أجهزة ذكية تراقب العواطف وتقيس ردود الفعل
01:27 م - الأربعاء 3 يوليو 2013
أجهزة الكومبيوتر والأدوات التقنية الحديثة باتت تزداد ذكاء وسرعة، وتصبح أكثر حدسية. وشرع الذكاء الصناعي يتسلل إلى حياتنا بخطوات ثابتة؛ إذ أضحت الأجهزة والتطبيقات تتوقع ما نحتاجه، حتى قبل أن نتوقعه بأنفسنا! لماذا إذن لا تستطيع هذه الأجهزة إدراك ما نشعر به؟ والحال أنه إذا ما تمكنت من قياس انفعالاتنا وردود الفعل، فإننا قد نتوصل إلى تصميم وتطوير أفضل لها.
من هنا، ربما، فإن «الذكاء الصناعي العاطفي» الذي يرصد المشاعر الوجدانية، أو العاطفية وفق معاملات حسابية، بات في طريقه إلينا. ولكن هل ذلك ضروري في الوقت الذي لا نزال نعاني فيه من تدخل هذه الآلات في حياتنا العامة؟
رصد العواطف
نعم، إن مثل هذه الأجهزة ستكون أكثر كفاءة وفعالية، إذا ما تمكنت من التجاوب معنا لدى إصابتنا بالإحباط وخيبات ألأمل، أو الملل والضجر، أو كنا مشغولين ومنهمكين كثيرا. ومع ذلك قد تكون أكثر فضولية و«حشرية» أيضا، بأساليب لا نستطيع فهمها حاليا. إن الأمر كله يبدو أشبه بفيلم سينمائي من الخيال العلمي، خاصة أن غالبية هذه التقنيات، لا تزال في مراحلها الأولى، وإن كانت تقترب منا يوما بعد يوم.
وتعمل شركات ناشئة مثل «أفكتيفا» التي تفرعت عن مختبر الوسائط المتعددة في معهد «إم آي تي» الأميركي، حاليا على برمجيات تمرن أجهزة الكومبيوتر على التعرف على العواطف والانفعالات الإنسانية التي تظهر على تعبيرات الوجه، وردود الفعل الطبيعية.
وثمة شركة أخرى هي «بيوند فيربال» التي جمعت حتى الآن نحو ثلاثة ملايين دولار، تعمل على برنامج يمكنه تحليل الكلام، وحتى نبرة الشخص المتكلم، وبالتالي تقرر بعض مميزاته، وخصائصه، وصفاته الشخصية، مثل التكبر مثلا، والجبروت، والانزعاج وغيرها.
وكانت «مايكروسوفت» قد كشفت أخيرا عن «إكس بوكس وان» وهو الجيل الجديد من أجهزة ألعابها الرئيسة، المزود بتقنيات لرصد الإشارات والحركات من نوع مطور وسيطرح أواخر العام الحالي.
وسوف تتيح تقنية «كينيكت» الجديدة للأشخاص التحكم في جهاز الألعاب عن طريق تحريك أياديهم وأجسامهم إضافة إلى التحكم عن طريق الصوت، لكنها غير مبرمجة ببرنامج لتحري العواطف في تفاعلات مثل هذه.
لكن الجهاز يصمم بكاميرا عالية التحديد، قادرة على تعقب التغيرات، حتى الصغيرة منها، في العضلات والعظام والجسم والوجه. وبمقدور هذه الآلة تحري فيزياء التحركات الجسدية، وحساب القوة الكامنة وراءها، كشدة الضربة مثلا، أو ارتفاع القفزة.
علاوة على ذلك، يستخدم أحد مستشعرات «كينيكت» الجديدة تقنية الأشعة تحت الحمراء، لتعقب ضربات قلب اللاعب، وهذا ما قد يساعد الشركة في النهاية على تحري مدى لياقته البدنية لحظة فوزه باللعبة.
ويقول ألبرت بينيلو كبير مديري تصميم المنتجات في «مايكروسوفت»، إن الأخيرة تنوي استخدام مثل هذه البيانات لإعطاء المصممين رؤية واضحة بما يشعر به اللاعبون لدى ممارسة ألعابهم التي قد تساعد على تخطيط منتجات المستقبل.
واستطرد: «نحن نحاول فتح نوافذ يطل منها مصممو الألعاب على عقول اللاعبين، وما يختلج في قلوبهم، عن طريق ما يطلقونه من ضحكات، وصيحات ابتهاج، ونظرات خوف من الخسارة، وما إلى ذلك».
وأخيرا، كما يقول، فإن التقنية الكامنة في كاميرا «كينيكت» قد تستخدم لمجموعة واسعة من التطبيقات، بما فيها تعقب التفاعلات لدى الأشخاص الذين يتسوقون على الشبكة، أو يتفحصون إعلاناتها، في محاولة لفهم ما الذي يأسر اهتمامهم.
نزعات المستهلكين
وتستطيع الشركات الكبرى العاملة على الشبكة، مثل «نيتفليكس»، و«سبوتيفاي»، و«أمازون»، مراقبة شعور المستهلكين في الزمن الحقيقي لمعرفة الفقرات، والأفلام، والبرامج التلفزيونية، التي تعجبهم، أو لا تعجبهم.
وقد استخدمت مثل هذه البيانات في إنتاج سلسلة تلفزيونية شعبية على الشبكة، سميت «هاوس أوف كارتس»، التي يملك أصحابها معلومات عن عادات الناس التلفزيونية، وما يحبون، أو يمقتون مشاهدته.
ويبدو أن الإمكانات تفوق ما ذكرناه حتى الآن. فقد تحدثت بيرنا غوبتا كبيرة موظفي الإنتاج في استوديو «سميول» للتطوير، التي تنتج ألعابا للأجهزة الجوالة، عن هذا الموضوع في مؤتمر «ساوث باي ساوثويست»، الذي عقد في مدينة أوستن بولاية تكساس أخيرا، وعن تطبيقات المستقبل بعنوان «إنستاغرام فور سايبورغس»، وتطلعت بعيدا إلى هذا المستقبل.
فهي تعتقد أن الصناعات التي تعنى بالرعاية الصحية، ستتطور على أساس هذه التقنية الجديدة، خاصة لدى دخولنا عصر كومبيوترات اللابتوب، والهواتف والساعات الذكية، وأجهزة اللياقة البدنية، ووسائط الإعلان المنزلية، وألعاب الفيديو، التي تتفاعل كلها معا، «فمراقبة كيفية تجاوب جسمك طوال اليوم»، كما تقول، «سيتيح التخطيط لحياتك اليومية، وفقا لما يحصل لجسدك، مما سيسمح لاختصاصي التغذية بتنظيم وجبات طعام خاصة جدا، وللأطباء بالخروج بعلاجات وأدوية أكثر فعالية وكفاءة».
وقد تكون هذه البداية فقط .. «فعندما نضع على أجسامنا خمسة أجهزة كومبيوتر مختلفة في الوقت ذاته، التي تستطيع (التحادث) معا، فإن ذلك سيؤدي إلى وفرة كبيرة في المعلومات حول ما يستطيع البشر القيام به».