مصممة المجوهرات العالمية ديما: أعشق قرط «المخرطة»

ما بين الأوبال بدرجاته المختلفة، والتورمالين الذي يجمع بين العديد من الالوان، والكالسدوني المميز بخفته التي تمنحه القدرة على التمازج مع أحجار أخرى، تأتي تصميمات ديما رشيد، المصممة، التي تعشق الأحجار الكريمة وتنظمها مع أسلاك وسلاسل الذهب بجوار بعضها بعضا. الأشكال مستوحاة عموما من التراث القديم، سواء كان فرعونيا أو عربيا أو بدويا، مع إضافات واضحة من الذوق الأوروبي، لتأتي النتيجة قطعاً متميزة من الحلي نجحت في جذب أنظار العالم الغربي لها، مما جعلها على مدار السنوات الأربع الماضية، واحدة من أشهر مصممي المجوهرات المعروفين في أوروبا والولايات المتحدة، فضلاً عن العالم العربي ونخبة المجتمع المصري.


كانت البداية من خلال صفقة أحجار هندية اشترتها ديما من إحدى صديقاتها في لندن أثناء وجودها هناك منذ نحو 4 سنوات، بمبلغ 10 آلاف دولار. لم تكن ديما «الفلسطينية الأصل، والمصرية الإقامة، والكندية الدراسة والمعيشة»، تعرف ماذا ستفعل بتلك الأحجار،لكنها عادت بها مبهورة إلى القاهرة وكأنها قد حصلت على كنز علاء الدين. جلست ووضعت الأحجار أمامها وبدأت في تخيل شكل كل قطعة يمكن تصميمها، لتخرج من ذلك بعدد كبير من التصميمات بيعت كلها لأصدقائها وأقاربها ولم يتبق لها سوى ما يقرب من 40 قطعة قررت الاحتفاظ بها لنفسها. وقادتها أقدارها إلى السفر إلى باريس لقضاء إجازة مع والدتها وأطفالها الأربعة.

وفي ليلة وأثناء تناولهم العشاء في مطعم الفندق، فوجئت بامرأة تسألها عن مصدر القرط الذي ترتديه في أذنيها، وعندما أخبرتها أنه من تصميمها، لم تصدق المرأة التي أصرت على رؤية المزيد، فرحبت ديما من دون أن تعرف حقيقة المرأة التي تقف أمامها، والتي ظلت تتفحص قطع مجوهرات ديما لمدة ساعة تقريباً، واشترت منها ثلاث قطع، قبل أن تعرّفها بنفسها. المرأة لم تكن سوى «ناتاشا فريجر»، رئيس تحرير مجلة «هاربز بزار» الشهيرة. في المساء كانت ناتاشا قد حصلت على مواعيد لديما مع ثلاثة من أكبر محلات المجوهرات في لندن، وهم «أريكســـون بيمنز» و« هارفي نيكولز» و« أليجرا هيكس». الثلاثة وافقوا على أخذ تصميمات ديما وعرضها لديهم في محالهم، وسرعان ما تطور الأمر إلى الاتفاق على مجموعة جديدة من التصميمات يتم عرضها عند نفاد الأولى.

«فيرتان» اسم مهم ليس في عالم المجوهرات في مصر كواحد من أشهر مصمميها المعروفين عالمياً فقط، لكن أيضاً لكونه المعلم الأول الذي تعلمت على يديه ديما أصول صناعة المجوهرات بعد أن تحولت من الهواية إلى الاحتراف. وهو ما تقول عنه ديما: «تعلمت من فيرتان بعض الأمور المهمة لأي مصمم يعمل بيديه، صحيح أنني كنت أعشق عملية التصميم منذ صغري من خلال عمل إكسسوارات البنات وقطع مجوهرات أمي القديمة، لكن الاحتراف والعرض في أكبر محال أوروبا لهما معنى آخر، ولم أكن لأسمح أن أقدم قطعاً تأتي لي عليها ملاحظات من قبل الجهات الأوروبية التي أتعامل معها. ولهذا تعلمت من فيرتان كيفية عمل الخاتم والقرط وتقفيل العمل بدقة وبخبرة عامل قديم في المهنة».

