«المنطقة الذهبية» .. حي جديد للأزياء الفاخرة في فيينا التاريخية
11:28 ص - الثلاثاء 4 يونيو 2013
بنفس درجة الإغواء والرشاقة التي بدا عليها في اليوم الذي نحت فيه، يزين تمثال المرأة المبنى رقم 1900 في ميدان فيينا المركزي. لكن الآن، قدم لهذا الرمز للمدينة النمساوية التاريخية ملابس جديدة فخمة، في واقع الأمر، الكثير منها.
ما زالت منطقة تسوق جديدة للمشاة، سيطلق عليها اسم «المنطقة الذهبية»، تحت الإنشاء. لكن حتى قبل موعد الانتهاء من إنشائها، المقرر له عام 2014، استولت محلات «لويس فويتون» على مبنى تاريخي، مع وجود الاسمين البارزين: «إمبوريو أرماني» و«ميو ميو» على مقربة منها، في الوقت الذي تستعد مجموعة من الأسماء الدولية من «بريوني»، مرورا بـ«روبرتو كافالي»، إلى «برادا» و«سان لوران»، للحصول على مواقع لها في العام المقبل.
وتضم المنطقة المجددة، الكائنة بين كاتدرائية سان ستيفن والبورصة في فيينا، التي تم إعلانها إرثا ثقافيا عالميا من قبل منظمة اليونيسكو، مبنى من قرن مضى كائنا في ميدان آم هوف، ومبنى هوشولزروف في منطقة توشلوبن.
وسوف يشمل تحول المنطقة إلى منطقة مشاة إنشاء فندق «بارك هايات» 5 نجوم وشقق ومتاجر فاخرة.
لقد كان الروس الأثرياء المتطلعون للاستثمار في سوق العقارات، إضافة إلى عدد ضخم من الزائرين الصينيين، بمثابة مصدر إلهام لمنطقة التسوق المرفهة في قلب مدينة تم تجديدها مع الانفتاح على أوروبا الشرقية. لكن المستهلكين الراقين والأثرياء ليسوا وحدهم من يرغبون في شيء جديد من فيينا القديمة.
وبعيدا عن المنطقة المركزية السياحية من المدينة، بنافوراتها الضخمة ومبانيها الفخمة، هناك ثورة تسوق مصغرة: متاجر صغيرة تقع وراء ممرات التسوق الرئيسة أو في مناطق يعرفها المحليون بأنها «مناطق برجوازية بوهيمية». ومن أمثلة تلك المناطق، المنطقة السابعة، غرب وسط فيينا.
تقول باربارا إرما دينك، التي تتمثل مهمتها في أن تقدم للزائرين نظرة أكثر معاصرة للفن والحرف والموضة، مما تقدمه المدينة في المعتاد، من لوحات لغوستاف كليمت، وفطائر الكريمة في المقاهي، والتطويرات التي تم إدخالها على تنورات درندل الكلاسيكية.
وبتشجيع من عمدة المنطقة، توماس بليملينغر، أنشأت دينك شركة «7 تي إم» 7tm www.7tm.at، وهي شركة تساهم في الترويج لمتاجر الموضة والتصميمات في المنطقة السابعة. (تشير 7 في اسم الشركة إلى المنطقة، أما tm، فهي اختصار trademark، أو علامة تجارية). بدأت الشركة عملها في عام 2007 بتمثيل عدد يتراوح ما بين 20 إلى 30 متجرا وتوسعت لتغطية منطقة تضم 57 متجرا، مع وجود أسماء مثل «ديزاستر كلوثينغ» و«كومون بيبول» و«ليس إذ مور».
تحمل هذه المتاجر الشعبية مذاق الشوارع الخلفية في برلين وتضم هذه المنطقة من المدينة، المعروفة باسم «نوبو»، سكانا من الشباب الليبراليين الحضريين. وقد خططت دينك طريقا في المنطقة يمنح «المستهلكين المغامرين» جولات بالمدينة حسب الطلب.
وقالت دينك: «حولنا تغيير التركيز من مصممي الأنسجة إلى الأثاث، الذي يعتبر مزيجا جذابا وجيدا». وعادة ما تقيم مجموعتها من تجار التجزئة المستقلين، الذين يتبعون التقليد الفييني لصانعي الأحذية والحرفيين ومصممي الأقمشة، في جزء من المباني الصلبة والفسيحة التي ابتكرها المهندس المعماري أوتو فاغنر، عندما كانت المدينة في ذروة الرخاء.
لقد ساعدت شبكة الإنترنت تلك الشركات الجديدة في التوسع لتتجاوز حدود مناطقها المحلية، بحيث تتلقى مصممة الحقائب إنا كينت طلبيات من أماكن بعيدة. «الحقائب تروى قصصا» هو شعار المصممة – وحكايتها عن التحول: محافظ ملونة يمكن إلحاقها بحقائب أكبر، التي، بالتبعية، يمكن أن تتحول، مع ثني أربطتها الثنائية، إلى حقيبة ظهر. وكما هو الحال مع الكثير من هذه الشركات المحلية، ترتفع أسعار المنتجات الفاخرة: من أقل من 100 يورو، أو 130 دولارا، حتى 350 يورو لحقائب إنا كينت.
ومع تأسيس النمسا وألمانيا الكثير من الحركات «الصديقة للبيئة»، عادة ما تبحث علامات شعبية في فيينا عن ممارسات اجتماعية وبيئية جيدة، وهو شعور يتم تناقله عبر شركة «7 تي إم» وتشجعه دينك نفسها.
