الدليل الكامل لتشخيص وعلاج اضطرابات إيقاع نبض القلب

الطبيعي أن ينقبض القلب وينبسط، وأن تصدر بالتالي نبضة القلب heart beat، بشكل منتظم طوال الوقت، إلا أنه أيضا من الطبيعي أن يتغير هذا الانتظام تبعا لعوامل ومؤثرات يمر بها جسم الإنسان عادة في أوقات مختلفة من النهار أو الليل، مثل ارتفاع نبض القلب حال بذل المجهود البدني، أو حال ارتفاع حرارة الجسم، أو غيرهما من الحالات الطبيعية التي يختلف فيها نظم نبض القلب.
وإزاء «التغيرات الطبيعية» في نظم نبض القلب هناك «تغيرات غير طبيعية» في نظم نبض القلب تسمى «اضطرابات نظم القلب» (heart arrhythmias).. وحينما يشكو المريض أو الشخص السليم من أي أعراض لها علاقة بالشك في وجود اضطرابات في إيقاع نبض القلب فإن الطبيب يستطيع إجراء فحوصات واختبارات لاكتشاف مدى وجود اضطراب في إيقاع نبض القلب، وما هو نوع هذا الاضطراب، وما هو مصدره، وما تأثيراته السلبية المحتملة، ومدى ضرورة معالجته، ثم ما هو الهدف المرجو الوصول إليه من المعالجة، وما هي وسيلة المعالجة، أي هل أنها تنصب على إجراء تغييرات في سلوكيات نمط الحياة أو تجنب تناول بعض المواد الغذائية أو تحاشي تناول أدوية معينة، أو النصيحة بالبدء في تناول دواء أو أدوية متعددة، أو إجراء علاجي تدخلي (interventional) داخل القلب من خلال القسطرة (cardiac catheterization) أو تطبيق صدمة كهربائية على القلب أو استخدام آلة يتم زرعها في الجسم تُدعى «مُقوّم نَظم القلب - مزيل الرجفان» (IUCD) أو زرع أداة تنظم ضربات القلب تسمى «الناظمة أو المنظم» (cardiac pacemaker).

انتظام نبض القلب

نبض القلب يجري وفق نظام خاص يضمن قيام القلب بضخ الدم إلى الشرايين الرئيسية الخارجة منه كي يتم توصيل هذا الدم المضخوخ بصفة متواصلة ودائمة إلى الأعضاء المختلفة في الجسم.


ولأن الأعضاء المختلفة في الجسم تحتاج إلى الدم وما يحتوي عليه من مواد كي تعيش وتحيا وتستطيع أن تقوم بعملها، فإنه من الضروري أن يتم تزويدها بالدم وفق نظام دقيق يضمن أمرين: 

- الأول ألا تتعب مضخة القلب وتتمكن من العمل بكفاءة طوال الوقت، أي بعبارة أخرى أن ينقبض القلب ثم يرتاح ثم ينقبض ثم يرتاح وهكذا دواليك. 

- والثاني أن يتم ضمان تدفق الدم إلى الأعضاء المختلفة في الجسم بصفة دائمة ومتواصلة كي تحصل الأعضاء على حاجتها من الأكسجين ومن الغلوكوز ومن البروتينات ومن الدهون ومن المعادن والفيتامينات وغيرها من العناصر المهمة واللازمة لعمل الأعضاء وحياتها.

وعليه فإن نبضة القلب الواحدة تشمل كلا من مرحلتي انقباض القلب (heart contraction) وانبساط القلب (heart relaxation)، ولذا يقال: القلب يخفق.
ووفق التعريف الطبي، يستخدم مصطلح «اضطرابات نظم القلب» لوصف أي نوع من الاضطراب في معدل (rate) أو في إيقاع (rhythm) نبض ضربات القلب.
وهذا يشمل إما أن القلب ينبض أسرع أو أبطأ مما هو «طبيعي»، أو أنه ينبض على نحو غير منتظم.
وعندما ينبض قلب أحدنا بوتيرة أسرع مما هو طبيعي، أي أعلى من 100 نبضة في الدقيقة، فإن الحالة تُصنف بأنها «حالة تسرُّع القلب» (tachycardia). وعندما ينبض أبطأ مما هو طبيعي، أي أقل من 60 نبضة في الدقيقة، يُدعى هذا «بُطء القلب» (bradycardia).
وثمة عوامل غير طبيعية كثيرة يُمكن أن تؤثر على نَظم القلب، منها الإصابة بنوبة قلبية أو عدم وجود توازن كيميائي في الدم أو وجود مستويات غير سليمة من الهرمونات.
وهناك أيضا بعض المواد أو الأدوية التي يمكن أن تسبب اضطرابات نظم القلب.

