الدليل الكامل لأعراض وتشخيص «متلازمة الالتهاب التنفسي في الشرق الأوسط»
11:26 ص - الخميس 29 أغسطس 2013
«متلازمة الالتهاب التنفسي في الشرق الأوسط - فيروس كورونا المستجد» المعروفة اختصارا (ميرس) MERS-CoV، هو مرض فيروسي يصيب الجهاز التنفسي وعرف لأول مرة في السعودية في عام 2012، وهو ناتج عن اشتقاق تحوري لفيروس الكورونا COV.
وقد ظهرت لدى معظم الذين تأكدت لديهم العدوى بهذا الفيروس أعراض حمى شديدة، وسعال، وضيق في التنفس، وتوفي نحو نصفهم. وحتى الآن تم ربط هذه الحالات بأربع دول في شبه الجزيرة العربية، أو بالقرب منها.
ومن الصعب تحديد طبيعة انتشار هذا الفيروس ولكن بما أنه مرض تنفسي فإن انتشاره بالتأكيد سيكون عن طريق الهواء والاتصال المباشر والوثيق بين المرضى والأصحاء. ومع ذلك، لم يظهر توجه الفيروس للانتشار بطريقة مستديمة في المجتمعات المحلية حيث لا يزال الوضع مشبوها وغير مؤكد.
المستجدات التي طرأت على الفيروس
في الأول من شهر أغسطس (آب) لهذا العام 2013، تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية عن وجود ثلاث حالات جديدة مؤكدة مختبريا في دوبلة السعودية. وعلى الصعيد العالمي، في الفترة من سبتمبر (أيلول) 2012 وحتى الآن، تم إبلاغ منظمة الصحة العالمية عما يقارب 94 حالة مؤكدة مختبريا من حالات العدوى بهذا الفيروس بما في ذلك 46 حالة وفاة.
واستنادا إلى الوضع الحالي والمعلومات المتاحة، فإن من توصيات منظمة الصحة العالمية لجميع الدول مواصلة مراقبتها لالتهابات الجهاز التنفسي الحادة (SARI- severe acute respiratory infections) وإعادة النظر لأي أنماط أخرى متحورة ومشتقة غير عادية. كما نبهت على العاملين في مجال الرعاية الصحية توخي الحذر عند مخالطة المرضى كما أن المسافرين والزوار العائدين من الشرق الأوسط ينبغي اختبارهم لـSARI- CoV وMERS-CoV.
وينبغي الحصول على عينات من الجهاز التنفسي السفلي للتشخيص، إذا كان ممكنا، وملاحظة وجود أي علامات أو أعراض غير نمطية، مثل الإسهال، في المرضى الذين يعانون من نقص المناعة.
ما هو فيروس التاجي أو الكورونا؟
الكورونا هي أنواع من أجناس فيروس ينتمي إلى فصيلة Coronavirinae في Coronaviridae. اسم «الكورونا» مشتق من الهالة اللاتينية، وهذا يعني التاج الذي يظهر تحت المجهر الإلكتروني crown-like وتتم التسمية للطفرات على ثلاثة مجاميع رئيسة هي ألفا وبيتا وغاما، وتم تعيين مجموعة جديدة تسمى الرابع الكورونا الدلتا.
لقد تم عزل الكورونا البشرية أول مرة في منتصف 1960. وهي على خمسة أوجه يمكن أن تصيب الإنسان: الكورونا ألفا 229E وNL63 والكورونا بيتا OC43، HKU1، والسارس COV الذي يسبب مرض الالتهاب الرئوي الحاد.
الكورونا أيضا تصيب الحيوانات، ومع ذلك، يمكن للسارس COV أن يصيب الإنسان والحيوان على حد سواء، بما في ذلك القرود، والجمال، والقطط، والكلاب، والراكون، والخفافيش، والقوارض. وتداخل هذه الأنواع ببعضها البعض بشكل أو بآخر بما ينتج أو يشكل تحورا جديدا لنمط فيروسي جديد قد يكون أشد فتكا من الفيروس الأمي.
