أسواق بريطانيا .. ترحب بالعرب بعد رمضان وتقول: نحن في الخدمة

أسواق بريطانيا .. من العود المعتق إلى التصاميم المطرزة والأكمام الطويلة
أسواق بريطانيا .. من العود المعتق إلى التصاميم المطرزة والأكمام الطويلة

في الوقت الذي حزم فيه البريطانيون حقائبهم متوجهين إلى أماكن ساخنة لقضاء ما تبقى من إجازتهم الصيفية، سيحط العرب الرحال في لندن هربا من حرارة الصيف في بلادهم.
مجيئهم هذا العام كان متأخرا مقارنة بالسنوات الماضية بسبب حلول شهر رمضان الكريم في عز الصيف، مما اضطرهم لتأجيل سفرهم إلى ما بعد انتهاء العيد.
أمر يتكرر منذ بضع سنوات، وباتت لندن تعرفه جيدا وتتعامل معه بطريقة ذكية فيها كثير من الاحترام والتودد. 
فهي لا تنكر أنها تدين للزبون العربي بالكثير.
ففي هذه الفترة وحدها، يتوقع أن تصل المبيعات إلى 150 مليون جنيه إسترليني، حسب شركة التسوق السياحي، (غلوبال بلو)، وهو مبلغ لا يمكن الاستهانة به على الإطلاق. 
وأشارت «غلوبال بلو» أيضا إلى أن أغلبية هؤلاء الزائرين يأتون إلى لندن للتسوق أولا وأخيرا، وغالبا ما يقومون بذلك جماعات، لأن التسوق بالنسبة لهم متعة اجتماعية وجماعية تفتح النفس على المزيد من الشراء، وهو ما ترحب به المحلات الكبيرة وتشجعه.
ولأن كل المحلات الكبيرة، من «هارفي نيكولز»، «هارودز» و«سيلفريدجز»، باتوا يعتمدون على هذا الزبون ولا يستغنون عنه، فإنهم لم يترددوا منذ سنوات في تغيير برامجهم حتى تتوافق مع وقته وثقافته وذوقه، وليس أدل على هذا من تقديمهم موسم التنزيلات بعدة أسابيع قبل رمضان، لكي تفسح المجال لعرض موضة الخريف والشتاء المقبلين عند وصوله بعد العيد. وحتى خلال رمضان، حيث يوجد بعضهم في العاصمة. 
فتحت «سيلفريدجز» أبوابها لهم حتى الساعة العاشرة مساء ليتمكن من داهمهم الوقت ولم يشعروا بمروره وهم يتسوقون، بالإفطار في أحد مطاعمها. لكن ما انتهى شهر رمضان حتى انتهت معه كل التنزيلات واختفت آثار كل ما هو قديم من الموسم الماضي، تحسبا لمجيء زبون لا يقبل سوى بالجديد، ولا يريد اقتناء سوى آخر خطوط الموضة والإكسسوارات، التي لا تتوفر بسهولة في بلاده. 
ولا تكتف المحلات الكبيرة بهذا، بل تتسابق على طرح منتجات حصرية لا يمكن أن يجدها في أي مكان غيرها، سواء تعلق الأمر بالأزياء أو الإكسسوارات أو العطور.
فهذه الأخيرة، مثلا، برهنت أنها الدجاجة التي تبيض ذهبا لصناعها ومبتكريها، وكلما دخلت فيها خلاصات شرقية مثل العود أو المسك، كان ذلك الصنارة التي تجذبهم أكثر. فسكان الشرق أكثر من يقدر العطور ويتذوق خلاصاتها المترفة، وبالتالي يعود لهم الفضل في إنجاح عطر أو العكس. 
في هذا الموسم، أشارت محلات «سيلفريدجز» بأن عطور «تولة» من الأسماء التي تشهد إقبالا كبيرا من المتسوق العربي، الذي يشتري منها كميات كبيرة، لتقديمها هدايا، رغم أنها بسعر 198 جنيها إسترلينيا. لكن متى كان السعر يهمه أو يقف في وجه حصوله على منتج متميز؟. 
هذا ما تجيب عليه محلات «هارودز» بتأكيدها أنه زبون يفهم في العطور أكثر من غيره، بحكم أنها تتجذر في مخيلته الشرقية وثقافته الاجتماعية. لهذا ليس غريبا أن يصبح له دور كبير، وإن كان غير مباشر، بتحديد الاتجاهات التي يتبناه أشهر الأنوف من مبتكري العطور في العالم.
في العام الماضي مثلا، كان العنبر هو نقطة الجذب الأكبر، وهذا العام، قاده أنفه وحواسه إلى الباتشولي والعود.