أعراض اضطرابات النظم

حد أهم أعراض اضطرابات نبض القلب هو الخفقان (PALPITATION)، وهو أحد المصطلحات الطبية التي تُستخدم لوصف أنواع متعددة من الشعور بأن ثمة شيئا غير طبيعي في نبض القلب.

ولذا من المهم أن يفهم أحدنا ما هو المقصود بهذه الكلمة. والخفقان بداية هو شعور المرء بشيء إما في منطقة الصدر، وتحديدا في المنطقة التي يقع فيها القلب أي الجهة اليسرى من الصدر، أو في منطقة العنق.

وهناك «مشاعر» متعددة أي منها ينطبق على وصف الخفقان، مثل:

- الشعور بأن ضربات القلب تهز الصدر.

- الشعور بأن ضربات القلب تهز كامل الجسم.
- الشعور بأن القلب يقرع ويدق جدار الصدر.
- الشعور بما يشبه رفرفة الطائر في الصدر.
- الشعور بأن إحدى ضربات القلب قد سقطت.
- الشعور بنبضة قوية غير معتادة في الصدر تصل إلى العنق.
وإضافة إلى الخفقان، هناك أعراض أخرى قد تصاحب الإصابة باضطرابات نبض القلب، منها ما هو مهم لأنه يمكن أن يدل على وجود نوع خطير من اضطرابات نبض القلب، ومنها ما لا يعكس أي درجة من الخطورة، وهي:
- نبض القلب بوتيرة أسرع أو أبطأ مما هو طبيعي.
- حصول خوارج الانقباض (extrasystole) أي عدم وجود بعض النبضات أو عدم اكتمالها.
- الشعور بالدوخة أو الخفة والدوار (dizziness) وهو ما يحصل في اضطرابات النظم الخطيرة.
- الإصابة بالإغماء وفقدان الوعي (syncope) وهو ما يحصل في اضطرابات النظم الخطيرة.
- ألم في الصدر (angina).
- ضيق التنفس (dyspnoea).
- شحوب لون بشرة الجلد.
- التعرق.

لماذا تحصل اضطرابات نبض القلب؟ 

لاضطرابات النظم أسباب كثيرة، منها أن ثمة أشخاصا يولدون ولديهم سرعة قلب غير منتظمة، وأشخاصا يمكن أن يحدث لديهم اضطراب نظم القلب إذا دخنوا أو تناولوا الكحول أو القهوة.

والمخدرات يمكن أن تكون سببا أيضا في حصول اضطرابات في نظم القلب. وهناك أشخاص يحدث لديهم اضطراب في نظم القلب بسبب تناولهم لأقراص التنحيف أو أدوية معالجة نزلات البرد أو الرشح.
كما يمكن أن تتسبب أنواع كثيرة من أمراض القلب في حصول اضطرابات في نظم القلب. والأسباب القلبية الشائعة لاضطرابات النظم هي النوبات القلبية، وتضخم القلب الناجم عن ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الصمامات، وغيرها كثير.
وهناك في المقابل حالات طبية أخرى يمكن أن تؤدي إلى اضطراب نظم القلب، مثل فقر الدم أو زيادة نشاط الغدة الدرقية أو الحمل أو غيرها.

من أين تأتي خطورة الإصابة باضطرابات نبض القلب؟ 

ثمة أنماط متعددة من اضطرابات نظم القلب. والاضطرابات في نظم القلب التي تبدأ في الأذينين تدعى اضطرابات النظم الأذينية. والاضطرابات التي تبدأ في البطينين تدعى اضطرابات النظم البطينية. وفي العموم، تعتبر اضطرابات النظم البطينية أكثر خطورة من اضطرابات النظم الأذينية.

