رغم تحفظ البعض .. سعوديون ينفقون 30 ألف ريال لضمان إنجاب طفل ذكر
تخوض بعض الأسر السعودية التي تعاني من إنجاب عدد من البنات من دون مولود ذكر، تجربة تحديد جنس المولود، بهدف "ضمان" إنجاب ولي العهد، ومن دون استنزاف الزوجة بالعملية التقليدية، لحين إنجاب الذكر.
وعلى الرغم من المبالغ الكبيرة التي يتكبدها الأهل، إذ تتراوح تكلفة التجربة الواحدة بين 20 و30 ألف ريال سعودي، إلا أن الإقبال على هذه العملية يشهد تزايداً ملحوظاً، رغم أن السرية التامة التي تحاط بها تمنع إعطاء أرقام محددة عن هذه الحالات.
وفيما أكد الدكتور صالح السدلان، أستاذ الفقه المقارن بقسم الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض، أن هذه الخطوة "لابأس بها وهي جائزة شرعاً"، حذّر المختص في علم وظائف الأعضاء وبيولوجيا تكوين الأجنة الدكتور محمد العيسى، من عدم تقنين عملية التحديد وضبطها بالجانب الشرعي.
وقال "لا انصح بها إلا بضوابط شرعية وفي حالات الضرورة القصوى لبعض حالات العقم فقط".
التحديد لحالات خاصة
وشارك السدلان في عدد من المؤتمرات الدولية، وقدم عددا من أوراق العمل تتعلق بالاستنساخ وعلم الأجنة.
وأشار إلى أن بعض الجهات العلمية أثبتت إمكانية اختيار لون العينين للجنين، وغيرها من الخصائص مما أصبح معروفا بالعلم، وليس ضمن علم الغيب، ومن هنا فهي عملية جائزة شرعاً للحالات الحرجة التي تحتاج إلى إجازتها.
لا إحصائيات
من جهته، يلفت العيسى إلى أن حجم الإقبال على إجراء مثل هذه العمليات كبير، إلا أنه لا توجد احصائيات تحصي عدد الأزواج المهتمين بإجرائها نتيجة، السرية التامة.
وأوضح أن هذه العمليات تلجأ إليها حالات خاصة، مثل السيدات اللاتي يُخشى وصولهن إلى ما بعد سن الأربعين، وتقلّ فرصهن في الحمل، ويجرين تجربة طفل الأنابيب وهن المرشحات في الدرجة الأولى لخوض هذه التجربة.
وأضاف: هذه العملية تتيح فرصة فصل الحيوانات المنوية المذكرة عن المؤنثة، والسماح فقط لما تم اختياره لتلقيح البويضة. وفي حال نجاح عملية زرع البويضة مع الحيوان المنوي الذي تم اختيار نوعه مسبقا في الرحم واستقراره ونموه، تكون عملية التحديد ناجحة ومضمونة.
أثمانها باهظة
ويعتقد العيسى أن عدد الأزواج الذي يبحثون في إمكانية إجراء عملية تحديد جنس الجنين ثم يتراجعون عن خوضها أكبر ممن يقدمون عليها، نتيجة الحرج من الإعلان عن هذه الخطوة خشية النقد والملامة من أفراد المجتمع، الذي يرفض التمييز بين جنس وأخر بتحديد جنس معين لمواليدهم.
ويضيف: إلى جانب أن تكلفة العملية تتراواح بين 20-30 ألف ريال سعودي، وربما تزيد بحسب التكاليف وخصائص الحالة، إلا أن العملية تعدّ غير مضمونة النجاح بنسبة مرتفعة، بعد الاستزراع في الرحم واستقرار البويضة بعد تلقيحها.
بعض الحالات
ويروي الزوجان خالد ونورة تجربتهما ، فقد أنجبا 4 فتيات بالطريقة التقليدية خلال 10 أعوام، قاما خلالها بتكرار الإنجاب على أمل الحصول على مولود ذكر. وهو ما تم لهما في الحمل الخامس.
لكن رغبة نورة بإنجاب شقيق لطفلها دفع الزوجان لبحث مسألة تحديد جنس الجنين، فلجآ إلى الجهات الطبية المختصة في مدينة الرياض، مثل مستشفى الملك خالد الجامعي، خاصة وأنها جهة حكومية، ربما توافق على خوض هذه التجربة مع ضمانات إنجاب ذكر دون المخاطرة بصحة الزوجة النفسية.
يقول خالد: "اتجهت لمستشفى في القطاع الحكومي والخاص ايضاً. لكن كلاهما لم يقدما لي الضمانات التي ابحث عنها. ففي حال حمل زوجتي بطفلة أنثى ربما تغامر بخوض التجربة السابعة في الإنجاب وهذا منهك للغاية إلى جانب هذا العامل، تعتبر الأثمان في القطاع الخاص لمثل هذه العمليات باهظة بدون ضمان النتائج، وبالتالي قد لا تنجح التجربة وتجهض البويضة وتصبح الخسائر مضاعفة".
وتذكر زوجته نورة أن معاناة إنجاب الإناث طالت أيضاً حياة شقيقتها التي رزقت بأربع فتيات ولم تنجب ذكوراً حتى الآن. لكنها تحلم بطفل ذكر يساندها في حياتها.
وتقول: "عندما لجأت شقيقتي إلى الجهات الطبية علمت أنها تجربة معرضة للفشل، بالإضافة إلى عدم إمكانية استرداد المبالغ المدفوعة. لكنها لا تزال تبحث عن وسيلة مضمونة النجاح لإنجاب طفل ذكر".
من جانب أخر ترى بدرية محمد أن تجربة تحديد جنس المولود هو قرار يتخذه الزوجان، وعليهما تحمّل تبعاته. وتشير إلى أنها، وزوجها، لم يوفقا خلال 8 أعوام في 3 عمليات أطفال الأنابيب خاضتها. وهو ما كبّدهما خسائر مادية كبيرة في مراكز طبية خاصة. وتؤكد بدرية أنها لم تكن مهتمة بتحديد نوع الجنين، إلا أن العمليات كلفتهما ما يقارب الـ 100 ألف ريال سعودي.
وتقول بدرية: "قبل إجراء التجربة الرابعة، قررت وزوجي أن يكون الطفل ذكرا. ونجحت التجربة ورزقنا به وهو الآن في عامه الرابع. ونفكر في تكرار التجربة، على أن يكون اختيارنا في حال تحديد نوع الجنين أنثى".