الطريف في الأمر، أن ناتاشا التي آمنت بموهبة ديما وقدرتها على التصميم بإبداع، لم تكتف بتقديمها إلى الأوروبيين فحسب، بل قدمتها أيضاً إلى أكبر محلات المجوهرات في الولايات المتحدة الأميركية. وهنا أيضا استقبلت تصميماتها بإعجاب شديد، وهو ما تقول عنه ديما: «قد يكون ما يميز ما أقدمه من تصميمات، هو أنني أمزج بين التصميم الشرقي الأصيل، والأسلوب الغربي. فبحكم علاقتي بالغرب التي بدأت وأنا عمري 14 سنة في تورنتو بكندا، أدركت أن الذوق الغربي قد ينبهر أو يعجب بالقطع الشرقية الأصيلة، لكنه في الغالب لا يشتري إلا ما يتوافق مع ذوقه وأسلوب حياته، وهذا هو السر في الإقبال على تصميماتي».

عندما تطلع على تصميمات ديما، وبخاصة من الأقراط، لا بد أن تلحظ تأثرها بتصميم «المخرطة» المستدير الذي تعشقه ديما حسب ما تقول. وهو تصميم بدوي مستوحى من الغجر. ويتنوع ما تقدمه من ذلك التصميم ما بين مخرطة من طبقة واحدة أو طبقتين أو ثلاث، بالإضافة إلى أسلوب تزيينه بالأحجار. فهذا «مخرطة» بالاوبال الزهري، وهذه بالاوبال الاخضر، وهكذا. وتقول ديما عن هذا التصميم: «نعم أعشق تصميم المخرطة وأعتبره من أكثر التصميمات التي تناسب كل النساء: البدينة والنحيلة، الطويلة والقصيرة، ذات الوجه الممتلئ والوجه النحيف، لكن مع بعض الاختلافات في الطول أو مدى استدارة المخرطة حسب كل امرأة».

ديما تعشق أيضا أحجار منطقة جنوب شرق آسيا، وترى أنها من أفضل المناطق التي من الممكن جلب الأحجار الكريمة منها. السبب لا يعود فقط إلى وجود مناجم تلك الأحجار في هذه المنطقة، لكن إلى حرفية العامل أيضًا، الذي يعرف كيفية تقطيع الأحجار بشكل يحافظ به على شكلها في الطبيعة، وهو أمر لا يعرفه للأسف العامل العربي أو الشرقي عموماً. ولهذا تحرص على طلب كل ما تحتاجه من أحجار من هناك قبل البدء في تصميمها بنحو 6 أشهر حتى يتسنى لها الحصول على ما تريد بالضبط. ومن أكثر الأحجار التي تحرص ديما على شرائها: الاوبال الذي تفضله، لأنه يناسب كل ألوان البشرة، كما أن له قدرة فائقة على تحويل الضوء الأبيض إلى ألوان الطيف المختلفة. وهو واحد من أهم خمسة أحجار كريمة على مستوى العالم إلى جانب الماس والياقوت والزمرد والصفير المعروف بالياقوت الأزرق.

هناك أيضاً التورمالين الذي تتراوح ألوانه ما بين عديم اللون المسمَّى «أكورايت»، والتورمالين الأسود المسمى «شورل»، وهناك درجات مُختلفة ومجموعات مؤتلفة منه بألوان الأحمر، الوردي، الأخضر، الأزرق، البنفسجي، الأصفر، والبني. يتميز التورمالين أيضا بخاصية ثنائية اللون، وهي خاصية بلورية تجعله يتكشف عن لون أغمق عندما يُنْظَر إليه بشكلٍ طولي، وبلونٍ أفتح عندما ينظر إليه بشكلٍ عرْضي. أما الكالسدوني، فتصفه ديما بأنه حجر يجمع بين كونه من الأحجار الكريمة النقية، وخفته التي تمكنها من دمجه مع غيره من الأحجار في تصميمات رائعة، بالإضافة إلى حجر البلاك مون (القمر الاسود) الذي تدخله في الكثير من تصميماتها.