إن معظم اضطرابات النظم هي من نوع اضطرابات النظم الأذينية، ولذا غالبا فهي غير خطيرة. ولكن إذا شعر الشخص بعدم انتظام ضربات قلبه وظن أن عدم الانتظام هذا قد يكون اضطرابا في نظم القلب، فعليه مراجعة طبيبه من دون تأخير. ذلك أن بعض أنواع اضطراب نظم القلب يمكن أن تكون قاتلة. 
وغالبا ما تترافق هذه الأنواع مع الأمراض القلبية التي قد تكون لدى المرء أو مصحوبة بالدوار والدوخة أو الإغماء. وسبب خطورة اضطرابات نظم القلب هو أن عدم انتظام النبض قد يؤدي لخلل في عمل القلب، ويعطل قدرة القلب على ضخ كمية كافية من الدم. وهو ما بالتالي قد يؤدي هذا إلى انخفاض ضغط الدم وإلى الموت.
وقد لا تؤثر اضطرابات نظم القلب على ضغط الدم إلا أن الدم قد لا يتم ضخه بكامله إلى خارج القلب مع كل ضربة، وهو ما قد يؤدي إلى تشكل خثرات أو تجلطات دموية في داخل إحدى حجرات القلب.
 وينطبق هذا بشكل خاص على نوع معين من اضطرابات نظم القلب يدعى الرجفان الأذيني (ATRIAL FIBRILATION)، حيث ترتجف عضلات الأذين بدلا من أن تنقبض لتضخ الدم من الأذين إلى البطين، وبالتالي يركد الدم في الأذين وما يلبث أن يتجلط.
وبالتالي لاحقا يمكن أن تتحرر هذه الخثرات الدموية المتشكلة في حُجُرات القلب، وتنتقل إلى الدماغ، مما يؤدي إلى حدوث السكتات الدماغية.

عملية التشخيص

عند زيارة الطبيب للشكوى من الخفقان، يستمع الطبيب بعناية إلى قصة شكوى المريض وسوابق الأحداث الصحية التي مر بها.

ثم يتم إجراء الفحص السريري للقلب والشرايين وبقية الأجزاء المهمة ذات العلاقة بالخفقان، ثم يمكن أن يطلب الطبيب من المريض إجراء اختبارات أخرى لمعرفة ما إذا كان المريض مصابا باضطراب نظم القلب أم لا، ولمعرفة نمط ونوع هذا الاضطراب، ولمعرفة ما هو السبب.
ومن الفحوصات المبدئية المهمة والأساسية، تخطيط كهربائية القلب (ECG أو EKG).
ولا يستغرق هذا الاختبار سوى دقائق قليلة، ويتم خلاله وضع بعض الأقطاب الكهربائية على صدر المريض وعلى أطراف اليدين والقدمين، وذلك لتسجيل حركة سريان الكهرباء داخل القلب، أي النبضات الكهربية للقلب.
وبما أن اضطرابات نظم القلب تظهر وتختفي، وربما لا تحصل طوال الوقت، فمن الممكن ألا يظهر شيء على رسم تخطيط كهربائية القلب.
وفي هذه الحالة يمكن أن يطلب الطبيب من المريض أن يُجري اختبار «هولتر» لتخطيط القلب، أي أن يتم تثبيت جهاز تخطيط كهربائي للقلب محمول، يدعى جهاز هولتر لمراقبة القلب.
وهذا الجهاز يقوم بتسجيل نبضات القلب الكهربائية طوال 24 ساعة كاملة، بنفس الطريقة التي يسجلها تخطيط كهربائية القلب.
وإذا كانت اضطرابات نظم القلب تحدث كل بضعة أيام أو كل بضعة أسابيع، يمكن أن يرتدي المريض جهاز تسجيل لفترات أطول، ويبادر إلى تشغيله حين يشعر باضطراب نظم القلب لديه، فيسجل مخطط كهربائية القلب تلك الاضطرابات ونوعية وشكل كهربائيتها.
ثم يتم نقل المعلومات المسجلة عبر الهاتف إلى الطبيب لتحليلها. ويطلق على هذه العملية مراقبة القلب عبر الهاتف.
وقد يطلب الطبيب من المريض ممارسة بعض التمارين أثناء إجراء تخطيط كهربائية القلب، وهو ما يسمى اختبار الجهد للقلب (STRESS TEST).
إنه من المهم أن نعرف ما هو سبب اضطراب نظم القلب. ومن أجل ذلك قد يجري الطبيب فحوصات للقلب ولضغط الدم، ولسكر الدم، ومستويات هرمونات الغدة الدرقية في الدم.
كما قد يطلب الطبيب إجراء دراسة فيسيولوجية للكهربية عبر القسطرة (CATH. ELECTROPHISILOGY STUDY)، وذلك بإدخال أنبوب دقيق في وريد دموي في الذراع أو في الفخذ، ويدفعه حتى يصل إلى القلب.
وعند ذلك يستطيع الطبيب أن يدرس أسباب اضطرابات نظم القلب، وأن يعرف الأدوية التي يمكن استخدامها لمعالجتها.
وإذا شعر الطبيب بالقلق بسبب وجود اضطراب نظم القلب لدى المريض، فيمكنه قبول المريض في المستشفى من أجل مراقبة نبض القلب لديه.