يدعم متجر واحد في المنطقة، هو «مدام ويذ إي ميشن» شركة محلية اجتماعية اقتصادية للنساء، حيث يتم إنتاج مجموعة الأزياء. وتقول مؤسسة الشركة، سوزان كروزبرغ، إن شعار المؤسسة هو: «اجعلها بسيطة ورفيعة المستوى».
يعرض المتجر، الواقع في شارع هادئ بالقرب من سوق ناشماركت التاريخية، الذي يوجد متجر شوكولاته بجواره ومتجر أثري يحمل اسم «باناناس» على طول الطريق يبيع أثاثا ومصابيح تعود إلى فترة الخمسينات من القرن العشرين، ذلك المنتج النادر: ملابس أنيقة تتخطى حواجز السن.
وتوظف ألوان الملابس، التي عادة ما تكون في شكل قطع منبسطة، أو غير متناظرة، أقل قدر من اللون الأسود والأبيض مع مسحة من اللون الأزرق. وتوجد أوان تضم زهورا متفتحة عند المدخل، كما تكمل مجموعة من المجوهرات الجريئة ذات المظهر الجذاب طلة أصلية مشتهاة.
ويضم متجر آخر كائن في المنطقة، هو «فو فوكس»، مجموعة من المهارات، حيث تقدم خطوط سكك حديدية للمصممين الجدد لإنتاج تجارة موضة بالتجزئة، بما في ذلك مجلة «فو فوكس». ابتكر كل من مارك ستيفن بيجنت، من نيوزيلندا، وجوليا روبرتسبرغ، خط «مارك آند جوليا»، بقصات مثيرة تجعل الملابس أكثر من مجرد ملابس رياضية غير رسمية. وتضفي الحقائب القطنية التي تحمل رسومات غريبة روحا فوضوية.
كان لدى النمسا، ومنطقة تيرول الكائنة بها، نمط معين. تصف كتب «هايدي» تنورات الدرندل والبلوزات البيضاء.
يعرض اتجاه يرتبط ارتباطا وثيقا بالقومية الألمانية، وبدأ يندثر، على غرار كل الملابس الفلكلورية، بمسحة من السخرية من قبل لينا هوشيك، التي يصطف مزيجها الفلكلوري من القبعات القش المكسيكية والفساتين التي تحمل شكل مرايل المطبخ وطبعات الأشكال الورقية التي تعود إلى خمسينات القرن العشرين في متجرها المبهر النابض بالحياة. وتملك المصممة، التي تقدم تصميماتها في أسبوع الموضة في برلين، أيضا شركة رائجة في مجال الملابس الخاصة بمنطقة تيرول وملابس حفلات الزفاف.
ولكن لفهم الجمال الغريب لقبعة قامت بحياكتها امرأة متدينة ابتكرت قطعا صغيرة لكل أسقف، يبحث معطف من الصوف والحرير خاص بزوجة أحد المزارعين أو تنورة كانت في البداية غطاء سرير وتحمل بصمة الحياكة الخاصة بأجيال مختلفة، عن سوزان بيسكوفسكي التي ابتكرت كنزا من الملابس، كل شيء من القديم إلى الحديث.
ومثل شريكها، مصمم الأحذية جوسيف غيرغر، تستقي تصميماتها من الستائر التي تحمل أشكال ورود أسفل الأسقف القوية لمبنى محل صانع حرير سابق، تظهر مجموعة سحرية من ملابس قديمة، تم إحضارها من أماكن مثل أسواق السلع الرخيصة أو المستعملة أو من على متجر «إي باي» الإلكتروني.
هناك أساليب طي نادرة جدا إلى حد أنه لا توجد مهارات مماثلة لها إلا في المناطق الريفية في الصين؛ أو وشاح نسائي إسباني تزعم بيسكوفسكي أنه «مثالي إلى أقصى درجة» بحيث لا يمكن تحويله إلى تصميم آخر. غير أن زوجا من جوارب من تيرول أصبحت حذاء عالي الساق ذا كعب عال، تماما مثلما تعتبر مجموعة الفساتين الواسعة بمثابة تفسيرات حديثة لتراث النمسا.
يتمثل رمز بيسوفسكي في الوردة، التي يمكن العثور عليها على بلاطات السيراميك الصغيرة التي تظهر على صدرية أو أزهار الكروشيه، التي ما زالت تطرزها السيدات المسنات، والتي تنتج باقات كبيرة بمختلف أنحاء الغرفة.
ومن مصدر الإلهام الفلكلوري، تنتج بيسوفسكي مجموعة أزياء لعملاء خاصين، حيث يحتمل أن تستخدم أساليب الإيتامين أو فنون نظم الحبات والخرز في الإكسسوارات.
في التسعينات من القرن العشرين، ابتكرت فساتين «هيلموت لانغ» الملتصقة بالجسم ذات الأقمشة اللامعة. ويذكر أن هيلموت لانغ كان معلمها، وقتما كانت تدرس في جامعة الفنون التطبيقية في فيينا. وحينها، استخلصت تلك الأفكار بوصفها ترجمة للملابس الجاهزة للارتداء.
لكن روح سوزان بيسوفسكي لا يمكن تقديرها بحق إلا في مزيجها السحري من جزء داخلي يمتلئ بصور ورموز دينية والقبعات التي تتخذ شكل قبعات الجنيات في الحكايات الشعبية، أو فساتين الدرندل والفساتين التي تحمل رسوما تنبض بالحيوية، من التحول من القديم إلى الحديث – نموذج لمدينة تعتز بالقديم، لكنها تواكب مستجدات العصر الحديث.