فيروس «كورونا» .. تحور جيني يقود تحوله إلى نوع قاتل
11:58 ص - السبت 23 فبراير 2013
خوف وهلع وتساؤلات انتشرت بين العامة من الناس على أثر تصريح صدر مؤخرا عن وزارة الصحة السعودية مفاده أنه تم تشخيص نمط نادر من فيروس «كورونا»، وهو أحد الفيروسات المسببة لنزلات البرد. وكان المثير في الموضوع أن اثنين من بين المصابين بهذا الفيروس قد توفيا.
ونوضح أولا أن «كورونا» (corona) اسم مشتق من الهالة اللاتينية، وهذا يعني التاج الذي يظهر تحت المجهر الإلكتروني (الشبيه بالتاج/ crown-like)، وهي أنواع من أجناس فيروس ينتمي إلى فصيلة Coronavirinae، وCoronaviridae. ولهذا تسمى الفيروسات التاجية أو الإكليلية.
فيروس كورونا
أضافت د.قطان أن «كورونا» يصيب الجهاز التنفسي العلوي في المقام الأول والجهاز الهضمي من الثدييات والطيور.
وتصيب البشر أربع إلى خمس سلالات مختلفة من الفيروسات الإكليلية المعروفة حاليا. وفيروس السارس، الذي يسبب مرض السارس المعروف، لديه القدرة المرضية الفريدة من نوعها لأنه يصيب كلا من القسم العلوي والسفلي للجهاز التنفسي، ويمكن أيضا أن يتسبب في التهاب المعدة والأمعاء ونسبة كبيرة من نزلات البرد الشائعة في الإنسان البالغ.
وأشارت إلى دراسات مختلفة أثبتت إلى أن «كورونا» يسبب نزلات البرد في المقام الأول في فصل الشتاء وأوائل الربيع، ولهذا فقد يصنف على أنه موسمي.
ومن الصعب زراعة الـ«كورونا» الذي يصيب الإنسان داخل المختبر على عكس الفيروسات الأنفية الأخرى التي تسبب نزلات البرد. وهذه المجموعة من الفيروسات تسبب التهابات تنفسية حادة أو متوسطة تعتمد على عوامل عديدة، منها كمية الفيروس ومناعة الشخص المصاب.
عدوى فيروس كورونا
يصيب الفيروس الإنسان في مختلف الأعمار، كما أن أنواعه الأخرى تسبب أمراضا في الجهاز التنفسي والعصبي والهضمي للحيوان.
وينتقل المرض عن طريق تلوث الأيدي والرذاذ التنفسي والمخالطة المباشرة مع سوائل وإفرازات المريض وجزيئات الهواء الصغيرة حيث يدخل الفيروس عبر أغشية الأنف والحنجرة والبلعوم.
وأهم أعراض المرض:
- حرارة عادية (طبيعية).
- التهاب الأنف مع إفراز مائي.
- عطس.
- ألم في الرأس.
- سعال.
- ألم في الحنجرة.
- أوجاع عضلية.
ويستمر المرض عدة أيام وأحيانا أسبوعين، وتتحسن حالة المريض ويتعافى تلقائيا من دون أي علاج، ولم يسجل من السابق وجود أي مضاعفات للمرض.
ويتحدد المرض فقط بالتحليل المختبري والتشخيص التمايزي الذي فيه نميز هذا المرض عن بقية الأمراض الحادة للجهاز التنفسي. وكما ذكرنا فليس هناك من علاج خاص بالمرض حيث تتم مكافحة الأعراض بعلاجات الإنفلونزا.
وللوقاية يجب اتباع الآتي:
- عزل المصاب وعدم الاحتكاك به.
- ارتداء القناع للوقاية من تسرب الفيروس عبر الهواء إلى الجسم.
- الابتعاد عن الرطوبة وتهوية المنازل وتدفئتها جيدا.
- وفي الحج عندما يكثر الزحام والاختلاط يجب ارتداد الأقنعة الواقية والإكثار من شرب السوائل والعصائر التي تحتوي على فيتامين سي.