مراحل المعالجة 

تعتمد معالجة اضطرابات نظم القلب على نمط الاضطرابات وعلى درجة خطورتها. فهناك أنواع كثيرة من اضطرابات نظم القلب لا تحتاج إلى أي معالجة.

أما إذا كانت لدى المريض ضربات ساقطة يتخطاها قلبه، فقد يطلب الطبيب منه التخفيف من تناول الكافيين. وقد يكون التخفيف من تناول الكافيين كافيا أحيانا لإعادة نظم القلب إلى الوضع الطبيعي. وفي حالات أخرى، قد تكفي الأدوية لإعادة نظم القلب إلى الوضع الطبيعي. 
وفي بعض حالات اضطرابات النظم، يمكن إعطاء المريض أدوية طويلة المدى للوقاية من حدوث اضطرابات نظم القلب.
أما إذا فشلت كل الإجراءات السابقة في معالجة اضطراب نظم القلب، فيمكن اللجوء إلى إجراءات أخرى. فقد يحاول الطبيب استعادة نظم القلب الطبيعي عن طريق تعريض القلب لصدمات كهربائية. ويدعى هذا الإجراء تقويم نظم القلب بالصدمة الكهربائية أو التقويم الكهربائي لنظم القلب.
وقد تنجم اضطرابات نظم القلب أحيانا عن فرط نشاط مناطق معينة في القلب. وفي هذه الحالة، قد يدخل الطبيب أنبوبا دقيقا عبر أحد الأوعية الدموية إلى القلب، ليتلف الممرات الكهربائية في هذه المناطق والتي تسبب تنبيها كهربائيا زائدا. 
ويطلق على هذا الإجراء إتلاف النسيج الناقل للتنبيهات الكهربائية بواسطة التواترات الكهربائية.
وفي الحالات التي يكون معدل نظم القلب فيها بطيئا للغاية، يمكن زرع جهاز يدعى ناظم الخطى حتى يحافظ على معدل نظم القلب عند مستوى معين.
وفي الحالات التي يكون معدل القلب فيها سريعا جدا، يمكن زرع مزيل للرجفان عن طريق الجراحة. ويتنبه مزيل الرجفان حين تصل سرعة القلب إلى حد خطير، فيرسل صدمة كهربائية إلى القلب لإعادته إلى الوضع الطبيعي.
وأحيانا تدعو الحاجة في بعض أنواع اضطرابات نبض القلب لإعطاء أدوية «مميعات الدم» لمنع تشكل الخثرات في القلب.

كيف تقيس عدد نبضات قلبك؟

من المهم أن يعرف كل إنسان كيف يقيس سرعة النبض لديه.