من الصعب زراعة الكورونا التي تصيب الإنسان مختبريا على عكس الفيروسات الأنفية الأخرى التي تسبب نزلات البرد. هذه المجموعة من الفيروسات تسبب التهابات تنفسية حادة أو متوسطة تعتمد على عوامل عديدة منها كمية الفيروس ومناعة الشخص المصاب والفيروس يصيب مختلف الأعمار عند الإنسان كما أن أنواعه الأخرى تسبب أمراضا في الجهاز التنفسي والعصبي والهضمي للحيوان. وينتقل المرض عن طريق تلوث الأيدي والرذاذ التنفسي والمخالطة المباشرة مع سوائل وإفرازات المريض وجزئيات الهواء الصغيرة حيث يدخل الفيروس عبر أغشية الأنف والحنجرة والبلعوم.
تفاعل بشري حيواني
وحينئذ فإن من المهم معرفة أن جميع الفيروسات لها القدرة على التحور أو «التطفر» والتنقل بين الأنواع المختلفة داخل العائلة الواحدة مما أكسبها القدرة الفتاكة على قتل المصاب إذا كان يتمتع بمناعة ضعيفة، لذلك من المفيد أخذ فكرة عن السلالات الأخرى التابعة للكورونا والتي تصيب الحيوانات، حيث كنا في السابق نؤمن بتخصصية الفيروس ولكن مع ظهور الحالات الجديدة وتغير السلالات فإن هذه الظاهرة بدأت في الاضمحلال تدريجيا إلى أن أصبح الفيروس الحيواني والبشري لهما القدرة على الاتحاد لتكوين سلالات جديدة أشد فتكا وإصابة من السلالات الأصلية كما هو الحال في فيروسات الإنفلونزا التي نرى تعددها وتشكلها أخيرا.
مثلا في الدجاج فإن فيروس الكورونا يسبب التهاب الشعب الهوائية المعدية ويستهدف ليس فقط الجهاز التنفسي ولكن أيضا الجهاز البولي التناسلي. يمكن للفيروس الانتشار إلى أعضاء مختلفة في جميع أنحاء الدجاج.
وفيروسات الكورونا أيضا تسبب مجموعة من الأمراض في الحيوانات المستأنسة في المزرعة والحيوانات الأليفة، والبعض منها يمكن أن تكون خطيرة وتشكل تهديدا للحياة البشرية مثل فيروس الخنزير التاجي والتاجي البقري والتاجي الجملي (انتقال الفيروس التاجي إلى التهاب المعدة والأمعاء)، والتاجي القططي وأشكال أخرى من الكورونا المعوية الماكرة حيث الطفرة من هذا الفيروس يمكن أن تؤدي إلى التهاب الصفاق المعدي الذي قد ينتقل إلى الإنسان حيث عندها يصبح المرض مرتبطا بارتفاع معدل الوفيات.
كذلك فيروسات كورونا الكلاب التي تسبب أمراض الجهاز الهضمي والكورونا الذي يسبب مرض الوباء الفئراني والخفاشي مع ارتفاع معدل الوفيات أيضا، وقد تركزت الجهود البحثية الكبيرة على توضيح المرضية الفيروسية لهذه الكورونا خاصة التي لها تحورات بشرية لمحاولة السيطرة عليها واكتشاف لقاحات وعلاجات لها.
في عام 2003، في أعقاب تفشي مرض الالتهاب الرئوي الحاد (سارس) الذي كان قد بدأ قبل عام من ذلك في آسيا، وحالات ثانوية في أماكن أخرى من العالم، أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانا مشتركا قالت فيه إن التاجي كورونا التي حددتها عدد من المختبرات وكانت العامل المسبب لمرض السارس، كان اسمه رسميا سارس - الفيروس التاجي (SARS-COV). وأدى وباء السارس إلى إصابة أكثر من 8000 بالالتهابات، نحو 10 في المائة منهم ماتوا.
