقدون ان النبضات الكهربائية من الجهاز ضخمت المستوى المنخفض للنشاطات الموجودة اصلا في دماغ الرجل. وحسن الجهاز كفاءة الاشارات المسؤولة عن الكلام والوظائف، مما جعلها تعمل بطريقة افضل.
وقال جياسينو انه من الممكن ان الرجل سيستمر في التحسن، بالرغم من ان استخدام اطرافه سيبقى محدودا للغاية بسبب انكماش العضلات لانعدام الحركة لفترة طويلة. وعلى سبيل المثال يمكن للرجل تحريك فرشاة اسنان نحو فمه، ولكن ليست لديه القدرة التنسيقية على استخدامها.
وذكرت ام الرجل، التي لم يجر الكشف عن هويتها، انه قبل علاجه، وقعت امرا يقضي «بعدم افاقته»، والان «يمكنه البكاء والضحك وقول امي وابي». وقالت خلال مؤتمر صحافي «ابكي في كل مرة ارى فيها ابني، ولكنها دموع الفرح هذه المرة».
والدراسة التي شارك فيها باحثون من كلية طب ويل كورني في نيويورك ومستشفى كليفلاند. كانت من تمويل المعهد الوطني للاضطرابات العصبية والجلطة والمعهد الوطني لابحاث العجز واعادة التأهيل وغيرها من المصادر.
وذكر الباحثون ان الدراسة ستستمر وانهم يأملون في اختبار الجهاز على 12 شخصا من مرضى الوعي المحدود.