إيلي صعب يصمم زجاجة «إيفيان» الجديدة .. بالدانتيل

عندما يتحول الاستهلاكي إلى فني يستهوي المقتنين .. الدانتيل حاضر دائما في عروض إيلي صعب وقد جاءت فكرة استخدام الدانتيل بعد أربعة أشهر من التجارب والاختبارات شملت 26 رسمة و17 نموذجا جربت فيه 8 ألوان م
عندما يتحول الاستهلاكي إلى فني يستهوي المقتنين .. الدانتيل حاضر دائما في عروض إيلي صعب وقد جاءت فكرة استخدام الدانتيل بعد أربعة أشهر من التجارب والاختبارات شملت 26 رسمة و17 نموذجا جربت فيه 8 ألوان م

منذ عشر سنوات تقريبا، بدأت شركة «إيفيان» (Evian) تقليدا جديدا تتعاون بموجبه مع مصممين عالميين لتسليط الضوء على مصدر عين Evian)) من جهة، وأهمية الماء كعنصر مهم للحياة، من جهة ثانية.
هكذا على الأقل بدأت الفكرة لتتطور مع الوقت إلى قنينات بأشكال فنية تستهوي المقتنين، خصوصا أنها تطرح دائما بعدد محدود وأشكال مميزة.
ما لبثت أن استحلت شركة «إيفيان» الفكرة، بعد أن تبين لها أنها يمكن أن تصل إلى شرائح أكبر من الناس من خلال هؤلاء المصممين، لتعم الفائدة على الكل. 

وهكذا، بعد تعاونها مع أسماء مثل «إيسي مياكي»، بول سميث، دايان فون فورتنسبورغ:

«كوريج»، كريستيان لاكروا، جون بول غوتييه وغيرهم، تضم إيلي صعب إلى اللائحة وتقول باعتزاز إنه خير خلف لخير سلف، بأسلوبه الراقي. أما بالنسبة لمحبي إيلي صعب، فقد كان الخبر بمثابة المفاجأة، لأنه في العادة لا يقبل الخوض في مغامرات جانبية بسهولة. يشرح إيلي صعب الأمر بقوله إنه عندما تلقى اتصالا من «إيفيان» تقترح عليه التعاون معها لتصميم قنينتها الجديدة، وجد صعوبة في عدم الموافقة، لأنهم طرحوا عليه الفكرة بطريقة عملية تتناسب مع شخصيته وتحترم أسلوبه. ويضيف أنه رغم أنه تلقى عروضا كثيرة ومماثلة من عدة شركات في السابق، فإنه لم يرها مناسبة له، بمعنى أنه لم يجد نفسه فيها. فهي، كما يعترف: «لم تكن تتطابق مع رؤيتي أو طموحاتي. شركة (إيفيان) في المقابل عرضت علي الفكرة بأسلوب راق تلخص في اقتراحهم (أن أترجم الصفاء والشفافية التي يعكسها الماء في هذه القنينة، وكل شيء آخر يمكنني أن أطلق فيه العنان لخيالي)». 
كان هذا، إضافة إلى أنها تمثل تجربة جديدة ومثيرة لم يخض مثلها من قبل، من الأسباب التي جعلته يقبل العرض بسرعة. صحيح أن الماء عنصر مهم في الحياة واستهلاكي أولا وأخيرا، لكنه أيضا ترف وفن يدخل في صميم الثقافة الشعبية، التي جسدها الكثير من الفنانين المعاصرين بشكل أو بآخر، وعلى رأسهم آندي وورهول، الذي جعل من كل ما هو استهلاكي مادة فنية تقدر بمئات الآلاف. 
إيلي في المقابل، لم يفكر فيها كمادة فنية ولم يعطها حجما أكبر من حجمها الحقيقي، كما يقول. فهي مجرد منتج استهلاكي له عمر محدد، كان عليه أن يختزل فيها كل معاني الشفافية والرقي بأسلوبه من دون أن ينسى أنه منتج يرتبط أساسا باسم «إيفيان»، فالقنينة ستبقى ملكا لها على المدى الطويل. 
لهذا، قرر منذ البداية أن يحترم ثقافة الشركة وما تطمح إليه في هذا العمل، باحترام جيناتها وإبرازها. فالفكرة هي خدمة منتج عمره قصير لن يتوافر في السوق طويلا، وهذا بحد ذاته، كان تحديا جديدا بالنسبة للمصمم الذي يجتهد في كل عمل يقوم به أن يقدم تحفا تحمل اسمه وتبقى للأبد إن أمكن. أما الإيجابي في هذه التجربة، كما يشير، أنها منحته فرصة العمل على مشروع يمكنه أن يتجرد منه «لأنه ليس ملكا لي».
 