لكن ليس أي عود، فإلى جانب ما قدمه «توم فورد» و«أرماني» و«ديور» و«غيرلان» وغيرهم من خلاصات ثمينة تغوي الحواس، فإن الزبون العربي يطمع دائما فيما هو أكثر، وهذا ما وجده في عطور مثل Ex Idolo›s Thirty - three «إكس إيدولو ثيرتي ثري» الذي يدخل فيه عود معتق عمره 33 عاما تقريبا، مما يمنحه شذى مختلفا وغير نفاذ وكأن الزمن روضه وجعله قابلا للتغلغل في هذا العصر.
والأرجح أن حجم الإقبال عليه سيجعل كبار الشركات تشعر بالغيرة خصوصا وأن سعر 90 جنيها إسترلينيا لقارورة من 30 مل لم تجعل الزبائن يعزفون عن طلب المزيد وبأعداد كبيرة منه.
وهو يتوفر في مواقع معينة مثل «رولييه وايت» Roullier White بمارليبون رود».
واللافت أيضا أن التحضيرات والتغييرات التي تجريها معظم المحلات المهمة لاستقبال زبونها المهم، أو بالأحرى منقذها في وقت الأزمات، لا تقتصر على استقباله بالجديد وبالتخلص من أي أثر من آثار الموسم الماضي فقط، بل تحرص على أي شيء يمكن أن يسهل عليه عملية التسوق ويزيد من متعتها، بدءا من توفير غرف خاصة لهم إما لقياس أغراضهم أو للاستراحة، إلى توفير مترجمين ومتسوقين خاصين، مرورا بتدريب العاملين فيها على كيفية التعامل معه بطريقة تليق به مع مراعاة ثقافته، كأن تقوم بائعة أنثى بخدمة السيدات وما شابه من أمور. 
المطاعم الموجودة في هذه المحلات جزء من متعة التسوق، وبالتالي تراعي هي الأخرى أن ترضيه بحرصها على تقديم اللحم الحلال وشتى أنواع الحلويات التي تتفنن فيها بعد أن اكتشفت أنه ضعيف أمام كل ما هو حلو، سواء كان للأكل أم اللبس.
بولا ريد، مديرة الموضة في «هارفي نيكولز» صرحت لموقع «فوغ» بأنها اكتشفت بعد دراسة لطريقة الزبائن العرب في التسوق أنهم «لا يشترون ما يحبونه أو يروق لهم، بقدر ما يقبلون على ما هو موضة».
وشرحت أنهم يرغبون في آخر صيحات الموضة، ويختارون في الغالب الألوان المتوهجة والصاخبة والتصاميم ذات الأكمام الطويلة والواسعة نوعا ما، وطبعا لا يمانعون أن تكون بتطريزات. 
فحتى الرجال يفضلون القمصان وبنطلونات الجينز المطرزة، وهذا ما يجعل ماركات مثل روبرتو كافالي، «دولتشي أند غابانا»، و«ماثيو ويليامسون»، الأكثر مبيعا إلى جانب «فالنتينو»، و«بوتشي»، و«سيلين»، و«سان لوران»، و«جيفنشي».أما من الأسماء البريطانية فنذكر «ستيلا ماكارتني»، «بيتر بيلوتو» وجيني باكام. 
وتجدر الإشارة إلى أن بعض هذه المحلات تتعاون مع المصممين لتقديم منتجات خاصة لهؤلاء الزبائن، إذ تتعاون «هارودز» مثلا مع «لانفان» أو «سان لوران» أو رولان موريه، لتقديم تصاميم حصرية، أغلبها بأكمام طويلة وأكثر احتشاما.
عدا عن ذلك فقد تعاونت مؤخرا مع 20 اسما عالميا طلبت منهم تصميم حقائب خاصة لا تتوفر في أي مكان آخر، انطلاقا من دراستها للسوق بأن الإكسسوارات، وعلى رأسها الحقائب، هي الأكسجين الذي تتنفس منه الموضة عموما. 
وبالفعل جندت لهذه العملية أسماء مثل «برادا»، و«ألكسندر ماكوين»، و«غوتشي»، و«لويفي»، و«كلوي»، و«مالبوري»، وغيرهم. وكانت الفكرة أن تعود كل من هذه الماركات إلى تصميم أيقوني من أرشيفها وإعادة صياغته بشكل خاص جدا، وهذا ما كان.
فقد اختارت دار «مالبوري» حقيبة «ويلو» Willow وقدمتها بحجم ضخم أقرب إلى حقيبة سفر، فيما اختارت «برادا» حقيبة «غاليريا» لتصوغها من جلد النعام بسعر يقدر بـ(36.000 جنيه إسترليني)، بينما قدمت «بيربيري» بحقيبة «كراش» Crush، من الجلد الناعم بسعر زهيد بالمقارنة (1.895 جنيها إسترلينيا)، هذا عدا عن إبداعات بأعداد محدودة جدا من فيكتوريا بيكام، أو دار «فندي» وباقي المشاركين.
فلا شيء يغلى على الزبون الغالي ورضاه بالدنيا مهما كلف من جهد وتعب.