ويمكن لكل إنسان أن يشعر بنبضه على الوجه الباطن لمعصمه، عند الحافة القريبة من إبهامه، أي مكان وضع الساعة في المعصم الأيسر.
وما على المرء إلا أن يضع إصبعي السبابة والوسطى من يده اليمنى على تلك المنطقة في المعصم الأيسر، ويبدأ في عَدّ الضربات التي يمكن أن يشعر بها لمدة 15 ثانية (ربع دقيقة)، أو لمدة 30 ثانية (نصف دقيقة).
ثم يضرب الرقم الذي حصل عليه في أربعة أو في اثنين، فيحصل على عدد ضربات القلب في الدقيقة الواحدة. وبهذا يقيس سرعة النبض.
ويبقى أمر آخر وهو تقييم «انتظام» نبض القلب، وذلك يتم بأن يُدقق المرء في شعوره بالمدة الفاصلة بين كل نبضة والنبضة التي تليها، وبحجم قوة كل نبضة.
وعلامة انتظام إيقاع نبض القلب هي أن الفواصل بين سلسلة النبضات تكون متساوية، وبالتي عدم سقوط بعض من النبضات، وأن يكون حجم قوة النبضات متساويا.

الوقاية من الخفقان بالمحافظة على صحة القلب

الطريقة الأفضل والمؤثرة والمفيدة لمنع حدوث اضطرابات نظم القلب الخطيرة هي الحفاظ على صحة القلب.

والنصائح العشر التالية تسهم في محافظة أحدنا على صحة القلب لديه، وهي:
- عليك ألا تدخن.
- عليك أن تمارس نشاطا بدنيا تحت إشراف الطبيب.
- عليك أن تتناول طعاما صحيا متوازنا غنيا بالألياف فقيرا بالدهون.
- ينبغي أن تختبر مستوى الكولسترول في الدم، فإذا كان عاليا ينبغي عليك أن تضبطه ليكون ضمن الحدود الطبيعية.
- عليك أن تقيس ضغط الدم بصورة منتظمة. وينبغي عليك أن تضبطه إذا كان مرتفعا، ليعود إلى الحدود الطبيعية.
- عليك أن تخفف الوزن إذا كان زائدا.
- عليك أن تمارس الرياضة بانتظام.
- عليك أن تختبر مستوى السكر في الدم. فإذا كان عاليا فعليك أن تضبطه ليعود ضمن الحدود الطبيعية.
- عليك أن تنال قسطا كافيا من النوم بالليل.
- عليك أن تتحكم وتسيطر على التوترات النفسية في الحياة وأن تخفف من تأثيراتها عليك.
ومن المهم ملاحظة أنه إذا كان لدى المرء مرض قلبي أيا كان نوعه أو كانت درجته، فعليه أن يستشير طبيبه قبل أن يبدأ في ممارسة برنامج التمارين الرياضية أو برنامج لتخفيف الوزن.

فهم آلية حصول اضطرابات نبض القلب

فهم آلية عمل القلب هو مفتاح فهم آلية نشوء وحصول اضطراب نظم القلب. فالقلب هو أهم عضلة في الجسم، وللقلب جانبان هما الجانب الأيسر والجانب الأيمن.

وفي كل جانب من جانبي القلب حجرتان: أذين (ATRIUM) وبطين (VENTRICLE).

ولنتتبع كيف يتدفق الدم في أنحاء الجسم ودور القلب في تنظيم مراحل ذلك، فإن ذلك يحدث عبر:

1. بعد أن يستهلك الجسم الأكسجين الموجود في الدم، يدخل الدم إلى الأذين الأيمن للقلب من الوريد البابي العلوي والوريد البابي السفلي.