حقائق مهمة
من المهم معرفة أن لجميع الفيروسات القدرة على التمحور أو التطفر والتنقل بين الأنواع المختلفة داخل العائلة الواحدة، مما أكسبها القدرة الفتاكة على قتل المصاب إذا كان يتمتع بمناعة ضعيفة، لذلك فمن المفيد أخذ فكرة عن السلالات الأخرى التابعة لـ«كورونا» والتي تصيب الحيوانات.
لقد كنا في السابق نؤمن بتخصصية الفيروس، لكن مع ظهور الحالات الجديدة وتغير السلالات فإن هذه الظاهرة بدأت في الاضمحلال تدريجيا بعد أن ثبت أنه أصبحت لدى الفيروس الحيواني والفيروس البشري القدرة على الاتحاد لتكوين سلالات جديدة أشد فتكا وإصابة من السلالات الأمية (من الأم والأب) كما هو الحال في فيروسات الإنفلونزا التي نرى تعددها وتشكلها مؤخرا.
وعلى سبيل المثال ففي الدجاج، نجد أن فيروس الـ«كورونا» يسبب التهاب الشعب الهوائية المعدية ويستهدف ليس فقط الجهاز التنفسي ولكن أيضا الجهاز البولي التناسلي. ويمكن للفيروس الانتشار إلى أعضاء مختلفة في جميع أعضاء الدجاج.
وتستطيع فيروسات الـ«كورونا» أيضا أن تسبب مجموعة من الأمراض في الحيوانات المستأنسة في المزرعة والحيوانات الأليفة، والبعض منها يمكن أن يكون خطرا ويشكل تهديدا للحياة البشرية مثل فيروس الخنزير التاجي (انتقال الفيروس التاجي إلى التهاب المعدة والأمعاء)، والتاجي البقري، وكلاهما يؤدي إلى الإسهال في الحيوانات الصغيرة.
أنواع أخرى
وهناك الفيروسات التاجية الملكية القططية: وهي أشكال من الـ«كورونا» المعوية الماكرة، حيث إن الطفرة من هذا الفيروس يمكن أن تؤدي إلى التهابات الصفاق المعدية عند القطط، وقد تنتقل إلى الإنسان مسببة مرضا مرتبطا بارتفاع معدل الوفيات.
كذلك فيروسات «كورونا الكلاب» التي تسبب أمراض الجهاز الهضمي، والـ«كورونا» الذي يسبب مرض الوباء الفئراني مع ارتفاع معدل الوفيات أيضا، وقد تركزت الجهود البحثية الكبيرة على توضيح المرضية الفيروسية لـ«الكورونا» خاصة من قبل تلك الأنواع التي لها تحورات بشرية لمحاولة السيطرة عليها واكتشاف لقاحات وعلاجات لها.
نبذة تاريخية
في عام 2003، في أعقاب تفشى مرض الالتهاب الرئوي الحاد (السارس) الذي كان قد بدأ قبل عام في آسيا، وحالات ثانوية في أماكن أخرى من العالم، أصدرت منظمة الصحة العالمية بيانا مشتركا قالت فيه إن الفيروس التاجي «كورونا» الذي حدده عدد من المختبرات كان العامل المسبب لمرض السارس، وكان اسمه رسميا فيروس السارس التاجي (SARS-COV).
وقد أدى وباء السارس إلى إصابة أكثر من 8000 شخص بالالتهابات، وفي نحو 10 في المائة من الحالات أسفر عن الموت.
بعد هذه الحملة رفيعة المستوى من الأجهزة الصحية والإعلامية عن تفشي مرض السارس، أصبح هناك اهتمام بـ«الكورونا» في مجال علم الفيروسات لسنوات عديدة، حيث صنفها العلماء وتم التعرف على بعض الكورونات البشرية.
أما في أوائل عام 2005، فقد أفاد فريق من الباحثين في جامعة هونغ كونغ بالعثور على 5 أنواع من الكورنات التاجية التي تصيب الإنسان بمرضى الالتهاب الرئوي والذي سموه في ما بعد HKU1.
وفي سبتمبر (أيلول) 2012 يعتقد أن يكون هناك نوع جديد من فيروس الـ«كورونا» التاجي ناتج عن التحور الجيني بينه وبين فيروس السارس، وتم اكتشافه في قطر والمملكة العربية السعودية، وبعدها أصدرت منظمة الصحة العالمية إنذارا تبعا لذلك.