الإصابة والأعراض
إن طرق انتشار هذه الفيروسات لم يتم بحثها كثيرا ومع ذلك فمن المرجح أنها تنتقل من الإنسان المصاب إلى الآخر عن طريق الهواء عن طريق السعال والعطس، والاتصال الشخصي الوثيق مثل اللمس أو المصافحة. وهذه الفيروسات قد تنتشر أيضا عن طريق لمس الأشياء الملوثة أو السطوح ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وقد تكثر الإصابة في فترة الخريف والشتاء ولكن ليس هناك دليل قاطع بذلك، فيمكن أن يصاب الشخص في أي وقت من السنة.
ما هي الأعراض؟
عادة ما تكون خفيفة إلى معتدلة وتصيب الجهاز التنفسي العلوي لمدة قصيرة قد تتضمن أعراض الحرارة والتهاب الأنف مع إفراز مائي، والعطس، والألم في الرأس، والسعال، والألم في الحنجرة، والأوجاع العضلية. ويستمر المرض عدة أيام وأحيانا أسبوعين، وتتحسن حالة المريض ويتعافى تلقائيا من دون أي علاج، ولم يسجل من السابق وجود أي مضاعفات للمرض.
وهذه الفيروسات يمكن أن تسبب أحيانا أمراض المسالك التنفسية السفلى، مثل الالتهاب الرئوي، هذا هو أكثر شيوعا في الناس مع مرض القلب أو الجهاز المناعي للخطر، أو كبار السن. ولكن الأعراض باتت أشد خطورة وفتكا بالمريض من ذي قبل، وذلك بالتحور الطفري الذي تشكل في الفيروس والذي أكسبه القدرة الشرسة على إحداث وفيات.
التشخيص
الاختبارات المختبرية يمكن القيام بها لتأكيد ما إذا كان المرض ناجما عن الفيروس التاجي أم لا. ومع ذلك، لا يتم استخدام هذه الاختبارات في كثير من الأحيان لأن الناس عادة ما يصابون بعدوى خفيفة في بادئ الأمر وتلتبس عليهم على أنها إنفلونزا. أيضا، قد يكون الاختبار مقصورا على عدد قليل من المختبرات المتخصصة. وقد تشمل الاختبارات:
عزل الفيروس
- سلسلة تفاعل البلمرة (PCR) التي هي أكثر عملية ومتاحة.
- اختبار المصلية للأجسام المضادة للكورونا.
- مسحات الأنف والحنجرة هي أفضل العينات للكشف عن هذا النوع من الفيروسات، أما الاختبارات المصلية فتتطلب جمع عينات الدم. أما عزل الفيروس فيعتبر بمثابة النتيجة المؤكدة لتحديد مصدر العدوى.
- يتحدد المرض فقط بالتحليل المختبري والتشخيص التمايزي الذي فيه نميز هذا المرض عن بقية الأمراض الحادة للجهاز التنفسي. وليس هناك من علاج خاص بالمرض حيث تتم مكافحة الأعراض بعلاجات الإنفلونزا.
- وللوقاية فإنه يجب عزل المصاب وعدم الاحتكاك به، وارتداء القناع للوقاية من تسرب الفيروس عبر الهواء إلى الجسم، والابتعاد عن الرطوبة وتهوية المنازل وتدفئتها جيدا، أما في الحج عندما يكثر الزحام والاختلاط فيجب ارتداء الأقنعة الواقية والإكثار من السوائل والعصائر التي تحتوي على فيتامين سي.
- ولا يوجد علاج محدد، فمعظم المصابين يتماثلون للشفاء من تلقاء أنفسهم. ومع ذلك، يمكن القيام ببعض الأشياء لتخفيف الأعراض الخاصة، مثل الباراسيتامول واستخدام المرطبات للغرف وإنعاش التهوية أو أخذ دش ساخن للمساعدة في تخفيف التهاب الحلق والسعال.