2. ينقبض الأذين الأيمن ليضخ الدم إلى البطين الأيمن عبر الصمام الثلاثي (TRICUSPID VALVE).
3. ينقبض البطين الأيمن ليضخ الدم إلى الشرايين الرئوية عبر الصمام الرئوي (PULMONARY VALVE).
4. في الرئتين يجري تحميل الدم بالأكسجين الذي نتنفسه.
5. يتدفق الدم الغني بالأكسجين من الرئتين إلى الأذين الأيسر.
6. ينقبض الأذين الأيسر ليضخ الدم إلى البطين الأيسر عبر الصمام المايترالي (MITRAL VALVE).
7. ينقبض البطين الأيسر ليضخ الدم عبر الصمام الأورطى (AORTIC VALVE) إلى أنحاء الجسم من خلال أكبر شريان في الجسم وهو الشريان الأبهر.
8. في الجسم، تأخذ الأنسجة والأعضاء الأكسجين والمواد الغذائية المحملة في الدم.
9. أخيرا، يعود الدم إلى الأذين الأيمن، وتبدأ الدورة الدموية من جديد.
ومن المهم ملاحظة أن انقباضات حجرات القلب تتم بتزامن ووفق نسق منتظم. ذلك أنه في البدء ينقبض الأذينان معا، ثم ينقبض البطينان معا، ومرحلة الانقباضات هذه ينتج عنها ضخ الدم للجسم عبر الشرايين، وسريان الدم في الشرايين وفق نظام الضخ المتقطع هو ما يعطينا نبضات نشعر بها حينما نضغط برفق على الشريان.
والسرعة الطبيعية لنبض القلب في حالة الراحة تتراوح عادة بين 60 و100 نبضة في الدقيقة.
وانقباض عضلات حجرات القلب، وبالتالي ضخ الدم للجسم، يحصل بسبب تنشيط عضلات القلب بتيار كهربائي ذي قوة ضعيفة.
وينبع هذا التيار الكهربائي من مكان داخل القلب يدعى العقدة الجيبية موجود في الأذين الأيمن.
وحينما تُصدر العقدة الجيبية دفقة من التيار الكهربائي، يحصل انقباض الأذينين وبالتالي ضخ الدم منهما إلى البطينين.
ثم ينتقل التيار الكهربائي، عبر ألياف تشبه الأسلاك الكهربائية، إلى منطقة أخرى بين الأذينين والبطينين تدعى العقدة الأذينية - البطينية.
ومنها ينتقل التيار الكهربائي ليسري إلى البطينين ويسبب انقباضهما، وبالتالي ضخ الدم منهما.
وتختلف سرعة نبض القلب من شخص لآخر خلال النشاط البدني أو خلال الراحة. ويعد هذا الاختلاف أمرا طبيعيا إذا لم يسبب انخفاضا كبيرا في ضغط الدم بسبب زيادة أو نقص سرعة نبض القلب.
فضغط الدم يتولد بفعل تقلصات القلب. يمكن للقلب أن يضخ الدم بسرعة 150 ضربة في الدقيقة لحالات التوتر الجسدي أو الانفعالي.
ويمكن أن يتباطأ إلى 50 ضربة في الدقيقة في وقت الراحة.

وبعد عرض هذا، يمكن أن نفهم لماذا تنشأ اضطرابات نبض القلب، وتوجد أسباب مختلفة لاضطرابات نظم القلب، فقد تحدث:

- إذا عجزت العقدة الجيبية عن توليد ضربات قلب كافية.

- إذا أصبح نظم العقدة الجيبية غير سوي.
- إذا استولت مناطق أخرى في الأذين على وظيفة العقدة الجيبية وأصدرت بدلا منها التيار الكهربائي.
- إذا حصلت إعاقات أو انقطاع في عملية مرور التيار الكهربائي عبر شبكة الأسلاك الكهربائية المنتشرة في القلب، مما قد يؤدي إلى أشكال متنوعة من الاضطرابات في النبض منها انقباض البطينين بشكل مستقل عن الأذينين.
- إذا فقد الأذينان القدرة على الانقباض الفعال، وحصلت بالتالي حالة الرجفان الأذيني.
- وأسوأ حالات اضطراب نظم القلب، حينما يفقد البطينان القدرة على الانقباض الفعال، وهذا يؤدي إلى حالة تسمى الرجفان البطيني. وفي الرجفان البطيني يعجز القلب عن ضخ الدم، ويموت المريض خلال وقت قصير. إن الرجفان البطيني هو السبب الأكثر شيوعا لحالات الموت المفاجئ.