من هذا المنطلق، أدرك منذ البداية أن عليه أن يكون واقعيا وعمليا وألا ينسى هذه الحقيقة في أي مرحلة من مراحل التصميم، بألا يتعامل معها بنفس الطريقة التي ينتهجها عندما يطرح عطرا أو تشكيلة أزياء مثلا. فهذه ستحمل اسمه إلى الأبد، بينما «القنينة ستحمل اسم الشركة» حسبما أكد، مضيفا: «وهذا ما جعلني أحترم جينات الشركة وفلسفتها، وأحرص على ألا يغطي أسلوبي عليها. الهدف لم يكن عملا تغلب عليه (الفذلكة)، بل عملا يجسد الشفافية من جهة وأسلوبي من جهة ثانية». 
الدانتيل لم يكن أول فكرة تبادرت إلى ذهنه عندما بدأ العمل بهذا المشروع، بل جاء بعد تفكير طويل وأربعة أشهر من التجارب والاختبارات شملت 26 رسمة و17 نموذج جربت فيه 8 ألوان مختلفة. فقد اكتشف أن ما قد يبدو رائعا على الورق يصعب تنفيذه على القنينة، فضلعن أنه واجه قيودا ومحاذير صحية لم تكن في الحسبان تفرضها وزارة الصحة على أي تعامل مع الماء والقنينة على حد سواء. 
لكن، ما إن رسا الاختيار على الدانتيل حتى وضحت الصورة وأخذ العمل بعدا جديدا، أكثر إثارة ومتعة. كان الدانتيل العنصر الذي أضفى على العمل بعده الفني ولمسة إيلي التي يعرفها الجميع، لأنه كان - ولا يزال - خامة أساسية تتكرر في كل تشكيلاته تقريبا، مما يجعله جزءا من جينات داره، وفي الوقت ذاته يمثل الشفافية، التي تبحث عنها «إيفيان» بكل ما تعنيه من صفاء وحيوية. 
ومع ذلك، يسارع المصمم بالشرح أنه يحرص على ألا تتداخل الأمور مع بعضها، وأنه يعطي كل عمل حقه:
«عندما أدخل في أي تجربة من هذا النوع، لا أريد الخلط بينها وبين عملي في مجال الأزياء، فأنا، مثلا، لم أضع المرأة نصب عيني وأنا أصمم القنينة، لأني عندما أدخل أي مشروع لا علاقة له بالأزياء أو العطور، أتعامل معه بحيادية تامة. هذا المشروع، أكبر دليل على هذا، فالقنينة، بالنسبة لي، تتمتع بوظيفة واضحة ومحددة وهي احتواء الماء، الذي يعتبر عنصرا أساسيا للحياة، وبالتالي عوض أي إسقاطات أو فذلكات، لم تكن تتطلب مني سوى تصميم بسيط بعيدا عن البهرجة».
تجدر الإشارة إلى أنه بموجب هذا التقليد السنوي الذي اعتمدته شركة «إيفيان» منذ سنوات، تخضع القارورة الزجاجية لعمليات تجميل وتزيين من قبل المصمم الذي يقع عليه الاختيار. وتترك له الشركة مطلق الحرية أن يضع عليها لمساته ويعكس أسلوبه وثقافته إما بالألوان أو الكلمات أو الرسم. مع كل من بول سميث، وإيسي مياكي ودايان فورتنسبورغ، أخذت هذه التجربة منحى جديدا في السنوات الأخيرة. 
الأول أصبغ عليها روحه الشابة بتزيينها بخطوط تتراقص على ألوان قوس قزح، التي يشتهر بها، والثاني، أي «إيسي مياكي»، طبعا بالورود المتفتحة، بينما كتبت عليها المصممة دايان فون فورستنبورغ كلمات تلخص فلسفتها في الحياة وهي «الماء هو الحياة، الحب .. الحياة والماء». أما إيلي صعب فيريدنا أن نتذكر تصميمه الهادئ والراقي فقط.
ستتوافر القنينة في الأسواق ابتداءا من منتصف شهر أكتوبر (تشرين الأول).