لن تصدقي .. في هذه الأماكن تختبيء آلامنا
10:27 ص - السبت 30 نوفمبر 2013
خاص الجمال - إيناس مسعود
نعاني من آلام جسدية وشخصية، وفي كثير من الأحيان لا نعلم من أين تنبع أو السبب الرئيسي لها، الغريب ورغم أنها آلام نفسية يترجمها الجسم في صورة عضوية.
أماكن اختباء الآلام هي:
1- في العظام:
هناك حزن خفي كامن بالجسم وينطلق في صورة آلام بالعظام، وتطلق رياضة اليوجا على هذه العملية اسم " سامسكارا" ويترجمها الجسم إلى ندبات في أنسجته، فعندما نستمع بحق إلى أجسامنا، وعندما نمددها ونحاول تخفيف ما بها وإعارتها اهتماماً كبيراً، يمكننا الشعور بالمكان الذي يختبيء به هذا الألم، وعلى الأغلب يكون في القلب، الوركين، الفكين وقلما يظهر في البطن. مهما كان مكانه من الضروري والمفيد أن نبحث عنه، ولمعرفتها وبعد كل شيء، نعاني من ألم هو جزء من هويتنا الأصلية.
2- في غنوة نستمع إليها:
أحيانا تقود سيارتك ثم تسمع أغنية في الراديو تذكرك بمرحلة من عمرك كنت تعشقها خلالها، وفقط عندما تسمعها تجعلك ترغب في فتح نافذة سيارتك وتنطلق مسرعا مع الرياح لأنها تشعرك بالعودة إلى سنوات عمرك الماضية، سواء كانت سعيدة أو حزينة، ومع هذا الانهيار الزمني يجتاح الجسم شعور خارق للطبيعة يمتزج فيه الحلو والمر.
في اللحظة التي تستمع خلالها إلى تلك الأغنية تصبح مسلوب الإرادة، ليس بمقدورك أن تغير أحزانك، مع استمرار محاولات حياتك الوسطى لإصلاحها لجعل الحياة أفضل.
وفي الفجوة الزمنية بين ماضيك وحاضرك هناك آلام عميقة وناضجة، عليك المرور بها ولذلك يمكنك النمو وعيش حياة مليئة بالتساؤل، وتركب كل تلك المشاعر في كلمات غنوة توقظها مرة أخرى.
فوق صفحة بيضاء:
عندما تجلس مع كتيبك الخاص وتبدأ الكلمات في الاحتكاك بصفحة فارغة، تكتشف ما تشعر به، وما أنواع وأشكال الهواجس التي تمر عليك ؟ وما الذي تريده ؟ في الواقع لا تعلم كل تلك الرغبات إلا عندما تبدأ في كتابتها ومن خلالها يبدأ شيء ما في التشكل، بكلمة بجوار كلمة وجملة تتبع أخرى مثل بعض من فتات الخبز الذي يتناثر عبر الغابات، تنظر للخلف على ما كتبته تندهش بما أفصحت عنه نفسك وتدرك ما كان يحدث لك والخطأ الذي وقع خلالها.
في مكان نشعر أننا أقرب إلى من فقدناهم:
إذا مات شخص عزيز على قلبك يصبح موته مفاجئاً وصادماً لم تتمكن من توديعه، لذا يشعر الإنسان بحالة من الألم العظيم، لكن أحيانا يمر الوقت ويخفف وطأة الألم الذي قد يكون أحد ضروريات الحياة.
وعند التواجد في مكان كان يجلس معنا هذا الفقيد الغالي ونتذكر كل ما كان يقوله لنا من كلمات، نشعر حينها بالألم الخفي داخلنا يخرج تلقائيا وكأنه وسيلة لإحياء ذكرى هذا الإنسان، وتكريما له.
فيما وراء المثالية:
نجرب كثيرا، نتسابق من موعد لآخر، في حالة من ارتباك، وتستمر لوقت متأخر، هذا لأننا من الداخل نؤمن أننا لو تمكنا من إنجاز بعض الأهداف بعيدة المنال، سيجعلنا هذا نشعر بالسعادة، لكن الألم الكامن في عدم الأمان الخفي بين كل هذا التسابق المحيط بنا وإذا توقفنا نشعر به، ويلتصق بنا، وعند حدوث ذلك نسمح له باجتياحنا كموجة تنقية هائلة.
بين الأفكار المختلفة:
أحيانا تحاول التأمل، لكن لا تتمكن من عمل ذلك لأن العقل يقفز من فكرة لفكرة أخرى، وهذه هي طبيعة العقل البشري وبين تلك الأفكار العشوائية المتناثرة التي تتنقل داخل العقل وتجري به عبر رؤوسنا في حلقة لا نهائية من داخل العقل يختبيء الألم.
لكن هناك الكثير جدا من الحرية في الوصول لمعرفة ماذا يختبيء هناك، لذلك يمكننا مصافحة الألم، يمكننا دعوته للدخول مثل ضيف نستطيع الترحيب به، وكذلك تستطيع إدراكه كمعلمنا الأعظم.
في شيء نصل إليه ثم نتمنى لو لم يحدث:
مهما كان ذلك الشيء الذي حدث بالفعل وبعد حدوثه تمنيت لو لم يحدث، ففي تلك اللحظة يظهر ألم كان بداخلنا وتعتبر أمنيتنا هذه نوع من محاولتنا للاختباء من ذلك الألم، وهو الألم الذي كنا نخزنه بعيدا، نخمده، ندخره ليوم ممطر، فهو ألم ينتظر بصبر من أجلنا، ليس لأنه يريد معاقبتنا، وليس لإيذائنا إنما ما يريده هو خدمتنا ومساعدتنا على النضوج لكي نتخطاه ونتركه وراء ظهورنا، ورغم جنون الفكرة إنما الألم يريد أن يجعلنا سعداء.